جبريل لـ {الشرق الأوسط}: حدود ليبيا مفتوحة لتمدد الإرهاب.. والدولة لا تمتلك قوة حمايتها

رئيس الوزراء الليبي الأسبق اعتبر أن «الجري» خلف تشكيل الحكومة لن يحل المشكلة

محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الأسبق
محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الأسبق
TT

جبريل لـ {الشرق الأوسط}: حدود ليبيا مفتوحة لتمدد الإرهاب.. والدولة لا تمتلك قوة حمايتها

محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الأسبق
محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الأسبق

كشف محمود جبريل رئيس وزراء ليبيا الأسبق في حوار خاص لـ«الشرق الأوسط» عن خبايا ما يدور في المشهد الليبي على كل الأصعدة السياسية والأمنية والتدخلات الخارجية، كما تحدث عن تمدد تنظيم داعش في بلاده وحقيقة الميليشيات الليبية، منتقدا سياسة المؤسسات المالية التي تدفع رواتب تلك الميلشيات مقابل حمايتها. وقال: «هل يعقل أن يكون في الدولة الليبية حكومتان وبرلمانان وبنكان مركزيان؟!»، داعيا المؤسسات المالية الثلاث الكبرى (البنك المركزي وإدارة النفط وإدارة الاستثمار) للنأي عن الخلافات السياسية.
وقال جبريل إن «داعش» ليبيا ثلاثة أنواع: «شباب باحث عن العمل ولم يجده فأعطاه التنظيم ثلاثة آلاف دولار شهريا، وشباب من النظام السابق، وشباب متطرف»، متهما المجتمع الدولي بترك ليبيا طيلة هذه الفترة عرضة لتمدد الإرهاب والتنظيمات المتطرفة رغم علمه بوجود حدود مفتوحة تصل إلى سبعة آلاف كيلومتر دون جيش قادر على حمايتها.
وذكر أن جيش ليبيا الذي تحتاج إليه البلاد يستغرق بناؤه من ثلاث إلى خمس سنوات وقوة جوية ضاربة تتحكم في حماية الحدود وتعوض النقص في الأفراد، كما كشف عن تفاصيل لقائه مع المبعوث الأممي مارتن كوبلر في القاهرة منذ أيام، وكذلك المذكرة التي تقدم بها إلى الجامعة العربية والتي تتضمن مقترحات سياسية للحل في ليبيا كبديل في حال فشل جهود المبعوث الأممي.
ورفض جبريل تشكيل حكومة دون الاتفاق على برنامج عمل حقيقي، كما انتقد إهدار المال العام الليبي والصرف من الاحتياطي النقدي الذي وصل إلى 40 مليار دولار. وفي ما يلي أهم ما جاء في الحوار:
* لماذا تأخر الحل السياسي في ليبيا حتى الآن؟
- لا أحد يستطيع أن يعتلي ظهرك ما لم تنحنِ.. نحن في ليبيا سمحنا لأنفسنا بأن يحصل لنا ما حصل من ضياع للبلاد وتركنا الآخر يستبيح السيادة الليبية، لا ننكر أنه كان لدى الشعب الليبي مشروع للتغيير، فاستغل الخارج هذه الظروف والمجتمع الدولي ساهم بدور كبير في ما تعانيه ليبيا حاليا، سواء كان ذلك بحسن نية أو بغيرها، وهو يعرف أنه بسقوط القذافي سقطت الدولة لأن ليبيا تختلف عن حالة كل من مصر وتونس، ورغم ذلك أصر المجتمع الدولي على ترك ليبيا على الحالة التي وصلت إليها، كميات السلاح التي وصلت إلى الإرهابيين كانت تتم على مرأى ومسمع العالم، إضافة إلى وصول جماعات متطرفة قادمة من العراق وسوريا عبر تركيا، ومنها إلى طرابلس ومصراتة وسرت. والسؤال هو: إذا كان المجتمع الدولي يحارب الإرهاب فعلا، فلماذا سمح لهؤلاء بحمل السلاح والدخول إلى ليبيا؟ وكذلك هؤلاء ليس لديهم بنك خاص بهم وإنما هناك مصادر تقوم بتمويلهم، وبالتالي وضحت الرؤية بأن إسقاط النظام لم يكن حماية للمدنين كما قالوا وإنما كان لتصفية الحسابات، وقد تم إنقاذهم من مجزرة. وارد. لكن حقيقة الأمر أن المجتمع الدولي هو المتهم الأول لما حدث في ليبيا، ثم أصحاب البلاد وكلهم دون استثناء، وقد أصبحت ليبيا مثل كرة النار تتدحرج في جميع الاتجاهات، حتى تحولت إلى الحاضنة الأولى للإرهاب والثقب الأسود للهجرة غير الشرعية في أوروبا.
* لماذا تركت ليبيا حتى تصل إلى هذه الخطورة؟ وهل ما وصلت إليه كان بسبب عدم دقة الحسابات أم عن قصد؟
- ليبيا تركت عن قصد حتى تصل إلى هذا الحد من الخطر العظيم.. لماذا؟ لأنه ببساطة شديدة جدا في شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2012 المسؤول عن مراقبة توريد الأسلحة لليبيا في الأمم المتحدة - لأنها كانت ممنوعة إلا بموافقة الأمم المتحدة - رصد 21 انتهاكا. وذكرت علنا في مجلس الأمن ولم نسمع أي تعليق من الدول الـ15 إدانة لهذه الدولة التي اخترقت القرار أو حتى استنكرت أو شجبت، وفي أبريل (نيسان) عام 2013 تكرر نفس الأمر وكانت شحنات السلاح تصل إلى ليبيا ولم يتحدث أحد.
* من ترى أنه كان يجب يكون ممثلا في حوار الأمم المتحدة؟
- قادة الميليشيات كان من المفترض أن يكونوا ممثلين في الحوار، إضافة إلى قادة الكيانات السياسية وشيوخ القبائل، وبذلك نضمن وجود القوى الثلاث وهي القوى السياسية والمسلحة والاجتماعية.
* من الواضح أن مبعوث الأمم المتحدة تدارك هذا الخطأ وبدأ يتحدث عن اختيار الليبيين لأعضاء الحكومة التوافقية وليس كما فعل السابق برناردينو ليون.. هل لمست هذا من خلال لقائكم معه؟
- كوبلر بدأ مشاوره بالاستماع إلى الأطراف المختلفة بعد تسلم نتائج عمل ليون ويريد البناء عليها، لكن قبل أن يبدأ فضل أن يطابق أوراقه بالواقع بين كل القوى وإلا سوف يعيد كل حساباته من جديد. وقد فهمت هذا خلال لقائي معه، وبالتالي تحدثنا كثيرا في مكتبي هنا لمدة ساعة ونصف، وذكرت له أننا منذ بداية الحوار نبه تحالف القوى الوطنية إلى أن الحوار الليبي يجب أن يركز على ماذا نفعل وليس من يفعل، لأن هناك مشكلات حقيقية تعوق قيام الدولة في ليبيا وعليه لا بد من إزالة المعوقات وأن يجلس كل الأطراف المختلفة في المشهد الليبي دون إقصاء على طاولة المفاوضات ونناقش الملفات الرئيسية، مثل ملف السلاح المنتشر والميليشيات وكيفية تفكيكها وطرح بدائل مرضية لهؤلاء الشباب.
* كيف ترى سيناريوهات الحل في ظل الحديث عن بوادر انفراج للأزمة؟
- كوبلر تحدث عن نتائج زيارته لقطر والإمارات وإيطاليا ومصر وتركيا والجامعة العربية وأعضاء البرلمان، وهو يحاول تشكيل الحكومة أولا، وبعد ذلك نضيف ما يستجد، لكنني ضد هذا الاتجاه، وقد أبلغته بذلك، بألا يتعجل في توقيع الاتفاق لأنه كلما امتد الحوار تم بناء جسور الثقة بين الأطراف الليبية وعدم الوقوع في خطأ كما حدث في مرحلة ليون. إن كل مراحل الحوار كانت عمودية حيث يأخذ كل مجموعة على حدة، وبالتالي عدم الثقة اتسعت لأن أطراف الحوار غابت عن الحديث بعضها مع بعض، وليس عيبا أن يختلفوا، المهم أن يجلسوا معا. والأمر الثاني أن تقسيم السلطة لن يؤدي إلى حل، المهم أولا إيجاد الحلول وبعد ذلك تأتي الحكومة التي تنفذها، والسؤال: كيف تنفذ الحكومة خططها دون وجود قوة تحميها؟
* هل لديك مبادرة للقيام بحوار مع الآخرين للاتفاق على الأجندة التي ذكرتها؟
- تحدثت مع الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي وعقدنا اجتماعين واقترحت الإعداد للخطة «ب»، حتى لا ندخل في متاهات. وقد آن الأوان للجامعة العربية أن تلعب دورا متقدما وليس تابعا للأمم المتحدة، وقد سلمنا وثيقة إلى الجامعة تتضمن أفكارا جديدة للحل في ليبيا يتم دراستها الآن، حتى يكون لدينا البديل حال فشل مبادرات الأمم المتحدة حتى لا نبدأ من الصفر أو نترك ليبيا في حالة فراغ.
* ذكرت أن الترتيبات الأمنية في الاتفاق السياسي هي أصعب المحاور، ماذا تقصد؟
- صحيح، لأنه كيف نأتي بجيش وشرطة لحماية الحكومة؟ وهل سنعتمد على ميليشيات سبق مثلا وأن قمنا بتفكيكها وتقوم بدفع مرتباتها؟ وهذا يعني أن هذه الميليشيات ستقوم بحل الحكومة قبل أن تقوم بحلها، لذلك أكرر: لا بد من التوافق حول كل الملفات الأكثر تعقيدا والتي تثير المخاوف وتعطل بناء الدولة الليبية. وفي حال الاتفاق نضع برنامجا زمنيا لجمع الأسلحة ودمج الميليشيات في البدائل التي اتفقوا معنا على اختيارها – جيش – شرطة – حكومة – أعمال اقتصادية – وأن يكون هذا الاتفاق مشمولا برعاية وضمانات من الجامعة العربية والأمم المتحدة.
* كيف ترى تركيبة «داعش» في ليبيا؟ هل هم من الداخل أم وفدوا من الخارج؟
- تركيبة «داعش» في الأراضي الليبية من الداخل والخارج، تتكون من ثلاثة عناصر، هي: أعداد قليلة من النظام السابق، وأخرى وصلت عن طريق إسطنبول عندما يحدث قصف على «داعش» في العراق وسوريا، وهناك عنصر ثالث من الشباب الذين لم يحفظوا حتى آية واحدة من القرآن الكريم انضموا إلى «داعش» لأنه يدفع لهم مبالغ مالية تصل إلى ثلاثة آلاف دولار.
* ما دام الشباب يعاني من الحاجة المالية، أين خزينة الدولة؟ ولماذا تم سحب 40 مليارا من الاحتياطي؟
- هذه كارثة، أن يتم سحب 40 مليارا من الاحتياطي ومن غير المعرف على ماذا أنفق، وهذا يقودنا إلى ما ذكرته خلال حديثي مع كوبلر بأن السيد ليون سبق أن أعطى للحكومة التي كان يعتزم تشكيلها صلاحيات كاملة، وطالبت بضرورة الرقابة المالية وقلت له نحن كقوى تحالف وطنية لن يوقع على أي اتفاق ما لم يشمل آلية دولية وبمشاركة وطنية للرقابة على المصروفات والإرادات الخاصة بالحكومة، وإلا سنجازف بالـ80 مليارا الباقة، وهل من المعقول تشكيل حكومة دون برنامج ورقابة والدولة نفطية وبها أموال؟ هذا لم يحدث.
* من يتحكم في ميزانية الدولة الليبية؟
- حاليا توجد حكومتان، ودخل النفط يذهب إلى المصرف المركزي في طرابلس، وعليه البنك يدفع ميزانية للحكومتين، وحتى برلمان طرابلس وبرلمان طبرق، كما يدفع البنك للميليشيات الموجودة في طرابلس وبنغازي، وهذه كارثة لم نشاهدها في أي مكان في الدنيا، وهذا يعني أن ليبيا تمول عدم استقرارها.
* وما مبررات البنك المركزي في هذه الكارثة التي ذكرتها؟
- ليس لديه أية بدائل أو حتى اختيارات. على سبيل المثال، إذا رفض البنك دفع الرواتب للميليشيات، فمن يأتي بالقوة التي تحميه؟ والإجابة: لا توجد قوة قادرة على حمايته سوى دفع الرواتب للجميع. لذلك أرى أنه من الأفضل أن تنأى ثلاث مؤسسات مالية في ليبيا بنفسها عن الصراع الحاصل في ليبيا، وهي: المصرف المركزي وإدارة الاستثمار وإدارة النفط، لأن هذه الموارد مفترض أنها للوطن وليس لها علاقة لا بحكومة طرابلس ولا بحكومة بنغازي.
* هل يمكن للمؤسسة العسكرية، خصوصا في ظل المطالبة بدعمها، أن تجمع ليبيا حولها وتنتهي مشكلاتها كمرحلة أولية لبناء الدولة؟
- بناء جيش يستغرق على الأقل من ثلاث إلى خمس سنوات، لكن هل ستبقى ليبيا بوضعها الحالي طيلة هذه المدة، والإرهاب يتمدد بشكل لحظي في ليبيا، ثالث أكبر بلد عربي من حيث المساحة بعد السعودية والجزائر؟ حتى يمكن السيطرة على الأمن نحتاج إلى جيش من نوعية خاصة، وأعني قوة جوية ضاربة تقوم بدور كبير جدا في السيطرة على كل حدوده وحتى نعوض النقص في البشر، وهذا يتطلب وقتا وإمكانيات وقيادة ونوعا من الاستقرار وليس مجرد جيش منهك يخوض معركة ضد الإرهاب، وبالتالي الجيش الليبي يقوم رغم وضعه الراهن بمهمتين في آن واحد، محاولة إعادة بناء نفسه، ومحاربة الإرهاب، وهذه مهمة ليست بالسهلة، لذلك دائما أقول إن الجيش الليبي قد يكون العامل القادر على توحيد الشعب الليبي، وكان من الممكن أن تقوم الأحزاب بالمهمة، لكن دورها سلبي.
* إذن هناك فرصة للجيش كي يقوم بوحدة الصف في ليبيا؟
- إذا حدث دعم حقيقي للجيش والتفاف صادق حوله فسوف يمكنه القيام بدور وحدة الصف الليبية، لكن أي نوع من الجيوش؟ وأعني أننا نريد جيشا يحمي السياسة ولا يتدخل فيها، يحمي الدستور وسيادة الدولة لأن المشكلات في ليبيا متعددة والتعامل معها يحتاج إلى إدارة أزمة تتضمن بعدين: الأول عاجل لإدارة الأزمة الحالية والخروج من النفق، والثاني استراتيجي لإعادة بناء الدولة الليبية بما يتطلب مهارات الموقع والمورد لأن البلاد يتوافر بها كل شيء.
* هل ترى في الأفق مؤشرات للحل في ليبيا؟
- الوقت مناسب للقيام بحل يرضي جميع الأطراف، لدينا بالفعل فرصة على خلاف البعض أن ليبيا تنحدر إلى المجهول، صحيح أن الإرهاب يتمدد، لكن لدينا الأمل في الحل، ولي عدة مؤشرات، منها أن الأطراف المتسارعة وصلت إلى نتيجة أن استخدام القوة لن يؤدي إلى حل، وهناك حالة إنهاك لجميع الأطراف، وأغلب الأطراف يبحث عن مخرج وتشعر أنها تورطت في الدم ومصائب كثيرة، وبالتالي هذه عوامل يمكن توظيفها من خلال مبادرة بملفات حقيقية تناقش بكل شجاعة على طاولة التفاوض بين الليبيين، والدولة تستوعب الجميع. وبالتأكيد سنصل إلى الحل لأن البديل تقسيم ليبيا إلى عدد كبير من الأقاليم مع صراع يقود إلى حرب أهلية.
* هل تم ترشيحك لمنصب في حكومة الوحدة؟
- تحدث معي البعض، وكان موقف التحالف أننا نقدم برنامجا يتفق حوله الجميع لمن يستطيع تنفيذه، لأن البرنامج سوف يفرز مواصفات الشخص المطلوب، وعندما أعرف المهمة المطلوبة يسهل اختيار تشكيل الحكومة.
* هل معنى ذلك أن مسودة اتفاق الأمم المتحدة لا تتضمن برنامج عمل؟
- مسودة اتفاق الأمم المتحدة تتحدث عن ترتيبات أمنية وخطة مائة يوم، ولا يوجد حولها خلاف لأنها تهدف إلى استعادة الخدمات التي يحتاج إليها المواطن من صحة وتعليم وكهرباء ومياه.



ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
TT

ضربات في صعدة... والحوثيون يطلقون صاروخاً اعترضته إسرائيل

عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)
عناصر حوثيون يحملون صاروخاً وهمياً خلال مظاهرة في صنعاء ضد الولايات المتحدة وإسرائيل (أ.ب)

تبنّت الجماعة الحوثية إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من اعترافها بتلقي ثلاث غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

وفي حين أعلن الجيش الإسرائيلي اعتراض الصاروخ الحوثي، يُعد الهجوم هو الثاني في السنة الجديدة، حيث تُواصل الجماعة، المدعومة من إيران، عملياتها التصعيدية منذ نحو 14 شهراً تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وادعى يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الجماعة الحوثية، في بيان مُتَلفز، أن جماعته استهدفت بصاروخ فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» محطة كهرباء «أوروت رابين» جنوب تل أبيب، مع زعمه أن العملية حققت هدفها.

من جهته، أعلن الجيش الإسرائيلي، في بيان، أنه «بعد انطلاق صفارات الإنذار في تلمي اليعازر، جرى اعتراض صاروخ أُطلق من اليمن قبل عبوره إلى المناطق الإسرائيلية».

ويوم الجمعة الماضي، كان الجيش الإسرائيلي قد أفاد، في بيان، بأنه اعترض صاروخاً حوثياً وطائرة مُسيّرة أطلقتها الجماعة دون تسجيل أي أضرار، باستثناء ما أعلنت خدمة الإسعاف الإسرائيلية من تقديم المساعدة لبعض الأشخاص الذين أصيبوا بشكل طفيف خلال هروعهم نحو الملاجئ المحصَّنة.

وجاءت عملية تبنِّي إطلاق الصاروخ وإعلان اعتراضه، عقب اعتراف الجماعة الحوثية باستقبال ثلاث غارات وصفتها بـ«الأميركية البريطانية»، قالت إنها استهدفت موقعاً شرق مدينة صعدة، دون إيراد أي تفاصيل بخصوص نوعية المكان المستهدَف أو الأضرار الناجمة عن الضربات.

مقاتلة أميركية على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أ.ب)

وإذ لم يُعلق الجيش الأميركي على الفور، بخصوص هذه الضربات، التي تُعد الأولى في السنة الجديدة، كان قد ختتم السنة المنصرمة في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، باستهداف منشآت عسكرية خاضعة للحوثيين في صنعاء بـ12 ضربة.

وذكرت وسائل الإعلام الحوثية حينها أن الضربات استهدفت «مجمع العرضي»؛ حيث مباني وزارة الدفاع اليمنية الخاضعة للجماعة في صنعاء، و«مجمع 22 مايو» العسكري؛ والمعروف شعبياً بـ«معسكر الصيانة».

106 قتلى

مع ادعاء الجماعة الحوثية أنها تشن هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، في سياق مناصرتها للفلسطينيين في غزة، كان زعيمها عبد الملك الحوثي قد اعترف، في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وأن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

وكانت الولايات المتحدة قد أنشأت، في ديسمبر 2023، تحالفاً سمّته «حارس الازدهار»؛ ردّاً على هجمات الحوثيين ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، قبل أن تشنّ ضرباتها الجوية ابتداء من 12 يناير (كانون الثاني) 2024، بمشاركة بريطانيا في بعض المرات؛ أملاً في إضعاف قدرات الجماعة الهجومية.

دخان يتصاعد من موقع عسكري في صنعاء خاضع للحوثيين على أثر ضربة أميركية (أ.ف.ب)

واستهدفت الضربات مواقع في صنعاء وصعدة وإب وتعز وذمار، في حين استأثرت الحديدة الساحلية بأغلبية الضربات، كما لجأت واشنطن إلى استخدام القاذفات الشبحية، لأول مرة، لاستهداف المواقع الحوثية المحصَّنة، غير أن كل ذلك لم يمنع تصاعد عمليات الجماعة التي تبنّت مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ نوفمبر 2023.

وأدّت هجمات الحوثيين إلى إصابة عشرات السفن بأضرار، وغرق سفينتين، وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، فضلاً عن تقديرات بتراجع مرور السفن التجارية عبر باب المندب، بنسبة أعلى من 50 في المائة.

4 ضربات إسرائيلية

رداً على تصعيد الحوثيين، الذين شنوا مئات الهجمات بالصواريخ والطائرات المُسيرة باتجاه إسرائيل، ردّت الأخيرة بأربع موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة الحوثية بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

كذلك تضررت مدرسة إسرائيلية بشكل كبير، جراء انفجار رأس صاروخ، في 19 ديسمبر الماضي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر في 21 من الشهر نفسه.

زجاج متناثر في مطار صنعاء الدولي بعد الغارات الجوية الإسرائيلية (أ.ب)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد، في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتيْ توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات، في 19 ديسمبر الماضي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء؛ ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص، وإصابة 3 آخرين.

وفي المرة الرابعة من الضربات الانتقامية في 26 ديسمبر الماضي، استهدفت تل أبيب، لأول مرة، مطار صنعاء، وضربت في المدينة محطة كهرباء للمرة الثانية، كما استهدفت محطة كهرباء في الحديدة وميناء رأس عيسى النفطي، وهي الضربات التي أدت إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة أكثر من 40، وفق ما اعترفت به السلطات الصحية الخاضعة للجماعة.