أوبك تدخل عصرا جديدا: الإنتاج دون سقف

يتحرر الأعضاء من كل الالتزامات وينتج كل عضو بحسب الكمية التي يراها مناسبة وفقًا للطلب

وزير النفط السعودي علي النعيمي خلال اجتماع أوبك في فيينا أمس (رويترز)
وزير النفط السعودي علي النعيمي خلال اجتماع أوبك في فيينا أمس (رويترز)
TT

أوبك تدخل عصرا جديدا: الإنتاج دون سقف

وزير النفط السعودي علي النعيمي خلال اجتماع أوبك في فيينا أمس (رويترز)
وزير النفط السعودي علي النعيمي خلال اجتماع أوبك في فيينا أمس (رويترز)

لم يكن اجتماع منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) الذي امتد لأكثر من خمس ساعات أمس اجتماعًا عاديًا بل كان تاريخيًا بكل المقاييس، إذ إن المنظمة دخلت عصرًا جديدًا تنتج فيه دون سقف للإنتاج، ليتحرر الأعضاء من كل الالتزامات وينتج كل عضو الكمية التي يراها مناسبة وفقًا للطلب.
وأوضح الوزير العراقي عادل عبد المهدي للصحافيين خلال مؤتمر صحافي أمس أن الوزراء في اجتماعهم قرروا الاتفاق على سقف وهمي أو غير مرئي وغير محدد، ولكن الوزراء يعرفونه، إلا أنهم ارتأوا عدم ذكره في البيان الختامي للمنظمة.
ولكن البيان الختامي لم يذكر أي تفاصيل عن سقف الإنتاج، وهو ما يجعل السقف المتفق عليه يتماشى مع مستوى الإنتاج الحالي لشهر نوفمبر (تشرين الثاني) البالغ 31.5 مليون برميل يوميًا.
وخلا البيان من سقف للإنتاج، وهو ما يسمح فيما يبدو للدول الأعضاء بأن تواصل ضخ النفط بالمستويات الحالية إلى سوق تشهد بالفعل تخمة في المعروض.
وخرج وزير البترول السعودي علي النعيمي من مبنى «أوبك» بعد الاجتماع دون أن ينطق بأي كلمة، واكتفى بالابتسامة. ولم يكن النعيمي وحده هو الذي خرج للصحافيين دون توضيح أي شيء، إذ لحقه في ذلك غالبية الوزراء ما عدا الوزير الإيراني بيجان زنغنه الذي أوضح عند خروجه أن «أوبك» لم تتفق على أي شيء في هذا الاجتماع، وسيتم تحديد كل شيء في الاجتماع المقبل.
وبرر وزير العراق عبد المهدي هذا القرار قائلاً: «لماذا (أوبك) وحدها هي التي يجب أن يكون لها سقف؟! كل الدول تنتج دون سقف، و(أوبك) يجب أن تفعل هذا الشيء كذلك».
وقال بعد انتهاء اجتماع «أوبك» في فيينا إن المنظمة يجب ألا تتحمل وحدها عبء خفض إنتاج النفط. وأبلغ مهدي الصحافيين: «يجب أن نسيطر جميعًا على السوق.. إنه ليس واجبًا فقط. على (أوبك) أن تنظم فعليًا السوق».
وكان الوزير النعيمي قد قال قبل بدء الاجتماع للصحافيين إنه مستعد لسماع كل الآراء اليوم، ومسألة توزيع الحصص وسقف الإنتاج ليست بالأمر الجديد، إذ إن الحصص موجودة ومعروفة.
قال إيمانويل ايبي كاتشيكو وزير الدولة النيجيري للبترول الجمعة إن «أوبك» قد تعقد اجتماعا آخر قبل يونيو (حزيران)، إذا واصلت أسعار النفط الهبوط.
وسئل كاتشيكو: هل سيكون هناك اجتماع قبل الثاني من يونيو إذا استمرت أسعار في الهبوط فأجاب قائلا: «نعم.. لقد قلنا بالفعل إننا سنراقب الأسعار».
وردًا على سؤال حول السبب الذي جعل «أوبك» تنتج لأشهر طويلة فوق سقف 30 مليون برميل، وهو السقف الذي تم الاتفاق عليه في عام 2011، قال النعيمي: «الإنتاج فوق السقف أمر طبيعي، إذ إن هناك تطورات كثيرة في السوق منذ عام 2011، فالطلب زاد بنحو 4 ملايين برميل يوميًا منذ ذلك الحين».
وقال عبد الله البدري الأمين العام لـ«أوبك» إن المنظمة لم تتمكن من الاتفاق على أي أرقام لأنها لا يمكنها أن تتكهن بحجم النفط الذي ستضيفه إيران إلى السوق العام المقبل مع رفع العقوبات بمقتضى اتفاق بشأن برنامجها النووي توصلت إليه قبل ستة أشهر مع قوى عالمية.
وقبل الاجتماع قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه إن طهران ستكون مستعدة لمناقشة إجراء فقط عندما تصل بلاده إلى مستويات الإنتاج الكامل حال رفع العقوبات الغربية.
وقال وزير البترول السعودي في وقت سابق إنه يأمل بأن طلبا عالميا متناميا قد يستوعب قفزة متوقعة في الإنتاج الإيراني العام المقبل.
وقالت إيران مرارا إنها ستزيد إنتاجها بما لا يقل عن مليون برميل يوميًا، عندما ترفع العقوبات عنها. ودون تخفيضات إنتاجية من منتجين آخرين فإن هذا سيزيد تخمة المعروض لأن الاستهلاك العالمي حاليا يقل بما يصل إلى مليوني برميل يوميًا عن الإنتاج.
وقبل الاجتماع قال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه إن طهران ستكون مستعدة لمناقشة إجراء فقط عندما تصل بلاده إلى مستويات الإنتاج الكامل حال رفع العقوبات الغربية.
بينما قالت مصادر في «أوبك» إن المنظمة أبقت في اجتماعها، أمس (الجمعة)، على سياستها لضخ النفط بكميات شبه قياسية، مع عدم اتخاذها أي خطوات لخفض واحدة من أسوأ التخم النفطية في التاريخ، التي دفعت الأسعار للهبوط.
وقال مصدران في «أوبك» التي تنتج ثلث النفط العالمي إن المنظمة قررت رفع السقف الرسمي للحصص الإنتاجية للدول الأعضاء إلى 31.5 مليون برميل يوميًا من 30 مليون برميل يوميًا في خطوة تمثل إقرارًا فعليا بأن الأعضاء يضخون كميات من النفط تزيد كثيرًا عن السقف الحالي.
ودفعت هذه الأنباء عقود خام القياس الدولي مزيج برنت للهبوط نحو 2 في المائة إلى أقل من 43 دولارًا.
ولم يتضح على الفور ما إذا كان السقف الإنتاجي الجديد يشمل إندونيسيا العائدة إلى عضوية المنظمة التي تنتج 900 ألف برميل يوميًا. وفي الحالتين كلتيهما فشل القرار في معالجة وفرة متزايدة في الإمدادات العالمية.
وقبل الاجتماع، كثف أعضاء «أوبك» الأقل غنى الضغوط على الأعضاء الأكثر ثراء، وفي مقدمتهم السعودية من أجل كبح المعروض في الأسواق.
لكن الرياض وحلفاءها الخليجيين قرروا اليوم التمسك باستراتيجيتهم للدفاع عن الحصة السوقية، على أمل أن تدني الأسعار سيدفع في نهاية المطاف المنتجين الأعلى تكلفة - مثل شركات النفط الصخري الأميركية - إلى خارج السوق.
وقال السعوديون في السابق إنهم سيكونون على استعداد لدراسة خفض إنتاجي فقط إذا وافق عضوا «أوبك» العراق وإيران على التعاون وإذا انضم منتجون خارج المنظمة مثل روسيا إلى الخفض.
لكن موسكو كررت القول هذا الأسبوع إنها لا ترى فرصة لتحرك مشترك، ولم تظهر إيران والعراق اليوم أيضًا استعدادًا لكبح الإمدادات.
وقال وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه قبيل الاجتماع إن طهران لن تكون على استعداد لمناقشة إجراء إلا عندما تصل بلاده إلى مستويات الإنتاج الكامل، بعد أن ترفع العقوبات الغربية عنها في العام المقبل.
وقال وزير النفط العراقي عادل عبد المهدي إن بلاده ستواصل زيادة انتهاجها العام المقبل بعد أن خفضته بحدة في 2015.
وقال وزير البترول السعودي علي النعيمي إنه يأمل أن طلبا عالميا متزايدا قد يستوعب قفزة متوقعة في الإنتاج الإيراني العام المقبل.
وقالت إيران مرارا إنها ستزيد إنتاجها بما لا يقل عن مليون برميل يوميا عندما ترفع العقوبات. وسيزيد هذا التخمة العالمية، لأن الاستهلاك العالمي حاليا أقل من الإنتاج بمقدار مليوني برميل يوميا.



«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
TT

«المركزي الصيني» يعلق شراء السندات مع معاناة اليوان

مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)
مقر بنك الشعب المركزي في وسط العاصمة الصينية بكين (رويترز)

علَّق البنك المركزي الصيني شراء سندات الخزانة يوم الجمعة، مما رفع العائدات لفترة وجيزة وأثار تكهنات بأنه يكثف دفاعه عن عملة اليوان التي تتراجع منذ انتخاب دونالد ترمب رئيساً للولايات المتحدة.

وتقطع هذه الخطوة خمسة أشهر من الشراء، وتتزامن مع موجة بيع شرسة في أسواق السندات العالمية، مما يشير إلى أن بنك الشعب الصيني يحاول أيضاً ضمان ارتفاع العائدات في الداخل بالتوازي، أو على الأقل وقف الانخفاض، كما يقول المحللون.

وعقب الإعلان عن الخطوة، ارتفعت العائدات التي تتحرك عكسياً مع أسعار السندات، رغم أن أسعار الفائدة القياسية لأجل عشر سنوات كانت أقل قليلاً بحلول المساء.

ويشير التحول في السياسة واستجابة السوق الحذرة، إلى محاولة بنك الشعب الصيني إحياء النمو الاقتصادي من خلال الحفاظ على ظروف نقدية ميسرة في حين يحاول أيضاً إخماد ارتفاع السندات الجامح، وفي الوقت نفسه استقرار العملة وسط حالة من عدم اليقين السياسي والاقتصادي.

وقال محللون في «كومرتس بنك» في مذكرة: «لقد أشار البنك إلى استعداده لتخفيف السياسة بشكل أكبر... ومع ذلك، فإن ضعف اليوان بسبب الدولار القوي واتساع الفارق مع أسعار الفائدة الأميركية من شأنه أن يعقد موقف بنك الشعب الصيني».

واستشهد بنك الشعب الصيني بنقص السندات في السوق كسبب لوقف عمليات الشراء، والتي كانت جزءاً من عملياته لتخفيف الأوضاع النقدية وتعزيز النشاط الاقتصادي.

وكان عائد سندات الخزانة الصينية لأجل عشر سنوات قد ارتفع في البداية أربع نقاط أساس، لكنه انخفض في أحدث تداولات بأكثر من نصف نقطة أساس إلى 1.619 في المائة. وارتفع اليوان قليلاً رغم أنه كان يتداول عند مستوى ثابت حول 7.3326 يوان مقابل الدولار، وهو أدنى مستوى له في 16 شهراً.

وقال كين تشيونغ، كبير استراتيجيي النقد الأجنبي الآسيوي في بنك «ميزوهو»: «أحد الأسباب الرئيسية لانخفاض قيمة اليوان هو اتساع فجوة العائد بين الصين والولايات المتحدة، لذا فإن البنك المركزي يرسل إشارة إلى السوق بأن معدل العائد من غير المرجح أن ينخفض ​​أكثر».

وقال البنك المركزي الصيني في بيان إنه سيستأنف شراء السندات عبر عمليات السوق المفتوحة «في الوقت المناسب حسب العرض والطلب في سوق السندات الحكومية».

وكانت أسعار السندات في الصين في ارتفاع مستمر منذ عقد من الزمان - وهو الارتفاع الذي بدأ في الزيادة منذ ما يقرب من عامين حيث تسببت مشكلات قطاع العقارات وضعف سوق الأسهم في تدفق الأموال إلى الودائع المصرفية وسوق الديون.

وهذا الأسبوع شهدت السوق موجة بيع عالمية، والتي زادت بفضل الطلب الذي لا يقاوم على الأصول الآمنة ومراهنات المستثمرين على المزيد من خفض أسعار الفائدة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم.

وحذر بنك الشعب الصيني لشهور من مخاطر الفقاعة مع انخفاض العائدات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية متتالية، على الرغم من أن السلطات في الوقت نفسه توقعت المزيد من التيسير. وهبطت العملة بنحو 5 في المائة منذ سبتمبر (أيلول) الماضي، ويرجع ذلك إلى حدٍ كبير إلى المخاوف من أن تهديدات ترمب بفرض تعريفات تجارية جديدة ستزيد من الضغوط على الاقتصاد الصيني المتعثر.

وقال هوانغ شيويفينغ، مدير الأبحاث في شركة «شنغهاي أنفانغ برايفت فاند كو» في شنغهاي، إنه يتوقع استمرار الاتجاه الهبوطي في عائدات السندات مع «استمرار السوق في التعامل مع وضع التكالب على الأصول»، حيث يوجد نقص في فرص الاستثمار الجيدة... ويوم الجمعة، نقلت «فاينانشيال نيوز»، وهي مطبوعة تابعة لبنك الشعب الصيني، عن أحد خبراء الاقتصاد قوله إن السوق يجب أن تتجنب التوقعات المفرطة بشأن تخفيف السياسة النقدية.

وفي الأسواق، أنهت أسهم الصين وهونغ كونغ الأسبوع على انخفاض مع امتناع المتداولين عن زيادة استثماراتهم في السوق وانتظار تدابير تحفيزية جديدة من بكين.

وأغلق مؤشر «سي إس آي 300» الصيني ومؤشر «شنغهاي المركب» على انخفاض بنحو 1.3 في المائة يوم الجمعة. وانخفض مؤشر هانغ سنغ القياسي في هونغ كونغ 0.9 في المائة. وعلى مستوى الأسبوع، انخفض مؤشر «سي إس آي 300» بنسبة 1.1 في المائة، بينما انخفض مؤشر هانغ سنغ بنسبة 3.5 في المائة.

وقال محللون بقيادة لاري هو، من مؤسسة «ماكواري» في مذكرة: «السؤال الرئيسي في عام 2025 هو مقدار التحفيز الذي سيقدمه صناع السياسات. سيعتمد ذلك إلى حد كبير على تأثير التعريفات الجمركية، حيث سيفعل صناع السياسات ما يكفي فقط لتحقيق هدف نمو الناتج المحلي الإجمالي. ويشعر عدد قليل من المستثمرين أن السوق صاعدة، حيث تظل أرباح الشركات ضعيفة وسط ضعف الطلب المحلي. والرأي السائد هو أن السيولة ستصبح أكثر مرونة في عام 2025 ولكن النمو الاسمي سيظل بطيئاً».