الأزهر يدعو لإنشاء كيان فكري داعم للتحالف الإسلامي من العلماء

الطيب: التحالف خطوة على طريق الوحدة

د. أحمد الطيب شيخ الأزهر
د. أحمد الطيب شيخ الأزهر
TT

الأزهر يدعو لإنشاء كيان فكري داعم للتحالف الإسلامي من العلماء

د. أحمد الطيب شيخ الأزهر
د. أحمد الطيب شيخ الأزهر

أكد الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، أن التحالف الإسلامي المشترك لـ«35 دولة» ضرورة كان يجب القيام بها منذ فترة طويلة كخطوة على طريق الوحدة، التي هي مصدر القوة، خصوصًا أن الأمة تتعرض لمؤامرة لا تخفى على الجميع وتحتاج إلى مواجهة جماعية، داعيًا لإنشاء كيان فكري لدعم القوة الإسلامية المشتركة يتكون من العلماء الذين يسهمون في نشر السلام.
في حين أصدرت الإفتاء المصرية أول كتاب للتصدي لتنظيم داعش الإرهابي «فكريًا» ولتفنيد مزاعمه وتأويلات جماعات العنف والتكفير حول العالم، وقال الدكتور إبراهيم نجم مستشار مفتي مصر، إن «المواجهة الفكرية مع تنظيمات التكفير لا تقل أهمية عن العسكرية، وخصوصا فيما يتعلق بتفنيد الشبهات التي يثيرها (داعش)»، بينما قالت مصادر مصرية إن «دعوة شيخ الأزهر لعمل كيان فكري موازٍ والمواجهة الفكرية لدار الإفتاء.. وما تقوم به القاهرة من فعاليات دولية لتصحيح صورة الإسلام تتوازي مع عمل التحالف الإسلامي، الذي أطلقته السعودية لمحاربة الإرهاب».
في غضون ذلك، أكد مرصد الفتاوى الشاذة والتكفيرية التابع لدار الإفتاء المصرية أن قيام «داعش» ببث إذاعة خاصة به في أفغانستان على موجة «إف إم» يعد تطورا خطيرا، إذ يتيح له وسيطا إعلاميا واسع الانتشار يبث من خلاله دعايته وأباطيله، ووزعت الدار أمس على أكثر من 3000 مركز وهيئة إسلامية في الخارج وبجميع السفارات المصرية مقالا لمفتي الديار المصرية الدكتور شوقي علام لتفنيد مغالطات المتطرفين، في إطار الحملة العالمية التي دشنتها الدار وتستهدف الوصول إلى عشرة ملايين شخص حول العالم، للتعريف بنبي الرحمة في شهر مولده والرد على الحملات المعادية للإسلام.
وقال الدكتور الطيب في الكلمة التي ألقاها أمس، في احتفال الأوقاف بالمولد النبوي، إن مواجهة التطرف والإرهاب والتشدد ليست أمنية وعسكرية فقط، وإنما فكريا وثقافيا، وذلك لتفكيك الفكر المتطرف الذي يقف وراء التفجير والتخريب والإرهاب وأعمال العنف، داعيًا لإنشاء كيان من علماء الدين يضم علماء لا يدعمون التطرف، ولم يسبق لهم فتوى متشددة أو داعمة لفكر التطرف ويسهمون في نشر الأمن والسلام، لافتًا إلى أن هذا الكيان سيمثل دعمًا فكريًا للقوة الإسلامية المشتركة (التحالف الإسلامي)، الذي أعلنت عنه السعودية أخيرًا.
من جهته، قال مفتي مصر، أمس، إن المتطرفين الذين يدعون التمسك بمناهج الإسلام هم في حقيقة الأمر أبعد الناس عن فهم الحقيقة التي جاءت بها الرسالة المحمدية ومضمونها توطيد العلاقة مع الله، مشددًا على ضرورة إدانة جميع ممارسات العنف سواء الناتجة عن تطرف ديني أو مصالح شخصية، وضرورة إبراز تعاليم الإسلام التي تبغض العنف الطائفي والصراع العرقي والعنف بين الأديان.
من جانبه، أكد الدكتور نجم أن المرصد أصدر كتابه الأول ضمن سلسلة إصداراته لمواجهة الجماعات التكفيرية والمتطرفة بعنوان «تنظيم داعش.. النشأة والجرائم والمواجهة»، مضيفا أن «الكتاب يقع في 6 فصول.. يتناول الفصل الأول تحرير عدد من المفاهيم والمصطلحات الإسلامية التي تعرضت للتشويه على أيدي جماعات العنف والتكفير، من بينها مفهوم (دار الحرب ودار الإسلام)، مفهوم و(الهجرة في الإسلام ودلالته)، بالإضافة إلى مفهوم (الجهاد)». وتابع بقوله: «الفصل الثاني يتناول النشأة الحركية للجماعات التكفيرية والأسس الفكرية التي تستند إليها تلك الحركات، وبيان أوجه الشبه والاتفاق بين حركات العنف والتكفير عبر التاريخ، والمزاعم الفكرية التي يروجون لها ويستندون إليها في نشر العنف والتطرف. فيما تناول الفصل الثالث السلوك الإجرامي الذي اشتهر به التنظيم بذبح المعارضين والأسرى، حيث عرض الكتاب تاريخ الذبح لدى التنظيمات التكفيرية عبر التاريخ، ودوافع انتهاج (داعش) لعقيدة الذبح، وتأويلهم الخاطئ لأحاديث القتال، خصوصًا حديث (جئتكم بالذبح) وحديث (جعل رزقي تحت ظل رمحي) وتفنيد شبهات (داعش) وغيره من التنظيمات الإرهابية حول الحديثين».
وأوضح نجم أن الفصل الرابع يتناول الانتهاكات التي تتعرض لها المرأة على أيدي «داعش» من امتهان واستغلال شنيع لتحقيق مآرب دنيوية وأهداف دونية لا تمت للإسلام بأدنى صلة، بالإضافة إلى تتبع طرق تجنيد «داعش» للنساء وأسباب انضمامهن لهذا التنظيم، وما قام به من سبى لنساء واستخدامهن عبيدا «للجنس» ومصدرا للدخل عبر بيعهن في أسواق للنخاسة.
وأضاف: «تتبع الكتاب في فصله الخامس صور استغلال واستخدام الأطفال لدى التنظيم الإرهابي، وذلك من خلال الانتهاكات التي تعرض لها الأطفال على يديه، وبيعهم رقيقًا في الأسواق، وتجنيد العديد منهم للقتال خاصة مع قيام التنظيم بعمل معسكرات للأطفال لتدريبهم على فنون القتال وتكتيكاته، واستخدام العديد منهم كأجسام مفخخة لتنفيذ عمليات انتحارية وتفجيرات نوعية، وسعيه الدائم لتجنيد المزيد من الأطفال بدعوى أنه يروض (جيلا قادما) يحمل آيديولوجيته، وقادرًا على ضمان ديمومته لسنوات وربما لعقود مقبلة، أما الفصل السادس فيلقي الضوء على جريمة العمليات الانتحارية، والعوامل العقدية والنفسية والاجتماعية، والفتاوى التكفيرية وأسباب انحراف (داعش) وغيرها من التنظيمات الإرهابية والتكفيرية عن معنى (الجهاد) وخروجهم عن السنة والطعن في متونها واستحلال الدماء، فضلا عن ظاهرة (المرأة الانتحارية) ودوافعها وأسبابها، وإحياء فكرة التترس وإباحة قتل الأبرياء واستعرض أيضًا فتاوى كبار العلماء من اتجاهات وأقطار مختلفة في تحريم العمليات الانتحارية وتفنيد شبهات المجيزين للعمليات الانتحارية، بالإضافة لجريمة (داعش) ضد الآثار وخصوصا التماثيل».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.