قتال عنيف في جبهة الضالع وتدمير راجمة صواريخ ودبابة في مريس

مقتل قيادي حوثي ومرافقيه في البيضاء.. وأسر 3 من ضباط الحرس الجمهوري في قعطبة

قتال عنيف في جبهة الضالع وتدمير راجمة صواريخ ودبابة في مريس
TT

قتال عنيف في جبهة الضالع وتدمير راجمة صواريخ ودبابة في مريس

قتال عنيف في جبهة الضالع وتدمير راجمة صواريخ ودبابة في مريس

نجحت المقاومة الشعبية في جبهة حمك بمحافظة، شمال مدينة قعطبة بمحافظة الضالع، جنوبي البلاد في أسر 3 ضباط في قوات الحرس الجمهوري المنحل، في عملية نوعية نفذتها المقاومة.
وأكد قائد المقاومة الشعبية في جبهة حمك، عبد السلام الأصهب لـ«الشرق الأوسط» أن رجال المقاومة الشعبية نفذوا عملية نوعية بناء على معلومات استخباراتية، وتمكنوا خلالها من مهاجمة المكان الذي وجد فيه هؤلاء الضباط الموالين للرئيس المخلوع وزعيم جماعة الحوثيين، وأشار إلى أن الضباط الثلاثة وبعيد أسرهم، مساء أول من أمس، تم نقلهم إلى جهة لم يحددها، مكتفيا بالقول إنهم باتوا في قبضة رجال المقاومة الشعبية بمديرية قعطبة شمال الضالع. وشهدت جبهة مريس دمت، شمال محافظة الضالع الجنوبية، مواجهات ضارية وبمختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة، وذلك إثر تنفيذ عملية التفاف قامت بها المقاومة الشعبية المسنودة بقوة من الجيش وطيران التحالف، وتمكنت خلالها المقاومة من السيطرة على مواقع منها يعيس وإرب شمال منطقة مريس، وتكبيد الميليشيات المسلحة نحو 16 قتيلا وجرح آخرين، وأسر المقاومة للقيادي الحوثي أبو الليث الغرباني، أحد القيادات الميدانية في جبهة دمت.
وقال قائد جبهة مريس دمت، العقيد عبد الله مزاحم لـ«الشرق الأوسط» إن رجال المقاومة سيطروا على مواقع متقدمة من بينها تباب مطلة على الخط الرئيسي الواصل بين مدينتي دمت شمالا وقعطبة جنوبا، عقب مهاجمة رجال المقاومة للميليشيات المسلحة، لافتا إلى أن الهجوم سبقه تمهيد جوي وقصف مدفعي لعدد من التجمعات والأسلحة التابعة للجماعات المسلحة.
وأشار مزاحم إلى أن رجاله سيطروا على هذه المواقع عقب مواجهات ضارية طوال الساعات الثماني والأربعين الماضية وشاركت فيها طائرات التحالف، التي قصفت تجمعا للميليشيات المسلحة في مدرسة الحقب جنوب مدينة دمت، وأوقع القصف خسائر بشرية في الأرواح، فضلا عن تدميره دبابة وطقمين عسكريين في قرية العرفاف، الواقعة وسط بين دمت ومريس.
وقالت مصادر محلية في مريس لـ«الشرق الأوسط» إن المنطقة شهدت أعنف اشتباكات بين المقاومة الشعبية وميليشيات الحوثي وصالح، مشيرة إلى أن هذه المواجهات تركزت في المنطقة الواقعة وسط بين العرفاف شمالا ويعيس جنوبا، مؤكدة على سيطرة رجال المقاومة على مواقع جديدة في يعيس، وإن الميليشيات أقدمت على قصف مدفعي عشوائي على قرى سكنية مأهولة بالسكان.
وكشفت المصادر عن سقوط صاروخي جراد في مزرعة قات قريبة من سوق الجبارة، مركز منطقة مريس، دون حدوث خسائر بشرية.
وقال قيادي في المقاومة الشعبية لـ«الشرق الأوسط» إن مدفعية المقاومة لعبت دورا حاسما في المعركة المحتدمة، مؤكدا أنها نجحت في تدمير آليات ومواقع تابعة للميليشيات في جنوب مدينة دمت.
وفي مواضع عدة أخرى، وأنها كبدت الميليشيات قتلى وجرحى وعتادا، حيث دمرت راجمات صواريخ ودبابة بجوار قرية العرفاف، وذكر أن هناك قتلى وجرحى في صفوف عناصر المقاومة، وأن جبهة القتال جرى تعزيزها بالسلاح والضباط الفنيين والقياديين الذين تم إيفادهم من المقاومة الجنوبية ومن قيادة اللواء 33 مدرع بمحافظة الضالع.
في سياق متصل، لقي قيادي حوثي مصرعه ومعه 4 من مرافقيه، إثر كمين نصبته المقاومة الشعبية في منطقة ذي ناعم بالبيضاء.
وقالت مصادر محلية بمنطقة ذي ناعم لـ«الشرق الأوسط» إن القيادي الحوثي يدعى أبو يسلم، مشيرة إلى أنه لقي مصرعه أثناء مروره بالطريق المحاذية لمنطقة ذي ناعم، وتحديدا بالقرب من قرية آل هشام بمديرية ذي ناعم بمحافظة البيضاء.
وشنت مقاتلات التحالف صباح أمس، غارات جوية استهدفت مخزن أسلحة وبطاريات صواريخ. وقالت مصادر في المقاومة الجنوبية في جبهة مكيراس لـ«الشرق الأوسط» إن طائرات التحالف قصفت بغارتين جويتين مواقع الحوثيين والموالين للرئيس المخلوع في عقبة المآذن بمديرية مكيراس شمال محافظة أبين، مما أدى إلى حدوث انفجارات قوية تلت الغارتين الجويتين، مشيرة إلى أن الانفجارات والحرائق ناجمة عن قصف الطيران لمخزن أسلحة وبطارية.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.