«إف بي آي»: حريق مسجد هيوستن «متعمد»

ازدياد العنف ضد المسلمين بعد هجمات باريس وكاليفورنيا

«إف بي آي»: حريق مسجد هيوستن «متعمد»
TT

«إف بي آي»: حريق مسجد هيوستن «متعمد»

«إف بي آي»: حريق مسجد هيوستن «متعمد»

مع زيادة حرائق المساجد، وزيادة الاعتداءات على مسلمين بعد الهجمات الإرهابية في باريس وفي ولاية كاليفورنيا، قال أمس فرع مكتب التحقيقات الفيدرالية (إف بي آي) في هيوستن (ولاية تكساس) إن الحريق الذي شب يوم الجمعة في مسجد هيوستن «كان متعمدا». وإن «إف بي آي» انضمت إلى شرطة هيوستن في التحقيقات. وإنها تدرس فيديوهات من كاميرات في المسجد، وتأمل أن تعثر على من أحرق المسجد.
من جهتها، قالت صحيفة «هيوستن كرونيكل» أمس، إن الحريق كان كبيرا، وإن 80 من رجال الإطفاء هرعوا إلى المسجد بعد الإبلاغ عن الحريق، بعد ساعات من أداء مسلمين صلاة الجمعة في المسجد. وأول من أمس، اضطر المسلمون لنقل الصلوات إلى مكان مجاور.
وقالت فوزية قادري: «هذا شيء حزين. كنا نعتقد أن الحريق بسبب خلل في الشبكة الكهربائية، لكننا عرفنا الآن أنه حادث مدبر».
وقال مجيد خان، من قادة الجمعية الإسلامية لمنطقة هيوستن: «كان يوم الجمعة يوم عيد الميلاد، وذهبنا إلى المسجد لصلاة الجمعة. ثم حدث هذا».
وقال مصطفى كارول، فرع مجلس العلاقات الأميركية الإسلامية (كير) في هيوستن «بسبب الارتفاع الأخير في حوادث الكراهية التي تستهدف المساجد، نحن ندعو المسؤولين للتحقيق الموسع فيما حدث لمسجد هيوستن، وبقية المساجد التي تعرضت لحرائق أو هجمات أو كتابات عدائية على جدرانها».
ورغم بيانات كثيرة أصدرها قادة مسلمون أميركيون أدانت هجمات باريس وكاليفورنيا، اعتمادا على إحصائيات «كير»، زاد العنف ضد مسلمين وضد مؤسسات إسلامية.
وكان نهاد عوض، مدير «كير» عقد مؤتمرين صحافيين، وقال: إن الهجمات «حرب ضد المسلمين» أيضا. وإن «داعش» لا يمثل الإسلام، أو المسلمين، أو الثقافة الإسلامية. وكانت ثماني منظمات إسلامية رئيسية أصدرت بيانا مشتركا، في مؤتمر صحافي في واشنطن، أدانت فيه الهجمات.
وكان «مجلس المنظمات الإسلامية الأميركية (يو إس سي إم أو) أصدر بيانا قال فيه: «نحن، كما ظللنا نكرر، نعارض أي نوع من أنواع العنف ضد الأبرياء، في تركيا، وفي بيروت، وفي سوريا، وفي باريس، وفي أرضنا هنا (الولايات المتحدة) مهما اختلفت المنفذون، والأهداف، والأسباب».
لكن، رغم هذه البيانات، زاد العنف ضد مسلمين وضد مؤسسات إسلامية. تلقى المركز الإسلامي في بطرسبورغ (ولاية فلوريدا) عدة تهديدات. منها اتصال تليفوني فيه تهديد بشن هجمات قاتلة عليه، وعلى مساجد أخرى في الولاية. ونقل تلفزيون «سي إن إن» من كندا أن شرطة مدينة بيتربرغ (مقاطعة أونتاريو) أكدت أن الحريق الذي اندلع في مسجد السلام هناك «جريمة متعمدة». وقالت ديبي جيلليز، مسؤولة في شرطة المدينة: «تحقق الشرطة في الحريق باعتباره جريمة كراهية».
وتعرضت مساجد في لوس أنجليس، وشيكاغو، وميامي إلى محاولات حريق، لم تكن كبيرة، وأطفئت سريعا. وكتب مجهولون عبارات بذيئة على جدران مساجد في دالاس وهيوستن وسان أنتونيو (ولاية تكساس).
في بداية هذا الشهر، قالت صحيفة «كريستيان سيانس مونيتور» إن مسلمين أميركيين يشبهون الحملة الجديدة ضدهم بما حدث بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) عام 2001. وأشار هؤلاء إلى التصريحات المعادية لهم في حملات الانتخابات الرئاسية. وأن الزخم السياسي في موسم الانتخابات الرئاسية تسبب فيما وصف بأنه جو غير مسبوق من التعصب العلني، والمتزايد، في الحوادث العنصرية في أنحاء متفرقة من البلاد.
في ذلك الوقت، عقب غلين كاتون، المسؤول القانوني لمنظمة الدفاع عن المسلمين، ومقرها في أوكلاند (ولاية كاليفورنيا): «أعتقد أن هذا الأمر صحيح وواضح هذه الأيام». لكنه أضاف أنه، رغم صعوبة الموقف: «يوجد لدى كثير من الشباب المسلمين أمل كبير في المستقبل. وذلك لأن المجتمع الأميركي يقبل، بشكل عام، اندماج المسلمين فيه».
وقالت صحيفة «واشنطن بوست»: «حاول معارضون للإسلام وللمسلمين تنظيم مظاهرات معادية. لكن، نظم كثير من الناشطين والمؤيدين للحريات الدينية مظاهرات مضادة. خاصة في مدن كبيرة مثل نيويورك، وبوسطن، وشيكاغو، ولوس أنجليس».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.