البرازيل: المحكمة العليا تقضي ببطلان لجنة إقالة روسيف

في حكم يعتبر انتصارًا للرئيسة على المعارضة

البرازيل: المحكمة العليا تقضي ببطلان لجنة إقالة روسيف
TT

البرازيل: المحكمة العليا تقضي ببطلان لجنة إقالة روسيف

البرازيل: المحكمة العليا تقضي ببطلان لجنة إقالة روسيف

قضت المحكمة العليا في البرازيل، مساء أول من أمس، ببطلان عمل اللجنة النيابية، المكلفة إقالة الرئيسة ديلما روسيف، واعتبرت أن إجراءات إقالة الرئيسة يجب أن تبدأ مجددا من الصفر، وذلك في حكم يعتبر انتصارا لروسيف على المعارضة.
وقال قضاة المحكمة الفيدرالية العليا في قرار صدر بأغلبية ثمانية مقابل ثلاثة، إن اللجنة التي شكلها مجلس النواب باطلة، معتبرين أن الكلمة النهائية بشأن إقالة الرئيسة يجب أن تكون لمجلس الشيوخ، حيث تتمتع روسيف بدعم أكبر مما هو عليه وضعها في مجلس النواب.
وقضت المحكمة العليا بإلغاء اللجنة النيابية الخاصة المكلفة إجراءات إقالة الرئيسة، والتي تضم 65 عضوا غالبيتهم من المعارضة، معتبرة أن تشكيل هذه اللجنة، الذي تم في مجلس النواب بالاقتراع السري، ليس قانونيا، وقالت إن تشكليها يجب أن يتم بالاقتراع العلني.
وقبلت المحكمة العليا الأسبوع الماضي طعنا تقدم به أحد النواب القريبين من الحكومة، يدين المخالفات التي وقعت قبل ساعات خلال انتخاب أعضاء اللجنة الخاصة. وجمدت المحكمة حينذاك الإجراءات.
وكان رئيس مجلس النواب إدواردو كونيا، المثير للجدل، قد فرض أن يتم تشكيل اللجنة بالاقتراع السري، في قرار أثار غضب النواب الموالين لروسيف، وأدى إلى تعارك نجم عنه تحطيم صندوقي اقتراع إلكترونيين.
وبموجب قرار المحكمة العليا فإن اللجنة البرلمانية، التي ستشكل مجددا بالاقتراع العلني، سيكون عليها أن تقول ما إذا كانت تؤيد البدء بإجراءات إقالة الرئيسة أم لا. وفي حال جاء قرار اللجنة لصالح إقالة الرئيسة، سيتعين على مجلس النواب عندها أن يوافق على هذا القرار بأغلبية الثلثين (342 من أصل 513).
ويشكل قرار المحكمة العليا ضربة قاسية لكونيا، الذي يمكن أن يفقد منصبه لتورطه في فضيحة الشركة النفطية العملاقة «بتروبراس»، والمتهم في إطارها «بالفساد» و«غسل الأموال». وقال كونيا بعد إبلاغه بقرار المحكمة: «إننا نحترم بالتأكيد قرار المحكمة، وسنمتثل له أيضًا، لكنّ هناك نقاطا يجب توضيحها»، معلنا أيضًا الدعوة إلى اجتماع بعد غد (الاثنين) مع رؤساء مختلف الأحزاب لتحديد المراحل المقبلة. وتتهم المعارضة روسيف، التي أعيد انتخابها بفارق طفيف في نهاية 2014، بأنها تعمدت حجب حسابات عامة للدولة في أوج حملتها الانتخابية خلال سنة 2015 للتقليل من تأثير العجز العام. ولذلك يشكل قرار المحكمة نبأ سارا لروسيف، لكنه لا يؤدي إلى تحسن شعبيتها، التي أشار استطلاع للرأي أنها تراجعت بنسبة تسعة في المائة تقريبا. لكن الوريثة السياسية للرئيس السابق إيناسيو لولا دا سيلفا تؤكد أنها ضحية محاولة «انقلاب» دستوري «لا أساس» قانونيا له، حاكته معارضة لم تهضم بعد هزيمتها الانتخابية في 2014.
ولا تشكك المعارضة في النزاهة الشخصية لروسيف، لكنها تعتبر أن الرئيسة ارتكبت «جريمة متعلقة بالمسؤولية عن الميزانية»، التي تعد من الأسباب التي ينص عليها الدستور لبدء إجراءات الإقالة.
وتشهد البرازيل التي يفترض أن تستضيف في أغسطس (آب) 2016 دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو انكماشا اقتصاديا خطيرا، تغذيه أزمة سياسية وفضيحة «بتروبراس».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.