مصير فيلم ستالون الجديد ملك القضاء

خلفيات وتفاصيل قضية شائكة تسبق عرض فيلم «المستهلكون 3»

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم
TT

مصير فيلم ستالون الجديد ملك القضاء

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم

بحلول الـ13 من أغسطس (آب) من هذا العام تنطلق عروض فيلم سلفستر ستالون الجديد «المستهلكون 3» وهو جزء جديد من المسلسل السينمائي الناجح الذي أنعش مهنة بطله (ومخرج الجزء الأول ستالون) ومهنة بعض أبطاله الآخرين ومنهم أرنولد شوارتزنيغر ودولف لندغرين. إلى هؤلاء الثلاثة يعاود جاسون ستاذام وجت لي الحضور كما يتم إضافة وجوه أخرى معروفة إلى الخليط فهناك وسلي سنايبس (فيلمه الأول بعد طول انقطاع بسبب حكم عليه صدر نتيجة تهربه من الضرائب) ومل غيبسون وأنطونيو بانديراس وهاريسون فورد.
لكن الفيلم لا يصل إلى العروض من دون ضجة إعلامية مثيرة للاهتمام، فالنظر في مصدر سيناريو الجزء الأول، ذاك الذي تم عرضه سنة 2010، لا يزال موضع بحث بين عدة فرقاء كل منهم يسجل فوزا مرحليا ويخسر آخر بعد ذلك. فهناك الكاتب ديفيد كالاهام الذي يؤكد أن السلسلة قامت على سيناريو وضعه قبل نحو 10 سنوات، وهناك الإنتاج الذي يسعى لإثبات أن كالاهام اعترف في مراسلة خاصة بأن ما كتبه لا يمت بكثير صلة إلى ما شوهد على شاشة ذلك الجزء الأول.
التهمة ستنزلق
القضايا الشبيهة المرفوعة كثيرة ومتعددة وتخص أفلاما متعددة. فقبل أسابيع قليلة، تحديدا في الـ25 من الشهر الماضي، صدر قرار قضائي بتبرئة المنتج والمخرج والممثل كلينت إيستوود وكاتب السيناريو راندي براون من تهمة أقامها منتج اسمه راندي بروكس مدعيا فيها أن فيلم إيستوود الأخير، الذي أنجزه سنة 2012 بعنوان «متاعب مع المنحنى Trouble With the Curve » إنما مأخوذ بلا إذن مسبق أو اتفاق مالي عن سيناريو كتبه براون بعنوان «أوماها». لكن القاضية دايل س. فيشر قضت، بعدما صرفت ساعات طويلة تقرأ سيناريو الفيلم المنجز لإيستوود وسيناريو الفيلم (غير المنجز والذي من المستبعد إنجازه بعد الآن) «أوماها»، بأنها لم تجد أي اقتباس أو نقل وأن مواطن الشبه التي وردت في الدعوى مبالغ فيها.
تم النظر فيها بينما المخرج والمنتج إيستوود مشغول بتصوير فيلمه الجديد «أولاد جيرزي» من بطولة كريستوفر ووكن ومجموعة من الوجوه الجديدة من بينها فرييا تينغلي وبيلي غارل وجيمس ماديو. وهو فيلم موسيقي حول فريق «ذ فور سيزنز» ورد كبديل لفيلم موسيقي آخر تعثر إنتاجه بعدما تمت الموافقة عليه وهو نسخة جديدة من الفيلم القديم والمعاد صنعه أكثر من مرة «مولد نجمة».
بسبب انشغاله، لم يتمكن إيستوود من حضور الجلسات لكنه كان واثقا، كما قال لمحيطه، من أن التهمة ستنزلق من أساسها وترد إلى صاحبها مع دفع التكاليف. لكن ما يثير الانتباه هو تزايد القضايا التي تنظر بها المحاكم الأميركية كل عام والتي يرفعها كتاب أو منتجون مدعين بأن فيلما معينا إنما مسروق أو مستوحى من سيناريو أو كتاب كان وضعه قبل حين. والملاحظ أن معظم هذه الدعوات المرفوعة إنما تخص أفلاما ناجحة أو أسماء معروفة في عالم السينما.
دعوى طائشة
واحدة من أكبر تلك القضايا هي تلك التي رفعها الكاتب برايانت مور ضد المخرج والمنتج جيمس كاميرون وشركة فوكس بقيمة مليار دولار مدعيا أن سيناريو فيلم «أفاتار» (2008) إنما «سرق» عن سيناريو كان كتبه في منتصف التسعينات.
حين سئل المدعي برايانت عن كيف يمكن للسيناريو الذي كتبه أن يصل إلى عناية المخرج كاميرون، أجاب أنه يعتقد أن أحد مساعدي الإنتاج هو الذي أوصل نسخة من نصه المكتوب (وغير المصور) إلى عناية جيمس كاميرون عندما كان هذا الأخير يصور فيلمه «أكاذيب حقيقية» سنة 1994. وكما ردت المحكمة الدعوة التي رفعها براون ضد إيستوود وشركاه، رفضت المحكمة الدعوى المرفوعة على المخرج كاميرون وشركة «فوكس» على أساس أن التشابه بين السيناريوهين ذاك الذي كتبه برايانات وذاك الذي قام «أفاتار» على أساسه محدود على نحو لا يكفي لإثبات السرقة أو سوء التصرف.
وفي الحقيقة ربح المخرج والمنتج جيمس كاميرون حتى الآن ثلاث دعاوى مشابهة رفعت ضده اتهمه كل منها بأنه نقل «أفاتار» عن نص ليس من كتابته أو كتابة معاونيه. وليست هذه الدعوى، وتلك التي رفعت ضد كلينت إيستوود، سوى اثنتين من كثيرة تشهدها الساحة السينمائية في الولايات المتحدة وكثير منها متشابه في جوهره: النقل أو الاقتباس من دون إذن عن مصدر آخر. لذلك فإن قضية فيلم «المستهلكون» تأتي في صلب ما اعتادت هوليوود مواجهته على نحو متزايد في الآونة الأخيرة. ما يميز هذه القضية هو أنها على درجة لا بأس بها من التعقيد، وهي لا تزال خاضعة للمعاينة والتداول بانتظار الحكم النهائي.
من كتب ماذا؟
تفاصيل قضية فيلم «المستهلكون» مزدوجة: واحدة تم البت فيها، والأخرى لا تزال سارية.
القضية الأولى ضد هذا الفيلم رفعها كاتب اسمه ماركوس وب سنة 2010، ادعى فيها أن ستالون سرقة فكرته التي أسر بها إليه عندما بعث للممثل بعمله المكتوب. مرة أخرى لم تجد المحكمة ما يثبت ذلك فصرفت القضية وبل ألزمت وب بدفع تعويضات محامي الطرف المدعي عليه.
أما الثانية التي لا تزال تجر أقدامها فرفعها كاتب آخر اسمه ديفيد كالاهام ضد الكاتب والممثل والمخرج سلفستر ستالون متهما إياه بسرقة سيناريو بعنوان «بارو» كان كتبه قبل نحو 10 سنوات وصنع فيلمه «المستهلكون» عنه.
وكالاهام لم يرفعها مباشرة إلى المحكمة، بل توجه بها إلى «جمعية الكتاب الأميركيين» ذات النفوذ القوي في هوليوود وفي تفاصيلها أن شركة «وورنر» كانت وافقت على طلب من الكاتب كالاهام بوضع سيناريوهين لها. الأول لفيلم مقتبس عن «لعبة فيديو» بعنوان «قدر» وهذا المشروع قررت وورنر عدم إنتاجه فتبنته شركة «يونيفرسال» لاحقا وأنتجته سنة 2005 بعدما قامت بتعيين كاتب آخر (وسلي ستريك) لإعادة كتابته. لكن المشروع تكلف 60 مليون دولار وأنجز أقل من نصف ذلك المبلغ ثم توارى عن الأنظار تماما.
السيناريو الثاني للكاتب كالاهام حمل عنوان «بارو» الذي ذكر أنه اقتبس مواده من مقالات وتحقيقات نشرت حول قيام الحكومة الأميركية باستئجار خدمات مؤسسة «بلاك ووتر» العسكرية في العراق وما أثير حولها من ضجة سياسية وإعلامية. ما كان يهم كالاهام، كما ذكر، هو وجود مجموعة تعمل لخدمة المؤسسة من دون أن تكون منتمية إليها بالفعل. وفكرة السيناريو الذي وضعه، قامت على مغامرات عسكرية يقوم بها أفراد من المؤسسة يتم تجنيدهم لأداء مهام خارج نطاق القانون ولا يتم الإعلان عنها أو توثيقها. هذا المشروع كان له قبول أفضل من شركة «وورنر» لكنها لم تقم بإنتاجه.
لكن التشابه بين هذه الفكرة وبين فحوى فيلم «المستهلكون» واضح: ففي ذلك الفيلم الذي تم إنتاجه سنة 2010 فكرة تقوم على أن مجموعة من المرتزقة الأميركيين تقوم بمهام غير مصرح عنها تنفيذا لمطالب جهة حكومية لا تود إشراك نفسها بها أو القيام بها مباشرة أو الاعتراف بالضلوع فيها. أفراد هذه المجموعة هم «مستهلكون» من حيث إنه يتم تكليفهم بالمهام من دون الاعتراف بهم ويمكن للجهة الرسمية بعد ذلك نفي أي علاقة بها.. بذلك يتم استهلاكهم كما بطاريات الأجهزة الإلكترونية المنقولة.
فصل مثير
عندما طلبت الجمعية إيضاحا من ستالون، الذي وضع اسمه على القصة والسيناريو، نفى أولا أن يكون لديه أي علم بسيناريو كالاهام. لكنه لاحقا ما أدلى بأقوال متخبطة خسر عبرها نقاطا كان يمكن أن تكون لصالحه عندما قدم دفاعين متناقضين. في الدفاع الأول قال إنه استلم سيناريو كالاهام عندما نشر إعلانا في الصحف ووسائل الإعلام يطلب فيها سيناريوهات، لكنه ألغى كل ما وصله وجلس يكتب سيناريو «المستهلكون» من خياله. لكنه في جلسة لاحقة أقر بأنه استعار أفكارا وردت في سيناريو كالاهام وأن بعض المشاهد المكتوبة (والمنفذة على الشاشة أيضا) هي من وحي سيناريو كالاهام. نتيجة ذلك كله أن تم ذكر اسم الكاتب كشريك في السيناريو ودفع 100 ألف دولار له كأجر.
لكن فوز كالاهام لم يدم طويلا، ففي عام 2010 ونتيجة نجاح الفيلم قامت شركتا الإنتاج «ميلينيوم فيلمز» و«نيو إيماج» بالاتفاق على إنتاج جزء جديد وتحويل «المستهلكون» إلى مسلسل سينمائي يستمر طالما أن هناك حجما مربحا من الإقبال الجماهيري على فيلم أكشن عسكري تتوزع بطولته بين ستالون وشوارتزنيغر وجاسون ستاذام ودولف لندغرن من بين آخرين. لذلك تم القرار بقيام الشركتين بإنتاج جزء ثان عرض، بنجاح أيضا، سنة 2012. هنا اكتشف ديفيد كالاهام أن اسمه طار من بطاقة المشتركين في الفيلم. مجموعة مختلفة من الكتاب، بينهم بطل الفيلم ستالون، هم المذكورون في خانة القصة والسيناريو. ليس هذا فقط، بل إن حقه المادي في الجزء الثاني طار أيضا على جناحي الإلغاء الأول. ذلك أنه تبعا لقانون حقوق الملكية الفكرية يحق لمن كتب المادة الأصلية (كالاهام في هذه الحلة) تقاضي مكافأة وإشارة في أسماء المشاركين في العمل، عن كل جزء آخر يتم تحقيقه بعد الجزء الأول وإن لم يكتب له هو السيناريو.
يسمونها «حقوق منفصلة» وتعمل بها هوليوود راضية أو مكرهة. لكن ما حدث هو أن المنتج آفي لرنر، الذي يدير شركة «نيو إيماج» التي قامت بمهام الإنتاج لجانب شركة «ميلينيوم فيلمز»، كان متضايقا من اضطراره لدفع مكافأة لمن يعتبره شريكا مفروضا على الإنتاج وليس ضليعا به. وهو عرف دوما بملاحقة التفاصيل الإنتاجية والقانونية طالما إنها تخدمه. وهو بحث ووجد منفذا مهما مكنه من اتهام كالاهام بأنه لفق حكاية مسؤوليته عن كتابة الجزء الأول أساسا.
ومن دون أن يدري أحد كيف استطاع لرنر قلب الطاولة رأسا على عقب، قدم في القضية المرفوعة حاليا أمام المحكمة نص مراسلة تمت بين كالاهام وبين طرف آخر يعترف فيها الأول بأن سيناريو «مستهلكون» لا «يشبه مطلقا» السيناريو الذي كتبه هو.
وفي حين توجه لرنر إلى المحكمة بقضيته مطالبا قيام كالاهام بإعادة المبلغ الذي تقاضاه عن الجزء الأول، عاد الكاتب كالاهام إلى جمعيته مطالبا صانعي الجزء الثاني بدفع 175 ألف دولار له كمكافأة وتعويض أنجز «المستهلكون 2» مبلغ 271 مليون دولار والاعتراف بأبوته للجزء الثاني.
لرنر، وإلى أن تقضي المحكمة بالقضية، ملزم الآن بوضع اسم ديفيد كالاهام بين أسماء العاملين في الجزء الثالث المفترض خروجه إلى صالات العرض في منتصف هذا العام. لكن كل شيء واقف على ذلك القرار وعلى نتيجة هذا التجاذب بين فرد ومؤسسة كل منهما يدعي أنه على حق.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».