الحدود الشرقية للبنان مسرح عمليات عسكرية لبنانية – سورية - روسية

حزب الله يقتل قياديًا لـ«النصرة».. والجيش يرصد تحركات «لافتة» للمسلحين

الحدود الشرقية للبنان مسرح عمليات عسكرية لبنانية – سورية - روسية
TT

الحدود الشرقية للبنان مسرح عمليات عسكرية لبنانية – سورية - روسية

الحدود الشرقية للبنان مسرح عمليات عسكرية لبنانية – سورية - روسية

شهدت الحدود الشرقية للبنان في الساعات الماضية سلسلة عمليات عسكرية نفذها أكثر من طرف استهدافا لتحركات مسلحي تنظيمي «جبهة النصرة» و«داعش» في الأراضي اللبنانية الحدودية مع سوريا. ففي حين نفذ الطيران الروسي قبل يومين غارات استهدفت «داعش» في جرود رأس بعلبك، قصف الطيران السوري تجمعات لـ«النصرة» في جرود عرسال أمس، وتولت مدفعية الجيش اللبناني التصدي لتحركات المسلحين كما أفيد عن اشتباك حزب الله مع إحدى المجموعات ما أدّى إلى مقتل قيادي في «النصرة».
وقال مصدر أمني لـ«الشرق الأوسط»، إن الجيش رصد في الساعات الـ24 الماضية «تحركات لافتة للمسلحين ما جعلهم مرئيين وسهّل عملية استهدافهم»، لافتا إلى أن «تحركاتهم عادة ما تكون محدودة فيتم رصد تحرك يتيم باليوم، لكن في الفترة الأخيرة نشطت هذه الحركة التي من المرجح أن تكون بهدف استبدال أو تغيير المواقع مع حلول فصل الشتاء». وأوضح المصدر، أن «الجيش لا يستخدم المدفعية بغزارة، كما فعل في الساعات الماضية، إلا إذا كانت حركة المسلحين كبيرة وإصابة الهدف مؤكدة»، وأضاف: «أما إذا كانت المجموعات تحضّر أصلا لعملية عسكرية ما، فقد تم شل قدرتها وهي ستحتاج لإعادة تنظيم صفوفها بعد لململة قتلاها وجرحاها».
ونفى المصدر الأمني نفيا قاطعا حصول أي تنسيق بين الجيش اللبناني وحزب الله والطيران الروسي والسوري في العمليات الحاصلة على الحدود، مشيرا إلى أن «كل طرف يتولى محور معين في المنطقة، فالحزب مثلا يتحرك من اللبوة باتجاه الشمال فيما الجيش يقوم بعملياته من عرسال باتجاه الشرق». وأضاف: «نؤكد ألا مجال لتعاون لبناني – روسي لاستهداف تجمعات لمسلحين على أراضٍ خاضعة لسلطة الدولة اللبنانية».
وكشفت عملية التبادل التي حصلت الأسبوع الماضي بين الحكومة اللبنانية و«جبهة النصرة» وأدّت لتحرير 16 من العسكريين المختطفين، احتلال المسلحين لقسم كبير من الأراضي اللبنانية، حيث يقيمون مراكز عسكرية وأمنية خاصة بهم. وأقر وزير الداخلية نهاد المشنوق بكون «بلدة عرسال هي منطقة محتلة»، داعيا «بدل التذمر والاعتراض على صور المسلحين التي ظهرت على الشاشات»، إلى «تحصين سياستنا بعدم الانخراط في الحريق السوري».
إلا أن تكثيف الجيش اللبناني لعملياته العسكرية في المنطقة بعيد إعلان منطقة وادي حميد في جرود عرسال «منطقة آمنة» كجزء من الاتفاق الذي تم مع «النصرة»، كما دخول موسكو على خط قصف تجمعات المسلحين أثار أكثر من عملية استفهام حول مستقبل المنطقة الحدودية، خاصة بعد عملية كبيرة نفذها حزب الله يوم أمس (الأربعاء) أدّت لمقتل أحد قادة المجموعات المسلحة.
وأفادت وسائل إعلام حزب الله بمقتل قيادي في «جبهة النصرة» بنيران عناصر الحزب في منطقة وادي الخيل في جرود عرسال، لافتة إلى أنه «تم تدمير سيارة رباعية الدفع لأحد قياديي الجبهة المدعو (أبو فراس الجبة) الذي قتل وثلاثة من مرافقيه باستهداف عناصر الحزب لموكب لهم مؤلف من 3 سيارات».
وفي التفاصيل فإن استهداف موكب «أبو فراس الجبة» الملقب بـ«الأسمر» تم «لدى مرور موكبه في وادي الخيل في جرود عرسال، بينما كان في مهمة تفقدية لنقاط انتشار مسلحي جبهة النصرة في المنطقة». وأسفر استهداف عن «مقتل الجبة وثلاثة من مرافقيه، ولدى محاولة مسلحي النصرة سحب جثثهم، عاود عناصر الحزب استهداف الموكب بالأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف المدفعية المباشرة ما أسفر عن مقتل خمسة آخرين». وبعدها، دارت اشتباكات بين عناصر حزب الله ومسلحي «النصرة» استخدمت فيها الأسلحة الرشاشة الثقيلة وقذائف المدفعية المباشرة.
وكان الجبة يتزعم سابقًا «لواء أحرار القلمون»، وبايع «جبهة النصرة» مؤخرًا، وينضوي تحت إمرته ما لا يقل عن 70 مسلحًا.
وبالتزامن مع هذه الاشتباكات، قام الجيش اللبناني باستهداف تجمعات لمسلحي «النصرة» في جرود عرسال بقذائف المدفعية وراجمات الصواريخ، معلنا عن «تحقيق إصابات مباشرة».
ونفت مصادر معنية بالعمليات العسكرية لـ«الشرق الأوسط»، أن يكون هناك قرار لدى حزب الله بالقيام بعملية عسكرية واسعة في المنطقة، لافتة إلى أن «استهداف موكب (أبو فراس الجبة) جاء بعد رصده والتأكد من إمكانية تحقيق أهداف مباشرة».
من جهته، تحدث ثائر القلموني، مدير «مكتب القلمون الإعلامي» لـ«الشرق الأوسط» عن «اشتباكات عنيفة تدور بين الثوار وعناصر حزب الله في جرود بلدة فليطة»، لافتا إلى مقتل أحد قيادي «جيش الفتح» وهو «أبو فراس الجبة» خلال الاشتباكات الدائرة، وسط قصف مدفعي وصاروخي براجمات الصواريخ منذ الصباح الباكر من نقاط الجيش اللبناني على أطراف عرسال باتجاه مواقع الثوار في جرود القلمون».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.