بعد 70 عامًا.. سيول وطوكيو تتوصلان إلى تسوية حول «نساء المتعة»

اليابان وافقت على دفع تعويض بقيمة 8 ملايين دولار للمتضررات

فلبينية وتايوانية أجبرتا على العمل كـ«نساء متعة» في تايبيه (إ.ب.أ)
فلبينية وتايوانية أجبرتا على العمل كـ«نساء متعة» في تايبيه (إ.ب.أ)
TT

بعد 70 عامًا.. سيول وطوكيو تتوصلان إلى تسوية حول «نساء المتعة»

فلبينية وتايوانية أجبرتا على العمل كـ«نساء متعة» في تايبيه (إ.ب.أ)
فلبينية وتايوانية أجبرتا على العمل كـ«نساء متعة» في تايبيه (إ.ب.أ)

أبرمت طوكيو وسيول أمس اتفاقا تاريخيا لتسوية الخلاف حول «نساء المتعة»، وهن الكوريات الجنوبيات اللواتي أرغمن على العمل في بيوت دعارة تابعة للجيش الياباني خلال الحرب العالمية الثانية.
وعرقلت هذه القضية العلاقات بين البلدين الجارين منذ عقود، مما يثير استياء واشنطن التي تفضل أن يركز البلدان على العمل لمواجهة طموحات الصين المتزايدة في المنطقة. ووافقت اليابان بموجب الاتفاق على دفع مليار ين (أي 8.22 مليون دولار) لبضع عشرات من النساء اللواتي ما زلن على قيد الحياة.
وفي اتصال هاتفي مع رئيسة كوريا الجنوبية باك غيون - هي، أعرب رئيس الوزراء الياباني شينزو آبي عن سعادته ببداية «عصر جديد» بين البلدين.
من جهته، قال وزير الخارجية الياباني، فوميو كيشيدا، في ختام المحادثات التي أجراها في سيول مع نظيره الكوري الجنوبي، يون بيونغ - سي، إن «نظام نساء المتعة (...) وجد فعليا نتيجة لتدخل الجيش الياباني»، مؤكدا أن «الحكومة اليابانية تدرك تماما مسؤوليتها». وأضاف كيشيدا أن رئيس الوزراء الياباني قدم للضحايا «اعتذاره وعبّر عن ندمه من أعماق قلبه». وأكد الوزير الكوري الجنوبي للصحافيين، من جهته، أن هذا الاتفاق سيكون «نهائيا»، ولا يمكن التراجع عنه إذا تحملت اليابان مسؤولياتها.
ومنذ فترة طويلة، تؤثر خلافات عدة سلبا على العلاقات بين سيول وطوكيو. لكن قضية مصير 46 كورية جنوبية من «نساء المتعة» اللاتي ما زلن على قيد الحياة تتسم بحساسية كبيرة في كوريا الجنوبية. ومنذ وصولها إلى السلطة في فبراير (شباط) 2013. تبنت رئيسة كوريا الجنوبية موقفا بالغ التشدد في هذه القضية. وفي تصريحات أدلت بها مؤخرا وصفت هذا الخلاف بأنه «أكبر عقبة» في طريق تحسن العلاقات الثنائية.
من جهتها، دعت الولايات المتحدة حليفتيها إلى تسوية هذا الخلاف في أسرع وقت ممكن.
ويقول معظم المؤرخين إن عددا من النساء يصل إلى مائتي ألف، معظمهن من الكوريات الجنوبيات وكذلك الصينيات والإندونيسيات ومواطنات دول آسيوية أخرى، تم إرغامهن على العمل في بيوت الدعارة التي كانت تابعة للجيش الإمبراطوري. وكانت اليابان التي احتلت كوريا من 1910 إلى 1945، تعتبر أن هذه القضية تمت تسويتها في 1965 بموجب الاتفاق الذي نص على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين طوكيو وسيول.
واعترفت اليابان في 1993 بذنبها في استغلال هؤلاء النسوة. وأقيم صندوق حينذاك لدفع تعويضات مالية لهن، لكن هذا الصندوق كان يمول بهبات من أفراد وليس من قبل الحكومة اليابانية على الرغم من استياء سيول. وواصلت سيول، التي اعتبرت أن اتفاق 1965 لا يشمل دفع تعويضات فردية إلى ضحايا جرائم الحرب التي ارتكبها الجيش الإمبراطوري، المطالبة بالاعتذار وبتعبير حقيقي عن الندم.
وينص اتفاق أمس على أن تبذل سيول جهودا بالتعاون مع جمعيات الدفاع عن الضحايا لنقل تمثال يرمز إلى معاناة «نساء المتعة» موضوع حاليا مقابل السفارة اليابانية، تعتبره طوكيو مهينا.
من جهة أخرى، أعلن يون أن سيول ستمتنع عن طرح مشكلة «نساء المتعة» في القمم الدولية المقبلة بعد الآن. وقال: «إنني سعيد جدا بأنني أستطيع الإعلان قبل نهاية هذه السنة التي شهدت الذكرى الخمسين لاستئناف العلاقات، عن إنجاز مفاوضات صعبة». وفي كوريا الجنوبية، صدرت مواقف متضاربة بعد الإعلان عن الاتفاق. وقالت يو هي - نام، إحدى الضحايا اللاتي أجبرهن الجيش الياباني على ممارسة الدعارة خلال الحرب، إن الاتفاق ليس كافيا لكنها ستمتثل لقرار الحكومة. فيما أكد هيروكي شوجي الذي يعمل في منظمة العفو الدولية في بيان أنه «يجب عدم نسيان النساء اللواتي تغيبن عن المفاوضات حول هذا الاتفاق المرتبط بالسياسة أكثر منه بالعدالة». وأكد كيشيدا أن الاتفاق لا يعود بالفائدة على البلدين فحسب، بل سيساهم بشكل أوسع في «السلام والاستقرار في المنطقة».
في سياق متصل، قال مراقبون عدة إن البيت الأبيض مارس ضغوطا كبيرة على الرئيسة الكورية الجنوبية لتليين موقفها حيال طوكيو. وقد وافقت تحت هذه الضغوط على لقاء آبي مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) في أول قمة ثنائية بين البلدين. ورأى كان كيمورا الباحث في جامعة كوبي اليابانية، متحدّثا لوكالة الصحافة الفرنسية: «إنه اتفاق بين حكومتين وليس بين مجتمعين. الأمر يتوقف على مدى قبول المجتمع الكوري الجنوبي له».
ويدور خلاف بين البلدين أيضا حول السيادة على مجموعة جزر صغيرة نائية في بحر اليابان تسميها سيول دوكدو وطوكيو تاكيشيما. وهذه الجزر التي تقع على مسافة متساوية من البلدين تسيطر عليها كوريا الجنوبية وتطالب بها اليابان.



واشنطن وسيول يؤكدان استمرار تحالفهما «القوي»

هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)
هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)
TT

واشنطن وسيول يؤكدان استمرار تحالفهما «القوي»

هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)
هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية (رويترز)

أجرى هان داك سو القائم بأعمال رئيس كوريا الجنوبية، اتصالاً هاتفياً مع الرئيس الأميركي جو بايدن، حسبما أفاد به مكتبه، في بيان، اليوم (الأحد).

ونقل البيان عن هان قوله: «ستنفذ كوريا الجنوبية سياساتها الخارجية والأمنية دون انقطاع، وستسعى جاهدة لضمان الحفاظ على التحالف بين كوريا الجنوبية والولايات المتحدة وتطويره على نحو مطرد».

وأضاف البيان أن بايدن أبلغ هان بأن التحالف القوي بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لا يزال كما هو، وأن الولايات المتحدة ستعمل مع كوريا الجنوبية لمواصلة تطوير وتعزيز التحالف بين الجانبين، بالإضافة إلى التعاون الثلاثي بين كوريا الجنوبية واليابان والولايات المتحدة.

من جهته، قال بايدن لرئيس وزراء كوريا الجنوبية، إن التحالف بين سيول وواشنطن «سيبقى ركيزة السلام والازدهار» في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.

وأعرب الرئيس الأميركي، حسبما ذكر البيت الأبيض في بيان، عن «تقديره لصمود الديمقراطية وسيادة القانون في جمهورية كوريا».

وخلال هذا التبادل الأول بين بايدن وهان، منذ تولي الأخير مهام منصبه، خلفاً للرئيس يون سوك يول، أصبح هان، وهو تكنوقراطي مخضرم اختاره يون رئيساً للوزراء، قائماً بأعمال الرئيس، وفقاً للدستور، بينما تُحال قضية يون إلى المحكمة الدستورية.

وأصبح هان، رئيس الوزراء، قائماً بأعمال الرئيس، بعد موافقة البرلمان في تصويت ثانٍ على مساءلة الرئيس يون سوك يول، بهدف عزله، بسبب محاولته قصيرة الأمد فرض الأحكام العرفية. وتم منع يون من ممارسة سلطاته الرئاسية، ويتطلب الدستور أن يتولى رئيس الوزراء مهام الرئيس بصفة مؤقتة.

وفي مسعى آخر لتحقيق الاستقرار في قيادة البلاد، أعلن حزب المعارضة الرئيسي أنه لن يسعى إلى مساءلة هان، على خلفية صلته بقرار يون إعلان الأحكام العرفية، في الثالث من ديسمبر (كانون الأول). وقال لي جيه ميونغ، زعيم الحزب الديمقراطي المعارض: «نظراً لأن رئيس الوزراء تم تكليفه بالفعل بمهام القائم بأعمال الرئيس، ونظراً لأن الإفراط في إجراءات المساءلة قد يؤدي إلى فوضى في الحكم الوطني، قرَّرنا عدم المضي قدماً في المساءلة».

التهديد الكوري الشمالي

أثار إعلان يون المفاجئ للأحكام العرفية والأزمة السياسية التي أعقبت ذلك قلق الأسواق وشركاء كوريا الجنوبية الدبلوماسيين إزاء قدرة البلاد على ردع جارتها الشمالية المسلحة نووياً. وعقد هان اجتماعاً لمجلس الوزراء ومجلس الأمن القومي، بعد وقت قصير من التصويت على مساءلة يون، أمس (السبت)، وتعهَّد بالحفاظ على الجاهزية العسكرية لمنع أي خرق للأمن القومي. وقال فيليب تيرنر، سفير نيوزيلندا السابق لدى كوريا الجنوبية، إن شركاء سيول يريدون رؤية قيادة مؤقتة يمكن الوثوق بها وتلتزم بالدستور في أقرب وقت ممكن.

لكنه قال إنه حتى مع وجود قائم بأعمال الرئيس، فسيواجه الشركاء الدوليون شهوراً من الغموض لحين انتخاب رئيس وتشكيل حكومة جديدة.

ولدى المحكمة الدستورية ما يصل إلى 6 أشهر لتقرر ما إذا كانت ستعزل يون أو تعيده إلى منصبه. وإذا تم عزله أو استقال، فسيتم إجراء انتخابات جديدة في غضون 60 يوماً بعد ذلك.

التداعيات الاقتصادية

وارتفعت الأسهم الكورية الجنوبية للجلسة الرابعة على التوالي، يوم الجمعة، على أمل أن تتحسَّن حالة الغموض السياسي بعد التصويت على المساءلة في البرلمان، حسبما أفادت به وكالة «رويترز» للأنباء. وقال زعيم الحزب الديمقراطي إن القضية الأكثر إلحاحاً هي الركود في الاستهلاك الناجم عن الطلب المحلي غير الكافي، وتقليص الحكومة لدورها المالي. ودعا إلى إنشاء مجلس استقرار وطني للحكم يضم الحكومة والبرلمان لمناقشة التمويل والاقتصاد وسبل العيش العامة. وكانت أزمة على خلفية مشكلات حول الميزانية واحدة من الأسباب التي ذكرها يون عند محاولة فرض الأحكام العرفية.