نائب رئيس الوزراء البريطاني: سنتعاون مع السعودية في الهيدروجين الأخضر والكربون والطاقة المتجددة

أكد لـ«الشرق الأوسط» التزام لندن بتطوير العلاقة العسكرية والأمنية مع الرياض

نائب رئيس الوزراء البريطاني أوليفر دودن (تصوير: يزيد السمراني)
نائب رئيس الوزراء البريطاني أوليفر دودن (تصوير: يزيد السمراني)
TT

نائب رئيس الوزراء البريطاني: سنتعاون مع السعودية في الهيدروجين الأخضر والكربون والطاقة المتجددة

نائب رئيس الوزراء البريطاني أوليفر دودن (تصوير: يزيد السمراني)
نائب رئيس الوزراء البريطاني أوليفر دودن (تصوير: يزيد السمراني)

شدد نائب رئيس الوزراء البريطاني، أوليفر دودن، على أن بلاده ملتزمة بتعزيز العلاقة العسكرية والأمنية وتطويرها بشكل وثيق مع السعودية؛ لمعالجة التهديدات الإقليمية، وضمان قدر أكبر من الاستقرار في المنطقة. كلام دودن جاء في الوقت الذي يترأس فيه وفداً تجارياً ضخماً ضم أكثر من 400 شخص، بوصفه أكبر وفد تجاري بريطاني يشارك في فعالية «المستقبل العظيم» في الرياض.

وقال دودن، في حواره مع «الشرق الأوسط»: «اتفقنا على تعزيز التعاون في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر والنظيف، واحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه (CCUS). ونحن حريصون على بذل مزيد من الجهود معاً في البحث والابتكار في مجال الطاقة المتجددة».

وأشار نائب رئيس الوزراء البريطاني إلى أن السعودية تمثل اختباراً لعديد من الابتكارات التي ستغير حياة الجميع، من الطاقة النظيفة إلى أنماط الحياة الصحية، كاشفاً عن اتفاقية جديدة تعزز الالتزام المشترك بمزيد من الاستثمارات مع السعودية.

وقال دودن، إن «السعودية تحتل المرتبة العشرين بين أكبر أسواق التصدير في المملكة المتحدة، بإجمالي صادرات بقيمة 11.7 مليار جنيه إسترليني خلال الأرباع الأربعة حتى نهاية الربع الثاني من عام 2023»، منوهاً بتوقيع 40 اتفاقية للتعاون الثنائي بمجال التعليم العالي.

وأشار إلى أن السعودية، أصبحت موطناً لبعض أكبر المبادرات في العالم، بما في ذلك 5 مشروعات عملاقة كبرى، تستثمر أكثر من 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030، مؤكداً أن بلاده لا تتوقف عند دعم «رؤية السعودية 2030» فقط، بل تريد أن تكون جزءاً منها.

 

وفيما يلي تفاصيل الحوار:

ما الذي تأمل في تحقيقه من فعالية «المستقبل العظيم (GREAT FUTURES)» في الرياض... وما أهميته؟

- أعتقد بأن واحدة من أكثر القصص غير العادية في عالمنا في الوقت الحالي هي التحول الاجتماعي والاقتصادي والثقافي في المملكة. أصبحت السعودية الآن موطناً لبعض أكبر المبادرات في العالم، بما في ذلك 5 مشروعات ضخمة كبرى، تستثمر أكثر من 3 تريليونات دولار بحلول عام 2030، وكلها تتلخص في «رؤية 2030». إن بريطانيا لا تقف عند تأييد «الرؤية» فحسب، بل تريد أن تكون جزءاً منها.

ولهذا السبب أقود وفداً تجارياً قوياً يضم أكثر من 400 شخص، وهو أكبر وفد تجاري بريطاني على الإطلاق إلى السعودية. وسوف ينضم إليّ قادة الصناعة في المملكة المتحدة من الخدمات المالية والأعمال والثقافة. لقد جئنا لتعزيز التعاون بين مملكتينا، وتأمين الاستثمار المشترك عبر القطاعات الحيوية للخدمات المالية والأعمال والتعليم والثقافة.

وأضاف: «أشارك مع الوزير القصبي في رئاسة (مجلس الشراكة الاستراتيجية) بين المملكة المتحدة والسعودية، الذي تأسس عام 2018 لتعزيز العلاقات بين مملكتينا. ومن خلال هذه الشراكة، حققنا كثيراً بالفعل، وهناك مزيد في المستقبل».

وستكون قمة «المستقبل العظيم» التي تستمر يومين بمثابة منتدى للمناقشات المستمرة حول مزيد من الاستثمارات في عديد من القطاعات، بما في ذلك المعادن الحيوية والتكنولوجيا المتطورة، بالإضافة إلى اتفاقية التجارة الحرة المخطط لها بين المملكة المتحدة ومجلس التعاون الخليجي.

ولم تعد هذه الحملة التي تستمر عاماً كاملاً مجرد رؤية، بل هي خطة عمل تفخر المملكة المتحدة بكونها شريكاً رئيسياً في دعمها.

وأضاف: «إن ذلك يوضح التزام المملكة المتحدة بدعم التحول في السعودية، ويعدّ أيضاً آليةً لتعزيز وجود الشركات البريطانية في المملكة وتسريع الروابط التجارية الحيوية التي تجعل علاقتنا قيّمة للغاية. وبريطانيا هي الشريك الأمثل للمساعدة في تحقيق طموحاتها الضخمة».

وما نأمل أن نفعله أيضاً هو زيادة التجارة الثنائية بين البلدين من 17 مليار جنيه إسترليني اليوم إلى 30 مليار جنيه إسترليني بحلول عام 2030.

 

ما الذي ستعلنه في فعالية «المستقبل العظيم»؟

- تظهر الأرقام الجديدة أن الاستثمار السعودي الداخلي في المملكة المتحدة، ربما تجاوز 16.8 مليار جنيه إسترليني منذ عام 2017، ومن المتوقع أن يستفيد شمال شرقي إنجلترا من استثمارات سعودية بقيمة 3 مليارات جنيه إسترليني تدعم 2000 وظيفة في هذه المناطق.

علاوة على هذه الأرقام الجديدة، سأعلن مجموعة من الاستثمارات الجديدة بين المملكتين، في قطاعات تشمل الخدمات المالية، والتعليم، والثقافة، وغيرها.

وعلى وجه التحديد، ستوقّع المملكة المتحدة مذكرة تفاهم محدثة، مع السعودية لتجديد الالتزام المشترك بمزيد من الاستثمارات. ونتوقع شراكات جديدة بين الجامعات البريطانية والسعودية. وتمثل الشراكة الجديدة موجة من المؤسسات التي تتوسع في المنطقة، حيث تم توقيع 40 شراكة للتعليم العالي بين المملكتين حتى الآن.

كذلك، اتفقنا مع الجانب السعودي، على تعزيز التعاون في مجالات مثل الهيدروجين الأخضر والنظيف، واحتجاز الكربون وتخزينه (CCUS). ونحن حريصون على بذل مزيد من الجهود معاً في البحث والابتكار في مجال الطاقة المتجددة، إذ تعد السعودية بمثابة اختبار لكثير من الابتكارات التي ستغير حياتنا جميعاً، من الطاقة النظيفة إلى أنماط الحياة الصحية.

 

لماذا تعدّ ممارسة الأعمال التجارية أسهل في المملكة العربية السعودية؟

- لدينا روابط تجارية قوية وممارسات تجارية راسخة. تحتل السعودية المرتبة العشرين بين أكبر أسواق التصدير في المملكة المتحدة بإجمالي صادرات بقيمة 11.7 مليار جنيه إسترليني على مدار الأرباع الأربعة حتى نهاية الربع الثاني من عام 2023.

هذه الشراكة هي في الواقع طريق ذات اتجاهين. نفتح أسواقنا لبعضنا بعضاً، بحيث تتدفق الاستثمارات والصادرات والسياحة والتعاون في كلا الاتجاهين.

 

في ظل التوجه السعودي للاستثمار الثقافي... ما تقييمك للعلا التي تنوي زيارتها؟

- بصفتي وزيراً سابقاً للثقافة، أرى أن التبادل الثقافي يمثل أحد أكثر مجالات التعاون إثارةً، وأنا متشوق لرؤية روعة العلا، التي سمعت عنها كثيراً.

سأزور هذه المدينة الجميلة ذات الأهمية العالمية للإعلان المتوقع عن مزيد من الشراكات الثقافية بين المملكتين.

 

أصبحت ممارسة الأعمال التجارية في المملكة المتحدة الآن أصعب من أي وقت مضى بسبب النظام التنظيمي فيها... ما تعليقك؟

من المهم أن نؤكد أن قانون الأمن الوطني والاستثمار في المملكة المتحدة سوف يدافع دائماً بحماس عن الأسواق المفتوحة، مع الاعتراف بأن الغالبية العظمى من الاستثمارات الداخلية مفيدة للغاية. ولكن إلى جانب انفتاحنا على الاستثمار، تحتاج الحكومة أيضاً إلى بذل العناية الواجبة في القطاعات الحساسة، لإدارة أمننا القومي. ومن المهم أن أذكر أن قانون الأمن القومي والاستثمار، يمنحنا الأدوات اللازمة للقيام بذلك. هدفنا هو تمكين الاستثمارات حيثما أمكننا ذلك، مع توفير الحماية المناسبة في بعض الأحيان.

 

ماذا تعني العلاقة البريطانية - السعودية بالنسبة للاستقرار في المنطقة؟

- تتمتع المملكة المتحدة والمملكة العربية السعودية بعلاقة تاريخية عميقة، تقوم على تاريخ طويل من العمل معاً دبلوماسياً، وعلاقة عسكرية وأمنية وثيقة، وروابط اقتصادية وتجارية قوية. وهذه العلاقة مهمة في الحفاظ على كيفية عملنا معاً وتطويرها لمواجهة التهديدات الإقليمية، وضمان قدر أكبر من الاستقرار في المنطقة.


مقالات ذات صلة

سياسات ترمب الرئاسية تؤثر على مشروعاته الخاصة حول العالم

الاقتصاد علامة ترمب على ظهر قبعة يرتديها الرئيس الأميركي في البيت الأبيض (الموقع الإلكتروني للبيت الأبيض)

سياسات ترمب الرئاسية تؤثر على مشروعاته الخاصة حول العالم

منذ عودته إلى البيت الأبيض تشهد مشروعات ترمب في أنحاء العالم تبايناً في الأداء، فبينما تزدهر أعماله في الهند تعرضت ملاعب الغولف في آيرلندا وأسكوتلندا للتخريب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد متداولون في بورصة نيويورك (أ.ب)

المستثمرون يسحبون مليارات الدولارات من الأسهم خوفاً من سياسات ترمب

سحب المستثمرون استثماراتهم بكثافةٍ من صناديق الأسهم العالمية خلال الأسبوع المنتهي في 19 مارس (آذار).

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد مقر شركة «سوفت بنك» في العاصمة اليابانية طوكيو (أ.ف.ب)

«سوفت بنك» تستحوذ على صانعة الرقائق «أمبير» مقابل 6.5 مليار دولار

أعلنت مجموعة «سوفت بنك» الاستثمارية اليابانية شراء شركة «أمبير كومبيوتينغ» مقابل 6.5 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (طوكيو)
الاقتصاد فرع لشركة «كوغنايت» في النمسا (الشركة)

«كوغنايت» المدعومة من «أرامكو السعودية» تستثمر داخل الهند في رهان التوسع بالذكاء الاصطناعي

افتتحت شركة «كوغنايت» للبرمجيات الصناعية، المدعومة من «أرامكو السعودية»، يوم الأربعاء، مركزاً لخدمات الذكاء الاصطناعي بمدينة بنغالور جنوب الهند.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد شاشة تعرض نتائج مؤشر «سينسكس» على واجهة مبنى بورصة بومباي (رويترز)

المستثمرون يهاجرون من السوق الهندية لصالح الأسهم الصينية

يهجر المستثمرون العالميون سوق الأسهم الهندية؛ حيث يبيعون الأسهم بوتيرة قياسية لشراء الأسهم الصينية، في تحول كبير في حظوظ الشركات الآسيوية العملاقة.

«الشرق الأوسط» (بومباي - سنغافورة )

وزيرة المالية البريطانية: سنلتزم بالقواعد المالية رغم الاضطرابات العالمية

وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أثناء ظهورها في برنامج «الأحد» على قناة «بي بي سي» (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أثناء ظهورها في برنامج «الأحد» على قناة «بي بي سي» (أ.ف.ب)
TT

وزيرة المالية البريطانية: سنلتزم بالقواعد المالية رغم الاضطرابات العالمية

وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أثناء ظهورها في برنامج «الأحد» على قناة «بي بي سي» (أ.ف.ب)
وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز أثناء ظهورها في برنامج «الأحد» على قناة «بي بي سي» (أ.ف.ب)

قالت وزيرة الخزانة البريطانية راشيل ريفز، الأحد، إن الحكومة البريطانية ستلتزم بقواعدها المالية على الرغم من الاضطرابات العالمية، مما يزيد من احتمالية اتخاذ إجراءات شد الحزام لتحقيق أهدافها للمالية العامة في تحديث الموازنة هذا الأسبوع.

في أول موازنة كاملة لها في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، سعت ريفز إلى كسب ثقة المستثمرين من خلال التعهد بتحقيق التوازن بين الإنفاق اليومي والإيرادات الضريبية بحلول نهاية العقد. ولكن يُعتقد أنها خرجت عن مسارها بسبب تباطؤ النمو الاقتصادي وارتفاع تكاليف الاقتراض. وقد أدت الحرب التجارية العالمية المحتملة التي أثارتها الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأميركي دونالد ترمب على الواردات إلى خفض التوقعات الدولية.

وقالت ريفز: «لقد تغير العالم. يمكننا جميعاً أن نرى ذلك أمام أعيننا والحكومات ليست غير فاعلة في ذلك. سنستجيب للتغيير وسنواصل الالتزام بقواعدنا المالية».

يوم الجمعة، قفزت تكاليف الديون البريطانية بعد أرقام الاقتراض التي جاءت أعلى من المتوقع، مما أظهر قلق المستثمرين بشأن قدرة حكومة رئيس الوزراء كير ستارمر على إصلاح المالية العامة في ظل تباطؤ الاقتصاد.

في الأسبوع الماضي، أعلنت الحكومة تخفيضات في الإنفاق على الرعاية الاجتماعية لتوفير نحو 5 مليارات جنيه إسترليني (6.5 مليار دولار) سنوياً، مما أثار غضب بعض المشرّعين في حزب «العمال» الذي ينتمي إليه ستارمر من يسار الوسط.

ومن المتوقع أن تعلن ريفز عن مزيد من الإجراءات في «بيان الربيع» يوم الأربعاء لاستعادة 10 مليارات جنيه إسترليني من مساحة المناورة لتحقيق أهدافها المالية.

ورداً على سؤال من قناة «سكاي نيوز» حول التخفيضات المحتملة في الإنفاق، قالت ريفز إن الإنفاق العام لا يزال من المتوقع أن يفوق التضخم في كل عام من أعوام البرلمان الحالي. وأضافت: «ولكن بصفتنا حكومة، علينا أن نقرر أين تُنفق تلك الأموال، ونحن نريد إنفاقها على أولوياتنا».

لقد زادت الحكومة من الإنفاق على الدفاع استجابة لدعوات ترمب لأوروبا لبذل مزيد من الجهد لحماية أمنها. ومن المقرر إجراء مزيد من الزيادات في السنوات المقبلة.

وقالت ريفز إنه يمكن إلغاء 10 آلاف وظيفة في القطاع العام بموجب خطة جديدة لخفض تكاليف الخدمة المدنية بنسبة 15 في المائة بحلول نهاية العقد، وتوفير أكثر من ملياري جنيه إسترليني (2.58 مليار دولار) سنوياً، مضيفة أنه ليس من الصواب الإبقاء على زيادات التوظيف في عهد «كوفيد - 19».

يعمل أكثر من 500 ألف شخص في الخدمة المدنية، ومع احتمال خفض توقعات النمو الاقتصادي يوم الأربعاء، تأمل بريطانيا في تجنب وطأة التعريفات الجمركية على الواردات التي تدرسها إدارة ترمب.

وقالت ريفز لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) يوم الأحد: «الرئيس ترمب يشعر بالقلق عن حق بشأن الدول التي لديها فوائض تجارية كبيرة ومستمرة مع الولايات المتحدة، والمملكة المتحدة ليست واحدة من تلك الدول».

ورداً على سؤال عما إذا كانت بريطانيا يمكن أن تعرض إنهاء ضريبة الخدمات الرقمية التي تفرضها على شركات التكنولوجيا الكبيرة مثل «غوغل» و«فيسبوك» لكسب تأييد واشنطن للخدمات الرقمية، قالت ريفز إن المحادثات جارية.

وأضافت: «نحن نجري مناقشات في الوقت الحالي حول مجموعة كاملة من الأمور المتعلقة بالرسوم الجمركية مع الولايات المتحدة، لكننا سنواصل العمل على هذا المبدأ الذي ينص على أنه يجب عليك دفع الضرائب في البلد الذي تعمل فيه».