قناة العشاق في باريس تشكو العطش

العثور علىسيارة ودراجات هوائية في القعر بعد شفط مائها لتنظيفها من النفايات

تجفيف قناة العشاق في باريس لتنظيفها - عمال يخرجون السمك من القناة قبل البدء في عملية تنظيفها (أ.ف.ب) - التلوث أفسد القناة الشاعرية (أ.ب)
تجفيف قناة العشاق في باريس لتنظيفها - عمال يخرجون السمك من القناة قبل البدء في عملية تنظيفها (أ.ف.ب) - التلوث أفسد القناة الشاعرية (أ.ب)
TT

قناة العشاق في باريس تشكو العطش

تجفيف قناة العشاق في باريس لتنظيفها - عمال يخرجون السمك من القناة قبل البدء في عملية تنظيفها (أ.ف.ب) - التلوث أفسد القناة الشاعرية (أ.ب)
تجفيف قناة العشاق في باريس لتنظيفها - عمال يخرجون السمك من القناة قبل البدء في عملية تنظيفها (أ.ف.ب) - التلوث أفسد القناة الشاعرية (أ.ب)

اسمها الرسمي «قناة سان مارتان». لكن العارفين بخبايا العاصمة الفرنسية يسمونها قناة العشاق. وبهذا تشبه شاطئي النيل في القاهرة إذ تجمع على ضفتيها ثنائيات العشاق الذين يجلسون على دكتها الحجرية متماسكي الأيدي والعيون في العيون، يتهامسون بما يعتمل في القلوب. لكن هذا المشهد الرومانسي تعرض للاختلال تاركًا المكان لخندق طيني قذر خال من المياه، تستقر فيه الأوساخ والمناديل المستعملة ومئات الآلاف من أعقاب السجائر والقناني البلاستيكية وعلب المشروبات الفارغة. وللمرة الأولى منذ 14 عامًا، يجري تفريغ القناة التي تشق باريس والواقعة في الدائرة العاشرة منها، لصيانتها وتنظيفها من النفايات المتراكمة في قعرها. وفوجئ العمال بالعثور على سيارة وعدة دراجات هوائية في القعر.
وشفطت صهاريج البلدية، اعتبارًا من أول الأسبوع، 90 ألف متر مكعب هي مجموع ما كان في قناة العشاق من مياه. أي ما يعادل محتويات 36 بركة للسباحة بالمقاييس الأولمبية. وأوضح جوليان غيدو، المهندس المشرف على العملية، أن مياهًا بارتفاع نصف متر تم استبقاؤها في المجرى، خلال اليومين الأولين من العمل، بهدف تسهيل انتشال الأسماك الموجودة في القناة. وتتولى عملية الانتشال شركة متخصصة في صيانة وفحص الأحياء المائية. وتقدر كمية الأسماك بنحو 5 أطنان، يغلب عليها نوعا الشبوط والفرخ «بيرش». وبعد الفحص، يعاد تفريغ الأسماك في القناة النظيفة، عبر «الهيكل»، وهو خزان مائي تحت الأرض لم يشمله التفريغ.
تصل تكلفة صيانة قناة العشاق إلى نحو من 10 ملايين يورو. ومن المؤمل أن يستمر العمل 3 أشهر، على امتداد كيلومترين هي طول القناة، لكي تنتهي فترة العطش وترتوي مجددًا وتصبح جاهزة لاستقبال الربيع والملايين من المتنزهين والسياح وركاب القوارب الصغيرة. ويشمل التنظيف كشط الطمي المتجمع بواسطة جرافات زراعية وتجميعه في مكان واحد، قبل نقله برافعات ميكانيكية إلى مقطورات شاحنة. أما الماء المفرغ فلن يذهب سدى بل يجري ترشيحه «فلترته» ومعاملته كيمياويًا بواسطة مشابك حديدية ضخمة وضعت في الطرف العلوي من المجرى. وخلال ذلك ستتوقف عملية النقل النهري في القناة، حيث كانت السفن الصغيرة ومراكب النزهات السياحية تمر تحت جسور حديدية للمشاة و4 بوابات ضخمة يجري فتحها وإغلاقها أوتوماتيكيًا في أوقات محددة. وفي حين لن يجري استبدال البوابات، فإنها ستخضع للتفكيك ومعاينة قطعها كافة وتغيير التالف منها وإعادة طلائها.
تعود آخر حملة صيانة وتنظيف إلى عام 2001. وقد جرى رفع ما مجموعه 40 طنًا من النفايات يومذاك، من القناة. وكان من بين الحاجات التي جرى انتشالها، بالإضافة إلى القناني وعلب المشروبات، أسرة للنوم وقطع من محركات السيارات ومقصات وسرنجات ولافتات مرورية وقطع حجرية. لكن أكثر ما فاجأ العمال الذين تولوا العملية هو العثور على قذيفتين تعودان للحرب العالمية الأولى، وخزانتين لحفظ النقود، وقطع ذهبية، وكرسيين متحركين من كراسي المقعدين، وعداد لمواقف السيارات في الطرقات، وشاحنة للكهرباء، ومرحاض. ونظرًا لاحتمال العثور على أسلحة نارية وعتاد، في حملة التنظيف الحالية، فإن رفع النفايات يجري بوجود عناصر من وحدة إبطال المتفجرات في شرطة باريس.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».