مهرجان مراكش يكرم نجمة بوليوود مادوري شانكار

«زهرة الفولاذ» الكوري و«فردوس» الإيراني يدخلان المنافسة على جوائز الدورة

تكريم نجمة بوليوود الممثلة مادوري شانكار ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة  من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش («الشرق الأوسط»)
تكريم نجمة بوليوود الممثلة مادوري شانكار ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش («الشرق الأوسط»)
TT

مهرجان مراكش يكرم نجمة بوليوود مادوري شانكار

تكريم نجمة بوليوود الممثلة مادوري شانكار ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة  من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش («الشرق الأوسط»)
تكريم نجمة بوليوود الممثلة مادوري شانكار ضمن فعاليات الدورة الخامسة عشرة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش («الشرق الأوسط»)

«فرنسيس فورد كوبولا ليس سينمائيا.. إنه السينما»، هكذا تم تقديم هذا المخرج الأميركي في ليلة افتتاح الدورة الخامسة عشرة من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. حقيقة سيؤكدها برنامج اليوم الثاني من فعاليات التظاهرة المغربية، وذلك خلال المؤتمر الصحافي، الذي نشطه أعضاء لجنة التحكيم، برئاسة مخرج «العراب».
كوبولا، الذي أخرج أيضا «القيامة الآن»، كان وفيا لتاريخه ولسمعته. ذكر بالتوجه الذي يعشقه في السينما، مشددا على الحاجة إلى التعايش بين شعوب العالم.
مدح كوبولا كثيرا مهرجان مراكش، لأنه رأى أنه «يحمل رسالة تحرير الروح»؛ وانتقد إخراج الأفلام التجارية وحرص كثير من القائمين على السينما على جني الأرباح، بدل السعي خلف جودة المنتوج السينمائي. كما انتقد غياب الجرأة لدى كثير من السينمائيين، وهيمنة أفلام التسلية والعنف، الشيء الذي يناقض رسالة الفن السابع، المتمحورة، في نظره، حول الإبداع والتعايش.
كما تحدث عن رسالة الفنان وسلطة السينما، مشيرا إلى أن الفنان لا يمكنه أن يغير العالم بعصا سحرية، في وقت تتمتع فيه السينما بسلطة التأثير في الأشخاص، إما إيجابا أو سلبا، مع قدرة على المساهمة في التخفيف من العنف ووقف الحروب التي يعيشها العالم، شريطة تقديم أعمال جيدة، تراعي البعد الإنساني وتحترم الاختلاف بين الشعوب والثقافات.
يجمع المتتبعون لمسار الفن السابع وكبار مبدعيه على أن كوبولا كان، دائما، من السينمائيين ذوي الرؤية الواسعة وبقابلية كبرى على التجريب، كما كان حال أورسن ويلز وآبيل كانس وكيروزاوا وفيليني؛ هو الذي تنبأ، منذ بداية عقد الثمانينات من القرن الماضي، وقبل الجميع، بمجيء تقنيات الفيديو والسينما الرقمية عند خروج فيلمه «القيامة الآن». كما نجح في إخراج أفلام رائعة بطموحات مختلفة في إطار المنظومة الهوليودية، وهي أفلام أدى من أجلها تضحيات جسيمة، وتكبد، في بعضها، خسائر كبيرة. ومع ذلك، بقي مبدعا مستقلا لا يصغي إلا لرغباته. وكانت المفارقة أنه استطاع تمويل عودته للسينما بفضل ماله الخاص والثروة التي جناها من مزارع العنب والفنادق التي يمتلكها. ويبقى من المثير، أيضا، في كوبولا طريقة عمله، حيث ما زال المخرج ذو الاثنين وسبعين عاما يصدر أعمالا طابعها الشبابية. مخرج ظن الجميع أن مساره انتهى بعد فشل أفلامه ذات الصبغة الشخصية وتجاربه التي وضع من خلالها حصيلة فنية وإنسانية لحياة شهدت انتصارات عديدة، وكذلك إخفاقات وتراجيديات عدة، مع تمسك دائم بالإعجاب بالسينما ودون التخلي عن التجريب.
من جهتهم، يشدد النقاد على أن كوبولا تمكن من الوصول إلى ما أخفق فيه الكثير من المخرجين، الذين أفلسوا: إخراج أفلام أحلامه بفضل ثروته الخاصة وبوتيرة تارة صناعية، مع أفلام مطولة توزع في العالم بأسره وممثلين مشهورين، وتارة أخرى مع أفلام تجريبية بوسائل تكنولوجية جديدة ومقاربات فنية مختلفة وسيناريوهات غير معتادة لم يقبل أحد أن ينتجها، حتى خارج منظومة هوليوود.
وبعد تكريم نجم هوليوود، الأميركي بيل موراي، في ليلة الافتتاح، كان الموعد، في ثاني أيام المهرجان، مع نجمة بوليوود، الممثلة مادوري ديكسيت شانكار.
قالت مادوري إنها معجبة بالمغرب، وبعشق المغاربة للسينما الهندية. وبعد أن أثنت على مهرجان مراكش، والقيمة المضافة التي يقدمها، شددت مادوري على أن السينما يمكن أن تشكل أرضية للمساعدة في حل النزاعات والصراعات التي يعرفها العالم في الوقت الراهن.
وبعيدا عن قصر المؤتمرات، حيث نالت نجمة التكريم، وجدت مادوري، عند تنقلها لمتابعة عرض فيلمها «ديفداس»، في فضاء جامع الفنا، جمهورا كبيرا في انتظارها، بقدر ما اختنقت به الساحة الشهيرة فإنه ترجم العشق الجارف الذي يكنه المغاربة للسينما الهندية ولنجومها.
ولدت مادوري في بومباي، حيث درست علم الأحياء الدقيقة في الجامعة، كما كانت تمارس، في الوقت ذاته، الرقص التقليدي (كاثاك) لأكثر من سبع سنوات. بدأت حياتها المهنية سنة 1984 مع فيلم «أبود». كانت عارضة أزياء، ولم تتصور يوما أنها ستنخرط بجدية في مهنة التشخيص. لكن، بعد سنوات قليلة، سيقربها فيلم «تيزاب» من الجمهور، لتواصل التألق مع «باريندا» و«رام اخان» ثم «ديل»، الذي حصلت به على أول جائزة «فيلمفار» لأحسن ممثلة، وهي جائزة تعادل، في الهند، جوائز الأوسكار في هوليوود. ثم ترسخت شهرتها عندما ظهر فيلم «بيتا» (1992)، الذي حصل على 4 جوائز «فيلمفار». كما أن نجاح «هوم أباك هين كون» منحها، إضافة إلى صفة الممثلة الهندية الأعلى أجرا، جائزة «فيلمفار» لأفضل ممثلة. ومثلت مادوري في أفلام شعبية كبيرة، كما في إنتاجات أكثر استقلالية، لتجعل منها كفاءاتها، كممثلة وراقصة، نجمة كبيرة منذ أوائل تسعينات القرن الماضي، حتى إن البعض رأى فيها استنساخا لروح الممثلة الهندية لسنوات الخمسينات والستينات مادوبالا.
مع اليوم الثاني من فعاليات التظاهرة، دخل فيلمان غمار المنافسة للفوز بجوائز المهرجان الخمس: «زهرة الفولاذ»، لمخرجه بارك سوك يونك من كوريا الجنوبية، و«فردوس» لمخرجه سينا أتيان دينا من إيران. يحكي الشريط الأول قصة ها دام، وهي شابة من دون مأوى، تستغل بعض المنازل الفارغة للنوم. وعندما يحل فصل الشتاء تغادر سيول إلى بوسان أملا في العثور على عمل. كاميرا محمولة على الكتف وبطلة لم تنطق بأول كلمة إلا بعد انصرام أكثر من ربع ساعة من زمن الفيلم، بشكل يختصر وضعا صعبا تعيشه في مجتمعها، قبل أن نكون مع رقصة التحرر من الضيق والعوز وضيق ذات اليد. فيما يحكي الشريط الثاني قصة هنية، ذات الخمسة والعشرين ربيعا، التي تعيش رفقة شقيقتها المتزوجة، في مدينة طهران. في كل يوم، تستقل وسائل النقل العمومية لساعات تبدو بلا نهاية، لتقطع مسافة طويلة من أجل الوصول إلى ضاحية بعيدة حيث تعمل معلمة في مدرسة ابتدائية خاصة بالبنات. تسعى هنية للانتقال للعمل في مدرسة أقرب، بوسط العاصمة، لكن طلبها يضيع في متاهات بيروقراطية الإدارة الإيرانية: فيلم رأى كثيرون أنه «شريط محترم تتوافر فيه المقومات الجمالية التي يمكن أن تسعفه في أن ينافس بقوة على جوائز المهرجان».



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».