الدكتوراه الفخرية للملكة رانيا العبد الله من جامعة سابينزا الإيطالية

العالم المتحضر أمامه عدو مشترك لأول مرة في التاريخ

الملكة رانيا خلال مراسم منحها الدكتوراه الفخرية
الملكة رانيا خلال مراسم منحها الدكتوراه الفخرية
TT

الدكتوراه الفخرية للملكة رانيا العبد الله من جامعة سابينزا الإيطالية

الملكة رانيا خلال مراسم منحها الدكتوراه الفخرية
الملكة رانيا خلال مراسم منحها الدكتوراه الفخرية

تسلمت الملكة الأردنية رانيا العبد الله، أمس (الخميس)، في روما، شهادة الدكتوراه الفخرية في «علم التنمية والتعاون الدولي» من جامعة سابينزا التي تُعتبر من أعرق الجامعات في أوروبا، لجهودها في تشجيع الحوار ومحاربة الإرهاب والأفكار الظلامية.
وقالت الملكة رانيا العبد الله خلال مراسم منح الشهادة، على هامش زيارة العمل التي يقوم بها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني إلى إيطاليا إن «مستقبلنا والقيم العالمية التي يُبنى عليها يتعرضان لهجوم إرهابيين يدّعون الإسلام لإباحة أعمالهم وهم لا يمتون للإسلام بصلة، فالإرهابيون يشنون حربًا نفسية، وسلاحهم المختار هو الخوف المعدي»، وتابعت: «المتطرفون يسعون إلى تحويلنا ضد بعضنا البعض، الإرهاب لا يقتل آلاف الأبرياء فقط، لكنه يدمر إرثنا الحضاري وتعايشنا الإنساني، فما يحدث ليس حربًا تخص دولة بحد ذاتها، لأنها حرب كل دولة، ولأول مرة في التاريخ العالم المتحضر أمامه عدو مشترك، يتطلب استجابة شمولية وحازمة نحتاج إلى تحالف عمل يمكنه القيام بالمهمة، وإلى طريقة تفكير جديدة، وإلى الشجاعة للتغيير علينا أن نجد طرقًا جديدة للعمل وحلولا راسخة وأرضية موحدة لمنفعة مشتركة. العالم الآن يحتاج للحكمة الجماعية، وإلى شباب ديناميكيين أكثر من أي وقت مضى».
وأضافت أمام أكثر من 300 من خريجي وطلاب وأساتذة الجامعة وقادة الفكر والقطاعات التربوية في إيطاليا: «يحتاج العالم الآن للحكمة الجماعية، ونحتاج إلى مؤسسات مثل هذه الجامعة، وإلى شباب ديناميكيين أكثر من أي وقت مضى، لأن ماضينا الذي يُمكّننا ويُرشدنا، يتعرض في بعض المناطق للتدمير، ومستقبلنا والقيم العالمية التي يُبنى عليها يتعرضان لهجوم». وقالت: «أتحدث عن تفشي الإرهاب الذي لا دين له، وهدفه الأساسي تدمير العالم المتحضر، وذلك ما رأيناه أخيرًا في العديد من الدول والأماكن»، مشيرة إلى أن الإرهابيين يستهدفون ذاكرة الإنسانية، ويتوهمون بأنه يمكنهم كتابة حقبة جديدة، وأن يغسلوا دماغ جيل المستقبل.
وقالت إن هؤلاء الإرهابيين يدّعون الإسلام لإباحة أعمالهم وهم لا يمتون للإسلام بصلة، لكن كلما أسندوا أعمالهم للإسلام، حرضوا على التعصب ضد جميع المسلمين محبي السلام، حتى بالإضافة إلى الخوف من الإرهابيين نبدأ بالخوف من بعضنا بعض وفي اللحظة التي نسمح فيها للريبة أن تسيطر، ينتصرون.
واشتملت مراسم منح الدكتوراه على كلمات لكل من وزيرة التربية والجامعات والأبحاث الإيطالية ستيفانيا جيانيني، ورئيس الجامعة يوجينيو جوديو أكدا فيها الدور المهم الذي تلعبه الملكة رانيا العبد الله في تقريب وجهات النظر وحوار الثقافات واهتمامها بالتعليم على المستوى الإقليمي والعالمي، مشيدين بجهودها وإطلاقها الكثير من المبادرات والأنشطة التي كان لها بصمات على المستوى الدولي.
يذكر أن جامعة سابينزا تأسست عام 1303، وتُعتبر أقدم جامعة في مدينة روما، ويدرس فيها أكثر من 120 ألف طالب من مختلف أنحاء العالم، ومن بين خريجي الجامعة صاحبة نظرية المونتيسوري في التعليم ماريا مونتيسوري، ورئيس البنك المركزي الأوروبي ماريو دراغي، وممثلة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي فيدريكا موغريني.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».