60 ألف منزل بريطاني من دون كهرباء بسبب فيضانات عاصفة «ديزموند»

توقعات بمزيد من الأمطار والفوضى.. والحكومة تستعين بالجيش للتعامل مع الأزمة

جنود بريطانيون يقومون بإجلاء السكان في كارليل شمال غربي إنجلترا (إ.ب.أ)
جنود بريطانيون يقومون بإجلاء السكان في كارليل شمال غربي إنجلترا (إ.ب.أ)
TT

60 ألف منزل بريطاني من دون كهرباء بسبب فيضانات عاصفة «ديزموند»

جنود بريطانيون يقومون بإجلاء السكان في كارليل شمال غربي إنجلترا (إ.ب.أ)
جنود بريطانيون يقومون بإجلاء السكان في كارليل شمال غربي إنجلترا (إ.ب.أ)

ترأس رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أمس، اجتماعا آخر للجنة الطوارئ البريطانية، المعروفة باسم «كوبرا»، لمناقشة أزمة الفيضانات التي سببتها العاصفة «ديزموند». وكان رئيس الوزراء البريطاني قد قال إن «جميع الإجراءات اتخذت لمنع وقوع مزيد من الأضرار».
على الرغم من التحركات الرسمية والاحتياطية والاستعانة بقوات من الجيش فإن التيار الكهربائي قد انقطع عن قرابة ستين ألف منزل بعد غرق محطة كهرباء فرعية في لانكستر خلال العاصفة، وأغلقت المدارس، وتوقف كثير من السكك الحديدية وحركة القطارات بين إنجلترا واسكتلندا، وانقطعت الطرق الرئيسية التي توصل جنوب بريطانيا بشمالها.
وكانت قد عقدت لجنة «كوبرا» اجتماعا أول من أمس بعد حدوث فيضانات على نطاق واسع في شمال غربي إنجلترا، وأجبرت «خدمات الطوارئ» على إجلاء السكان من منازلهم.
وقالت وزيرة البيئة إليزابيث، التي ترأس اللجنة الحكومية التي دعت إلى الاجتماع: «لنقيم على عجل نطاق الفيضانات، وضمان استمرار الاستجابة بشكل منسق وفاعل، وتقديم العون إلى المتضررين في أسرع وقت ممكن».
وذكرت الشرطة أنها تعتقد أن رجلا لقي حتفه في لندن التي شهدت أيضا رياحا عاتية. ولم ترد تقارير أخرى عن وقوع وفيات أو إصابات.
وعانت بريطانيا كثيرا من الفيضانات الشديدة في السنوات القليلة الماضية. وفي 2014 غمرت المياه آلاف الأفدنة الزراعية في جنوب البلاد لعدة أسابيع. كما تعرضت المنطقة الشمالية الغربية لفيضانات هائلة في 2009 و2005. وقال رئيس الوزراء ديفيد كاميرون في تغريدة على «تويتر» إنه «تمت تعبئة الجيش لمساعدة المتضررين».
وقال مارك ووكر، وهو معلم يعيش في مدينة كارليل التي تأثرت بالفيضانات بشدة، لـ«رويترز» عبر الهاتف: «عند النظر إلى الطريق الرئيسي الذي أنا موجود فيه حاليا لا يمكنني القول.. أين يبدأ النهر وأين ينتهي؟ إنها مياه بنية قذرة.. هناك فوضى حقيقية».
وقامت السلطات البريطانية بتعبئة قوات الجيش أول من أمس، بينما ضرب مزيد من الفيضانات بلدات في مقاطعة كمبريا شمال غربي إنجلترا. كما تضررت المناطق القريبة في اسكتلندا وشمال ويلز وشمال شرقي إنجلترا جراء العاصفة.
بينما أصدرت الحكومة نحو مائة تحذير من فيضانات شديدة في أنحاء البلاد فإن كثيرا من تلك التحذيرات جاء على طول الأنهار التي ارتفع بها منسوب المياه.
وقال رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «تمت تعبئة الجيش لمساعدة المتضررين من العاصفة (ديزموند) والفيضانات».
وتتوقع هيئة الأرصاد الجوية البريطانية استمرار هطول أمطار غزيرة في وقت لاحق من الأسبوع الحالي. وكانت العاصفة «ديزموند» قد ضربت بريطانيا الأسبوع الماضي، وتسببت في إغلاق عدد من المدارس والمراكز الصحية في أجزاء من شمال إنجلترا واستكلندا وإقليم ويلز. ويعاني آلاف في كامبريا في شمال إنجلترا من انقطاع الكهرباء حتى الآن، بينما يواصل الجيش إجلاء السكان من منازلهم في كارليل وكيزيك وأبلباي. وقد خفت الأمطار والرياح الشديدة أمس الاثنين.
ويتوقع أن يناقش الاجتماع الحكومي الطارئ كذلك تشييد تحصينات لمواجهة الفيضانات في المستقبل، إضافة إلى خسائر شركات التأمين، وما قد يترتب على ذلك من زيادات في أقساط التأمين للمستهلكين على الممتلكات والبنايات.
وتعرضت الحكومة البريطانية لانتقادات بعدما فشلت تحصينات، كلف بناؤها ملايين الجنيهات في أعقاب فيضانات جارفة عام 2005، في إنقاذ منازل السكان في مدينة كامبريا.
وقالت هيئة الكهرباء في «ويست نورث» إن «45 ألف منزل في لانكستر وموركامب والمناطق المحيطة أعيد توصيل الإمدادات إليها مرة أخرى».
وفتحت ثمانية مراكز إغاثة في أنحاء كامبريا للذين أجبروا على مغادرة منازلهم في اسكتلندا، وأصدرت السلطات قرابة 35 تحذيرا من الفيضانات مع إغلاق طرق رئيسية بسبب الانهيارات الأرضية والفيضانات. وتوقفت حركة القطارات بين إنجلترا واستكلندا عبر بريستون، بينما فرضت إجراءات مشددة على الطرق السريعة وغيرها من المسارات.
مناشدة أطلقتها «مؤسسة كامبريا الخيرية» لجمع مليون جنيه إسترليني لدعم المتضررين من الفيضانات، وجمعت بالفعل أكثر من 120 ألف جنيه إسترليني.
وتصدع كثير من الجسور الرئيسية في مدن بريثويت وكيسويك، ومقاطعة ديستريكت. وقال كارك بانون، من شرطة كامبريا: «أنقذنا المئات من المواطنين في كارليل وحدها، وأعدادا أخرى كبيرة في أنحاء البلاد. ولدينا ما بين أربعة إلى خمسة آلاف منزل غمرتها المياه». وأضاف في تصريحات أوردتها الوكالات: «من اليوم نشهد تعافيا، وخفت الأمطار في أنحاء كثيرة من كامبريا، لكن نتعرض حتى الآن لبعض السيول الشديدة».
وقال ستيوارت يونغ، رئيس مجلس منطقة كامبريا، إن «هناك حاجة إلى إجراء تحقيق في فاعلية تحصينات مواجهة الفيضانات».
وقال مالكون تارلنغ، من رابطة شركات التأمين البريطانية، إن القطاع «حشد جيشا صغيرا» من مديري إدارات المطالبات وآخرين لمساعدة المتضررين من الفيضانات.
وتضرر كذلك عدد من إمدادات المياه في بلدات رئيسية من آثار الفيضانات، ويتوقع إغلاق ما لا يقل عن عشرين مدرسة حتى أمس الاثنين.
وأدى انقطاع الكهرباء إلى إلغاء مواعيد وخدمات روتينية في مستشفيات هيئة الخدمات الصحية الوطنية ومراكزها.
وقال مجلس أمناء الهيئة في كامبريا إنها ستستمر في تقديم الخدمات الضرورية. وشغل مركزا كامبرلاند ورويال لانكستر للخدمات الصحية بمولدات احتياطية، وهو ما أدى إلى إلغاء العمليات غير الضرورية ومراجعة العيادات أمس الاثنين. وألغى مستشفيا «ويستمورلاند جنرال» و«كوين فيكتوريا» في موركامب مواعيد تقديم الخدمات الخارجية لمرضاهما.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».