مجموعتان عربيتان شهيرتان تتصدران مزاد كريستيز المقبل في دبي

مجموعة «فاروس» من الأعمال المصرية الحديثة.. ومقتنيات المعماري والتشكيلي العراقي معاذ الألوسي

«هاجر» للفنان محمود سعيد
«هاجر» للفنان محمود سعيد
TT

مجموعتان عربيتان شهيرتان تتصدران مزاد كريستيز المقبل في دبي

«هاجر» للفنان محمود سعيد
«هاجر» للفنان محمود سعيد

أشهر أعمال الفنانين المصريين والعراقيين تزين مزاد كريستيز القادم في دبي حيث تعرض الدار في 19 مارس (آذار) الحالي عددا كبيرا من أعمال الفنانين محمود مختار ومحمود سعيد وعبد الهادي الجزار إلى جانب شاكر حسن آل سعيد وإسماعيل فتاح من العراق. وحسب ما أعلنت الدار أمس فالأعمال المعروضة تنتمي إلى مجموعتين شهيرتين من المقتنيات الفنية الشرق أوسطية، أولاهما «مجموعة فاروس» وتضم خمسة وخمسين لوحة ومنحوتة من أشهر الأعمال الفنية المصرية الحديثة، وثانيهما مقتنيات المعماري والتشكيلي العراقي معاذ الألوسي التي تضم أعمال نخبة من أشهر الرسامين العراقيين.
«مجموعة فاروس»
«مجموعة فاروس» الفنية جمعها عدد من المُقتنين المصريين منذ عام 2006 حيث دأب هؤلاء على جَمْع أعمال نخبة من الرسامين والنحاتين المصريين ممّن تركوا بصمة فارقة في مسيرة الفن الحديث والمعاصر من أمثال محمود سعيد (1964 - 1897)، محمود مختار (1934 - 1891)، عبد الهادي الجزار (1965 - 1925)، يوسف كامل (1971 - 1895)، عفت ناجي (1994 - 1905)، محمد ناجي (1888 - 1956)، إنجي حسن أفلاطون (1924 - 1989)، آدم حنين (وُلد 1929)، أدهم وانلي (1959 - 1908)، سيف وانلي (1979 - 1906). وعرضت «مجموعة فاروس» بالقاهرة عام 2009 خلال معرض عام ثم قرّر مقتنوها بيعها بمزاد عام. ومن المتوقع أن تجمع اللوحات والمنحوتات التي يزيد عددها على الخمسين أكثر من مليون دولار أميركي حسب القيمة التقديرية الأولية.
ومن أبرز الأعمال المشاركة بالمزاد البروفة الأولوية للوحة الضخمة المعروفة «حفر قناة السويس» (الصورة أعلاه). وكان المتحف البحري بالإسكندرية قد كلّف عبد الهادي الجزار (1965 - 1925) بإنجاز اللوحة تكريما لمئات الآلاف من العمال الذين شاركوا في حفر قناة السويس خلال الفترة بين 1869 - 1859. وتُعرض اللوحة النهائية في «متحف الفن المصري الحديث»، فيما تعود اللوحة الأولية بالألوان المائية (70 x 35 سم) إلى عام 1965 وتتراوح قيمتها التقديرية الأولية بين 150000 - 100000 دولار أميركي. ويظهر باللوحة عمال مثقلون بالصخور المستخرجة أثناء أعمال حفر قناة السويس.
وإلى جانب لوحة الجزار، تتضمن «مجموعة فاروس» لوحة «هاجر» لمحمود سعيد (1964 - 1897)، أحد رواد الحركة التشكيلية المصرية، وتتراوح قيمتها التقديرية الأولية بين 200000 - 150000 دولار أميركي. ومن أعمال محمود سعيد الأخرى المشاركة لوحة بورتريه لحماته شريفة هانم راسم وتتراوح قيمتها التقديرية الأولية بين 200000 - 150000 دولار أميركي، وهناك لوحة «بيت في طلخا» التي تُظهر غروب الشمس وتبلغ قيمتها التقديرية بين 60000 - 40000 دولار أميركي، ولوحة «ترعة المحمودية» وتبلغ قيمتها التقديرية الأولية بين 80000 - 60000 دولار أميركي.
ولا تقتصر «مجموعة فاروس» على اللوحات، فهناك الكثير من المنحوتات، منها منحوتتان برونزيتان لمحمود مختار (1934 - 1891)، أحد أشهر النحاتين المصريين على الإطلاق وصاحب تمثال «نهضة مصر». وكما هي السمة الغالبة على أعمال محمود مختار، ترصد المنحوتتان لقطات خاطفة من نهضة مصر في عشرينات وثلاثينات القرن العشرين، حيث تظهر منحوتة «الفلاحة» امرأة تجلب الماء، فيما تظهر منحوتة «السيدة» امرأة واقفة، وتتراوح القيمة التقديرية لكل منحوتة بين 80000 - 60000 دولار أميركي.
وهناك أيضا المنحوتة الشهيرة لسيدة الغناء العربي «أم كلثوم» للنحات آدم حنين (وُلد 1929)، أحد أشهر النحاتين العرب، وهي منحوتة من بين ثمانٍ تعود إلى عام 2008 (القيمة التقديرية الأولية: 150000 - 100000 دولار أميركي). وتشارك بالمزاد أيضا منحوتة أخرى لحنين تعود إلى عام 1957 وتتراوح قيمتها التقديرية الأولية بين 120000 - 80000 دولار أميركي.
لوحات لفنانين عراقيين من المقتنيات الخاصة للمعماري والتشكيلي العراقي معاذ الألوسي
المجموعة الثانية في المزاد من مقتنيات المعماري والتشكيلي العراقي معاذ الألوسي الذي بدأ شراء الأعمال الفنية من مبدعيها في ستينات القرن العشرين وتُعَدّ مجموعته من المقتنيات الفريدة التي تجسّد الحركة الفنية العراقية الحديثة بأطيافها المختلفة. وُلد الألوسي ببغداد في أواخر ثلاثينات القرن العشرين وأظهر منذ الصغر شغفا بالهندسة المعمارية في أنحاء مدينته. درس العمارة في تركيا قبل أن ينتقل لنيل درجة جامعية ثانية من لندن، ثم أسّس شركة دولية تحمل اسمه تدير مكاتب في عدد من مدن العالم. من أشهر المباني التي تحمل بصمته الإبداعية البنك المركزي في صلالة بسلطنة عُمان، والبنك العربي، وسفارة الإمارات، وسفارة قطر، والمركز الثقافي في صلالة وجميعها بسلطنة عُمان، ومن بينها أيضا السفارة الكويتية في البحرين. وفي عام 1984 نشر كتابا مرجعيا مهما بعنوان «يوميات بصرية لمعمار عربي».
ووراء كل لوحة من مقتنياته الشخصية قصة صداقة مع مبدعها، ولم يكن الألوسي صديقا لمبدعيها فحسب، بل داعما لهم خلال مرحلة مبكرة من رحلتهم الإبداعية. وفي عام 1988 شيّد الألوسي في أحد أحياء العاصمة العراقية «البيت المكعّب» المُطلّ على نهر دجلة الذي بات صالونا فكريا فنيا يستقطب المفكرين والمبدعين. ولكن سرعان ما رحل الألوسي عن بيته المكعب إلى ليماسول بقبرص بسبب مستجدات الأحداث في العراق.
وأهم لوحة ضمن مجموعة مقتنيات معاذ الألوسي لوحة «تأملات» لشاكر حسن آل سعيد (2004 - 1925)، وتعود اللوحة إلى عام 1984 وتتراوح قيمتها التقديرية الأولية بين 150000 - 100000 دولار أميركي. ويُعَدّ شاكر حسن آل سعيد أحد رواد الحركة التشكيلية العراقية، والعربية عامة، وأسهم عام 1951 بتأسيس «جماعة بغداد للفن الحديث» إلى جانب فؤاد سليم. وتُظهر اللوحة إيحاء تجريديا لجدار صُلب مزيّن بالجرافيتي وبدَفْق من الألوان، وتشير اللوحة بطريقة مؤثرة للدمار الذي ألحقته الحرب بوطنه، وهي القضية التي جسّدها شاكر حسن آل سعيد في الكثير من أعماله.
ومن الأعمال اللافتة أيضا لوحة غير معنونة للفنان التشكيلي العراقي إسماعيل فتاح (2004 - 1934) الذي ربطته صداقة وثيقة بمعاذ الألوسي. وزيّنت هذه اللوحة أحد جدران «البيت المكعّب» حسب صورة التقطت للبيت المكعب في ذات السنة التي رُسمت فيها اللوحة، قبل أن تنتقل مع معاذ الألوسي إلى منزله في ليماسول بقبرص حسب صورة لاحقة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».