«إنترنت الأشياء».. تبشر بانتشار المتاجر والمنازل والمدن الذكية

الجيل الخامس للاتصالات يربط الإنسان والكومبيوتر بمئات الآلاف من المنتجات والخدمات المتفاعلة

قميص «صحي» من شركة سيتزن ساينسيس الفرنسية يصمم بقماش خاص بمجسات لقياس دقات القلب للرياضيين
قميص «صحي» من شركة سيتزن ساينسيس الفرنسية يصمم بقماش خاص بمجسات لقياس دقات القلب للرياضيين
TT

«إنترنت الأشياء».. تبشر بانتشار المتاجر والمنازل والمدن الذكية

قميص «صحي» من شركة سيتزن ساينسيس الفرنسية يصمم بقماش خاص بمجسات لقياس دقات القلب للرياضيين
قميص «صحي» من شركة سيتزن ساينسيس الفرنسية يصمم بقماش خاص بمجسات لقياس دقات القلب للرياضيين

تشهد فكرة «إنترنت الأشياء» رواجًا واسعًا من خلال ما تقوده ثورة المعلومات إلى عالم جديد يغير أسلوب حياة البشر في الكيفية التي يتعاملون فيها مع معطيات العيش على كوكب الأرض، تعكس شكل حياة المستقبل.
وتعمل شركات التقنيات الكبرى على فكرة التفاعل مع الجماد، لنقل كم هائل من المعلومات في ثانية واحدة، ابتداء من الهاتف الجوال الذي شكل محور هذا التطور وصولاً إلى النظارات والساعات وحتى السيارات، حيث تقود شركة غوغل العالمية تجارب في تصميم سيارات القيادة الآلية، بعد أن كانت القطارات والطائرات سبقت في هذا الجانب، إضافة إلى دخول جوانب التقنية الجديدة إلى المتاجر والصيدليات التي أصبحت الآن الإلكترونية ويمكن التبضع منها، وإلى المنازل والمدن الذكية.
يعرض مصطلح «إنترنت الأشياء» بأنه الجيل الجديد من الإنترنت كشبكة تتيح التفاهم بين الأجهزة المترابطة مع بعضها عبر بروتوكول الإنترنت، وتشمل هذه الأجهزة والأدوات والمستشعرات والمجسات وأدوات الذكاء الصناعي المختلفة وغيرها، وتواصل الأشخاص مع الكومبيوترات والهواتف الذكية عبر شبكة عالمية واحدة. وما يميز إنترنت الأشياء أنها تتيح للإنسان التحرر من المكان؛ أي إن الشخص يستطيع التحكم في الأدوات من دون الحاجة إلى وجوده في مكان محدد للتعامل مع جهاز معين.
وقال محمد سعود، رئيس مهندس نظم قسم حلول الأنظمة في شركة باناسونيك العالمية، إن المنتجات باتت تأخذ شكلا مختلفا في عملية التصنيع مع ما يتعلق بإنترنت الأشياء، حيث إنها باتت حلولاً أكثر منها منتجا يقدم خدمة واحدة، وذلك من خلال ترابط هذه المنتجات مع بعض لتقدم حلولاً للمستخدمين. وأضاف في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الحلول تتوفر الآن لقطاع التجزئة والمراكز التجارية وللفنادق والمتاحف، في ظل تطور المنطقة وزيادة الطلب عليها، وأن «منطقة الشرق الأوسط باتت منطقة جذب كبير لمثل هذه الحلول خاصة في ظل التفاعل الكبير من قبل المستخدمين لمثل هذه الابتكارات». وهناك حلول ستطرح تجاريًا في عام 2016 وأخرى في عام 2020.
وتتجه الحكومات الآن لمنافسة الشركات في هذه الحلول، إذ أعلن عدد من المدن حول العالم أعلنت عن توجهات للتحول إلى مدن ذكية، يستطيع من يعيش فيها أن يتواصل مع كل شي تقريبًا وهو في موقعه، لمعرفة زحمة السير ومعرفة مواعيد الأعمال في الشركات أو المحال التجارية، وهو ما يغير النظرة للحياة ويجعلها أسهل بكثير مما كانت عليه في الماضي. ومع انتشار الهواتف الذكية، لم يعد شراء المنتجات لمجرد الإعجاب من أول نظرة، وإنما أصبحت هناك ثقافة سائدة في البحث عن المنتج ومعرفة تفاصيله قبل شرائه، وهذا نوع من المعلومات لا تستطيع الحصول عليها من دون البحث عنها في لحظة قرار الشراء. وأضاف سعود: «لدينا حلول مبتكرة مثل أضواء الإنارة، وهناك أجهزة استشعار في أضواء الإنارة التي تكون على المنتجات لإبرازها في المحال التجارية، وبمجرد تمرير كاميرا الهاتف الجوال أو قارئ البيانات على هذه الإضاءة يمكن معرفة كم هائل من المعلومات والمعطيات عن هذا المنتج، معلومات الصناعة وبلد المنشأ. أو في المتاحف مثلا ومن خلال الضوء، التعرف على معلومات عن التحف أو الرسومات الفنية في تلك المتاحف».
من جهته، قال هاني حسين، رئيس قنوات التوزيع في مجموعة أعمال «هواوي إنتربرايز» لقطاع المشاريع والمؤسسات في منطقة الشرق الأوسط: «نحن مقبلون على نوع مختلف من الحياة، لم يعد الإنسان يتحكم بمصيره، وإنما باتت المعلومات التي يحصل عليها من كل شيء من حوله، هي التي تقرر له حركته وقراره، وغيرها من المشاعر التي باتت تتأثر بشكل كبير في المعطيات التي توفرها الأجهزة في الوقت الحالي، كل شيء أصبح مع تفاعل الإنترنت». وأضاف أن «الجيل المقبل من الإنترنت وهو الجيل الخامس الذي سيتوفر في السوق بعد سنتين ونصف. وتكمن فكرته في جمع أكبر قدر من المعلومات عن الأشخاص أو الأجهزة أو المدن وغيرها، وهو ما يصنع عالما جديدا، وسيكون البشر قريبين جدًا من بعض». وتسعى الشركة لإيجاد منظومة مرتبطة بالكامل.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».