ما يُحسب لصناع الموضة أنهم لا يتوقفون عن البحث والتطوير بهدف الوصول إلى قلب المستهلك ومنه إلى جيبه، بطرق مبتكرة وراقية. فكل عام يعتمدون وسائل ترويجية جديدة، نعجب بها سواء وافقنا على ما تحاول بيعه لنا أم لا. فبعد سياسية طرح كتب ضخمة وبراقة تحكي ألف قصة وقصة عن بداياتها وتاريخها، ثم بعد الدعايات المصورة وكأنها أفلام قصيرة بسيناريوهات وحبكات ومؤثرات سينمائية يشرف عليها كبار المخرجين، ويجسدها نجوم من الدرجة الأولى مثل نيكول كيدمان وتشارليز ثيرون وغيرهما، جاء الدور هذا العام على المعارض، التي لم يبخلوا عليها بشيء وفتحوها للناس مجانًا للتعريف بإرثهم من جهة، وبيع منتجاتهم من جهة ثانية. ففي عام واحد، حضرنا ما لا يقل عن أربعة معارض ضخمة نظمتها كل من «لويس فويتون»، و«شانيل» و«ديور». و«لويس فويتون» وحدها نظمت ثلاثة معارض متنوعة هذا العام، كان أهمها معرض «سيريز 3» الذي يجمع التجاري والفني بشكل واضح لم تحاول التمويه عنه. ما يشفع له أنه عرف الزائر بتاريخ الدار وحرفيتها بشكل ممتع، تارة بواسطة شاشات ضخمة معلقة في كل الجوانب، وتارة بالغوص في مخيلة مصممها الفني نيكولا غيسكيير في محاول لسبر أغواره وكيف يفكر ويبدع، وتارة أخرى باستعراض خبراتها الطويلة في صناعة حقائب اليد والأحذية، من دون أن تنسى تعليق أزياء أنيقة بترتيب متناه في خزانة بأبواب زجاجية تمكن الزائر من معاينتها عن قرب ليخرج من المعرض مباشرة إلى أقرب محل لشرائها.
ولأن الدار ترتبط أساسًا بالسفر وصناعة الحقائب، فإنه لم تمر سوى أشهر على هذا المعرض حتى أتبعته بآخر في «لوغران باليه» بباريس بعنوان «طر، أبحر وسافر» (فولي، فوغي، فواياجي) Volez! Voguez! Voyagez!، يمكن اعتباره رحلة تعكس التطورات الاجتماعية والاقتصادية، وأيضًا رحلة في تاريخ الدار وكيف صنعت أجمل الحقائب والصناديق التي استعملها الملوك والطبقات الأرستقراطية والنجوم منذ أكثر من قرن من الزمن. أي حتى قبل أن تتطور وسائل السفر كما نعرفها اليوم لتصبح متاحة للجميع. ففي كل غرفة يكتشف الزائر حقائب تختلف في تصميمها وخاماتها حسب اختلاف وسائل النقل المستعمل. فبينما القطار والبواخر كانت تحتمل الصناديق الضخمة والمواد الثقيلة الوزن، تطلب السفر جوا والسيارات خامات أخف وأحجاما أصغر. المعرض الممتد إلى شهر فبراير (شباط) من العام المقبل، يستعرض أيضًا التعاونات التي قامت بها الدار مع فنانين من حجم دايمون هيرست وستيفن سبراوس وغيرهما.
- دار «شانيل» أيضًا قدمت معرضًا مهمًا بعنوان «مادموزيل بريفيه» Mademoiselle Prive احتل ثلاثة طوابق من غاليري «ساتشي» في لندن. هو الآخر استعرض الكثير من جوانب الدار وقامت فيه الممثلة جيرالدين شابلن بدور كوكو شانيل، من خلال فيلم قصير حاورت فيه كارل لاغرفيلد بشكل فكري جدلي مثير. تسأله فيرد عليها، تتهمه فيدافع عن نفسه، تواجهه بالأدلة فيبرر لها أسلوبه ليقنعها في الأخير. لكن هذا الفيلم القصير ليس سوى جزء من كل، لأن المعرض كان طبقًا غنيًا برموز من الماضي والحاضر والمستقبل، أظهر قدراتها في شتى المجالات، من الأزياء والإكسسوارات إلى الجواهر.
«ديور» الفرنسية لم تتخلف عن ركوب هذه الموجة، واختارت دبي، كوجهة لمعرض بعنوان «لوتياتر ديور» Le Theatre Dior أي مسرح ديور، احتفلت فيه بالأنامل الناعمة التي تعمل في ورشاتها الخاصة وتتحفنا في كل موسم «هوت كوتير» بقطع تحاكي التحف الفنية، شكلا وتنفيذا. ضم المعرض أكثر من 60 فستانًا «مصغَّرًا» كما لو أنه خاص بدمية، تم تنفيذه بنفس طريقة التي ينفذ بها أي فستان راق في هذه الورشات. كل تصميم فيه مأخوذ من أرشيفها الغني ومستنسخ بدقة عن الأصلي، مما يجعله بمثابة تحفة بكل المقاييس. لم يستغرق المعرض سوى أسبوعين، لكنه قدم صورة قوية ومؤثرة عن تاريخ الدار وتقنيات الـ«هوت كوتير».
عام معارض التعريف والترويج
عام معارض التعريف والترويج
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة