معرض دائم في مطار بيروت لإطلاع المسافرين على تاريخ لبنان القديم والحديث

يتضمن 31 قطعة أثرية من مقتنيات المتحف الوطني

مجسم لأسد من ممتلكات المتحف الوطني في المعرض (رويترز)
مجسم لأسد من ممتلكات المتحف الوطني في المعرض (رويترز)
TT

معرض دائم في مطار بيروت لإطلاع المسافرين على تاريخ لبنان القديم والحديث

مجسم لأسد من ممتلكات المتحف الوطني في المعرض (رويترز)
مجسم لأسد من ممتلكات المتحف الوطني في المعرض (رويترز)

تتجسد بعض حقبات تاريخ لبنان بمعرض دائم للقطع الأثرية يمتد على مساحة مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، وتحديدا في المنطقة الحرة وبمحاذاة أبواب المغادرة من الجهتين الشرقية والغربية.
يتضمن المعرض 37 قطعة أثرية من الحجمين الكبير والصغير، تم اكتشافها في مواقع عدة في لبنان وتعود إلى عصور مختلفة، ووقع الاختيار على منحوتات لحيوانات، منها أسدان عثر عليهما في مدينة بيروت ويعودان إلى العهد الروماني، بالإضافة إلى نقشين منحوتين لرؤوس ثيران وأكاليل زهر ونجميات (زهور ونباتات) من مدينة صور.في الجهة الغربية، تعرض داخل واجهتين زجاجيتين قطع أثرية صغيرة تشمل تماثيل من الحقبة الهلنستية مصنوعة من الفخار، وخزفيات ملونة من العصر المملوكي، وفسيفساء باهرة من العهد البيزنطي عثر عليها في موقع «شحيم» الأثري، وهي عبارة عن كأس يتوسط ظبيين اثنين.
وفي الجهة الشرقية، ثمة أربع واجهات زجاجية تحتوي منحوتة على شكل رأس تعود إلى العهد الروماني، وعلى تماثيل هلنستية وخزفيات فينيقية عثر عليها في منطقة «خلدة» في بيروت، بالإضافة إلى أسكفية (عتبة باب) منحوتة من العصر الأموي عثر عليها في موقع «عنجر» الأثري.
وتعكس هذه القطع الأثرية التي تمثل مختلف المناطق اللبنانية، أبرز الحقبات التي شهدها تاريخ لبنان القديم.
والمعرض - الذي افتتحه وزير الثقافة اللبناني ريمون عريجي، ووزير الأشغال العامة والنقل غازي زعيتر - هو الثاني بعد نجاح المعرض الأول الذي تم افتتاحه قبل عام في صالة الأرز التابعة لشركة طيران الشرق الأوسط، وهي مخصصة للمسافرين في الدرجة الأولى، وأيضا لرجال الأعمال.
ويتضمن المعرض الدائم الأول 31 قطعة أثرية من مقتنيات المتحف الوطني. وبالإضافة إلى استعادة تاريخ لبنان القديم، يشمل المعرض إيماءة للتاريخ الحديث تتمثل في شاشات كبيرة ومتوسطة الحجم معلقة في أماكن متفرقة بالمطار تعرض بشكل متواصل صور مائتي شخصية تمثل الثقافة والأدب والفن والإعلام في لبنان. واختيرت هذه الشخصيات انطلاقا من مساهمتها في التاريخ، وإلى جانب كل صورة يظهر اسم الشخصية وتاريخ وفاتها أو ولادتها وعبارة مرفقة تعبر عن عظمتها وما قدمته للبلاد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».