فيلم «مريم» للسعودية فايزة أمبة.. التحدي لإثبات الذات

مخرجة الفيلم: أردت أن أعبر عن قضايا المهاجرين والاندماج في المجتمعات الغربية

المخرجة فايزة أمبة خلال التصوير، مشهد من فيلم «مريم»
المخرجة فايزة أمبة خلال التصوير، مشهد من فيلم «مريم»
TT

فيلم «مريم» للسعودية فايزة أمبة.. التحدي لإثبات الذات

المخرجة فايزة أمبة خلال التصوير، مشهد من فيلم «مريم»
المخرجة فايزة أمبة خلال التصوير، مشهد من فيلم «مريم»

منذ اللقطات الأولى من فيلم «مريم» للمخرجة السعودية فايزة أمبة، نجد أنفسنا في عالم الفتاة ذات الخمسة عشر عاما مريم، هي في حجرتها تصلي وإلى جانبها جهاز لتعليم الصلاة يلقنها حركات الأركان والأدعية، بعدها نراها وهي تغطي شعرها لتستعد للخروج. في عالم مريم الصغير المتمثل في حجرتها، نحس بأن الصبية سعيدة ولكن ما أن تخطو خارج حجرتها ويراها والدها وهي تحمل حقيبة المدرسة يقول لها: «اخلعي غطاء الرأس» وترد عليه بتحد: «لقد قلت لي بأن الاختيار يعود لي»، وتمضي متحدية والدها. العام هو 2004، عام فرض قانون منع الحجاب في المدارس الفرنسية، ومن هنا يبدو أن مريم لن تتحدى والدها فقط ولكنها أيضا تتخذ موقفا ضد القانون الجديد. خلال الفيلم نتابع الفتيات المحجبات في المدرسة، اللواتي يمنعن من دخول الفصول الدراسية بسبب رفضهن خلع غطاء الرأس. الفيلم يصور لنا بحساسية كبيرة مدى الضغط الذي تعيشه الفتيات، يبدو لنا رفضهن لخلع غطاء الرأس بمثابة تجريدهن من هويتهن، وهذا بالتأكيد ما تؤكده لنا شخصية مريم، التي تقول لصديقتها أنها اتخذت قرارها بارتداء الحجاب بعد عودتها من العمرة، تقول لها إنها تجد القوة والعزم في صلاتها وتحس بأنها «لا تقهر». ويبدو لنا كجمهور بأن القانون الفرنسي سيقهر الكثيرات اللواتي أردن أن يعبرن عن هويتهن الإسلامية.
الفيلم رغم قصر مدته (43 دقيقة) مفعم بالمشاعر والأحاسيس الغضة تماما مثل مريم التي تعجب بكريم، أحد الطلاب معها في المدرسة. الفيلم يعبر أيضا عن مرحلة المراهقة المفعمة بالمشاعر والتحدي، وفتيات الفيلم أردن أن يثبتن شخصيتهن وهويتهن بتحدي المدرسة والقانون، بعضهن خسر المعركة ولكن مريم تعبر عن شخصيتها بتحد آخر.
حديثي مع المخرجة وكاتبة السيناريو فايزة أمبة يبدأ من خبر حصول الفيلم على جائزة لجنة التحكيم في مهرجان دبي السينمائي، يدور حوارنا حول دخولها مجال السينما وأيضا عن تفاصيل الإعداد للفيلم وموضوعه الذي يتفرع بنا لقضايا المهاجرين العرب في فرنسا.
أبدأ بملاحظة أن الفيلم يحمل كما من المشاعر الفياضة تؤثر في المشاهد، تقول: «عندما صدر قانون منع ارتداء الحجاب في فرنسا في عام 2004 تأثرت بقوة، فأنا أعرف تماما ما يعنيه إجبار أحد على فعل شيء لا يريده وهذا من العناصر التي جعلتني أتعاطف مع مريم».
مريم وزميلاتها ووالدها كلهم يمثلون حالات للمهاجرين في فرنسا، تقول: «أردت أن أعبر من خلال الفيلم عن قضايا المهاجرين، وأن أبدأ حوارا حول الاندماج في المجتمعات الغربية. في فرنسا وبعد عشرة أعوام على صدور قرار منع الحجاب، تبدو المشكلات أكبر، أعتقد أن الأمر يتخطى الحجاب. هناك من يغيرون أسماءهم العربية ليتخذوا أسماء فرنسية بغرض الحصول على وظائف، مثل الفتيات في الفيلم فهن مجبورات للتخلي عن هويتهن.. ولكن أي اندماج هذا؟ ما يحدث هو توالد مشاعر عدائية ضد المجتمع». جزء من الحل كما تراه أمبة هو أن «نقوم بنقل جانبنا من القضية وأن نشارك في الحوار القائم حول الاندماج في المجتمعات الغربية». وتشير إلى أنها كانت في فرنسا في وقت صدور القانون مما دفعها للقراءة والبحث في الموضوع، «أعتقد أن القانون أثار التعصب عند كثيرين».
أسألها عن اختيار الممثلين، وخصوصا عليا عمامرة التي قامت بدور مريم، تشير إلى أن عليا من أصول مغربية - جزائرية «أرسلت لي وكالة اختيار الممثلين اختبار الأداء الذي قدمته عليا وكان الاختيار سريعا جدا، فهي مدهشة». وتشير إلى أن الفيلم أثر على بطلاته، «عليا واجهت أحد معلميها في المدرسة لانتقاده فتاة مسلمة ترتدي تنورة طويلة، وفاطيماتا التي لعبت دور الفتاة الأفريقية من مالي في الفيلم، وهي بالمناسبة مسيحية من البرتغال، قالت لي بأن القانون استفزها بشدة».
فيلم «مريم» هو التجربة الأولى لفايزة أمبة في مجال السينما، فهي صنعت اسما بارزا لها في مجال الصحافة العالمية، أسألها عن سر التحول، تقول: «عملت في الصحافة أولا في صحيفة (عرب نيوز) الصادرة باللغة الإنجليزية بجدة وكنت أول محررة سعودية تعمل في صالة التحرير، وأعتقد أني فتحت الباب بعدي لتدخل منه صحافيات سعوديات موهوبات. بعد ذلك عملت في صحيفة (واشنطن بوست) لفترة ووجدت أنني ايضا لا أستطيع الكتابة بحرية كاملة. وقتها قررت الانضمام لدورة لدراسة فن كتابة السيناريو، وجدت فيه الحرية التي انشدها، باختصار وقعت في حب الكتابة للسينما». بعد ذلك انخرطت أمبة في مزيد من الدورات في الإخراج السينمائي في باريس ولوس أنجليس، وتقول إن تلك الدورات لا تعد كافية لإعدادها لإخراج فيلم طويل، ولذا قررت أن تبدأ بإخراج فيلم قصير.
«تصوير فيلم سينمائي في فرنسا أمر مكلف جدا ولهذا كان لا بد لنا من داعمين»، تقول أمبة، ولكن محاولات الحصول على منح من المؤسسات الفرنسية لم تنجح، واضطرت لإعادة الكتابة أكثر من مرة ولكن مسؤول الإنتاج الفرنسي للفيلم نجح في الحصول على منحة خاصة، ثم خلال التصوير نجح في الحصول على منحة أخرى تمنح للأقليات. نجحت أيضا في الحصول على دعم من قطر ومن دبي وهو ما مكنها من الانتهاء من الفيلم.
عملية الترويج للفيلم تخللتها الصعوبات، فعلى سبيل المثال لم ينجح الفيلم في إقناع المسؤولين عن المحطات التلفزيونية الفرنسية، ومن أسباب رفض العرض أن مدته غير مألوفة فهو فيلم قصير ولكن الإجابات الأخرى كانت بسبب أن المخرجة لم تتخذ موقفا في فيلمها مع أو ضد القانون الفرنسي، تقول إن جهات أخرى رفضت الفيلم لأنه «لا يقدم حلا للقضية».
الدخول بالفيلم للمهرجانات العالمية لم يكن سهلا ولكنها نجحت في عرضه بمهرجان دبي، وهو ما نتج عن أول جائزة للفيلم في مهرجان دولي.
أسألها عن الخطوات القادمة؟ تقول إن الفيلم عرض في القنصلية الفرنسية بجدة وهو أول عرض له هناك، كما سيعرض في جامعة «سواس» بلندن في أبريل (نيسان) المقبل وأمامه عرض آخر في نيويورك في نيو أميركا فاونديشن.



«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم
TT

«يوم 13» يطارد «هارلي» في سباق إيرادات «الفطر السينمائي» بمصر

أحمد داود في لقطة من الفيلم
أحمد داود في لقطة من الفيلم

حقق فيلم الرعب والإثارة «يوم 13» مفاجأة خلال الأيام الماضية في شباك التذاكر بمصر، حيث حصد أعلى إيراد يومي متفوقاً على فيلم «هارلي» لمحمد رمضان، الذي لا يزال محتفظاً بالمركز الأول في مجمل إيرادات أفلام موسم عيد الفطر محققاً ما يزيد على 30 مليون جنيه مصري حتى الآن (نحو مليون دولار أميركي)، بينما يطارده في سباق الإيرادات «يوم 13» الذي حقق إجمالي إيرادات تجاوزت 20 مليون جنيه حتى الآن.
ويعد «يوم 13» أول فيلم عربي بتقنية ثلاثية الأبعاد، وتدور أحداثه في إطار من الرعب والإثارة من خلال عز الدين (يؤدي دوره الفنان أحمد داود) الذي يعود من كندا بعد سنوات طويلة باحثاً عن أهله، ويفاجأ بعد عودته بالسمعة السيئة لقصر العائلة المهجور الذي تسكنه الأشباح، ومع إقامته في القصر يكتشف مغامرة غير متوقعة. الفيلم من تأليف وإخراج وائل عبد الله، وإنتاج وتوزيع شركته وشقيقه لؤي عبد الله «أوسكار»، ويؤدي بطولته إلى جانب أحمد داود كل من دينا الشربيني، وشريف منير، وأروى جودة، كما يضم عدداً من نجوم الشرف من بينهم محمود عبد المغني، وفرح، وأحمد زاهر، ومحمود حافظ، وجومانا مراد، ووضع موسيقاه هشام خرما.
وقال مخرج الفيلم وائل عبد الله في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه ليس متفاجئاً بالإيرادات التي حققها الفيلم، ولكنه كان متخوفاً من الموسم نفسه ألا يكون جيداً، قائلاً إن «إقبال الجمهور حطم مقولة إن جمهور العيد لا يقبل إلا على الأفلام الكوميدية، وإنه يسعى للتنوع ولوجود أفلام أخرى غير كوميدية، وإن الفيصل في ذلك جودة الفيلم، مؤكداً أن الفيلم احتل المركز الأول في الإيرادات اليومية منذ انتهاء أسبوع العيد».
وكشف عبد الله أن الفيلم استغرق عامين، خلاف فترات التوقف بسبب جائحة كورونا، وأنه تضمن أعمال غرافيك كبيرة، ثم بعد ذلك بدأ العمل على التقنية ثلاثية الأبعاد التي استغرق العمل عليها عشرة أشهر كاملة، مؤكداً أنه درس طويلاً هذه التقنية وأدرك عيوبها ومميزاتها، وسعى لتلافي الأخطاء التي ظهرت في أفلام أجنبية والاستفادة من تجارب سابقة فيها.
وواصل المخرج أنه كان يراهن على تقديم الفيلم بهذه التقنية، لا سيما أن أحداً في السينما العربية لم يقدم عليها رغم ظهورها بالسينما العالمية قبل أكثر من عشرين عاماً، موضحاً أسباب ذلك، ومن بينها ارتفاع تكلفتها والوقت الذي تتطلبه، لذا رأى أنه لن يقدم على هذه الخطوة سوى أحد صناع السينما إنتاجياً وتوزيعياً، مشيراً إلى أن «ميزانية الفيلم وصلت إلى 50 مليون جنيه، وأنه حقق حتى الآن إيرادات وصلت إلى 20 مليون جنيه».
ورغم عدم جاهزية بعض السينمات في مصر لاستقبال الأفلام ثلاثية الأبعاد، فقد قام المخرج بعمل نسخ «2 دي» لبعض دور العرض غير المجهزة، مؤكداً أن استقبال الجمهور في القاهرة وبعض المحافظات للفيلم لم يختلف، منوهاً إلى أن ذلك سيشجع كثيراً على تقديم أفلام بتقنية ثلاثية الأبعاد في السينما العربية.