السعودية.. مهد التحالفات والمواقف الداعمة للدول العربية والإسلامية

أبرزها تحالف 35 دولة لنبذ العنف وتحقيق السلام

جنود سعوديون يؤدون الصلاة في صورة تعود إلى ديسمبر 1990 في أثناء مشاركتهم في عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من الغزو العراقي (غيتي)
جنود سعوديون يؤدون الصلاة في صورة تعود إلى ديسمبر 1990 في أثناء مشاركتهم في عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من الغزو العراقي (غيتي)
TT

السعودية.. مهد التحالفات والمواقف الداعمة للدول العربية والإسلامية

جنود سعوديون يؤدون الصلاة في صورة تعود إلى ديسمبر 1990 في أثناء مشاركتهم في عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من الغزو العراقي (غيتي)
جنود سعوديون يؤدون الصلاة في صورة تعود إلى ديسمبر 1990 في أثناء مشاركتهم في عاصفة الصحراء لتحرير الكويت من الغزو العراقي (غيتي)

نجحت السعودية في تحقيق الغاية الرائدة في جمع الكلمة الإسلامية ببلورة «التحالف العسكري الإسلامي»، وذلك في ثلاثة أيام استغرقت لتحديد الأسس التي يعمل بها التحالف الناشئ، المولود بضخامة العدد، والأهداف الواضحة عبر 34 دولة، ترفع راية الإسلام الداعية في أصولها إلى نبذ العنف وتحقيق السلم.
وهذا التحالف قد يكون الأقوى، الذي يجمع الدول الإسلامية والعربية نحو هدف واحد، ليس فقط في الجانب العسكري، بل يتعداه إلى جوانب أمنية وكذلك فكرية وإعلامية، وفق ما أعلنه الأمير محمد بن سلمان، ولي ولي العهد وزير الدفاع، أول من أمس في الرياض.
وشكلت الزيارات التي قصدت العاصمة الرياض خلال الأشهر الماضية، اتجاهات إلى استشراف تحالفات أسرع من التحالفات الغربية لمكافحة التنظيمات الإرهابية، وطوت السعودية خلافاتها، أو جعلتها في هامش، في ظل تهديدات جمة تهدد أمن واستقرار المنطقة ودولها، وإن كان صوت تنظيم داعش هو الأعلى. لكن الرياض في رسالتها، التي أعلنها الأمير محمد بن سلمان، كانت شاملة في جمع التنظيمات باعتبارها العدو في الاستهداف، وحشد التحالف ضدها.
وأشار ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان إلى أن الدول الإسلامية تضررت كثيرا من آفة الإرهاب قبل المجتمع الدولي، وقال إن التحالف سيمكن الدول الإسلامية من وضع حد ضد الإرهاب وتنظيماته مع شراكة دولية، فيما أكد البيان المشترك للدول المشاركة أن هذا التحالف جاء لحماية الأمة من شرور كل الجماعات والتنظيمات الإرهابية المسلحة، أيا كان مذهبها وتسميتها، والتي تعيث في الأرض قتلا وفسادا، وأشاد ولي ولي العهد بالأداء الكبير لولي العهد الأمير محمد بن نايف في اجتثاث الإرهاب.
من جهته، أشاد الباحث السياسي عارف المسعد لـ«الشرق الأوسط» بمضمون نص البيان الذي أعلن عن إنشاء التحالف، وبالمشاركة الواسعة التي نجحت السعودية في ضمها لمحاربة الإرهاب، وقال إن هذا التجمع الإسلامي وبهذا العدد من الدول هو نتاج دبلوماسية فاعلة، لمت الشمل الإسلامي، في وقت يعتبر مهما جدا بسبب تنامي تهديد التنظيمات الإرهابية لبعض الدول الإسلامية والعربية، مضيفًا أن تعزيز التعاون لمكافحتها، وتطوير العمل المشترك في هذا المجال سيحقق الفائدة المرجوة من هذا التحالف.
ورأى المسعد أن هذا العمل المشترك سيظهر الوجه الحقيقي للإسلام، القائم على التعايش والوئام مع الآخر، مؤملا بتفعيل الجوانب الإعلامية لتوضيح حقيقة هذا الدين، وأن ما يمارسه التطرف المفضي إلى الإرهاب ليس من الدين الإسلامي في شيء.
بدوره، عبر فهد القناعي، الخبير الأمني الكويتي، في تحليله للجوانب الأمنية أن «التحالف العسكري الإسلامي» سيمكن الدول الواقعة تحت تهديد الإرهاب، من الاستفادة من الخبرات المتقدمة في مكافحته، خاصة من دولة السعودية، التي تملك رصيدا وخبرة متعددة الجوانب في معالجة التطرف ومكافحة الإرهاب، وفي التعامل القانوني تجاهه.
وقبل هذا التحالف الأكبر والأشمل في تاريخ الدول الإسلامية، صنعت الرياض عدة مواقف نبيلة وداعمة لتقوية المواقف العربية والإسلامية:
سعت السعودية بقيادة ملوكها إلى حلحلة كثير من القضايا العربية الشائكة، بدءا بأكثر الأزمات أهمية بالنسبة للرياض، وهي القضية الفلسطينية، حيث كانت تحركات ملوك السعودية سابقًا تعمل على تحقيق وجود للدولة الفلسطينية واعتراف المجتمع الدولي بها، وفي هذا السياق، كان الملك فهد - رحمه الله - أول من أطلق مبادرة شهدت جدلا كبيرا بين عدد من الدول العربية، قبل أن تجعلها دول العالم العربي مبادرة أساسية في العمل، حيث شهدت مدينة فاس المغربية إطلاق المبادرة العربية عام 1981، بإقامة دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية.
وعلى ضوء تلك المبادرة، جاءت مبادرة الملك عبد الله - رحمه الله - في بيروت عام 2002 (كان ولي العهد حينها) ذات مضمون مشابه، وأصبحت اليوم ركيزة في القمم العربية، وهي تنص على الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضي العربية التي تحتلها منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية وفق قرارات الأمم المتحدة، ولم تدع السعودية في تاريخها إلى التطبيع مع إسرائيل، بل كانت تصر على مبدأ «السلام الشامل»، رغم كل العقبات التي كانت تواجهها السعودية.
كما سعت السعودية إلى توحيد الموقف الفلسطيني، خاصة بين الحركتين فتح وحماس، حيث عملت الرياض على تحقيق التكامل والوئام بينهما من أجل نصرة القضية، وكان ذلك في «اتفاق مكة» بين الفرقاء من فتح وحماس عام 2007، حيث تم الاتفاق حينها على حرمة الدم الفلسطيني، وتشكيل حكومة توافق وطنية، وتعزيز العمل السياسي المشترك بين الحركتين.
وفي عام 1973 كانت «حرب أكتوبر (تشرين الأول)» شاهدا على المواقف السعودية القوية، وكانت الحرب العربية - الإسرائيلية، حيث خاضت السعودية رغم تواضع عتادها مواجهة عسكرية لا تزال مذكورة حتى اليوم في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي.
شاركت السعودية بكتيبة أمنية خاصة في لبنان ضمن فريق «القوة الأمنية العربية» عام 1975، ساهمت في تعزيز الأمن حول عدد من المنشآت الدبلوماسية لعدد من الدول، وتسيير دوريات أمنية لفض الاشتباكات بين المتظاهرين، إضافة إلى حماية وتوزيع الإعانات الإغاثية والإنسانية للمتضررين. وتحولت تلك المشاركة السعودية التي تمت عبر جامعة الدول العربية إلى قوة «ردع عربية».
كما لعبت الرياض دورا مهما وطويل الأمد لإنهاء الصراع والحرب الأهلية في لبنان منذ 1975، انتهاء باتفاق الطائف التاريخي سنة 1989، وكانت وسيطا فعالا في التوصل إلى الحل التاريخي، الذي لا يزال اليوم صامدا في وجه كل الوكلاء الذين يسعون إلى إسقاطه. وفي عام 1976 استضافت الرياض قمة، شارك فيه زعماء مصر وسوريا والكويت ولبنان وفلسطين، وكان الهدف المباشر للمؤتمر معالجة أحداث القتال في لبنان بين اللبنانيين أنفسهم، وبين بعض اللبنانيين والفلسطينيين.
كانت الأحداث السوداء التي خيمت على المنطقة الخليجية، بعد اندلاع الحرب العراقية - الإيرانية التي امتدت لأكثر من ثمانية أعوام، مبررا واقعيا لسعي دول الخليج إلى تشكيل منظومة خليجية، وسعيها نحو مد التحالف بشكل أكبر عبر «مجلس التعاون الخليجي»، الذي يعد اليوم أقوى تحالف عربي، وأكثره استمرارية مقارنة بالاتحادات العربية الأخرى التي لم تستمر. وقد احتضنت الرياض مقر الأمانة العامة لدول الخليج الست، وعملت على تكثيف العمل من أجل الدول والشعوب الخليجية، من خلال مشاريع مشتركة، تصب في مصلحة المنطقة، وفي هذا السياق كانت السعودية منطلقا لعمليات تحرير الكويت من غزو النظام العراقي عام 1990، حيث أصبحت الرياض وقتها مقرا لعمليات مشتركة لأكثر من ثلاثين دولة، شاركت في دعم الشرعية الكويتية الساعية إلى إنهاء الاحتلال العراقي للأرض الخليجية.
وقد قادت السعودية حملة دبلوماسية عبر المنظمات الدولية لاستنكار الاعتداء، ودعم قرار عسكري بإنهائه، عبر عدد من الحلفاء، فكانت الرياض ممهدا لإصدار مجلس الأمن الدولي للقرار رقم 678، الذي يأذن لدول التحالف الدولي باستخدام القوة إذا لم ينسحب العراق من الكويت.
وفي عام 2005 استضافت الرياض مؤتمرا دوليا لمكافحة الارهاب شارك فيه اكثر من 50 دولة وعددا من المنظمات الدولية والاقليمية وأقر المؤتمر الذي رأسه وزير الداخلية الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز - رحمه الله - بإنشاء مركز دولي لمكافحة الإرهاب، ودعا المؤتمر إلى أهمية ترسيخ قيم التفاهم والتسامح والحوار، والتعددية والتعارف بين الشعوب والتقارب بين الثقافات، ورفض منطق صراع الحضارات، ومحاربة كل آيديولوجية تدعو للكراهية وتحرض على العنف وتسوغ الجرائم الإرهابية.
كما عملت السعودية على استضافة مؤتمر عربي دولي لمكافحة تنظيم داعش الإرهابي خلال العام الماضي، حضره وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي، إلى جانب الولايات المتحدة ولبنان والأردن ومصر، وعدد من وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي، وكانت مخرجات الاجتماع منطلقا لقيام تنظيم دولي لمحاربة «داعش»، والقيام بحلول سياسية من أجل حل الأزمة السورية. جاءت في سياق التفاهمات بين الرياض والقاهرة، عقب توقيع محضر إنشاء مجلس تنسيق سعودي - مصري، لتنفيذ «إعلان القاهرة»، والملحق التنفيذي المرافق للمحضر، وقد أوضح السفير علاء يوسف، المتحدث الرسمي باسم رئاسة مصر، في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، أن مجلس التنسيق المشترك بين البلدين سيتولى الإشراف على تقديم المبادرات، وإعداد الاتفاقيات ومذكرات التفاهم والبرامج التنفيذية في المجالات المنصوص عليها في إعلان القاهرة، ومتابعة تنفيذها، ومن بينها استكمال التوافق المصري - السعودي فيما يخص عملية إنشاء القوة العربية المشتركة، تمهيدًا لإنهاء الإجراءات ذات الصلة مع الدول العربية الشقيقة، الراغبة في المشاركة في هذه القوة.



السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
TT

السعودية وبريطانيا تؤكدان ضرورة خفض التصعيد الإقليمي

الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)
الأمير محمد بن سلمان مستقبلاً كير ستارمر في قصر اليمامة بالرياض (واس)

أكدت الرياض ولندن، الخميس، ضرورة خفض التصعيد الإقليمي، والالتزام بالمعايير الدولية، وميثاق الأمم المتحدة، وذلك في بيان مشترك عقب زيارة كير ستارمر رئيس الوزراء البريطاني للسعودية هذا الأسبوع، التي جاءت انطلاقاً من أواصر علاقتهما المميزة.

وذكر البيان أن الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء السعودي، وستارمر أكدا خلال جلسة مباحثات رسمية على أهمية الدور الذي يقوم به مجلس الشراكة الاستراتيجية في تعزيز التعاون بين البلدين، واستعرضا التقدم الكبير المحرز في تطوير العلاقات الثنائية وتنويعها.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز الشراكة الاقتصادية بينهما، والتزامهما برفع حجم التجارة البينية إلى 37.5 مليار دولار بحلول عام 2030، وزيادة الاستثمار في صناعات الغد، بما يحقق النمو المستدام. كما اتفقا على برنامج طموح للتعاون يهدف لتعزيز الازدهار المتبادل، والأمن المشترك، ومعالجة التحديات العالمية.

وأشادا بنمو الاستثمارات المتبادلة، ونوّها بالاستثمارات السعودية الكبيرة في المملكة المتحدة خلال عام 2024، ومنها لصندوق الاستثمارات العامة، مثل «سيلفريدجز» و«مطار هيثرو»، والاستثمار الإضافي في نادي نيوكاسل يونايتد لكرة القدم، ما يعزز العلاقات المتنامية بين شمال شرقي إنجلترا والسعودية.

ولي العهد السعودي ورئيس الوزراء البريطاني خلال جلسة مباحثات رسمية في الرياض (واس)

وبينما تعدّ المملكة المتحدة من أكبر المستثمرين الأجانب في السعودية، نوّه الجانبان بإعلان الهيئة البريطانية لتمويل الصادرات عن خططها لزيادة حجم تعرضها السوقي إلى 6 مليارات دولار أميركي، وذلك في ضوء نجاح التمويل (المتوافق مع الشريعة الإسلامية) بقيمة تبلغ نحو 700 مليون دولار للاستثمار بمشروع القدية (غرب الرياض).

وأعربا عن تطلعهما إلى تطوير شراكات استراتيجية طويلة الأمد تخدم المصالح المتبادلة، والمساهمة في النمو الاقتصادي المستدام. ورحّبا بالتقدم الكبير المحرز بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين مجلس التعاون الخليجي والمملكة المتحدة.

وأشادا بالتعاون القائم بين البلدين في قطاع الطاقة، وأكدا أهمية تعزيزه بمجالات الكهرباء، والطاقة المتجددة، والهيدروجين النظيف وتطبيقاته، والتكنولوجيا النظيفة، وابتكارات الطاقة والاستدامة. واتفقا على العمل المشترك لإنشاء تحالف الهيدروجين النظيف بين جامعاتهما بقيادة جامعتي «الملك فهد للبترول والمعادن»، و«نيوكاسل».

وأكدا أهمية تعزيز موثوقية سلاسل التوريد العالمية، وتحديداً مع إطلاق السعودية مبادرة لتأمين الإمدادات، وخاصة بمجالات الطاقة المتجددة، وإنتاج الهيدروجين، والمعادن الخضراء، والبتروكيماويات المتخصصة، وإعادة تدوير النفايات، والمركبات الكهربائية.

جانب من جلسة المباحثات بين الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر (واس)

كما رحّبا بإطلاق السعودية 5 مناطق اقتصادية خاصة تستهدف الصناعات والقطاعات الاستراتيجية، وتوفر للشركات البريطانية فرصة الاستفادة من مزايا وحوافز على جميع مستويات سلاسل التوريد.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في قطاع الخدمات المالية، ومجال تطوير قطاعات التعدين المستدامة، وتنويع إمدادات المعادن النادرة المستخدمة في التقنيات النظيفة. وأعربت بريطانيا عن دعمها وعزمها المشاركة على مستوى رفيع في «منتدى مستقبل المعادن السعودي» خلال شهر يناير (كانون الثاني) 2025.

كما أكدا على مركزية الاتفاقية الأممية الإطارية بشأن تغير المناخ، واتفاقية باريس، ونوّها بنتائج مؤتمر الأطراف «كوب 29»، وأهمية العمل لتحقيق نتيجة طموحة ومتوازنة في «كوب 30» عام 2025. ورحّبت بريطانيا بطموحات الرياض وقيادتها عبر مبادرتي «السعودية الخضراء» و«الشرق الأوسط الأخضر»، ورئاستها لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر «كوب 16».

وأعربت بريطانيا أيضاً عن دعمها جهود السعودية في مجالات البيئة والتغير المناخي من خلال تنفيذ نهج الاقتصاد الدائري للكربون الذي أطلقته الرياض، وأقرّه قادة مجموعة العشرين، مؤكدة دعمها القوي لـ«رؤية 2030»، والتزامها بالفرص التي تتيحها في إطار الشراكة بين البلدين.

ولي العهد السعودي يصافح رئيس الوزراء البريطاني لدى وصوله إلى قصر اليمامة (واس)

ورحّب البلدان بتزايد عدد الزوار بينهما، وعبّرا عن تطلعهما إلى زيادة هذه الأعداد بشكل أكبر خاصة في ظل زيادة الربط الجوي بينهما، وتسهيل متطلبات الحصول على التأشيرة من الجانبين.

واتفقا على أهمية تعزيز التعاون في مختلف القطاعات الثقافية، بما في ذلك من خلال إطلاق برنامج تنفيذي جديد لتعزيز مشاركة بريطانيا في تطوير محافظة العُلا (شمال غربي السعودية)، كما رحّبا بالاتفاق على إطلاق شراكة بين الهيئة الملكية للعلا والمجلس الثقافي البريطاني تزامناً مع احتفال الأخير بمرور 90 عاماً على تأسيسه.

وأشادا بنتائج تعاونهما الاستراتيجي في مجالات التعليم والتعليم العالي والتدريب. ورحّبا بالخطط الاستراتيجية لزيادة عدد المدارس البريطانية في السعودية إلى 10 مدارس بحلول عام 2030، وافتتاح فروع للجامعات البريطانية في السعودية، كما عبّرا عن التزامهما بمواصلة التباحث حول زيادة التعاون في مجالات الاحتياجات التعليمية الخاصة، والتدريب التقني والمهني.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال الرعاية الصحية، ومواجهة تحديات الصحة العالمية. ونوّها بالمناقشات الجارية بين الجامعات البريطانية والشركاء السعوديين المحتملين لإنشاء كلية لتدريب الممرضين بالسعودية. كما اتفقا على أهمية الاستفادة من فرصهما لزيادة التعاون بمجالات السلامة الغذائية، والمنتجات الزراعية.

ولي العهد السعودي يستقبل رئيس الوزراء البريطاني (واس)

واتفق الجانبان على تعزيز التعاون في الأنشطة والبرامج الرياضية، وأشادا بالمشروع المشترك بين الجامعات السعودية والبريطانية لدعم تطوير القيادات النسائية المستقبلية بمجال الرياضة، والشراكة المتنامية بمجال الرياضات الإلكترونية.

وأشادا بمستوى تعاونهما بمجال الدفاع والأمن على مرّ العقود الماضية، وأكدا التزامهما بشراكة دفاعية استراتيجية طموحة ومستقبلية، بما يسهم في تطويرها لتركز على الصناعة وتطوير القدرات، وزيادة التشغيل البيني، والتعاون بشأن التهديدات المشتركة بما يسهم في تحقيق الأمن والازدهار في البلدين.

واتفقا على توسيع التعاون في مجالات النشاط السيبراني والكهرومغناطيسي، والأسلحة المتقدمة، والقوات البرية، والطائرات العمودية، والطائرات المقاتلة. كذلك تعزيزه أمنياً حيال الموضوعات المشتركة، بما فيها مكافحة الإرهاب والتطرف.

وأكد الجانبان أهمية تعزيز التعاون في مجال العمل الإنساني والإغاثي، وشدّدا على ضرورة مواصلة التعاون في المحافل والمنظمات الدولية لمعالجة التحديات الاقتصادية العالمية، والتزامهما بتوحيد الجهود لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030، وعقد حوار استراتيجي سعودي - بريطاني سنوياً بشأن المساعدات والتنمية الدولية، واتفقا على التمويل المشترك لمشاريع في هذا الإطار بقيمة 100 مليون دولار.

الأمير محمد بن سلمان وكير ستارمر قبيل جلسة المباحثات في قصر اليمامة (واس)

وحول تطورات غزة، أكد الجانبان ضرورة إنهاء الصراع، وإطلاق سراح الرهائن فوراً وفقاً لقرارات مجلس الأمن الدولي، مشددين على الحاجة الملحة لقيام إسرائيل بحماية المدنيين والبنية التحتية المدنية لإيصال المساعدات الإنسانية والإغاثية للشعب الفلسطيني، وتمكين المنظمات الدولية والإنسانية من القيام بعملها.

وبحثا كيفية العمل بينهما لتنفيذ حلّ الدولتين بما يحقق إحلال السلام الدائم للفلسطينيين والإسرائيليين. وأعربت بريطانيا عن تطلعها إلى انعقاد المؤتمر الدولي الرفيع المستوى بشأن الحل السلمي، الذي سترأسه السعودية وفرنسا في يونيو (حزيران) 2025.

وفي الشأن السوري، رحّب الجانبان بأي خطوات إيجابية لضمان سلامة الشعب السوري، ووقف إراقة الدماء، والمحافظة على مؤسسات الدولة ومقدراتها. وطالبا المجتمع الدولي بالوقوف بجانب الشعب، ومساعدته في تجاوز معاناته المستمرة منذ سنوات طويلة، مؤكدين أنه حان الوقت ليحظى بمستقبل مشرق يسوده الأمن والاستقرار والازدهار.

وفيما يخص لبنان، أكدا أهمية المحافظة على اتفاق وقف إطلاق النار، والتوصل لتسوية سياسية وفقاً للقرار 1701. كما اتفقا على ضرورة تجاوزه لأزمته السياسية، وانتخاب رئيس قادر على القيام بالإصلاحات الاقتصادية اللازمة.

ولي العهد السعودي يصافح الوفد المرافق لرئيس الوزراء البريطاني (واس)

وبشأن اليمن، أكد الجانبان دعمهما الكامل لمجلس القيادة الرئاسي، وأهمية دعم الجهود الأممية والإقليمية للتوصل لحلٍ سياسيٍ شاملٍ للأزمة اليمنية، وضمان أمن البحر الأحمر لتحقيق استقرار الاقتصاد العالمي.

وحول الأوضاع السودانية، أكدا أهمية البناء على «إعلان جدة» بشأن الالتزام بحماية المدنيين في السودان عبر مواصلة الحوار لتحقيق وقف كامل لإطلاق النار، وحل الأزمة، ورفع المعاناة عن شعبه، والمحافظة على وحدة البلاد، وسيادتها، ومؤسساتها الوطنية.

ورحّب الجانبان باستمرار التواصل بين البلدين بشأن الحرب في أوكرانيا، مؤكدين أهمية بذل كل الجهود الممكنة لتحقيق السلام العادل والمستدام الذي يحترم السيادة والسلامة الإقليمية بما يتماشى مع ميثاق الأمم المتحدة.

جانب من مراسم الاستقبال الرسمية لرئيس الوزراء البريطاني في قصر اليمامة بالرياض (واس)