فيينا: وزراء «أوبك» يؤجلون الحديث عن تفاصيل اجتماع الجمعة

لم يخض وزراء النفط الذين وصلوا إلى العاصمة النمساوية فيينا في تفاصيل الاجتماع المقبل لمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، ولم يعلقوا بإسهاب حول توقعاتهم لنتائج الاجتماع أو حتى رأيهم فيه. وكان وزير الطاقة الإكوادوري كارلوس باريخا أول الواصلين ليلة الاثنين تلاه وزير البترول السعودي علي النعيمي، الذي وصل ظهر أمس إلى فيينا قادمًا من العاصمة الفرنسية باريس، حيث كان حاضرًا لاجتماع متعلق بمفاوضات التغير المناخي. ولم يتحدث باريخا كثيرًا للصحافيين في فيينا، وأوضح أنه هنا لمعرفة ما يمكن لأوبك فعله حيال الوضع الراهن للأسعار من خلال الاجتماع، وهو الأمر ذاته الذي فعله النعيمي، الذي أوضح للجميع أنهم سيناقشون كل شيء يوم الجمعة المقبل في الاجتماع الوزاري.
ورفض النعيمي التعليق عن ماهية السياسة التي تتبعها السعودية وأوبك حاليًا، وعندما سأله الصحافيون عما إذا كانت استراتيجية السعودية المتمثلة في الدفاع عن حصتها في السوق تؤتي ثمارها تساءل الوزير قائلا: «أي استراتيجية؟ من الذي قال إننا نحافظ على الحصة السوقية؟ هل سبق وأن قلت لكم إننا ندافع عن حصتنا السوقية؟!». ورغم خلو فيينا من المسؤولين الإيرانيين فإن تصريحاتهم لا تزال تتوالى من إيران حيال الاجتماع. وقالت وكالة مهر الإيرانية للأنباء أمس إن وزير النفط الإيراني بيجن زنغنه أرسل خطابا إلى الأمين العام لمنظمة أوبك لحث الأعضاء على احترام سقف الإنتاج المشترك البالغ 30 مليون برميل يوميا.
ونقلت مهر عن مهدي عسلي محافظ إيران في أوبك قوله «رغم أن إنتاج أوبك من المفترض أن يكون 30 برميل يوميا فإنه وصل إلى نحو 31.3 مليون برميل يوميا».
وأضاف عسلي أن الدول الأخرى الأعضاء في أوبك يجب أن تخفض صادراتها لإفساح المجال أمام زيادة الإنتاج الإيراني عند رفع العقوبات الدولية على الجمهورية الإسلامية، وهو أمر متوقع العام المقبل.
وقالت مسؤولون ومندوبون في أوبك لـ«رويترز»، إن المنظمة تستعد لاجتماع بالغ الصعوبة هذا الأسبوع في الوقت الذي تضخ فيه الدول الأعضاء كميات قياسية، في ظل ضبابية آفاق الطلب واحتمال رفع الفائدة الأميركية الذي قد يدفع أسعار النفط للنزول.
وقال مصدر في أوبك إن الاجتماع المقرر عقده في فيينا يوم الجمعة «سيكون صعبا». ويتوقع عدد كبير من المراقبين والمسؤولين في أوبك أن يتمخض الاجتماع عن تمديد العمل بسياسات الإنتاج الحالية. وقادت السعودية قبل نحو عام قرار أوبك بضخ المزيد من النفط والدفاع عن الحصة السوقية في مواجهة المنتجين المنافسين. وقلصت هذه السياسة وتيرة إنتاج النفط الصخري الأميركي إلى حد ما، وتتجه إمدادات المنتجين من خارج أوبك إلى الانخفاض العام المقبل.
غير أن ذلك لن يكفي لوقف نمو تخمة المعروض مع الارتفاع الحاد في إمدادات روسيا غير العضو في أوبك والعراق عضو المنظمة، في حين أنه من المتوقع أن تزيد الإمدادات الإيرانية إذا رُفعت العقوبات الغربية عن طهران العام المقبل.
وهبطت أسعار النفط إلى أقل من النصف لتصل إلى 45 دولارا للبرميل من 115 دولارا قبل نحو 18 شهرا.
وقال مصدر آخر في أوبك إنه يتوقع المزيد من الضغوط النزولية على أسعار النفط إذا رفعت الولايات المتحدة أسعار الفائدة في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، مما يساعد الدولار على مواصلة مكاسبه بعد المستويات القياسية التي بلغها في الفترة الأخيرة. وأضاف أن أسعار النفط قد تنخفض إلى 35 دولارا للبرميل. وأشارت عدة مصادر إلى الاختلافات التي ثارت الأسبوع الماضي بخصوص آفاق الطلب العالمي، حين التقى خبراء من أوبك في فيينا قبل الاجتماع الوزاري هذا الأسبوع.
وقال مصدر ثالث إن الأعضاء المتشددين بشأن الأسعار في أوبك، وهم إيران والجزائر وفنزويلا، إلى جانب الإكوادور والعراق وهما أكثر اعتدالا، شككوا في التوقعات المتفائلة لأمانة المنظمة بشأن معدل نمو الطلب خلال العام المقبل والبالغ 1.25 مليون برميل يوميا. وذكروا أنهم يعتقدون أن معدل نمو الطلب سيصل في الواقع إلى مليون برميل يوميا فقط، بما يمثل تباطؤا عن العام الحالي المتوقع أن يتجاوز فيه معدل النمو 1.7 مليون برميل يوميا.
في الوقت نفسه لم تظهر أي علامات على انحسار إنتاج كبار المنتجين العالميين.
فقد ارتفع إنتاج السعودية في نوفمبر (تشرين الثاني) إلى 10.25 مليون برميل يوميا، رغم العوامل الموسمية التي عادة ما تقلص الطلب على الخام للاستهلاك المحلي في أشهر الشتاء. وزادت صادرات النفط العراقية في نوفمبر إلى أعلى مستوى لها في عقود ليبلغ متوسطها 3.37 مليون برميل يوميا. وبلغ إنتاج النفط الروسي في أكتوبر (تشرين الأول) مستوى جديدا هو الأعلى منذ انتهاء الحقبة السوفياتية.
وقال محللون من «إنرجي أسبكتس» في مذكرة يوم أمس: «تجتمع أوبك في الرابع من ديسمبر الحالي، ونتوقع استمرار الوضع الراهن. فالسعودية لا تريد خفض الإنتاج، خصوصا مع استمرار صعوبة الخفض الجماعي، وسط ارتفاع الضغوط المالية على كبار الأعضاء الآخرين في أوبك والمنتجين الرئيسيين من خارج المنظمة».
وقالت «إنرجي أسبكتس» إنها تعتقد أن السعودية لن تخفض الإنتاج إلا إذا استطاعت التأثير على السوق، وهو أمر يستبعد حدوثه قبل النصف الثاني من 2016 في ضوء المستويات المرتفعة الحالية للمخزونات.