الأمم المتحدة «متمسكة» بموعد انعقاد مفاوضات السلام اليمنية

مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة: مستعدون للمحادثات بشرط رفع الحصار عن تعز وإطلاق سراح المعتقلين

الأمم المتحدة «متمسكة» بموعد انعقاد مفاوضات السلام اليمنية
TT

الأمم المتحدة «متمسكة» بموعد انعقاد مفاوضات السلام اليمنية

الأمم المتحدة «متمسكة» بموعد انعقاد مفاوضات السلام اليمنية

عدم امتثال ميليشيات الحوثي لقرارات الأمم المتحدة أو الاتفاقات التي تم التوصل إليها كبادرة ثقة خلال جولة المحادثات السابقة والتطورات الدبلوماسية الأخيرة بين السعودية وإيران قد تلقي بظلالها على مستقبل مفاوضات السلام اليمنية التي بدأت في سويسرا، الشهر الماضي. لكن يؤكد المسؤولون بالأمم المتحدة على التمسك بموعد الرابع عشر من يناير (كانون الثاني) لعقد جولة جديدة من محادثات السلام.
وأشار شربل راجي المتحدث باسم إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى أن المبعوث الخاص باليمن يبدأ، اليوم (الأربعاء)، جولته في المنطقة لمناقشة خطوات عقد محادثات السلام اليمنية المقرر إقامتها في الرابع عشر من يناير الحالي بين ممثلي الحكومة اليمنية ووفد ميليشيات الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح.
وقال راجي في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط» مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد يعود إلى المنطقة اليوم الأربعاء، ومن المرجح أن يقوم بزيارة السعودية، يوم الجمعة، وهو يسعى خلال تلك الجولة إلى الحصول على التزام جديد قبل انعقاد الجولة الجديدة من المحادثات وأيضًا التأكد من خفض موجة التصعيد والتأكد من قيام لجنة التنسيق بوظيفتها بشكل كامل قبل وقف الأعمال العدائية.
وأكد فرحان حق المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة حرص الأمم المتحدة على عقد محادثات السلام اليمنية في موعدها المقرر دون تأجيل، وقال في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط» إن الأمم المتحدة تعتزم عقد محادثات السلام اليمنية في الموعد المحدد في الرابع عشر من يناير.
وأكد حق أن زيارة إسماعيل ولد الشيخ أحمد إلى الرياض وإلى بعض دول المنطقة تهدف إلى دفع المحادثات وتجديد المطالب بوقف إطلاق النار. وقال حق: «سوف نستمر في دعم جهود المبعوث الخاص إلى اليوم ودعم جهوده لدفع جميع الأطراف لاحترام وقف الأعمال العدائية».
من جانبه، أكد السفير خالد اليماني مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة على ضرورة احترام جماعة الحوثي الانقلابية لما تم التوصل إليه من اتفاقات في الجولة الثانية من المشاورات التي عقدت في بلدة بييل السويسرية قبل التوجه إلى عقد جولة جديدة من المحادثات - لم يستقر الرأي بعد على مكان انعقادها، مؤكدا أن الجانب الحكومي على أتم استعداد للمحادثات، رغبة في التوصل إلى سلام لإنهاء آثار الانقلاب وإنهاء الصراع وإنقاذ شعب اليمن.
وقال اليماني في تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»: «لقد اتفقنا في المشاورات السابقة على أن يقوم الحوثيون وجماعة صالح بتنفيذ إجراءات لبناء الثقة ومنها فتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات إلى مدينة تعز، ورفع الحصار عن المدينة وإطلاق سراح المعتقلين بشكل فوري، واتخاذ تعز في حال نجاح تنفيذ إيصال المساعدات ورفع الحصار كنموذج يتم تعميمه في بقية محافظات اليمن، لكن ما نشهده هو ارتفاع لوتيرة التصعيد المسلح في الكثير من جبهات المواجهة، وبصفة خاصة في مدينة تعز التي يتم عقابها لمواقفها من الانقلابين، وتجري سرقة مواد الإغاثة الإنسانية وعرقلة وصولها إلى سكان تعز».
وأضاف اليماني: «اتفقنا في محادثات جنيف السابقة على إطلاق سراح المعتقلين بينما يتعامل الحوثيون مع الأمر كأنه لا يعنيهم، ويستمرون في عمليات عسكرية عند الحدود الشمالية مع السعودية يدفعهم، وهم أنهم يستطيعون تحقيق انتصار على المملكة».
وحول التوقعات أن تسفر جولات ولقاءات مبعوث الأمم المتحدة إسماعيل ولد الشيخ أحمد في المنطقة عن نتائج تدفع قدمًا لتحقيق إجراءات بناء الثقة خلال الأيام المقبلة، قال اليماني: «من المقرر أن يلتقي إسماعيل ولد الشيخ أحمد خلال الأيام المقبلة مع كل الأطراف المعنية في المنطقة، وأن يعقد اجتماعات مع القيادة اليمنية ونحن على استعداد تام للمشاركة في المحادثات بشرط أن يلتزم الحوثيون بتعهداتهم برفع الحصار عن تعز وإيصال المساعدات وإطلاق سراح المعتقلين ووقف إطلاق النار في جميع الجبهات ووقف الاعتداءات على الحدود الشمالية مع السعودية. وأملي أن ينجح مبعوث الأمم المتحدة ولد الشيخ في ذلك، لأننا نريد فتح مسارات للسلام، ونريد السلام لوطننا وعودة أطفال اليمن الذين يزج بهم الانقلابيون في جبهات الموت إلى صفوف الدراسة».
وأوضح اليماني أنه في حال نجاح مساعي مبعوث الأمم المتحدة وعقد المحادثات في موعدها المحدد، فإن وفد الحكومة اليمنية الذي سيشارك في المحادثات سيكون بتشكيلته السابقة ذاتها، برئاسة نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبد الملك المخلافي.
وحول تأثير قرار السعودية قطع العلاقات الدبلوماسية مع إيران على مسار محادثات السلام اليمنية وفرص انعقاد المحادثات في ظل التوترات بين الرياض وطهران، أشار سفير اليمن لدى الأمم المتحدة إلى أن عبد الله المعلمي سفير السعودية لدى الأمم المتحدة أكد على أن قطع العلاقات مع إيران لن يؤثر على محادثات السلام على المسارين السوري واليمني، مؤكدا في رسالة واضحة أن السعودية تعمل من أجل السلام.
واتهم السفير اليماني إيران بالإصرار على عرقلة التوصل إلى أي حلول في اليمن، مشيرًا إلى أن إيران لا تريد إلا الفوضى، وتعرقل أي توجه لبناء الثقة والتوصل إلى حلول في الصراع اليمني.
من جانبه، أعلن عبد الله المعلمي سفير السعودية لدى الأمم المتحدة في لقاء بالصحافيين مساء أول من أمس (الاثنين) أن قرار السعودية قطع العلاقات مع إيران لن يكون له تأثير على جهود إحلال السلام في سوريا واليمن، مؤكدًا على مواصلة السعودية العمل بجد لدعم جهود السلام في اليمن، دون أن يؤدي الخلاف السعودي الإيراني إلى عرقلة جهود السلام.
وكانت جولة محادثات السلام السابقة قد انتهت في العشرين من ديسمبر (كانون الأول) الماضي دون نتائج ملموسة، فيما أعلن المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيح أحمد توصل الطرفين إلى اتفاق للقيام بخطوات في إطار بناء الثقة يشمل الإفراج عن المعتقلين ورفع الحصار عن مدينة تعز، وتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية لسكانها.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.