سوريون في الأعياد يتحايلون على بؤس الحرب ويبتكرون وسائل للفرح

مناطق النظام والمعارضة تتشارك في ارتفاع الأسعار وغياب الخدمات

السوريون احتفلوا بأعياد الميلاد رغم ظروف الحرب (إ.ب.أ)
السوريون احتفلوا بأعياد الميلاد رغم ظروف الحرب (إ.ب.أ)
TT

سوريون في الأعياد يتحايلون على بؤس الحرب ويبتكرون وسائل للفرح

السوريون احتفلوا بأعياد الميلاد رغم ظروف الحرب (إ.ب.أ)
السوريون احتفلوا بأعياد الميلاد رغم ظروف الحرب (إ.ب.أ)

يستقبل السوريون العام الجديد بمثل ما يودعون به العام القديم وبمثل ما استقبلوا وودعوا به الأعياد خلال السنوات الخمس الماضية، فلا مظاهر أكثر حضورا في الشارع الدمشقي والسوري، عموما، أكثر من مظاهر الفقد والحزن والبؤس. والسائر في شوارع المدن السورية يرى في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة دمارا تخلفه الغارات الجوية، وجوعا نتيجة الحصار الطويل وبؤس وموت بلا حدود. أما في المناطق التي يسيطر عليها النظام فصور القتلى في المعارك من قوات النظام والميليشيات التابعة لها تغرق الجدران وتتنافس على احتلال ما تبقى من مساحات على الأعمدة والأبواب، مع نعوات وصور ضحايا المدنيين بفعل قذائف الهاون وصواريخ الكاتيوشا، لتغيب خلف هذا المشهد نعوات الوفيات لأسباب طبيعية كالتقدم بالسن أو المرض.
«تحضر النعوات في الشارع السوري وتغيب زينة الأعياد»، يقول أبو رامي صاحب محل أدوات منزلية في ريف دمشق ويتابع: «لماذا أزين الشجرة؟ أولادي سافروا بالبحر إلى ألمانيا وأنا هنا وحدي أصفي عملي بالمحل بانتظار اللحاق بهم إذا لم أمت بقذيفة»، فيما تقول ناديا (45 عاما) التي ودعت في الصيف ابنها الوحيد (18 عاما) ليذهب مع رفاقه إلى السويد عبر البحر، إنها زينت شجرة العيد ولكن «من دون كهرباء ومن دون بهجة، زينتها فقط لدفع الشؤم، لعل وعسى يأتي العام الجديد بالسلام»، وتتابع أنها لم تشتر أي شيء جديد للعيد، خلافا للتقاليد بضرورة شراء ولو قطعة زينة واحدة لاستمرار الفرح، فالأسعار كانت أكبر بكثير من قدرتها على الشراء. وتشير ناديا إلى أن زوجها يعمل في هندسة العمارة الداخلية ويعتبر من ذوي الدخل الجيد، إلا أنه في السنة الأخيرة لم يعد يغطي احتياجات أسرتها (المكونة من الأب والأم وثلاث بنات وابن سافر).
أبو رياض سائق تاكسي يقول إنه رصد للوازم العيد خمسين ألف ليرة، لا غير، أعطاها لزوجته لتدبر أمور عشاء السهرة وتزيين الشجرة وشراء ضيافة، وبعد حسابات وجمع وطرح تبين أنها لا تكفي للزينة وشراء شيكولاتة وحلويات ضيافة العيد، فتم التخلي عن الشجرة لأنه أساسا لا يتوفر كهرباء لتشغيلها. كما أن أكثر من منزل في الحي يعيش حالة حداد ومن غير اللائق إظهار أي شيء يتعلق بالعيد في الشارع. أيضا تم الاستغناء وجبات اللحوم والخضراوات المرتفعة الثمن، علما بأن سعر كيلو البندورة (الطماطم) 400 ليرة سورية والبقدونس بأربعين ليرة والخيار بـ300 ليرة، أي بزيادة أربعة أضعاف عما كان عليه السعر قبل شهر.



بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
TT

بارود «النار بالنار» موهبة صاعدة لفتت المشاهد

عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)
عابد فهد وتيم عزيز في مشهد من «النار بالنار» (خاص تيم)

منذ الحلقة الأولى لمسلسل «النار بالنار» لفت تيم عزيز المشاهد في دور (بارود). فهو عرف كيف يتقمص شخصية بائع اليانصيب (اللوتو) بكل أبعادها. فألّف لها قالباً خاصاً، بدأ مع قَصة شعره ولغة جسده وصولاً إلى أدائه المرفق بمصطلحات حفظها متابع العمل تلقائياً.
البعض قال إن دخول تيم عزيز معترك التمثيل هو نتيجة واسطة قوية تلقاها من مخرج العمل والده محمد عبد العزيز، إلا أن هذا الأخير رفض بداية مشاركة ابنه في العمل وحتى دخوله هذا المجال. ولكن المخرج المساعد له حسام النصر سلامة هو من يقف وراء ذلك بالفعل. ويقول تيم عزيز لـ«الشرق الأوسط»: «حتى أنا لم أحبذ الفكرة بداية. لم يخطر ببالي يوماً أن أصبح ممثلاً. توترت كثيراً في البداية وكان همي أن أثبت موهبتي. وفي اليوم الخامس من التصوير بدأت ألمس تطوري».
يحدثك باختصار ابن الـ15 سنة ويرد على السؤال بجواب أقصر منه. فهو يشعر أن الإبحار في الكلام قد يربكه ويدخله في مواقف هو بغنى عنها. على بروفايل حسابه الإلكتروني «واتساب» دوّن عبارة «اخسر الجميع واربح نفسك»، ويؤكد أن على كل شخص الاهتمام بما عنده، فلا يضيع وقته بما قد لا يعود ربحاً عليه معنوياً وفي علاقاته بالناس. لا ينكر أنه بداية، شعر بضعف في أدائه ولكن «مو مهم، لأني عرفت كيف أطور نفسي».
مما دفعه للقيام بهذه التجربة كما يذكر لـ«الشرق الأوسط» هو مشاركة نجوم في الدراما أمثال عابد فهد وكاريس بشار وجورج خباز. «كنت أعرفهم فقط عبر أعمالهم المعروضة على الشاشات. فغرّني الالتقاء بهم والتعاون معهم، وبقيت أفكر في الموضوع نحو أسبوع، وبعدها قلت نعم لأن الدور لم يكن سهلاً».
بنى تيم عزيز خطوط شخصيته (بارود) التي لعبها في «النار بالنار» بدقة، فتعرف إلى باعة اليناصيب بالشارع وراقب تصرفاتهم وطريقة لبسهم وأسلوب كلامهم الشوارعي. «بنيت الشخصية طبعاً وفق النص المكتوب ولونتها بمصطلحات كـ(خالو) و(حظي لوتو). حتى اخترت قصة الشعر، التي تناسب شخصيتي، ورسمتها على الورق وقلت للحلاق هكذا أريدها».
واثق من نفسه يقول تيم عزيز إنه يتمنى يوماً ما أن يصبح ممثلاً ونجماً بمستوى تيم حسن. ولكنه في الوقت نفسه لا يخفي إعجابه الكبير بالممثل المصري محمد رمضان. «لا أفوت مشاهدة أي عمل له فعنده أسلوبه الخاص بالتمثيل وبدأ في عمر صغير مثلي. لم أتابع عمله الرمضاني (جعفر العمدة)، ولكني من دون شك سأشاهد فيلمه السينمائي (هارلي)».
لم يتوقع تيم عزيز أن يحقق كل هذه الشهرة منذ إطلالته التمثيلية الأولى. «توقعت أن أطبع عين المشاهد في مكان ما، ولكن ليس إلى هذا الحد. فالناس باتت تناديني باسم بارود وتردد المصطلحات التي اخترعتها للمسلسل».
بالنسبة له التجربة كانت رائعة، ودفعته لاختيار تخصصه الجامعي المستقبلي في التمثيل والإخراج. «لقد غيرت حياتي وطبيعة تفكيري، صرت أعرف ماذا أريد وأركّز على هدف أضعه نصب عيني. هذه التجربة أغنتني ونظمت حياتي، كنت محتاراً وضائعاً أي اختصاص سأدرسه مستقبلاً».
يرى تيم في مشهد الولادة، الذي قام به مع شريكته في العمل فيكتوريا عون (رؤى) وكأنه يحصل في الواقع. «لقد نسيت كل ما يدور من حولي وعشت اللحظة كأنها حقيقية. تأثرت وبكيت فكانت من أصعب المشاهد التي أديتها. وقد قمنا به على مدى يومين فبعد نحو 14 مشهداً سابقاً مثلناه في الرابعة صباحاً صورنا المشهد هذا، في التاسعة من صباح اليوم التالي».
أما في المشهد الذي يقتل فيه عمران (عابد فهد) فترك أيضاً أثره عنده، ولكن هذه المرة من ناحية الملاحظات التي زوده بها فهد نفسه. «لقد ساعدني كثيراً في كيفية تلقف المشهد وتقديمه على أفضل ما يرام. وكذلك الأمر بالنسبة لكاريس بشار فهي طبعتني بحرفيتها. كانت تسهّل علي الموضوع وتقول لي (انظر إلى عيني). وفي المشهد الذي يلي مقتلها عندما أرمي الأوراق النقدية في الشارع كي يأخذها المارة تأثرت كثيراً، وكنت أشعر كأنها في مقام والدتي لاهتمامها بي لآخر حد»
ورغم الشهرة التي حصدها، فإن تيم يؤكد أن شيئاً لم يتبدل في حياته «ما زلت كما أنا وكما يعرفني الجميع، بعض أصدقائي اعتقد أني سأتغير في علاقتي بهم، لا أعرف لماذا؟ فالإنسان ومهما بلغ من نجاحات لن يتغير، إذا كان معدنه صلباً، ويملك الثبات الداخلي. فحالات الغرور قد تصيب الممثل هذا صحيح، ولكنها لن تحصل إلا في حال رغب فيها».
يشكر تيم والده المخرج محمد عبد العزيز لأنه وضع كل ثقته به، رغم أنه لم يكن راغباً في دخوله هذه التجربة. ويعلق: «استفدت كثيراً من ملاحظاته حتى أني لم ألجأ إلا نادراً لإعادة مشهد ما. لقد أحببت هذه المهنة ولم أجدها صعبة في حال عرفنا كيف نعيش الدور. والمطلوب أن نعطيها الجهد الكبير والبحث الجدّي، كي نحوّل ما كتب على الورق إلى حقيقة».
ويشير صاحب شخصية بارود إلى أنه لم ينتقد نفسه إلا في مشاهد قليلة شعر أنه بالغ في إبراز مشاعره. «كان ذلك في بداية المسلسل، ولكن الناس أثنت عليها وأعجبت بها. وبعدما عشت الدور حقيقة في سيارة (فولسفاكن) قديمة أبيع اليانصيب في الشارع، استمتعت بالدور أكثر فأكثر، وصار جزءاً مني».
تيم عزيز، الذي يمثل نبض الشباب في الدراما اليوم، يقول إن ما ينقصها هو تناول موضوعات تحاكي المراهقين بعمره. «قد نجدها في أفلام أجنبية، ولكنها تغيب تماماً عن أعمالنا الدرامية العربية».