بوتفليقة يضع حدًا للتكهنات بعودته إلى الجزائر بعد فحوص طبية في فرنسا

توقعات بمتابعة الجنرال توفيق مدير المخابرات المعزول

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)
TT

بوتفليقة يضع حدًا للتكهنات بعودته إلى الجزائر بعد فحوص طبية في فرنسا

الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)
الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة (أ.ف.ب)

غادر الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة بعد ظهر أمس فرنسا بعد أن أجرى فحوصا طبية دورية في غرونوبل بفرنسا، التي كان وصل إليها الخميس الماضي، وفق مصادر متطابقة قالت إن الرئيس الجزائري «غادر التراب الوطني» الفرنسي، ليضع بذلك حدا للشائعات التي تحدثت عن إمكانية بقائه فترة طويلة للعلاج في باريس بسبب تدهور صحته.
وكان بوتفليقة قد غادر أمس قسم القلب في المجمع الاستشفائي التعاوني بغرونوبل (جنوب شرق)، حيث يعمل طبيبه المتخصص في القلب جاك مونسيغو، وأفاد بيان للرئاسة الجزائرية يوم الخميس أن الرئيس بوتفليقة «غادر أرض الوطن إلى فرنسا في زيارة خاصة قصيرة، يجري خلالها مراقبة طبية دورية تحت إشراف أطبائه المعالجين».
وأصيب بوتفليقة (78 عاما) عام 2013 بجلطة دماغية لا يزال يتنقل جراءها على كرسي متحرك ويتكلم بصعوبة، وبات ظهوره العلني نادرا جدا، وهو لا يظهر على شاشات التلفزيون إلا خلال استقباله لبعض الشخصيات الأجنبية.
وردا على شكوك أبدتها حينذاك شخصيات وأحزاب سياسية في قدرة الرئيس على الاستمرار في قيادة البلاد، قال رئيس الوزراء الجزائري عبد المالك سلال في التاسع من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي إن الرئيس بوتفليقة يتابع «يوميا» تنفيذ برنامجه الرئاسي.
من جهة ثانية، توقعت مصادر سياسية جزائرية «رد فعل عنيف» من جانب رئيس أركان الجيش الفريق أحمد قايد صالح، على أثر اتهامه بـ«الظلم» من جانب مدير المخابرات المعزول الفريق محمد مدين، في قضية إدانة الجنرال حسان، مسؤول فرع محاربة الإرهاب بالمخابرات سابقا، بالسجن لمدة 5 سنوات. وتم تحريك الدعوى ضد حسان في القضاء العسكري بناء على تعليمات من صالح.
وذكرت المصادر نفسها، وهي من حزب الأغلبية «جبهة التحرير الوطني»، لـ«الشرق الأوسط» أن قائد أركان الجيش «لن يفوت ما ذكره الجنرال مدين حول جور القضاء العسكري بشأن الجنرال حسان». وتوقعت المصادر متابعة مدير المخابرات السابق بتهمة «التقليل من شأن أحكام قضائية»، بذريعة أنه علق على حكم قضائي، بينما القانون يمنع ذلك.
وكانت المصادر تشير إلى وثيقة فجرت جدلا كبيرا في البلاد، أمضاها مدين الشهير بـ«الجنرال توفيق»، ووزعها أول من أمس على وسائل إعلام محلية معينة، سجل بها خروجا عن صمت دام منذ 25 سنة. وفيها دافع عن حسان، الذي اشتغل تحت إشرافه لمدة تجاوزت 10 سنوات.
وجاء في الوثيقة أن صاحبها عبر عن «ذهوله جراء الحكم الذي صدر عن المحكمة العسكرية لوهران (غرب البلاد) في حق اللواء حسان»، في إشارة إلى إدانة هذا الأخير في 26 من الشهر الماضي، بالسجن، بناء على تهمتي «مخالفة تعليمات القيادة العسكرية، وإتلاف وثائق عسكرية».
وقال الجنرال توفيق بخصوص التهمة الأولى: «فيما يخص العملية التي أدين بسببها بتهمة الإخلال بالتعليمات العامة، فإنني أؤكد بأنه عالج هذا الملف باحترام المعايير، وبتقديم التقارير في الوقت المناسب. وبعد النتائج المرضية التي تم إحرازها في المرحلة الأولى للعملية هنأته ومساعديه، وشجعته على استغلال كل الفرص السانحة بفضل هذا النجاح. وبالتالي فلقد سير هذا الملف وفق القواعد المعمول بها، أي باحترام مدونة العمل والخصوصيات التي تستوجب تسلسلا عملياتيا موصًى به بشدة في الحالة المعنية».
ولم يذكر مدين ما العملية التي توبع بسببها، مسؤول فرع محاربة الإرهاب سابقا، وهي لغز محير، لكن الشائع أن الأمر يتعلق بعملية تهريب سلاح بالحدود مع مالي، أحبطتها عناصر مخابرات تابعة لـ«حسان».
وذكر في الوثيقة أن المتهم المدان «كرس نفسه بشكل كامل من أجل هذه المهمة، وقاد عمليات كثيرة أسهمت في ضمان أمن المواطنين ومؤسسات الجمهورية، بحيث لا يمكن التشكيك في إخلاصه وصدقه في تأدية عمله، إنه ينتمي إلى تلك الفئة من الإطارات القادرة على تقديم الإضافة المتفوقة للمؤسسات التي يخدمونها». وأضاف مدين أن «الأمر المستعجل اليوم يكمن في رفع الظلم الذي طال ضابطا خدم البلد بشغف، واسترجاع شرف الرجال الذين عملوا مثله بإخلاص تام من أجل الدفاع عن الجزائر». وأهم ما جاء في كلام «توفيق» هو أنه وصف القضاء العسكري بـ«الظالم»، وهو هجوم حاد على من أمر بمتابعة «حسان» في المحكمة العسكرية، أي الفريق قايد صالح الذي يعد حاليا أقوى رجل في المؤسسة العسكرية.
وأنهى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، من موقعه كوزير للدفاع، مهام محمد مدين في 13 سبتمبر (أيلول) الماضي. وعد عزله «نهاية صراع حاد بين الرئاسة والمخابرات». وفيما عارض «توفيق» ترشح بوتفليقة لولاية رابعة في الانتخابات التي جرت العام الماضي، اصطف قايد صالح وراء مساندي الرئيس، وقد كافأه بوتفليقة على هذا الموقف بمنحه منصب نائب وزير الدفاع، في تعديل حكومي أجراه بعد انتخابه مجددا. أما «توفيق» فكان مصيره التقاعد.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.