«امرأتنا في السياسة والمجتمع».. يرصد «طغيان العقلية الذكورية» في تونس

مخرجة الفيلم الوثائقي.. العمل نافذة لاستعادة الأمل

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم
TT

«امرأتنا في السياسة والمجتمع».. يرصد «طغيان العقلية الذكورية» في تونس

لقطة من الفيلم
لقطة من الفيلم

قدمت أنيسة داود الممثلة والمخرجة السينمائية التونسية العرض الأول لفيلمها الوثائقي الطويل «امرأتنا في السياسة والمجتمع» بقاعة الكوليزي بالعاصمة التونسية.
ويسلط هذا الفيلم الذي يستمر 100 دقيقة، الضوء على دور المرأة التونسية الفاعل في مختلف مجالات الحياة بما فيها السياسية، وينتقد غيابها عن مراكز القرار والمناصب العليا الحكومية، على الرغم من وجود قوانين تعود إلى سنة 1959 تاريخ الإعلان عن قانون الأحوال الشخصية الذي منع تعدد الزوجات ومكن المرأة التونسية من الخروج إلى العمل ومزاحمة الرجال.
عن هذا العمل السينمائي، قالت أنيسة داود مخرجة الفيلم الوثائقي، إن عمليات التصوير استغرقت نحو سنة وإنها حاورت عددا من النساء التونسيات من بينهن القاضية كلثوم كنو، المرأة الوحيدة التي قدمت ترشحها في الانتخابات الرئاسية لسنة 2014، وسعيدة قراش وبشرى بالحاج حميدة، وهما قياديتان في حركة نداء تونس (الحزب الحاكم) وبسمة السوداني رئيسة رابطة الناخبات التونسيات. وترى أن الفيلم هو عبارة «عن نافذة لاستعادة الأمل بعد عقود من انعدام المساواة مع الرجل».
وأضافت أنها أنجزت عملها السينمائي «بعيدا عن الخطابات الجميلة التي لا تعدو أن تكون واجهة وشعارات سياسية، فالفيلم طرح مكانة المرأة في الفضاء العام وفي السياسة التونسية وفي معيشها اليومي». وعرفت أنيسة داود بتقديمها عددًا من الأدوار المسرحية والسينمائية والتلفزيونية الناجحة.
وتضيف داود قولها في تفسير أسباب اختيارها لهذا الموضوع: «أنا أنتمي لما يسمى جيل بن علي، وهو جيل لم يعد فيه للمدينة الفاضلة من وجود، أنتمي لجيل من الشباب التونسي حاول النظام إقناعه بأن السياسة لا تعنيه، في حين بدا الظلم السياسي والاجتماعي جليا من حوله وبشكل فاضح، لنكتشف في النهاية انتهازية الدولة فيما يتعلق بحقوق المرأة عبر خطب رنانة لا تعكس الواقع».
وعن الفيلم، تقول إن عمليات التصوير جرت في مناطق تونسية مختلفة من بينها حي التضامن (حي شعبي غرب العاصمة) ومنزل بورقيبة وقليبية وجندوبة وأريافها وأنها تحدثت إلى المرأة الريفية وتوقفت عند أهم شواغلها التي لخصها الفيلم في الفقر والخصاصة والتهميش والبطالة.
وأعادت مخرجة الفيلم على لسان الشخصيات المستجوبة خفايا العلاقة بين الرجل والمرأة في تونس، وأشارت إلى طغيان العقلية الذكورية واستمرار الحال على ما هو عليه، وأكدت بشرى بالحاج حميدة، النائبة في البرلمان التونسي في الفيلم أن امرأة تونسية وحيدة عينت على رأس ولاية - محافظة - منذ استقلال تونس سنة 1956 لتؤكد غياب المرأة عن مواقع القرار. وتطرقت أنيسة داود في العشرين دقيقة الأخيرة من الفيلم إلى حالات العنف المسلطة على المرأة، ومن بينها العنف الجسدي واللفظي والنفسي، وهي إشارة مساهمة من المخرجة لفضح هذه الممارسات ودعوة صريحة إلى الإحاطة بالمرأة وحمايتها من العنف المسلط عليها.
«امرأتنا في السياسة والمجتمع».. هو عنوان مستوحى من كتاب «امرأتنا في الشريعة والمجتمع» للمصلح الاجتماعي التونسي الطاهر الحداد.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».