«كبار العلماء» في مصر تدعو إلى عدم التدخل في شؤون السعودية الداخلية

فصائل من المعارضة السورية تدعم الرياض في موقفها من النظام الإيراني

«كبار العلماء» في مصر تدعو إلى عدم التدخل في شؤون السعودية الداخلية
TT

«كبار العلماء» في مصر تدعو إلى عدم التدخل في شؤون السعودية الداخلية

«كبار العلماء» في مصر تدعو إلى عدم التدخل في شؤون السعودية الداخلية

دعت هيئة كبار العلماء في مصر إلى عدم التدخل في الشؤون الداخلية للسعودية، وأعلنت أمس، دعمها ومؤازرتها لها في محاربة الإرهاب والتطرف، بينما قال الدكتور أحمد عمر هاشم، عضو الهيئة رئيس جامعة الأزهر الأسبق: «نرفض المساس قولا وفعلا بالسعودية التي تسعى لتقديم رسائل الأمن والسلام للعالم أجمع في وقوفها ضد الإرهاب وضد الأنظمة الداعمة له»، مضيفا، لـ«الشرق الأوسط»، أن «النظام الإيراني عليه أن يدرك أن أي نيل من أي بلد عربي هو نيل من كيان الأمة العربية كلها، وأن مصير الأمة العربية إنما هو مصير مشترك.. ونحن ندرك إدراكا واضحا لا لبس فيه أن أمن السعودية من أمن الأمة العربية».
وأعربت هيئة كبار العلماء (أعلى هيئة دينية في الأزهر) عن إدانتها الشديدة لقيام المتظاهرين بالاعتداء على السفارة والقنصلية السعوديتين بطهران ومدينة مشهد الإيرانية، واستنكرت هيئة العلماء التصريحات الاستفزازية ضد السعودية، وإيذاء الجار، الذي حرمه الإسلام، وتوعد المؤذين بأسوأ العواقب في الدنيا والآخرة.
وكانت جماعات متطرفة من أنصار المرشد الأعلى في إيران على خامنئي و«جماعات الباسيج» المتشددة، قد اقتحمت قبل يومين مبنى السفارة السعودية في طهران ومقر القنصلية السعودية، وأضرمت النار فيهما بعد ساعات من تصريحات عدوانية أطلقها المسؤولون الإيرانيون، عقب قيام السعودية بتنفيذ حكم الإعدام في 47 متهما بقضايا متعلقة بالإرهاب، على رأسهم القيادي الشيعي نمر النمر.
من جانبها، أدانت هيئة كبار العلماء في مصر أمس، الاعتداء على سفارة السعودية وقنصليتها، واستنكرت التصريحات المعادية ضد الرياض، مشددة على ضرورة أن يتنبه الجميع إلى الأهمية القصوى لوحدة الشعوب الإسلامية، واحترام أوامر القرآن والسنة النبوية في الدعوة إلى الإخاء وعدم التنازع، وتفويت الفرص على أعداء الأمة المتربصين بها والعابثين بوحدتها، وذلك حتى لا تفشل وتذهب ريحها.
وأعربت الهيئة عن تقديرها للسعودية ومؤازرتها في محاربة الإرهاب والتطرف وإخماد الفتن الطائفية وإرساء دعائم الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة.
ودعت الهيئة العلماء - كل العلماء - إلى أن يتحملوا مسؤوليتهم كاملة أمام الله وأمام ضمائرهم وأمام التاريخ، في إفشال المشروع الخبيث لتفتيت الشعوب العربية والإسلامية وضرب استقرارها واقتصادها وأمنها.
من جهته، أدان الدكتور عمر هاشم حادثتي إحراق السفارة السعودية في طهران والقنصلية، معتبرا ذلك انتهاكا صارخا للمواثيق والأعراف الدولية، مشيرا إلى أن «ما حدث عمل إجرامي ويحمل هدفا خبيثا»، لافتا إلى أن من يهدد السعودية حاضنة مقدسات الإسلام ويقتل ويخرب ويحرق فيها، عقوبته القصاص قتلا أو نفيا في الأرض، أو أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف.
وأضاف هاشم أن ما فعلته السعودية في إعدام الإرهابيين تطبيق لشرع الله أولا، ولكونه من الواجب على ولاة الأمر أن يقوموا بحفظ الأمن وحماية حقوق الأفراد وحماية أرواحهم وممتلكاتهم، موضحا أن هذه الأحكام هي تطبيق لحكم الله وشرعه، والمتهمون كان لا بد بعد ثبوت الاتهامات عليهم أن يطبق عليهم حد الحرابة والقصاص العادل، تنفيذًا لشرع الله ومنهاجه.
ولفت عضو هيئة كبار العلماء بمصر إلى أن هؤلاء الإرهابيين قتلوا وخربوا وأثاروا الفزع، وحاولوا نقل الفكر المتطرف لربوع السعودية، وهي الدولة التي ترعى مقدسات الإسلام وتنشر تعاليمه وفكره الصحيح في كل ربوع الدنيا.. ولذلك فجميع بلاد المسلمين تؤيد هذه الخطوة، حفاظًا على دولة انطلق الإسلام منها لكل بقاع الدنيا.
وتابع بقوله: «لا شك أن قضية تسييس الدين تأخذ أبعادا متعددة من أهمها توظيف الدين في الصراع السياسي وتمدد النفوذ، على شاكلة ما يقوم به النظام الإيراني الذي يستخدم المذهبية في سبيل إقامة إمبراطورية فارسية على خلفية قومية أو عرقية تتخذ من نشر التشيع وسيلة لتحقيق مطامعه في المنطقة العربية»، لافتا إلى أنه «مع إيماننا بأهمية التعايش السلمي بين البشر جميعًا على اختلاف دياناتهم ومذاهبهم وأعراقهم، نؤكد أن هذا التعايش لا يمكن أن يتم من جانب واحد أو طرف واحد، إذ نؤمن بضرورة الولاء الوطني للدولة الوطنية.. فكل من يقيم على أرض دولة مثل السعودية أو مصر أو الإمارات بغض النظر عن دينه أو مذهبه، يجب أن يكون ولاؤه إلى هذه الدول».
وأكد عضو هيئة كبار العلماء في مصر، قائلا «أما من يخرج على مقتضيات الأمن القومي لبلده فيحاسب بتهمة الخيانة وتكدير سلامة الدول.. فلا بد أن تكون العلاقة بين الدول في إطارها الرسمي والدبلوماسي، لا أن تعمد أي دولة إلى استقطاب جماعة أو تيار أو حزب أو مجموعة في دولة أخرى، لمصالحها الخاصة وإثارة القلاقل في الدولة الأخرى.. وهذا ما يدعونا إليه الدين الإسلامي».
إلى ذلك, أعلن الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية دعمَه وتأييده لخطوة المملكة العربية السعودية بقطع العلاقات الدبلوماسية مع النظام الإيراني، في بيان له نشره على موقعه، أمس، دعا فيه كل الدول العربية والإسلامية لاتخاذ خطوة مماثلة، للرد على جرائم إيران في سوريا والعراق واليمن، وتدخلاتها في شؤون السعودية ودول الخليج العربي.
وطالب الائتلاف بقرار واضح من جامعة الدول العربية للردِّ على عدوان إيران، وطردها من منظمة التعاون الإسلامي لدعمها الإرهاب وعشرات الميليشيات الطائفية التي تحاصر السوريين وتقتل أطفالهم ونساءهم.
ولفت بيان الائتلاف إلى أن نظام طهران الذي يدعم نظام الأسد والاحتلال الروسي في إبادته لأكثر من 400 ألف سوري، وتشريد أكثر من 13 مليونا «ينبغي مواجهته بكل حزم وقوة، واتخاذ الإجراءات الرادعة، وهزيمة مشروعه الطائفي الذي يريد دمار المنطقة وتمزيق شعوبها، وفي مقدمة تلك الإجراءات توفير الدعم الكامل للشعب السوري وجيشه الحر، ليتم قطع رأس الأفعى وإنهاء تغولها وإزاحة خطرها المستفحل في المنطقة والعالم، وتحرير سوريا وباقي الدول من احتلال إيران البغيض وكل ما يمتُّ إليه بصلة».
كما رحبت جماعة جيش الإسلام السورية المعارضة، أمس، بقرار السعودية قطع العلاقات مع إيران، وقالت في بيان نقلته وكالة «رويترز»، إن «دعم طهران للجماعات الشيعية المقاتلة يزعزع استقرار الشرق الأوسط ويثير التوتر الطائفي في سوريا».
وقالت الجماعة التي قتل قائدها في ضربة جوية يوم 26 ديسمبر (كانون الأول) إن «قيادة جيش الإسلام تعلن تأييدها لقرار المملكة العربية السعودية»، وإن النظام الإيراني يقوم «بتهديد أمن المنطقة بتصديره لميليشيات مجرمة تنشر الدمار والقتل ومعبأة بالأحقاد الطائفية».
وأدانت السعودية قتل قائد «جيش الإسلام» زهران علوش في ضربة جوية على معقله شرق دمشق وقالت إن مقتله لم يخدم عملية السلام.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم