{تاشفين} أعلنت تطرفها على وسائل التواصل الاجتماعي قبل دخول شيكاغو

هجوم سان برناردينو كشف ثغرات تحريات منح التأشيرة

تاشفين مالك وزوجها لدى عودتهما إلى مطار أوهارا في شيكاغو العام الماضي (رويترز)
تاشفين مالك وزوجها لدى عودتهما إلى مطار أوهارا في شيكاغو العام الماضي (رويترز)
TT

{تاشفين} أعلنت تطرفها على وسائل التواصل الاجتماعي قبل دخول شيكاغو

تاشفين مالك وزوجها لدى عودتهما إلى مطار أوهارا في شيكاغو العام الماضي (رويترز)
تاشفين مالك وزوجها لدى عودتهما إلى مطار أوهارا في شيكاغو العام الماضي (رويترز)

مرت تاشفين مالك، التي نفذت بصحبة زوجها مجزرة في مقاطعة سان برناردينو بولاية كاليفورنيا، عبر ثلاثة تحريات عن خلفيتها، أجراها مسؤولو الهجرة الأميركية أثناء انتقالها إلى الولايات المتحدة من باكستان. ولم تكشف أي من تلك التحريات ما بذلت تاشفين جهدا ضئيلا لإخفائه، وهو أنها تحدثت صراحة على وسائل الإعلام الاجتماعي عن وجهات نظرها حول «الجهاد العنيف»، مشيرة إلى أنها تؤيده، وأنها تريد أن تكون جزءا منه.
وذكرت السلطات المختصة أنها اكتشفت مؤخرا تلك المنشورات القديمة، التي لم ترد أي تقارير بشأنها سابقا، أثناء تجميع معلومات عن حياة تاشفين مالك وزوجها رضوان فاروق، في محاولة لفهم كيفية تنفيذهما أعنف هجوم إرهابي على الأراضي الأميركية منذ 11 سبتمبر (أيلول) 2001.
وعثرت السلطات على تلك الكتابات المنشورة قبل سنوات، وكانت كافية لمنع مالك من دخول الأراضي الأميركية لو اكتشفت مبكّرا. لكن مسؤولي الهجرة لا يراجعون حسابات وسائل الإعلام الاجتماعي كجزء روتيني من التحريات التي يجرونها، ويجري حاليا نقاش داخل وزارة الأمن الداخلي بشأن إذا ما كان من الملائم القيام بذلك.
وفضحت المنشورات القديمة على وسائل الإعلام الاجتماعي الخاصة بمالك القصور الكبير في كيفية فحص الأجانب عند دخولهم الولايات المتحدة، لا سيما أن الناس في كل مكان يفصحون أكثر عن أنفسهم وآرائهم عبر شبكة الإنترنت. وتجرى فحوصات على عشرات الملايين من الأشخاص كل عام قبل دخولهم إلى الولايات المتحدة من أجل العمل أو الزيارة أو العيش. ومن المستحيل إجراء تحقيق شامل والتدقيق في حسابات التواصل الاجتماعي لكل واحد منهم، بحسب مسؤولين مطّلعين.
وفي أعقاب الهجمات الإرهابية التي وقعت في سان برناردينو وباريس، ظهرت عملية التدقيق كضعف كبير في إجراءات الدفاع عن الوطن ضد الإرهاب. ويؤيد المشرعون من كلا الحزبين الديمقراطي والجمهوري تعزيز إجراءات مراقبة الحدود تجاه الأشخاص الذين زاروا العراق أو سوريا في الآونة الأخيرة. وقال المرشح الجمهوري للرئاسة الأميركية دونالد ترامب إنه ينبغي فرض حظر مؤقت على دخول المسلمين للبلاد.
وفي حين يحذر الرئيس الأميركي باراك أوباما ضد «خيانة قيمنا» في الطريقة التي تستجيب بها الولايات المتحدة للتهديدات، فإنه أمر بإجراء مراجعة لبرنامج «تأشيرة الخطيبة» الذي يسمح للأجانب، مثل تاشفين، بالانتقال إلى الولايات المتحدة للزواج من أميركيين، وهو ما يضعهم على الطريق للحصول على إقامة دائمة، وفي نهاية المطاف المواطنة.
وتحاول إدارة الرئيس أوباما تحديد إذا ما كان يمكن تمديد تلك التحريات عن الخلفية من دون التسبب في تأخير كبير في إجراءات الموافقة على التأشيرة. ففي محاولة لضمان عدم إغفال التهديدات من الرجال والنساء الذين يدخلون البلاد بنفس طريقة مالك، يراجع مسؤولو الهجرة نحو 90 ألف تأشيرة خطيبة صدرت خلال العامين الماضيين، ويدرسون فرض إجراءات جديدة أثناء تحديدهم إذا ما كان ينبغي إجراء تغييرات أم لا.
وقال المتحدث باسم البيت الأبيض، جوش إرنست، الخميس الماضي: «دخل شخص ما إلى الولايات المتحدة عبر برنامج تأشيرة الخطيبة، وشرع في تنفيذ عمل إرهابي على الأراضي الأميركية». وأضاف: «يحتاج هذا البرنامج على الأقل لإعادة النظر فيه بدقة».
وفي عصر أعطت وسائل التقنية الحديثة فيه الوكالات الاستخباراتية قدرة غير محدودة على تجميع معلومات عن الأشخاص، من الغريب أن يمرّ منشور على موقعي التواصل الاجتماعي «فيسبوك» أو «تويتر» دون ملاحظة التحريات عن الخلفية. لكن تلك التحريات هي خير مثال على التسويات التي يتخذها مسؤولو الأمن أثناء محاولتهم التخفيف من خطر الإرهاب مع إبقاء الحدود مفتوحة للأعمال التجارية والسفر.
وخضعت تاشفين مالك لثلاثة تحريات مشددة للأمن الوطني والخلفية الجنائية. فقد تحرى مسؤولو الأمن الداخلي عن اسمها، أولا، في قواعد بيانات الأمن الوطني الأميركيين. ومن ثم، جرى إرسال طلبها للحصول على تأشيرة إلى وزارة الخارجية الأميركية، التي فحصت بدورها بصمات الأصابع في قواعد بيانات أخرى. وفي النهاية، عقب مجيئها إلى الولايات المتحدة والزواج رسميا من فاروق، قدمت طلبا للحصول على البطاقة الخضراء، وخضعت لجولة أخرى من التحريات الجنائية والأمنية. وجرت مقابلتان شخصيتان مع مالك، وفقا لمسؤولين فيدراليين، الأولى أجراها مسؤول قنصلي في باكستان، والثانية أجراها مسؤول هجرة في الولايات المتحدة عندما قدمت طلبا للحصول على البطاقة الخضراء. وأظهرت كافة تلك المراجعات نتائج إيجابية، وقال مكتب التحقيقات الفيدرالي (إف بي آي) إنه ليس لديه أي «معلومات تجريم» بشأن مالك أو فاروق في قواعد بياناته الخاصة. وذكرت وزارة الخارجية ووزارة الأمن الداخلي أنهما اتبعتا جميع السياسات والإجراءات المنصوص عليها في حالة مالك، ورفضت الوزارتان تقديم أي وثائق أو تفاصيل عن الأمر، قائلتين إنهما لا تستطيعان مناقشة القضية نظرا لاستمرار التحقيق.
ويولي المحققون أهمية خاصة لحياة مالك في باكستان في السنوات التي سبقت انتقالها إلى الولايات المتحدة، ويعتقدون أنها مالت إلى التطرف خلال تلك الفترة.
ومن عام 2007 إلى عام 2012. عاشت في مدينة جامعية، ومن ثمّ انتقلت للعيش مع والدتها وشقيقتها فهدة في منزل العائلة في مدينة ملتان الباكستانية. وأثناء وجودها هناك، درست مالك الصيدلة، وأخذت دروسا إضافية في فرع محلي نسائي فقط لمعهد يدرس تفسير القرآن الكريم، ولا يؤيد «الجهاد العنيف».
وفي مكالمة هاتفية وجيزة، قالت فهدة مالك إن شقيقتها تاشفين لم تكن متطرفة، ورفضت المزاعم الموجهة ضدها. وأضافت: «لقد قضيت معظم وقتي مع شقيقتي. لا أحد يعرفها أكثر مني. لم تكن على اتصال بأي منظمة متطرفة أو شخص متشدد، سواء كان ذكرا أم أنثى». وأشارت فهدة إلى أن شقيقتها كانت متدينة، ودرست القرآن الكريم، وكان تصلي الصلوات الخمس في أوقاتها. وتابعت: «كانت تعرف ما هو صواب وما هو خطأ».
* خدمة «نيويورك تايمز»



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.