تحركات نشطة في عدن لاستعادة مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات للمواطنين

«الصحافة العدنية».. الغائب الأبرز عن المشهد في جنوب اليمن

تحركات نشطة في عدن لاستعادة مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات للمواطنين
TT

تحركات نشطة في عدن لاستعادة مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات للمواطنين

تحركات نشطة في عدن لاستعادة مؤسسات الدولة وتوفير الخدمات للمواطنين

شهدت محافظة عدن، جنوب البلاد، خلال الأيام الماضية، جملة من الإجراءات الأمنية المشددة التي تزامنت مع تحركات سياسية ومجتمعية مكثفة هدفها تطبيع الحياة واستعادة مؤسسات الدولة لنشاطها الخدمي والاقتصادي والتجاري والإداري.
وكثف محافظ عدن العميد عيدروس الزبيدي، لقاءاته ومشاوراته مع مختلف الشخصيات المسؤولة والمؤثرة في مدينة عدن المعروفة بتوزيعها الإداري على ثماني مديريات، مؤكدا خلال لقاءاته اليومية أن إعادة الخدمات وإشاعة السكينة والاستقرار ودمج شباب المقاومة بالجيش والأمن وتفعيل مؤسسات وسلطات الدولة في مقدمة أولوياته التي يعمل على إنجازها.
ومؤخرا التقى الزبيدي بعدد من الشخصيات والجهات الرسمية والدينية والأمنية والمجتمعية، وخلال لقاءاته هذه أكد أن تطبيع الحياة لن يتحقق دون مشاركة كافة القوى والفئات المجتمعية في العملية السياسية والإدارية والأمنية والعسكرية، لافتا أن عدن وأمنها واستقرارها وازدهارها لن يتم دون تحمل الجميع بمسؤولياتهم بدءا بالأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والوظيفة والشارع.
ومع هذا النشاط المكثف في الآونة الأخيرة، لا سيما في نواحي التعليم والصحة والنظافة والكهرباء والمياه والطرقات والجيش والمصارف المالية والرياضة والنقل والمواصلات وغيرها من الأنشطة والخدمات التي بدأت في العودة وبشكل تدريجي؛ فإن غياب الإعلام الرسمي والأهلي عن مواكبة التطورات الحاصلة إغاثيا وتنمويا وخدميا وأمنيا، أفرز بدوره واقعا جديدا مشوها ومختلا دفع بالكثير إلى استخدام مواقع التواصل على شبكة الإنترنت، مثل «فيسبوك» و«واتسآب» و«تيليغرام» و«تويتر»، خاصة مع قيام الميليشيات المسلحة بحجب معظم المواقع الإلكترونية.
وهذا الغياب لوسائل الإعلام المعروفة عن العملية السياسية والعسكرية والخدمية والإغاثية، خاصة في عاصمة البلاد عدن والمحافظات الأخرى المحررة، واقتصار النشاط الإعلامي على ما تنشره وتبثه صحف وقنوات عربية ودولية وكذا لما يتداوله العامة في مواقع التواصل، بدوره ساهم في خلق وضعية مختلة مربكة أكثر ما يقال عنها إنها باتت معرقلة لعملية ما بعد التحرير ودحر الميليشيات المسلحة.
وأكدت شخصيات اجتماعية وإعلامية وشبابية ونسوية في محافظة عدن، ضرورة استئناف الأجهزة الإعلامية الرسمية متمثلة بـ«قناة عدن»، وصحيفة «14 أكتوبر»، ووكالة الأنباء في عدن لنشاطها الإعلامي في العاصمة المؤقتة للبلاد عدن وبأسرع وقت ممكن. وقالت: إن عودة القناة والصحف والوكالة الحكومية ستسهم في عملية التطبيع للأوضاع وعودة الحياة الطبيعية المعتادة التي لم تألف في تاريخها الحديث مثل هذا الغياب المخيف لوسائل الإعلام الرسمية الحاملة على عاتقها مهمة التنوير والتثقيف للمجتمع العدني الذي يفخر بعلاقته الوثيقة بقناة «عدن» وصحفها الورقية، مشيرة إلى أن هذه الصلة بين وسائل الإعلام والمواطن تمتد لحقبة ما قبل استقلال الجنوب عن بريطانيا في 30 نوفمبر (تشرين الثاني) 1967م.
وقال الصحافي المعروف عيدروس باحشوان، رئيس تحرير صحيفة «عدن تايم» الحديثة التأسيس لـ«الشرق الأوسط» إن تنظيم الفعالية في مدينة عدن، يأتي كمساهمة من الجمعية ومديرية صيرة عموما في مسألة مهمة وفاعلة تتعلق هنا بغياب مخيف ومقلق للإعلام الرسمي وفي ظرفية تاريخية استثنائية لا تقل أهمية عن مرحلتي ما قبل ثورة 14 أكتوبر 1963م وما بعد الاستقلال 30 نوفمبر 67م وقيام الدولة الوطنية في الجنوب وحماية منجزاتها.
واستعرض مسيرة الصحافة الوطنية في عدن سابقا ودورها الوطني في مقارعة الاستعمار البريطاني إبان الأربعينات والستينات من القرن المنصرم، وكذا في محاربة الظواهر الاجتماعية السلبية المعيقة للتطور والتنمية وتوجيه المجتمع المحلي نحو التحرر من آفات الجهل والمرض والفقر والتخلف الثقافي والحضاري.
يذكر أن قناة «عدن» التي تأسست مطلع الخمسينات، نقلت نشاطها إلى العاصمة الرياض منذ سيطرت الميليشيات على مبنى الإذاعة والتلفزيون الكائن بمدينة التواهي، جنوب غربي عدن منتصف مايو (أيار)، فيما صحيفة «14 أكتوبر» اليومية ما زالت متوقفة وبعد نحو ستة أشهر على توقفها إثر دخول الميليشيات مدينة المعلا وسيطرتها على المؤسسة الإعلامية التي لم تشهد توقفا كهذا طوال مسيرتها الصحافية الممتدة مذ ما بعد استقلال الجنوب عام 1967.



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.