الحكومة المغربية تشرع في إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس

تعتزم رفع سن الإحالة على المعاش إلى 63 عامًا.. والنقابات تعلن التصعيد

الحكومة المغربية تشرع في إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس
TT

الحكومة المغربية تشرع في إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس

الحكومة المغربية تشرع في إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس

هددت أربع نقابات مغربية أمس بمزيد من التصعيد، ردا على قرار الحكومة الشروع في إصلاح أنظمة التقاعد بهدف إنقاذها من الإفلاس.
وشرعت الحكومة المغربية أمس خلال اجتماعها الأسبوعي، برئاسة عبد الإله ابن كيران، في دراسة تعديل قوانين التقاعد والمعاشات، حيث تعتزم رفع سن التقاعد بالنسبة إلى الموظفين المدنيين، ورفع الحد الأدنى للمعاش للمدنيين والعسكريين، بينما وضعت مشروع قانون جديد يتعلق باستفادة الأشخاص غير الإجراء من التقاعد، وسيشمل فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص الذين يزاولون نشاطا خاصا، إذ يقتصر نظام المعاشات في المغرب على فئات الإجراء بالقطاعين العام والخاص، وهؤلاء لا يمثلون سوى 36 في المائة.
ووصفت النقابات الأربع، وهي: الاتحاد العام للشغالين بالمغرب، والاتحاد المغربي للشغل، والكونفدرالية الديمقراطية للشغل، والفيدرالية الديمقراطية للشغل، إدراج ملف التقاعد ضمن جدول أعمال مجلس الحكومة بكونه «سلوكا استفزازيا وأسلوبا مرفوضا في التعامل مع قضية تهم شريحة اجتماعية واسعة من العاملين والعاملات في القطاع العمومي، بل ومن شأنها التسبب أكثر في احتقان وتأزم الأوضاع الاجتماعية، وتعريض السلم الاجتماعي لتهديدات حقيقية».
وجددت النقابات الأربع رفضها المبدئي والمطلق لكل إصلاح لأنظمة التقاعد، يكون على حساب الإجراء والمنخرطين، ويهدف إلى الرفع من سن التقاعد، أو الزيادة في مساهمات المنخرطين أو التقليص من قيمة المعاش». وهددت النقابات بتنفيذ إضراب عام، ومن المقرر أن تنفذ اعتصاما أمام مقر البرلمان في الرباط الثلاثاء المقبل.
وفي المقابل، تتشبث الحكومة بإصلاح صناديق التقاعد نظرا لطابعه الاستعجالي، حيث كشف محمد بوسعيد، وزير الاقتصاد والمالية المغربي، أن حجم العجز المسجل على مستوى صناديق التقاعد، الناجم عن التفاوت بين المساهمات والمعاشات قدر بثلاثة مليارات درهم (300 مليون دولار) سنة 2015، وقد يصل إلى 6.8 مليار درهم 860 مليون دولار سنة 2016. وتوقع بوسعيد نفاد احتياطيات هذه الصناديق في أفق سنة 2020، مما يفسر استعجالية إصلاح نظام التقاعد.
وتعتزم الحكومة الشروع في إصلاح شامل لأنظمة التقاعد يتمحور حول مرحلتين متكاملتين، حيث تقترح الحكومة في إطار المرحلة الأولى رفع سن الإحالة على التقاعد إلى 61 سنة، ابتداء من الأول من يناير (كانون الثاني) 2017، ثم إلى 62 سنة اعتبارا من الأول من يناير 2018، وإلى 63 سنة ابتداء من الأول من يناير 2019.
وسيهم هذا الإصلاح موظفي الدولة الذين يساهمون في الصندوق المغربي للتقاعد، والمقدر عددهم بنحو 800 ألف موظف. أما المرحلة الثانية حسب وزير المالية، فتهدف على المدى القصير إلى تجميع أنظمة التقاعد في قطبين، الأول يهم القطاع العام، وسيشمل المنخرطين في المعاشات المدنية للصندوق المغربي للتقاعد، والنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد في إطار نظام أساسي وآخر تكميلي، إلى جانب قطب موجه للقطاع الخاص في إطار نظام أساسي إجباري، يديره الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بالإضافة إلى نظام تكميلي. وسترفع الحكومة في المقابل الحد الأدنى للمعاش، إذ سينتقل من 1000 درهم في الشهر (100 دولار) إلى 1500 درهم (150 دولارا) لفائدة 60 ألف شخص.
وناقش مجلس الحكومة أمس ثلاثة قوانين ذات صلة بالتقاعد، ويتعلق الأول منها بتغيير وتتميم القانون المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية، والثاني بتغيير وتتميم القانون المحدث بموجبه نظام المعاشات العسكرية، والثالث بتغيير وتتميم الظهير الشريف (مرسوم ملكي)، وهو بمثابة قانون، والمتعلق بإحداث نظام جماعي لمنح رواتب التقاعد، بينما يتعلق مشروع القانون الأخير بتغيير وتتميم القانون المحددة بموجبه السن التي يجب أن يحال فيها على التقاعد موظفو وأعوان الدولة والبلديات، والمؤسسات العامة المنخرطون في نظام المعاشات المدنية. ومشروع قانون جديد يتعلق بإحداث نظام للمعاشات لفائدة فئات المهنيين والعمال المستقلين والأشخاص غير الإجراء الذين يزاولون نشاطا خاصا.



فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

فيروس «HMPV»... ما هو؟ وهل يتحوّل إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.