للمرة الأولى.. «جندي طالبان الأميركي» يتحدث عن تركه قاعدته العسكرية

سيحاكم بتهمة الخيانة العظمى.. وربما يحكم عليه بالإعدام

الجندي الأميركي بو بيرغدال ينتظر  محاكمته عسكريًا (نيويورك تايمز)
الجندي الأميركي بو بيرغدال ينتظر محاكمته عسكريًا (نيويورك تايمز)
TT

للمرة الأولى.. «جندي طالبان الأميركي» يتحدث عن تركه قاعدته العسكرية

الجندي الأميركي بو بيرغدال ينتظر  محاكمته عسكريًا (نيويورك تايمز)
الجندي الأميركي بو بيرغدال ينتظر محاكمته عسكريًا (نيويورك تايمز)

بينما ينتظر الجندي الأميركي بو بيرغدال قرار الهيئة القضائية العسكرية في البنتاغون لتقديمه إلى محكمة عسكرية بتهمة الخيانة العظمى، وتوقع الحكم عليه بالإعدام، تحدث لأول مرة علنا، في موقع «بودكاتس» خاص على الإنترنت، عن ظروف هروبه من فرقته إلى منظمة طالبان في أفغانستان، والتي اعتقلته لخمس سنوات، حتى أطلقت سراحه العام الماضي، كجزء من صفقة، أطلق فيها البنتاغون سراح عدد من قادة طالبان كانوا معتقلين في قاعدة غوانتانامو العسكرية لأكثر من عشرة أعوام.
وفي المقابلة مع موقع «بودكاتس»، قال بيرغدال إن أول عشرين دقيقة كانت «أصعب شيء في حياتي»، بعد أن مشى بعيدا عن قاعدته العسكرية في أفغانستان، في منتصف ليلة صيف، وهو يحمل غداء عسكريا جاهزا من الدجاج، مع قارورة ماء، وبوصلة.
قال: «بدأت أقول لنفسي: ها أنذا أمشي، ها أنذا أبتعد عن ناسي، ها أنذا أمشى نحو العدو» ثم، بعد قليل، كما قال: «فجأة، أحسست حقيقة أني، فعلا، عملت شيئا مهما. إن لم يكن خطأ فكان مهما».
وشرح أنه حاول إقناع نفسه بما فعل، بعد أن أقنع نفسه بأنه سيفعل ما فعل. قال إنه قرر أن «يخلق مشكلة كبيرة» (جندي أميركي يهجر فرقته ويذهب إلى طالبان)، وذلك حتى يقدر على الحديث إلى «قادتي الكبار» عن «أخطاء كبيرة في عملياتنا العسكرية تهدد جنودنا (الأميركيين)».
وأضاف: «كنت أريد أن أثبت أنني جندي ممتاز، كنت أحاول أن أثبت ذلك لنفسي، كنت أحاول أن أثبت ذلك للعالم كله». ونفى، في المقابلة التلفزيونية، أنه كان يريد خيانة وطنه. وقال: «ولا حتى فكرت في ذلك، فكرت في نفسي لأخدم وطني».
قبل شهرين، قالت مصادر عسكرية أميركية لصحيفة «نيويورك تايمز» إن الاتهام ضد بيرغدال أكبر من «خيانة»، إنه «الخيانة العظمي». وذلك لأن اللجنة العسكرية التي حققت معه بعد عودته من أفغانستان حصلت على أدلة بأنه قدم معلومات عن القوات الأميركية إلى طالبان.
بعد أن عاد، أشاد به الرئيس باراك أوباما ودعاه إلى البيت الأبيض لحضور احتفال بمناسبة عودته. وقال أوباما: «غاب الرقيب بيرغدال عن أعياد الميلاد وأعياد عائلية، ولحظات سعيدة مع العائلة والأصدقاء. بالنسبة لنا، كانت تلك الأعياد أمرا مفروغا منه. لكن، بالنسبة إلى بيرغدال، لا ينساه والده الذي كان يصلي له كل يوم، وكذلك أخته سكاي، التي كانت تصلي لعودته سالما.. وأيضا، لم لا ينساه جيرانه وأصدقاؤه، ولا ينساه معارفه. ولا حيث كان يعيش في ولاية أيداهو، ولا في القوات المسلحة. وطبعا، لا تنساه الحكومة الأميركية، وذلك لأن الحكومة الأميركية لا تترك رجالها ونساءها وراءها.
لكن، حسب تصريحات المسؤولين في البنتاغون، توجد وثائق بأن بيرغدال تخلى عن موقع مراقبة عسكري في مكان بعيد في أفغانستان، وذلك في يونيو (حزيران) عام 2009. وإن هذا يفسر بأنه هرب من الخدمة العسكرية حسب القانون العسكري. وإنه، كما قال واحد من هؤلاء المسؤولين، فعل ذلك «في وسط منطقة قتال، وكان يحتمل أن يعرض حياة رفاقه الجنود للخطر».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.