البنتاغون يؤكد نقل معتقلين إلى غانا

بهدف إغلاق سجن غوانتانامو

المعتقل اليمني في غوانتانامو محمد عمر محمد بن عاطف (نيويورك تايمز)
المعتقل اليمني في غوانتانامو محمد عمر محمد بن عاطف (نيويورك تايمز)
TT

البنتاغون يؤكد نقل معتقلين إلى غانا

المعتقل اليمني في غوانتانامو محمد عمر محمد بن عاطف (نيويورك تايمز)
المعتقل اليمني في غوانتانامو محمد عمر محمد بن عاطف (نيويورك تايمز)

أكد متحدث باسم البنتاغون، ظهر أول من أمس، إعلان حكومة غانا، صباح اليوم نفسه، أنها قبلت اثنين من اليمنيين الذين كانوا معتقلين في قاعدة غوانتانامو العسكرية الأميركية في كوبا. ومن دون إعلان تفاصيل، قال بيان البنتاغون: «اتفقنا (مع حكومة غانا) على ضمانات أمنية (حتى لا يعود الرجلان إلى العمل الإرهابي)». وقال البيان إن الرجلين هما: محمد عمر محمد بن عاطف، وخالد محمد صالح الدهوبي.
وأضاف البيان أن الولايات المتحدة «ممتنة لحكومة غانا على مبادرتها الإنسانية، وعلى رغبتها في دعم الإجراءات الأميركية نحو إغلاق سجن غوانتانامو».
من جهتها، قالت صحيفة «نيويورك تايمز» أمس إن الدهوبي عاش طوال حياته في السعودية، لكنه يحمل الجنسية اليمنية. ويعتقد أنه كان عضوا في تنظيم «القاعدة»، وتدرب في معسكر للجهاديين في أفغانستان. ويعتقد، أيضا، أنه شارك في عمليات عسكرية ضد قوات التحالف في أفغانستان.
وكان محمد عاطف، وهو يمني أيضا، مقاتلا في حركة طالبان، وقاتل في كتيبة كانت تابعة لأسامة بن لادن، مؤسس وزعيم «القاعدة». وشارك، أيضا، في علميات عسكرية ضد قوات التحالف في أفغانستان.
يوم الأربعاء، أعلنت وزارة الخارجية في غانا أن «معتقلين اثنين من أصل يمني سوف ينقلان من الولايات المتحدة للإقامة في غانا لمدة عامين بناء على طلب الحكومة الأميركية». وذلك بعد أن «أعلنت براءتهما من التورط في أي أنشطة إرهابية» وأنهما، بسبب الشروط الأميركية، غير قادرين على العودة إلى اليمن، لكنهما يقدران على «مغادرة غانا بعد عامين.»
وقال بيان خارجية غانا إن معتقلين اثنين آخرين من رواندا، كانا حوكما أمام المحكمة الجنائية الدولية، سوف يسمح لهما، أيضا، بالإقامة في غانا. وذلك بعد إعلان براءة واحد، وانتهاء فترة عقوبة الثاني، ولا يريد الاثنان العودة إلى رواندا.
وأضاف البيان أن مسؤولي الأمن في غانا «سيراقبون نشاطات كل هؤلاء الأشخاص أثناء إقامتهم في البلاد».
وفي العام الماضي، أطلق البنتاغون سراح خمسة من معتقلي غوانتانامو، وكلهم مواطنون يمنيون. وقال البنتاغون، في ذلك الوقت، إنهم سيرحلون إلى الإمارات العربية المتحدة، «بعدما تأكد أنهم لا يمثلون أي خطر» وهم: علي أحمد محمد الرازحي، وخالد عبد الجبار محمد عثمان القداسي، وعادل سعيد الحاج عبيد البسيس، وسليمان عوض بن عقيل النهدي، وفهمي سالم سعيد العساني.
كان كل واحد من المعتقلين الخمسة قضى ثلاثة عشر عاما في السجن، من دون أي تهمة لأي واحد منهم، غير التهمة العامة كانت أنهم «معتقلون أعداء».
في ذلك الوقت، قال البنتاغون إن عدد المعتقلين في غوانتانامو انخفض إلى 107 أشخاص، وإن الإفراج عن الخمسة تأخر في انتظار عودة اليمن إلى الاستقرار. لكن، بسبب استمرار الحرب هناك، طلبت الولايات المتحدة من الإمارات قبولهم لفترة مؤقتة.
في عام 2008، خلال حملته الانتخابية الأولى، وعد الرئيس باراك أوباما بإغلاق سجن غوانتانامو. لكنه، خلال كل هذه السنوات، واجه معارضة قوية من الجمهوريين في الكونغرس. وحتى عندما كان الديمقراطيون يسيطرون على مجلس الشيوخ، لم يقدر أوباما على تنفيذ وعده.
وسط انقسام داخل الولايات المتحدة حول الموضوع، ظل أوباما يتعرض إلى نقد عالمي واسع بسبب غوانتانامو، وكانت الأمم المتحدة قد أدانت الاعتقالات هناك.
وفي العام الماضي، طلبت منظمة الأمن والتعاون الأوروبية من الحكومة الأميركية إغلاق السجن. وقالت، في بيان شديد اللهجة، إنه يجب «إطلاق المعتقلين، أو محاكمتهم». وأشار البيان إلى أقوال قانونية باسم كثير من المعتقلين عن تعرضهم للتعذيب، وعن «معاملات وحشية، وغير إنسانية، ومهينة».
في العام الماضي، قال البيت الأبيض إن أوباما «يدرس خيارات متعددة» لإغلاق السجن. وكرر المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إيرنست، أن «الحصول على موافقة الكونغرس هو أفضل خيار لإغلاق هذا السجن»، لكنه أشار إلى أن أوباما ربما سيصدر أمرا تنفيذيا (من دون موافقة الكونغرس) بإغلاق السجن.
ويكرر البنتاغون بأن بعض المعتقلين «لا يمكن الإفراج عنهم لأنهم خطرون للغاية». لكن صار واضحا أن البنتاغون لا يملك أدلة يمكن استخدامها في المحاكم المدنية أو العسكرية. في الوقت نفسه، تستمر إجراءات محاكمة متهمي هجمات 11 سبتمبر (أيلول) عام 2001 أمام محكمة عسكرية.
في عام 2002، تأسس سجن غوانتانامو في عهد الرئيس السابق جورج بوش الأب لحجز معتقلي الحرب في أفغانستان، ثم في حروب أخرى ضد الإرهاب. وكان العدد الأعلى للمعتقلين 684 معتقلا.



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.