المقاومة تكبد الميليشيات خسائر كبيرة في جبهة مريس دمت وسقوط وأسر عشرات المتمردين

ميليشيا الحوثي تشن حملة اعتقالات للمدنيين في الحقب.. وعناصرها المسلحة تواصل ترهيب النساء والأطفال

عناصر مسلحة للمقاومة الشعبية في إحدى المناطق المحررة بجبهة مريس دمت («الشرق الأوسط»)
عناصر مسلحة للمقاومة الشعبية في إحدى المناطق المحررة بجبهة مريس دمت («الشرق الأوسط»)
TT

المقاومة تكبد الميليشيات خسائر كبيرة في جبهة مريس دمت وسقوط وأسر عشرات المتمردين

عناصر مسلحة للمقاومة الشعبية في إحدى المناطق المحررة بجبهة مريس دمت («الشرق الأوسط»)
عناصر مسلحة للمقاومة الشعبية في إحدى المناطق المحررة بجبهة مريس دمت («الشرق الأوسط»)

سيطرت المقاومة الشعبية، أمس، على مواقع جديدة في جبهة مريس دمت، بمحافظة الضالع، جنوبي البلاد. وقال القيادي في المقاومة الشعبية، أبو علي الوره لـ«الشرق الأوسط» إن رجال المقاومة شنوا، صباح أمس، هجوما مفاجئا على الميليشيات الانقلابية، أسفر عن تحرير مواقع جديدة متقدمة لمنطقة يعيس التي تم تحريرها والسيطرة عليها.
وأضاف أن المعركة كانت ضارية وتكبدت خلالها الميليشيات التابعة للحوثي والرئيس المخلوع خسائر بشرية ومادية، كاشفا عن مقتل مقاومين اسمهما ماهر أحمد محمد جعوال، وعلي العوكري، وإصابة نحو سبعة من مقاتلي المقاومة، بينما قتل وجرح عدد من المسلحين المتمردين، لافتا إلى أن المقاومة استولت على موقع التهامي المطل على الطريق الرئيسي الواصل مدينة دمت شمالا بمنطقة مريس جنوبا، علاوة على استيلائها على أسلحة خفيفة ومتوسطة كانت بحوزة المسلحين.
وقال قائد المقاومة الشعبية في جبهة مريس دمت، العقيد عبد الله مزاحم لـ«الشرق الأوسط» إن مدفعية معسكر الصدرين التابعة للجيش الوطني الموالي للشرعية، شاركت في معركة أمس بكثافة ممهدة لرجال المقاومة من التقدم ومانعة لتقدم الميليشيات وتعزيزاتها الواصلة لها من مدينة دمت والرضمة والنادرة بمحافظة إب.
وأكد القائد أن المواقع التي سيطرت عليها المقاومة تم تعزيزها بالمعدات العسكرية وبالرجال، مشيرا إلى أن راجمات صواريخ الجيش نجحت بقصف مواقع وتعزيزات الميليشيات، وأن المعارك العنيفة شاركت بها كل الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، مبينا أن رجال المقاومة، وبدعم من الجيش الوطني، سيواصلون تقدمهم ناحية منطقة العرفاف جنوب مركز المديرية (دمت).
وقالت مصادر محلية في منطقة مريس لـ«الشرق الأوسط» إن سيطرة رجال المقاومة على تبة التهامي المطلة على نجد القرنين، سيعزز من حظوظ المقاومة والجيش للتقدم شمالا ناحية العرفاف بمديرية دمت، مشيرة إلى أن سيطرت الميليشيات المسلحة على هذه المواقع الاستراتيجية خلال الأسابيع الماضية حال دون حدوث تقدم المقاومة شمالا، نظرا لاعتماد الميليشيات على أسلوب القناصة من الأماكن المرتفعة والمؤثرة في المعارك العسكرية.
وفتحت المقاومة المسنودة بقوات من الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية جبهات جديدة في المناطق التي تسيطر عليها الميليشيات الانقلابية منذ مطلع نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي.
وقالت مصادر في المقاومة لـ«الشرق الأوسط» إن فتح هذه الجبهات العسكرية يأتي امتدادا للتطور الذي شهدته المقاومة مؤخرا، ومن الناحيتين العسكرية والبشرية، مؤكدة أن الأيام القابلة ستشهد معارك مختلفة ونوعية من شأنها قلب المعادلة القائمة على أساس الدفاع وحفظ المواقع التي هي تحت سيطرة المقاومة.
وقالت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» إن 12 مسلحا مواليا للحوثي وصالح لقوا مصرعهم في معركة أمس (الاثنين)، فضلا عن إصابة آخرين ممن تم إسعافهم إلى مستوصفات أهلية في مدينتي دمت والرضمة شمالا، مؤكدة أن قتلى وجرحى المقاومة نحو ثمانية، منهم قتيل وسبعة جرحى تم إسعافهم إلى مستشفى الضالع الحكومي، ومن ثم نقل أربعة منهم إلى محافظة عدن.
وكانت الميليشيات المسلحة قامت، مساء أول من أمس، بحملة اعتقال للمدنيين في منطقة الحقب، جنوب مدينة دمت، عقب تعرض طقم عسكري لكمين أدى إلى مقتل 6 وجرح 4 من ميليشيات الحوثي وصالح، بينهم القياديان «أبو حيدر» و«أبو صادق» ومرافقيهم، في استهداف المقاومة لأحد أطقمهم بالحقب في دمت.
وقالت مصادر محلية في منطقة الحقب لـ«الشرق الأوسط» إن حملة الاعتقالات والمداهمات التي أعقبت استهداف المقاومة لأحد الأطقم الذي شوهد وهو يحترق بالخط الرئيسي أمام مدرسة السلام بقرية الحقب المحاذية لمدينة دمت.
وأشارت المصادر إلى أن حملة الاعتقالات طالت عددا من سكان القرية، مشيرة إلى أن اعتقال المدنيين العزل جاء انتقاما من الحوثيين لما وصفته استهداف الطقم العسكري ومقتل أفراده، منوهة لقيام الميليشيات بحرق خيمة الشباب وخطف وجهاء القرية.
وأضافت أن عناصر التمرد لم تكتف باعتقال وجهاء القرية وإحراق خيمة شباب القرية التي اتخذ منها شباب المنطقة منتدى لهم منذ نقلها من ساحة التغيير بالعاصمة صنعاء عقب قرار الجهة المنظمة لمخيمات شباب الثورة لإزالة هذه الخيام من الساحات، إذ قامت بتطويق القرية وإطلاق نيران كثيفة على مساكنها من مضادات أرضية عيار 23ملم بشكل عشوائي بقصد إرهاب السكان وخلق حالة من الذعر والهلع بين أوساط المواطنين خاصة الأطفال والنساء.
وكشفت عن أن أربعة أطقم تابعة للميليشيات الحوثية وقوات صالح على متنها عشرات المسلحين، نفذت عملية انتشار مسلح في قرية الحقب بطريقة استفزازية لإرهاب وتخويف النساء والأطفال.
كما قامت بإطلاق النار عشوائيا داخل القرية باتجاهات مختلفة داخل القرية، قبل أن تقوم بمداهمة وتفتيش عدد من منازل المواطنين واختطفت 7 أشخاص من وجهاء وأعيان القرية.
وتجددت اشتباكات ومواجهات عنيفة خلال اليومين الماضيين بين المقاومة المسنودة من الجيش والمقاومة الجنوبية وميليشيات الحوثي وصالح، إذ دارت معارك شرسة في المنطقة الواقعة بين منطقتي الحقب شمالا بمديرية دمت ومريس جنوبا، وما زالت هذه المواجهات مستمرة حتى مساء يوم أمس (الاثنين).



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.