المعارضة تستهدف مناطق سيطرة النظام في شمال سوريا ووسطها وغربها بعشرات القذائف

«أحرار الشام» تعلن قصف القاعدة الروسية في حميميم

المعارضة تستهدف مناطق سيطرة النظام  في شمال سوريا ووسطها وغربها بعشرات القذائف
TT

المعارضة تستهدف مناطق سيطرة النظام في شمال سوريا ووسطها وغربها بعشرات القذائف

المعارضة تستهدف مناطق سيطرة النظام  في شمال سوريا ووسطها وغربها بعشرات القذائف

افتتحت السنة الجديدة على تصعيد واسع وارتفاع في وتيرة العمليات العسكرية في جميع المحافظات السورية، بدءًا من الجنوب مرورًا بوسط البلاد وصولاً إلى مناطق الشمال، وبدت المعارضة متحضرة لهذا التصعيد، عبر تنفيذها عشرات العمليات والقصف المركّز على مواقع النظام وحلفائه، لم تسلم منها ضاحية الأسد في الغوطة الشرقية التي قصفتها المعارضة بـ14 قذيفة مدفعية.
لكنّ التطور الأبرز تمثل باستهداف حركة «أحرار الشام» مطار حميميم العسكري في مدينة جبلة، الذي تتخذ منه القوات الروسية قاعدة جوية لها، ومواقع متفرقة في مدينة اللاذقية والقرى المحيطة بها الخاضعة لسيطرة القوات النظامية بعدد من صواريخ غراد. وأعلن مدير المكتب الإعلامي في لواء «العاديات»، رستم أبو الوليد، أنه «تم استهداف مطار حميميم العسكري الذي يعتبر الثكنة العسكرية الأكبر للجنود الروس بعدد من صواريخ غراد مما أدى إلى وقوع إصابات محققة في المطار». وهذه العملية هي الثالثة التي تنفذها حركة «أحرار الشام» ضدّ مطار حميميم منذ أن تحول إلى قاعدة جوية روسية، ومنطلق للطائرات لقصف مناطق في وسط وشمال سوريا الخاضعة لسيطرة المعارضة المعتدلة.
ولم تسلم مدينة اللاذقية، التي تعدّ معقل النظام السوري من القصف، وأوضح أبو الوليد لـ«مكتب أخبار سوريا» الإخباري المعارض، أنه «تم استهداف اللاذقية بخمسة صواريخ غراد سقطوا بالقرب من حي الزراعة ما أسفر عن وقوع جرحى، وأدت إلى توقف الاحتفالات التي كانت قائمة في الحي بمناسبة عيد رأس السنة، وإلحاق أضرار مادية في الممتلكات العامة والخاصة»، موضحًا أن هذا القصف «جاء ردًا على الاحتفالات بعيد رأس السنة في المناطق الخاضعة لسيطرة القوات النظامية، بينما تتعرض القرى الخارجة عن سيطرته في الريف المجاور لغارات بشكل يومي من قبل الطيران الحربي الروسي».
إلى ذلك، قصفت فصائل المعارضة المسلحة، بعد منتصف ليل الخميس إلى الجمعة، مناطق سيطرة قوات النظام داخل مدينة حلب. وأفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان بأن المعارضة «استهدفت بقذائف الهاون أحياء جمعية الزهراء، والحمدانية، وسيف الدولة، وحلب الجديدة، والأشرفية، وشارع تشرين، والسليمانية، وصلاح الدين والأعظمية ومحيط الحديقة العامة»، مؤكدًا أن القصف «ترافق مع اشتباكات بين قوات النظام والمسلحين الموالين لها من جهة، والفصائل المعارضة من جهة أخرى في أطراف حيي سيف الدولة وصلاح الدين، أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف قوات النظام والمسلحين الموالين لها».
وفي ساعات الصباح الأولى، سقطت عدة صواريخ أرض أرض على الأحياء التي تسيطر عليها كتائب المعارضة داخل حلب، فيما دارت اشتباكات ليلاً بين «لواء صقور الجبل» و«حركة نور الدين الزنكي» و«لواء الحرية الإسلامي» من جهة، وقوات من حزب الله اللبناني وقوات النظام واللجان الشعبية الموالية للنظام من جهة أخرى، في محيط منطقة عقرب قرب حي الراشدين غرب حلب، استمرت الاشتباكات إلى ما بعد منتصف الليل.
وقصفت قوات النظام فجر أمس (الجمعة) حي أقيول الخاضع لسيطرة المعارضة في حلب القديمة، وردت الفصائل المعارضة بقصف بلدتي نبل والزهراء اللتين يقطنهما مواطنون من الطائفة الشيعية. ونفذت الطائرات الحربية الروسية غارات على بلدتي باشكوي وتل، مصيبين في ريف حلب الشمالي.
من جهته، أفاد موقع «الدرر الشامية» المعارض، بأن عناصر تنظيم داعش انسحبوا مساء الخميس من قرية جديدة في محيط مطار كويرس العسكري بريف ‏حلب الشرقي، لصالح القوات النظامية. وقال الموقع: «إن قوات الأسد تقدمت باتجاه مدينة تادف، وسيطرت على قرية النجارة شمال مطار كويرس العسكري بريف ‏حلب الشرقي، بعد انسحاب تنظيم (داعش) من القرية»، مشيرًا إلى أن هذا الانسحاب «يأتي بالتزامن مع استمرار التنظيم إرسال سيارته المفخخة إلى مناطق سيطرة الثوار في ريف حلب الشمالي، والتي كان آخرها انفجار سيارتين مفخختين قرب بلدة ‏حريتان؛ ما أدى لسقوط ضحايا».
وفي ريفي حماة الشمالي الغربي، قصفت فصائل المعارضة المسلحة، مدينة محردة وبلدة السقيلبية وبلدتي سلحب والجيد الخاضعة لسلطة النظام السوري، بينما قصف النظام عددًا من قرى سهل الغاب في ريف حماه الشمالي الغربي الخاضعة لسيطرة المعارضة. وأدى القصف الصاروخي والمدفعي لقوات النظام على قرى في جبل الزاوية الخاضعة لسلطة المعارضة في ريف إدلب الجنوبي إلى قتل مدنيين اثنين. وأعلن الناشط مصطفى الإدلبي عضو «تنسيقية مدينة إدلب»، أن بلدة الموزرة «تعرضت لقصف بالمدفعية الثقيلة وراجمات الصواريخ من تجمعات القوات النظامية في ريف حماه الشمالي، أسفرت عن سقوط قتيلين من عائلة واحدة وإصابة ستة آخرين بجروح مختلفة، نقلوا على أثرها إلى المشافي الميدانية في المنطقة».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم