«الناتو» يستبعد إرسال قوات برية لقتال«داعش» في سوريا

الرئيس الأميركي يتعهد بـ«مطاردة الإرهابيين أينما كانوا» مؤكدا أنهم «مجرمون وقتلة» ولا يتحدثون باسم الإسلام

الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس شتولتنبرغ
الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس شتولتنبرغ
TT

«الناتو» يستبعد إرسال قوات برية لقتال«داعش» في سوريا

الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس شتولتنبرغ
الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس شتولتنبرغ

قال الأمين العام لحلف شمال الاطلسي ينس شتولتنبرغ لصحيفة سويسرية، إن الحلف استبعد ارسال قوات برية لقتال متطرفي تنظيم "داعش" في سوريا، مؤكدا ضرورة دعم القوات المحلية في الصراع.
وقال لصحيفة "تاغس أنتسايغر" عندما سئل عن نشر قوات برية بالاضافة للضربات الجوية "هذا ليس مطروحا على جدول أعمال التحالف وأعضاء حلف شمال الاطلسي". وأضاف "الولايات المتحدة لها عدد محدود من القوات الخاصة. لكن الأهم هو تعزيز القوات المحلية. هذا ليس سهلا لكنه الخيار الوحيد".
وشدد شتولنبرغ على أن الصراع ليس حربا بين الغرب والعالم الاسلامي لكنه ضد "التطرف والارهاب". وقال "المسلمون على الخط الامامي لهذه الحرب. معظم الضحايا مسلمون ومعظم من يقاتلون ضد داعش مسلمون. لا نستطيع أن نخوض هذا الصراع بالنيابة عنهم". وأشار الى أن الحلف سيساعد تركيا على تحسين دفاعاتها الجوية بعد أن أسقطت أنقرة طائرة عسكرية روسية الشهر الماضي. وسيتبنى الحلف مجموعة اجراءات تخص تركيا قبل عيد الميلاد. مؤكدا ضرورة تخفيف حدة الازمة مع روسيا بعد إسقاط الطائرة.
وقال شتولنبرغ "الآن من المهم وقف التصعيد ووضع آليات لمنع وقوع حوادث مشابهة في المستقبل. نرى حشدا كبيرا للوجود العسكري الروسي من أقصى الشمال الى البحر المتوسط. هناك أيضا يجب أن نتفادى وقوع حوادث مماثلة لما حدث في تركيا".
من جانبه، قال مولود تشاووش أوغلو وزير الخارجية التركي اليوم (الاثنين) ان العمليات الجوية فقط ليست كافية للقضاء على تنظيم "داعش" في سوريا، وان هناك حاجة لقوة برية فعالة لدعم المعارضة المعتدلة هناك.
وجاءت تصريحاته في مقابلة مع قناة "كانال 24" التلفزيونية التركية.
بدوره، قال الرئيس الأميركي باراك أوباما ان استراتيجيته لمحاربة التنظيم المتطرف في العراق وسوريا لا تشمل قوات برية قتالية، لكن وزارة الدفاع الاميركية (البنتاغون) أعلنت أنها سترسل قوة جديدة تضم جنودا من العمليات الخاصة.
وتعهد اوباما في خطاب الى الامة مساء أمس (الاحد) بـ"مطاردة الارهابيين" أينما كانوا والقضاء على تنظيم "داعش"، سعيا منه لطمأنة الاميركيين المتخوفين بعد اعتداء سان بيرناردينو.
وفي مواجهة الاسئلة والتشكيك في قيادته وفي استراتيجيته بعد المجزرة التي اوقعت 14 قتيلا في سان بيرناردينو بولاية كاليفورنيا، قال اوباما في الخطاب الذي ألقاه من المكتب البيضاوي ان "التهديد الارهابي حقيقي ولكننا سننتصر عليه. سنقضي على تنظيم داعش وعلى اي تنظيم آخر يحاول ايذاءنا".
واقر أوباما بأن العديد من الاميركيين يتساءلون ان كانوا يواجهون "سرطانا لا علاج آنيا له" فأكد ان "قواتنا ستواصل مطاردة المتآمرين الارهابيين في أي بلد كان ذلك ضروريا" داعيا مواطنيه الى عدم الاستسلام للخوف وعدم الانجرار الى وصم المسلمين.
وجدد أوباما التأكيد على ان المعركة ليست مع الاسلام وقال ان "تنظيم "داعش" لا يتحدث باسم الاسلام، انهم مجرمون وقتلة"، داعيا الى اعتبار المسلمين بمثابة حلفاء، وعدم "استبعادهم من خلال الريبة او الكراهية". واضاف "لا يمكننا ان نسمح بأن تصبح هذه حربا بين اميركا والاسلام، فهذا ايضا هو ما تريده تنظيمات مثل داعش".
وبدون اعلان اي تغيير في استراتيجيته لمحاربة تنظيم "داعش" اكد اوباما "علينا الا ننجر مرة اخرى الى حرب برية طويلة ومكلفة في العراق وسوريا".
واظهر استطلاع أجرته شبكة "سي ان ان" ومعهد "او ار سي" وصدرت نتائجه مساء امس قبل قليل من خطاب اوباما، ان 68% من الاميركيين يعتبرون ان رده العسكري على تنظيم "داعش" لم يكن هجوميا بقدر كاف.
وبحسب استطلاع الرأي الذي جرى قبل حادث اطلاق النار في سان بيرناردينو، فان 60% من المستطلعين (مقابل 51% في مايو (ايار) لا يوافقون على طريقة الرئيس في التصدي لمسألة الارهاب.



الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
TT

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)
طفل يمني يعاني من سوء التغذية وتتوقع وكالة أممية تفاقم الوضع الإنساني خلال الأشهر المقبلة (الأمم المتحدة)

يتضاعف خطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بعد تفاقم الأزمة الاقتصادية، وانهيار سعر العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، بفعل الحرب الحوثية على الموارد الرئيسية للبلاد، وتوسيع دائرة الصراع إلى خارج الحدود، في حين تتزايد الدعوات إلى اللجوء للتنمية المستدامة، والبحث عن حلول من الداخل.

وبينما تتوالي التحذيرات من تعاظم احتياجات السكان إلى المساعدات الإنسانية خلال الأشهر المقبلة، تواجه الحكومة اليمنية تحديات صعبة في إدارة الأمن الغذائي، وتوفير الخدمات للسكان في مناطق سيطرتها، خصوصاً بعد تراجع المساعدات الإغاثية الدولية والأممية خلال الأشهر الماضية، ما زاد من التعقيدات التي تعاني منها بفعل توقف عدد من الموارد التي كانت تعتمد عليها في سد الكثير من الفجوات الغذائية والخدمية.

ورجحت شبكة الإنذار المبكر بالمجاعة حدوث ارتفاع في عدد المحتاجين إلى المساعدات الإنسانية في اليمن في ظل استمرار التدهور الاقتصادي في البلاد، حيث لا تزال العائلات تعاني من التأثيرات طويلة الأجل للصراع المطول، بما في ذلك الظروف الاقتصادية الكلية السيئة للغاية، بينما تستمر بيئة الأعمال في التآكل بسبب نقص العملة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، وانخفاض قيمة العملة والتضخم في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وبحسب توقعات الأمن الغذائي خلال الستة أشهر المقبلة، فإنه وبفعل الظروف الاقتصادية السيئة، وانخفاض فرص كسب الدخل المحدودة، ستواجه ملايين العائلات، فجوات مستمرة في استهلاك الغذاء وحالة انعدام الأمن الغذائي الحاد واسعة النطاق على مستوى الأزمة (المرحلة الثالثة من التصنيف المرحلي) أو حالة الطوارئ (المرحلة الرابعة) في مناطق نفوذ الحكومة الشرعية.

انهيار العملة المحلية أسهم مع تراجع المساعدات الإغاثية في تراجع الأمن الغذائي باليمن (البنك الدولي)

يشدد الأكاديمي محمد قحطان، أستاذ الاقتصاد في جامعة تعز، على ضرورة وجود إرادة سياسية حازمة لمواجهة أسباب الانهيار الاقتصادي وتهاوي العملة المحلية أمام العملات الأجنبية، منوهاً إلى أن عائدات صادرات النفط والغاز كانت تغطي 70 في المائة من الإنفاق العام في الموازنة العامة، وهو ما يؤكد أهميتها في تشغيل مؤسسات الدولة.

ويضيف قحطان في حديث خص به «الشرق الأوسط» أن وقف هذه الصادرات يضع الحكومة في حالة عجز عن الوفاء بالتزاماتها، بالتضافر مع أسباب أخرى منها الفساد والتسيب الوظيفي في أهم المؤسسات الحكومية، وعدم وصول إيرادات مؤسسات الدولة إلى البنك المركزي، والمضاربة بالعملات الأجنبية وتسريبها إلى الخارج، واستيراد مشتقات الوقود بدلاً من تكرير النفط داخلياً.

أدوات الإصلاح

طبقاً لخبراء اقتصاديين، تنذر الإخفاقات في إدارة الموارد السيادية ورفد خزينة الدولة بها، والفشل في إدارة أسعار صرف العملات الأجنبية، بآثار كارثية على سعر العملة المحلية، والتوجه إلى تمويل النفقات الحكومية من مصادر تضخمية مثل الإصدار النقدي.

توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

ويلفت الأكاديمي قحطان إلى أن استيراد مشتقات الوقود من الخارج لتغطية حاجة السوق اليمنية من دون مادة الأسفلت يكلف الدولة أكثر من 3.5 مليار دولار في السنة، بينما في حالة تكرير النفط المنتج محلياً سيتم توفير هذا المبلغ لدعم ميزان المدفوعات، وتوفير احتياجات البلاد من الأسفلت لتعبيد الطرقات عوض استيرادها، وأيضاً تحصيل إيرادات مقابل بيع الوقود داخلياً.

وسيتبع ذلك إمكانية إدارة البنك المركزي لتلك المبالغ لدعم العرض النقدي من العملات الأجنبية، ومواجهة الطلب بأريحية تامة دون ضغوط للطلب عليها، ولن يكون بحاجة إلى بيع دولارات لتغطية الرواتب، كما يحدث حالياً، وسيتمكن من سحب فائض السيولة النقدية، ما سيعيد للاقتصاد توازنه، وتتعافى العملة الوطنية مقابل العملات الأجنبية، وهو ما سيسهم في استعادة جزء من القدرة الشرائية المفقودة للسكان.

ودعا الحكومة إلى خفض نفقاتها الداخلية والخارجية ومواجهة الفساد في الأوعية الإيرادية لإحداث تحول سريع من حالة الركود التضخمي إلى حالة الانتعاش الاقتصادي، ومواجهة البيئة الطاردة للاستثمارات ورجال الأعمال اليمنيين، مع الأهمية القصوى لعودة كل منتسبي الدولة للاستقرار داخل البلاد، وأداء مهاهم من مواقعهم.

الحكومة اليمنية تطالب المجتمع الدولي بالضغط على الحوثيين لوقف حصار تصدير النفط (سبأ)

ويؤكد مصدر حكومي يمني لـ«الشرق الأوسط» أن الحكومة باتت تدرك الأخطاء التي تراكمت خلال السنوات الماضية، مثل تسرب الكثير من أموال المساعدات الدولية والودائع السعودية في البنك المركزي إلى قنوات لإنتاج حلول مؤقتة، بدلاً من استثمارها في مشاريع للتنمية المستدامة، إلا أن معالجة تلك الأخطاء لم تعد سهلة حالياً.

الحل بالتنمية المستدامة

وفقاً للمصدر الذي فضل التحفظ على بياناته، لعدم امتلاكه صلاحية الحديث لوسائل الإعلام، فإن النقاشات الحكومية الحالية تبحث في كيفية الحصول على مساعدات خارجية جديدة لتحقيق تنمية مستدامة، بالشراكة وتحت إشراف الجهات الممولة، لضمان نجاح تلك المشروعات.

إلا أنه اعترف بصعوبة حدوث ذلك، وهو ما يدفع الحكومة إلى المطالبة بإلحاح للضغط من أجل تمكينها من الموارد الرئيسية، ومنها تصدير النفط.

واعترف المصدر أيضاً بصعوبة موافقة المجتمع الدولي على الضغط على الجماعة الحوثية لوقف حصارها المفروض على تصدير النفط، نظراً لتعنتها وشروطها صعبة التنفيذ من جهة، وإمكانية تصعيدها العسكري لفرض تلك الشروط في وقت يتوقع فيه حدوث تقدم في مشاورات السلام، من جهة ثانية.

تحذيرات من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد (أ.ف.ب)

وقدمت الحكومة اليمنية، أواخر الشهر الماضي، رؤية شاملة إلى البنك الدولي لإعادة هيكلة المشروعات القائمة لتتوافق مع الاحتياجات الراهنة، مطالبةً في الوقت ذاته بزيادة المخصصات المالية المخصصة للبلاد في الدورة الجديدة.

وكان البنك الدولي توقع في تقرير له هذا الشهر، انكماش إجمالي الناتج المحلي بنسبة واحد في المائة هذا العام، بعد انخفاضه بنسبة 2 في المائة العام الماضي، بما يؤدي إلى المزيد من التدهور في نصيب الفرد من إجمالي الناتج الحقيقي.

ويعاني أكثر من 60 في المائة من السكان من ضعف قدرتهم على الحصول على الغذاء الكافي، وفقاً للبنك الدولي، بسبب استمرار الحصار الذي فرضته الجماعة الحوثية على صادرات النفط، ما أدى إلى انخفاض الإيرادات المالية للحكومة بنسبة 42 في المائة خلال النصف الأول من العام الحالي، وترتب على ذلك عجزها عن تقديم الخدمات الأساسية للسكان.

وأبدى البنك قلقه من مآلات قاتمة لتداعيات الصراع الذي افتعلته الجماعة الحوثية في المياه المحيطة باليمن على الاقتصاد، وتفاقم الأزمات الاجتماعية والإنسانية.