أزهريون لـ {الشرق الأوسط}: التحالف العسكري الإسلامي يبعث روح «لمّ شمل» الأمة

قالوا إنه يأتي من باب «ولاية المؤمنين بعضهم على بعض»

أزهريون لـ {الشرق الأوسط}: التحالف العسكري الإسلامي يبعث روح «لمّ شمل» الأمة
TT

أزهريون لـ {الشرق الأوسط}: التحالف العسكري الإسلامي يبعث روح «لمّ شمل» الأمة

أزهريون لـ {الشرق الأوسط}: التحالف العسكري الإسلامي يبعث روح «لمّ شمل» الأمة

قدم علماء فقه وحديث وتفسير بجامعة الأزهر في مصر، دليلا إسلاميا لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي فكريا، وحدد العلماء خطوطا عريضة لهذا الدليل يتضمن، تدخل الحكومات العربية والإسلامية بشكل مباشر لإفساح المجال للراسخين في العلم بوسائل الإعلام المحلية والدولية للرد على ضلال «الدواعش»، وعدم إذاعة أي أفكار منحرفة أو فتاوى هزلية، مؤكدين أن التحالف الإسلامي العسكري يبعث روح «لَمْ شمل» الأمة.. وجاء من باب ولاية المؤمنين على بعضهم البعض، وهو أمر مقرر في الشريعة الإسلامية.
كما تضمن دليل العلماء سن القوانين لتتبع صفحات «فيسبوك» و«توتير» التي تقوم بالتحريض على الدول والأشخاص، والتنوير بالأحكام الشرعية خاصة ما يتعلق بـ«الجهاد».
وأطلقت السعودية تحالفا إسلاميا عسكريا يضم 35 دولة عربية وإسلامية لمحاربة الإرهاب.. وأحد أهم بنود التحالف التصدي للتنظيمات الإرهابية فكريا. وأكد العلماء أن «التحالف الإسلامي دعوة للوقوف صفا واحدا لمناهضة الإرهاب الفاشي، ويدخل ضمن القواعد التي أقرها الإسلام بشأن تنظيم تعاملات المسلمين بعضهم البعض».
من جانبه، قال الدكتور عبد الحليم منصور، أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر، إن مواجهة الفكر الداعشي لا بد أن تعتمد على مواجهة الفكر الداعشي نفسه، الذي ينظر للآخرين على أنهم كفار، ومن ثم استباحوا دماءهم سواء من المسلمين أو من غير المسلمين، والنتيجة الحتمية لهذا التكفير هي ما نشهده اليوم من قتل للأبرياء، وبعد أن نصب هؤلاء التكفيريون أنفسهم حكماء وأوصياء على الدين لتنفيذ حدوده وإقامة حقوقه، وبالتالي يجب على علماء المسلمين والمؤسسات الدولية التي تحظى باحترام العالم وتتسم بالوسطية مقاومة هذا الفكر وبيان عواره وفساده وضلاله.
وأشار الدكتور منصور إلى أن هذه المواجهة تحتم على وسائل الإعلام أن تفسح المجال للراسخين في العلم للرد على ضلال «الدواعش المبين»؛ بل ويجب على الحكومات العربية والإسلامية التدخل المباشر لإفساح المجال لأهل العلم للرد على فكر «داعش» المنحرف محليا وإقليميا وعالميا.
وأضاف أنه في ذات الإطار يجب توفير برامج باللغات الأجنبية تخاطب العالم الغربي بمختلف انتماءاته لبيان وجه الإسلام السمح، وأن ما يظهر من بعض الممارسات من ذوي الفكر المنحرف ليس هو صحيح الدين وإنما الدين كله سلام وسماحة وتعايش مع الآخر، وكذا يجب على الحكومات والمؤسسات الدينية العالمية أن تنتدب بعضا من فقهائها الراسخين في العلم ليجوبوا العالم، لتوضيح رسالة الإسلام، فضلا عن تحديد الخطاب الذي يوجه للآخر وتحديد الرسائل التي نرغب في إيصالها إليه، ولا بد من تنقية كثير مما يظهر في وسائل الإعلام بحيث لا يتحدث في الدين؛ إلا من هو أهل له، حتى لا ينزلق الكثيرون متأثرين بهذا أو ذاك.
وتابع منصور بقوله: «داعش» يحمل وجها قبيحا وفكرا منكرا وسلوكا لا يمت للإسلام ولا للإنسانية بصلة.. يروج لفكرة استعادة الدولة الإسلامية لاستمالة الحمقى وضعاف النفوس والجهال من بني جلدتنا أو من غيرنا، ممن تم مسح أدمغتهم وعقولهم وإيقاعهم تحت السيطرة والتأثير المباشر لهذا الفكر الوحشي الذي هو بعيد كل البعد عن الآدمية أو الإنسانية، مضيفا: في سبيل استمالة الآخرين يرخص الدواعش لأنفسهم وأتباعم انتهاك حرمات الآخرين عن طريق سبيهم واسترقاقهم وجعل نساء الآخرين ملكا ليمينهم، وترويع الغير بشكل لا يمت للإسلام بصلة سواء بالقتل أو بغيره، عن طريق إظهار وحشيتهم من خلال الصور أو الفيديوهات التي يبثونها للعالم، وهم يرتكبون جرائمهم.
وقال الدكتور أحمد برج، رئيس قسم الفقه العام بكلية الشريعة والقانون فرع دمنهور جامعة الأزهر، إن تحالف السعودية يدخل ضمن القواعد التي أقرها الإسلام بشأن تنظيم تعاملات المسلمين بعضهم لبعض، والتي قال الله فيها «وتعاونوا على البر والتقوى»، موضحا أن علاقة المسلمين قائمة على التواصل والتآخي والتراحم ودفع الضر والأذى، لقوله تعالى «ولا تعاونوا على الإثم والعدوان».. وكل الأزمات والمشكلات العالقة لن تحل إلا بالتوحد والاجتماع على قلب رجل واحد.
ولفت رئيس قسم الفقه إلى أن التحالف الإسلامي العسكري جاء من باب ولاية المؤمنين على بعضهم البعض، وقال تعالى: «والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر»، وبذلك فإن التحالف هو أمر مقرر في الشريعة الإسلامية، ومدعو إليه في كل لحظة من اللحظات.. وهذه الدعوى يغلب عليها أنها من باب الواجب وليس من باب المندوب.
وتابع بقوله: إذا أردنا أن نتخلص من هذا السلوك (أي الإرهاب) فلا بد أن نبحث عن الفكرة الأساسية التي تسببت في ظهور هذا السلوك السيئ الذي يؤرق الشعوب، موضحا أن الناظر في سلوكيات هؤلاء المنتمين للجماعات الإرهابية المتطرفة يجد أن أسباب انتشارهم هو الجهل بالأحكام الشرعية، وعدم وقوفهم على مقاصد الشريعة وفقه الواقع، وأن الفكرة قائمة على الاجتهاد.. وهذا يستوجب على أهل العلم أن يهتموا بالأحكام الشرعية التي تؤدي إلى انضباط الفكر، مشيرا إلى أن الإرهابيين قائمون على الفكرة الدينية في المقام الأول، والفكرة غالبا ما تكون مكونة من الفهم الخاطئ لمقاصد الشريعة الإسلامية، وهذا ما يقتضي تنوير الناس بالأحكام الشرعية خاصة ما يتعلق بقضية «الجهاد» والنظرة إلى الحاكم.. وهما أسباب اللجوء إلى التطرف والإرهاب، وكل هذه الأمور، أبرز أسباب الانضمام إلى هذه الجماعات، كما أن هناك قضايا أخرى تسببت في ذلك، ومنها فساد أخلاق الأمة التي يتغاضى عنها المسؤولون، وهي أحد أسباب ظهور هذه الجماعات التي تنادي بإصلاح أخلاقيات الأمة، وهذا أيضا يستوجب على الدولة حماية الأمة من فساد الأخلاق عن طريق علمائها ومفكريها الوسطيين.
وأضاف الدكتور برج أن انتشار الظلم في المجتمعات وغياب العدالة الاجتماعية والتمييز العرقي يتسبب في انضمام الشباب للتنظيمات المتطرفة، لذلك لا بد من إزالة هذه الأسباب والقضاء على البطالة والفقر، والعمل على إتاحة الفرصة للشباب وتوفير عمل شريف مناسب لقطع الطريق على الشباب للانضمام لهذه الجماعات، بسبب وجود ما يطمحون إليه دون النظر إلى حلالها أو حرمتها، كما أن من بين الأسباب، عدم وجود إعلام نقي يقوم بالدور الذي ينبغي القيام به، وعدم اهتمامه بما ينفع الناس وتوعيتهم بما يبني المجتمعات ويحفظ الشباب من هؤلاء.
في ذات السياق، أوضح الدكتور محمد خضر أبو زيد المدرس المساعد في كلية الدراسات الإسلامية والعربية بالشرقية‏ جامعة الأزهر، أن مواجهة فكر «داعش» الإرهابي المتطرف يكون بالفكر الإسلامي من أجل القضاء عليه والعيش في أمن وأمان ورغد وسلام، عن طريق العمل على تطبيق شرع الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وقيام العلماء الربانيين أصحاب التقى والعفاف والغنى بنشر تعاليم الدين الإسلامي الوسطي المعتدل، وذلك من خلال قنوات إعلامية تبث داخل كل منزل، وعلى شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«تويتر» من أجل التوعية الصحيحة السليمة لأبنائنا وبناتنا، ومطالبة الإعلام المرئي والمسموع بعدم إذاعة أي أفكار ضالة منحرفة، أو فتاوى هزلية لا تسمن ولا تغني من جوع، ولن تفيد المجتمع الإسلامي بشيء، غير إثارة البلبلة والفوضى.
وتابع أبو زيد: إلى جانب الرد على الشبهات والأكاذيب والافتراءات من هذا الفكر الضال المتطرف من قبل متخصصين في كل المجالات، والعمل على مراجعة المناهج الدراسية المقررة على الطلاب في مراحل التعليم المختلفة وتوضيحها وبيان المراد منها بما يتناسب مع الواقع المعاصر، حتى لا يقع الطلاب فريسة سهلة للمتطرفين والمتشددين وأصحاب الغلو، من خلال عناصر يفندونها حسب أفكارهم ويبثون بها في عقول الطلاب، وكذا العمل على عمل دورات تثقيفية من خلال مراكز الشباب الرياضية في جميع البلدان، حتى يشغل الشباب فكره بالمعلومات والأبحاث بعيدا عن وقوعه صيدا سهلا للأفكار الهدامة، فضلا عن الضرب بيد من حديد على من ينتهج الفكر الإرهابي المتطرف، وسن قوانين من التشريعات الإسلامية الحديثة، تعاقب مرتكبي هذه الأمور، وتتبع صفحات مواقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«توتير»، والتي تقوم بالتحريض على الدول والرؤساء والأشخاص.
وطالب أبو زيد كل المجتمعات بإعمال العقل وعدم تعطيل العقل والفكر وتسليمه لأشخاص لا يعرفون شيئا عن دين الله ولا عن سنة رسول الله. وقال أبو زيد إن التحالف الإسلامي العسكري يبعث على روح لم شمل الأمة الإسلامية ونبذ روح الفرقة والاختلاف لقول الله تعالى «واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا واذكروا نعمت الله عليكم إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته إخوانا»، لافتا إلى أن تحالف السعودية الآن ضرورة لمحاربة الإرهاب لما يترتب على التطرف من اعتداء على الأشخاص والممتلكات العامة والخاصة، وقد نهى الله تعالى عن قتل النفس أيا كانت ديانتها بغير حق لقول الله تعالى «من أجل ذلك كتبنا على بني إسرائيل أنه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا».
من جهته، أوضح الدكتور علي محمد الأزهــري عضو هيئة التدريس بقسم العقيدة والفلسفة بجامعة الأزهر، أن الإرهاب أصبح شموليا في المجتمعات التي نعيش فيها، وأضحى واجبا على الدول أن تتكاتف من أجل ردع هذه الفئة التي تُفسد في الأرض، ولما كان الإرهاب يعمل على ترويع الآمنين ونشر الخوف وسلب الأمن من مجتمع غايته السلام، باتت محاربة الإرهاب مطلبا شرعيا؛ بل مُقدما على الطعام والشراب، لافتا إلى أن الإرهاب لا دين له ولا وطن، وأهل الإرهاب لا يعتقدون في وطن ولا في معتقد سوى الهوى، والإسلام جاء ليقطع على كل معتد أثيم باب التخريب والتدمير واستحلال الدماء.
وقال الأزهري إن «التحالف الإسلامي دعوة للوقوف صفا واحدا لمناهضة الإرهاب الفاشي في أقاصي العالم العربي والإسلامي حفاظا على الهوية، وانطلاقا من رباط الأخوة المتماسك قدما بين جبال ووديان حضارتنا الإسلامية».
وتابع بقوله: لقد عالج الإسلام إرهاب «داعش» من خلال العقوبات التي تستحقها هذه الطائفة الخارجة على المجتمع المستحلة للدماء.. وهذه العقوبات تعمل على اجتثاث الإرهاب الأسود من جذوره، حتى تكون هذه الطائفة عبرة وعظة لمن تسول له نفسه أن يحذو حذو هؤلاء الخوارج، لافتا إلى أن هذه العقوبات تشمل كل من أفسد في الأرض، فروع آمنا ودمر منشأة وقتل بغير حق.. ولقد شرع ربنا – سبحانه وتعالى - حد الحرابة كما في الآية السابقة في سورة المائدة، فكانت جزاء لمن أراد في الأرض الفساد.
من جانبه، قال الدكتور محمد إبراهيم العشماوي، أستاذ الحديث بكلية أصول الدين جامعة الأزهر بطنطا، لا بد من وضع خطة تعمل في إطار مؤسسي متكامل تشرف عليها الدول بكل مؤسساتها العلمية والدينية والإعلامية والثقافية والاجتماعية والدبلوماسية لمحاربة الإرهاب، وليس دينيا وأمنيا فقط، ولا بد من توافر حسن النية وصدق التوجه عند الجميع فهما أساس نجاح أي عمل، فضلا عن التخطيط المنظم بعيدا عن الارتجال والعشوائية اللذين هما قرينا الفشل والإخفاق.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.