«كارول» و«رجل المريخ» و«ماد ماكس» في منافسة حامية على جوائز «غولدن غلوب»

البريطانيون يتألقون في معظم الفئات

ليوناردو ديكابريو في فيلم «ذا ريفنانت» (أ.ب)، مايكل فاسبندر في مشهد من فيلم «ستيف جوبز» (أ.ب)، مشهد من فيلم الرسوم المتحركة «ذا غود ديناصور» المرشح لـ«غولدن غلوب» (أ.ب)
ليوناردو ديكابريو في فيلم «ذا ريفنانت» (أ.ب)، مايكل فاسبندر في مشهد من فيلم «ستيف جوبز» (أ.ب)، مشهد من فيلم الرسوم المتحركة «ذا غود ديناصور» المرشح لـ«غولدن غلوب» (أ.ب)
TT

«كارول» و«رجل المريخ» و«ماد ماكس» في منافسة حامية على جوائز «غولدن غلوب»

ليوناردو ديكابريو في فيلم «ذا ريفنانت» (أ.ب)، مايكل فاسبندر في مشهد من فيلم «ستيف جوبز» (أ.ب)، مشهد من فيلم الرسوم المتحركة «ذا غود ديناصور» المرشح لـ«غولدن غلوب» (أ.ب)
ليوناردو ديكابريو في فيلم «ذا ريفنانت» (أ.ب)، مايكل فاسبندر في مشهد من فيلم «ستيف جوبز» (أ.ب)، مشهد من فيلم الرسوم المتحركة «ذا غود ديناصور» المرشح لـ«غولدن غلوب» (أ.ب)

أعلنت في هوليوود أمس ترشيحات جائزة «غولدن غلوب» في مجال التمثيل للسينما والتلفزيون، وبدت سيطرة فيلم «كارول» في عدد من الخانات، كما نال فيلم «ذا دانيش غيرل» (الفتاة الدنماركية) حظا وافرا من الترشيحات.
في خانة أفضل الأفلام، تقدم فيلم «كارول» بخمسة ترشيحات منها أفضل فيلم وأفضل ممثلة للأسترالية كيت بلانشيت، وأفضل مخرج لتود هاينز، وأفضل ممثلة مساعدة لروني مارا، وأيضا نال ترشيحا لأفضل موسيقى تصويرية. من الأفلام الأخرى المرشحة ظهر فيلم «ذا بيغ شورت» الذي يتناول الصراع في وول ستريت فئة الأفلام الكوميدية بأربعة ترشيحات. الفيلم من بطولة كريستيان بايل وستيف كاريل حيث حصل كل منهما على ترشيح أفضل ممثل وممثل مساعد، كما رشح الفيلم في فئة أفضل سيناريو، وأفضل فيلم موسيقي، أو كوميدي. وبدا أن الفيلمين نالا حظا عاليا في الفئات الأخرى. إلى جانب ذلك، رشح فيلم «ذا مارشان» (رجل المريخ) و«جوي» و«ذا ريفانانت» للمثل ليوناردو ديكابريو.
وحسبما ذكرت صحيفة «نيويورك تايمز»، فقد تنافست على الجوائز مواقع العرض المباشر على الإنترنت أمثال «نتفليكس»، و«أمازون برايم»، و«هولو»، إلى جانب «إتش بي أو» ومحطة «إي بي سي».
ويتنافس فيلم «ذا بيج شورت» على جائزة أفضل فيلم كوميدي-موسيقي إلى جانب أفلام «ذا مارشان» و«سباي» و«ترينويرك» و«جوي». كما نال كل من فيلمي «ذا ريفينانت» و«ستيف جوبز» أربعة ترشيحات.
في فئة أفضل دراما، رشح فيلم «ماد ماكس: فيوري رود»، كما رشح مخرجه جورج ميلر لأفضل مخرج. ولكن البعض لم يحالفه الحظ في الترشيحات هذا العام مثل الممثل جوني دب، الذي توقع كثيرون أن ينال جائزة عن دوره في فيلم «بلاك ماس»، كما فشل فيلم «بريدج أوف سبايز» للمخرج ستيفن سبيلبيرغ في اقتحام فئة أفضل فيلم وإن كان الممثل البريطاني مارك رايلانس نال ترشيحا لأفضل ممثل في دور مساعد في الفيلم.
وكعادتهم، نجح النجوم البريطانيون في اقتحام عدد من الفئات المرشحة، فترشح الممثل إيدي ريدماين، الفائز بـ«أوسكار» أفضل ممثل العام الماضي، في فئة أفضل ممثل عن «ذا دانيش غيرل» (الفتاة الدنماركية)، إلى جانب قائمة من أقوى نجوم هوليوود مثل ليوناردو ديكابريو (رشح 11 مرة في «غولدن غلوب» ولم يفز نهائيا)، ومايكل فاسبندر وويل سميث.
وفي مجال التلفزيون، رشح الممثل مارك رايلانس عن دوره في المسلسل التلفزيوني «وولف هال»، وهو الترشيح الثاني له في «غولدن غلوب» بعد الترشح عن أفضل ممثل مساعد في فيلم «بريدج أوف سبايز». كما رشح مواطنه داميان لويس في خانة أفضل ممثل مساعد في مسلسل تلفزيوني لجانب رايلانس، في مسلسل «وولف هال». ورشحت الممثلة جوانا فروغات عن مسلسل «داونتن آبي» والممثل ديفيد أويولو عن «نايتنغيل». ورشح الممثل الأسكوتلندي ألان كامينغ عن دوره في مسلسل «ذا غود وايف»، وفي مجال أفضل أغنية، رشح المغني سام سميث عن أغنية «الكتابة على الحائط» من فيلم «جيمس بوند - سبيكتر».
من الممثلات البريطانيات المرشحات، هناك كيت وينسليت وهيلين ميرين في فئة الدراما، أما الممثلة المخضرمة ماغي سميث فرشحت في فئة الكوميديا عن دورها في فيلم «ليدي إن ذا فان».
لكن الجوائز تعكس اختيارات جماعات النقاد وتعتبر أحد المؤشرات للمنافسة على الأوسكار. وفي العام الماضي فاز فيلم «بيردمان» بجائزة غولدن غلوب لأفضل فيلم كوميدي-موسيقي قبل أن يتوج بجائزة الأوسكار.
وتعلن أسماء الفائزين بجوائز غولدن غلوب في حفل يذاع تلفزيونيا من لوس أنجليس في العاشر من يناير (كانون الثاني) ويقدمه الممثل الكوميدي ريكي جيرفيز.



100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
TT

100 عامٍ من عاصي الرحباني

عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)
عاصي الرحباني وفيروز (تويتر)

في الرابع من شهر الخِصب وبراعم اللوز والورد، وُلد عاصي الرحباني. كانت البلادُ فكرةً فَتيّة لم تبلغ بعد عامها الثالث. وكانت أنطلياس، مسقط الرأس، قريةً لبنانيةً ساحليّة تتعطّر بزهر الليمون، وتَطربُ لارتطام الموج بصخور شاطئها.
لو قُدّر له أن يبلغ عامه المائة اليوم، لأَبصر عاصي التحوّلات التي أصابت البلاد وقُراها. تلاشت الأحلام، لكنّ «الرحباني الكبير» ثابتٌ كحقيقةٍ مُطلَقة وعَصي على الغياب؛ مقيمٌ في الأمس، متجذّر في الحاضر وممتدّةٌ جذوره إلى كل الآتي من الزمان.


عاصي الرحباني خلال جلسة تمرين ويبدو شقيقه الياس على البيانو (أرشيف Rahbani Productions)

«مهما قلنا عن عاصي قليل، ومهما فعلت الدولة لتكريمه قليل، وهذا يشمل كذلك منصور وفيروز»، يقول المؤلّف والمنتج الموسيقي أسامة الرحباني لـ«الشرق الأوسط» بمناسبة مئويّة عمّه. أما الصحافي والباحث محمود الزيباوي، الذي تعمّق كثيراً في إرث الرحابنة، فيرى أن التكريم الحقيقي يكون بتأليف لجنة تصنّف ما لم يُنشر من لوحاته الغنائية الموجودة في إذاعتَي دمشق ولبنان، وتعمل على نشره.
يقرّ أسامة الرحباني بتقصير العائلة تجاه «الريبرتوار الرحباني الضخم الذي يحتاج إلى تضافر جهود من أجل جَمعه»، متأسفاً على «الأعمال الكثيرة التي راحت في إذاعة الشرق الأدنى». غير أنّ ما انتشر من أغانٍ ومسرحيات وأفلام، على مدى أربعة عقود من عمل الثلاثي الرحباني عاصي ومنصور وفيروز، أصبح ذخيرةً للقرون المقبلة، وليس للقرن الرحباني الأول فحسب.

«فوتي احفظي، قومي سجّلي»
«كان بركاناً يغلي بالعمل... يكتب بسرعة ولا يتوقف عند هاجس صناعة ما هو أجمل، بل يترك السرد يمشي كي لا ينقطع الدفق»، هكذا يتذكّر أسامة عمّه عاصي. وفي بال الزيباوي كذلك، «عاصي هو تجسيدٌ للشغف وللإنسان المهووس بعمله». لم يكن مستغرباً أن يرنّ الهاتف عند أحد أصدقائه الساعة الثالثة فجراً، ليخرج صوت عاصي من السمّاعة قارئاً له ما كتب أو آخذاً رأيه في لحنٍ أنهاه للتوّ.
ووفق ما سمعه الزيباوي، فإن «بعض تمارين السيدة فيروز وتسجيلاتها كان من الممكن أن يمتدّ لـ40 ساعة متواصلة. يعيد التسجيل إذا لم يعجبه تفصيل، وهذا كان يرهقها»، رغم أنه الزوج وأب الأولاد الأربعة، إلا أن «عاصي بقي الأستاذ الذي تزوّج تلميذته»، على حدّ وصف الزيباوي. ومن أكثر الجمل التي تتذكّرها التلميذة عن أستاذها: «فوتي احفظي، قومي سَجّلي». أضنى الأمر فيروز وغالباً ما اعترفت به في الحوارات معها قبل أن تُطلقَ تنهيدةً صامتة: «كان ديكتاتوراً ومتطلّباً وقاسياً ومش سهل الرِضا أبداً... كان صعب كتير بالفن. لمّا يقرر شي يمشي فيه، ما يهمّه مواقفي».


عاصي وفيروز (تويتر)
نعم، كان عاصي الرحباني ديكتاتوراً في الفن وفق كل مَن عاصروه وعملوا معه. «كل العباقرة ديكتاتوريين، وهذا ضروري في الفن»، يقول أسامة الرحباني. ثم إن تلك القسوة لم تأتِ من عدم، فعاصي ومنصور ابنا الوَعر والحرمان.
أثقلت كتفَي عاصي منذ الصغر همومٌ أكبر من سنّه، فتحمّلَ وأخوه مسؤولية العائلة بعد وفاة الوالد. كان السند المعنوي والمادّي لأهل بيته. كمعطفٍ ردّ البردَ عنهم، كما في تلك الليلة العاصفة التي استقل فيها دراجة هوائية وقادها تحت حبال المطر من أنطلياس إلى الدورة، بحثاً عن منصور الذي تأخّر بالعودة من الوظيفة في بيروت. يروي أسامة الرحباني أنها «كانت لحظة مؤثرة جداً بين الأخوين، أبصرا خلالها وضعهما المادي المُذري... لم ينسيا ذلك المشهد أبداً، ومن مواقفَ كتلك استمدّا قوّتهما».
وكما في الصِبا كذلك في الطفولة، عندما كانت تمطر فتدخل المياه إلى المدرسة، كان يظنّ منصور أن الطوفان المذكور في الكتاب المقدّس قد بدأ. يُصاب بالهلَع ويصرخ مطالباً المدرّسين بالذهاب إلى أخيه، فيلاقيه عاصي ويحتضنه مهدّئاً من رَوعه.

«سهرة حبّ»... بالدَين
تعاقبت مواسم العزّ على سنوات عاصي الرحباني. فبعد بدايةٍ متعثّرة وحربٍ شرسة ضد أسلوبه الموسيقي الثائر على القديم، سلك دروب المجد. متسلّحاً بخياله المطرّز بحكايا جدّته غيتا و«عنتريّات» الوالد حنّا عاصي، اخترع قصصاً خفتت بفعلِ سحرِها الأصواتُ المُعترضة. أما لحناً، فابتدعَ نغمات غير مطابقة للنظريات السائدة، و«أوجد تركيبة جديدة لتوزيع الموسيقى العربية»، على ما يشرح أسامة الرحباني.


صورة تجمع عاصي ومنصور الرحباني وفيروز بالموسيقار محمد عبد الوهاب وفريد الأطرش، بحضور بديعة مصابني وفيلمون وهبي ونجيب حنكش (أرشيف Rahbani Productions)
كان عاصي مستعداً للخسارة المادية من أجل الربح الفني. يحكي محمود الزيباوي أنه، ولشدّة مثاليته، «سجّل مسرحية (سهرة حب) مرتَين ولم تعجبه النتيجة، فاقترض مبلغاً من المال ليسجّلها مرة ثالثة». ويضيف أن «أساطير كثيرة نُسجت حول الرحابنة، لكن الأسطورة الحقيقية الوحيدة هي جمال عملهم».
ما كانت لتكتمل أسطورة عاصي، لولا صوت تلك الصبية التي دخلت قفصَه الذهبي نهاد حدّاد، وطارت منه «فيروز».
«أدهشته»، يؤكّد الزيباوي؛ ويستطرد: «لكنّ أحداً منهما لم يعرف كيف يميّز بين نهاد حداد وفيروز»... «هي طبعاً المُلهِمة»، يقول أسامة الرحباني؛ «لمح فيها الشخصية التي لطالما أراد رسمَها، ورأى امرأةً تتجاوب مع تلك الشخصية»، ويضيف أن «عاصي دفع بصوت فيروز إلى الأعلى، فهو في الفن كان عنيفاً ويؤمن بالعصَب. كان يكره الارتخاء الموسيقي ويربط النجاح بالطبع الفني القوي، وهذا موجود عند فيروز».


زفاف عاصي الرحباني ونهاد حداد (فيروز) عام 1955 (تويتر)

دماغٌ بحجم وطن
من عزّ المجد، سرقت جلطة دماغيّة عاصي الرحباني عام 1972. «أكثر ما يثير الحزن أن عاصي مرض وهو في ذروة عطائه وإبداعه، وقد زادت الحرب اللبنانية من مرضه وصعّبت العمل كثيراً»، وفق الزيباوي. لم يكن القلق من الغد الغامض غريباً عليه. فهو ومنذ أودى انفجارٌ في إحدى الكسّارات بحياة زوج خالته يوسف الزيناتي، الذي كان يعتبره صياداً خارقاً واستوحى منه شخصيات لمسرحه، سكنته الأسئلة الحائرة حول الموت وما بعدَه.
الدماغ الذي وصفه الطبيب الفرنسي المعالج بأنه من أكبر ما رأى، عاد ليضيء كقمرٍ ليالي الحصّادين والعاشقين والوطن المشلّع. نهض عاصي ورجع إلى البزُق الذي ورثه عن والده، وإلى نُبله وكرمه الذي يسرد أسامة الرحباني عنهما الكثير.
بعد المرض، لانت قسوة عاصي في العمل وتَضاعفَ كرَمُه المعهود. يقول أسامة الرحباني إن «أقصى لحظات فرحه كانت لحظة العطاء». أعطى من ماله ومن فِكرِه، وعُرف بيدِه الموضوعة دائماً في جيبِه استعداداً لتوزيع النقود على المحتاجين في الشارع. أما داخل البيت، فتجسّد الكرَم عاداتٍ لطيفة وطريفة، كأن يشتري 20 كنزة متشابهة ويوزّعها على رجال العائلة وشبّانها.
خلال سنواته الأخيرة ومع احتدام الحرب، زاد قلق عاصي الرحباني على أفراد العائلة. ما كان يوفّر مزحة أو حكاية ليهدّئ بها خوف الأطفال، كما في ذلك اليوم من صيف 1975 الذي استُهدفت فيه بلدة بكفيا، مصيَف العائلة. يذكر أسامة الرحباني كيف دخل عاصي إلى الغرفة التي تجمّع فيها أولاد العائلة مرتعدين، فبدأ يقلّد الممثلين الأميركيين وهم يُطلقون النار في الأفلام الإيطالية، ليُنسيَهم ما في الخارج من أزيز رصاص حقيقي. وسط الدمار، بنى لهم وطناً من خيالٍ جميل، تماماً كما فعل وما زال يفعل في عامِه المائة، مع اللبنانيين.


عاصي الرحباني (غيتي)