الأردن يبدأ عملية تعداد للسكان والمساكن والمنشآت الاقتصادية

تسهم مخرجاتها في التخطيط لحاجاته التنموية والخدمية

التعداد بدأ أول من أمس ويستمر 10 أيام يشارك فيه 25 ألف باحث
التعداد بدأ أول من أمس ويستمر 10 أيام يشارك فيه 25 ألف باحث
TT

الأردن يبدأ عملية تعداد للسكان والمساكن والمنشآت الاقتصادية

التعداد بدأ أول من أمس ويستمر 10 أيام يشارك فيه 25 ألف باحث
التعداد بدأ أول من أمس ويستمر 10 أيام يشارك فيه 25 ألف باحث

انطلقت في الأردن عملية التعداد العام للسكان والمساكن لعام 2015، والذي تجريه دائرة الإحصاءات العامة بشكل دوري كل عشر سنوات بمشاركة 25 ألف باحث وباحثة ويستمر لمدة عشرة أيام.
واعتمدت الدائرة لتعداد السكان والمساكن بدورته الحالية أحدث الطرق التكنولوجية لعد وحصر كل ما هو موجود على أرض المملكة من بشر وحجر وشجر كالتجمعات السكانية، والمساكن، والمنشآت الاقتصادية، والمزارع، والمرافق الخدمية والصحية والتعليمية والجامعية، بالإضافة للطرق وشبكة الصرف الصحي.
وتعتبر نتائج التعداد مؤشرا للنمو السكاني والتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والصحية المتعلقة به، ما يسهل كثيرا على المسؤولين الحكوميين في عمليات التخطيط وتوزيع مكتسبات التنمية على سائر مناطق وأرجاء المملكة.
ويشمل التعداد كل شيء موجود على أرض المملكة، بما في ذلك مياه الدولة الإقليمية والمطارات والمراكز الصحية ومراكز التأهيل والإصلاح والمنافذ الحدودية. وأكد رئيس الوزراء الأردني عبد الله النسور، أن الدولة الأردنية تولي أهمية قصوى لعملية التعداد الذي ستسهم مخرجاته في التخطيط المستقبلي السليم لحاجات المملكة من المشاريع التنموية والخدمية. ودعا النسور المواطنين والمقيمين في المملكة إلى التعاون مع العاملين والمكلفين بإجراء عملية التعداد الذي يشمل كافة الأشخاص المتواجدين في المملكة، وهو ليس حصرا على الأردنيين، مشددا على أن إجراء التعداد مرة كل عشر سنوات، هو استحقاق قانوني ملزم نص عليه قانون الإحصاءات العامة.
وأكد النسور ثقته بوعي المواطنين الأردنيين وإدراكهم لأهمية هذا الجهد الوطني الذي يستهدف بناء قاعدة بيانات عن أعداد السكان والمساكن والأنشطة الاقتصادية والزراعية في المملكة، الأمر الذي يسهم في التخطيط المستقبلي السليم لحاجات المملكة من المشروعات التنموية والخدمية وبالتالي تحسين مستوى وجودة الخدمات المقدمة للمواطنين.
وقرر مجلس الوزراء الأردني تعطيل الوزارات والدوائر والمؤسسات الرسمية، أمس الاثنين، بمناسبة التعداد العام للسكان والمساكن 2015، واستثنى قرار العطلة المؤسسات والدوائر التي تقتضي طبيعة عملها الدوام في هذا اليوم. وأكد النسور أن قرار العطلة جاء لتمكين المواطنين وكافة المقيمين في المملكة من المشاركة في هذا الجهد الوطني المهم، والذي سيكون جزءا أساسيا منه.
وشدد النسور على أن قرار العطلة جاء بهدف إتاحة المجال أمام المواطنين للتواجد في منازلهم واستقبال الباحثين العاملين بالتعداد، وليتمكن الباحثون من الحصول على معلومات دقيقة. وقال الناطق باسم التعداد العام للسكان والمساكن، مخلد العمري، إن التعداد الذي بدأ أمس يستمر 10 أيام سيتم من خلال 25 ألف باحث في الميدان من مدرسين في وزارة التربية والتعليم، ودعم لوجستي من موظفي الدائرة، وطلبة الجامعات المشاركين، موضحا أن التعداد يستمر من الساعة الثامنة صباحا وحتى الثامنة مساء. ولفت إلى أن «زيارة الباحث لن تستمر أكثر من 15 دقيقة لتعبئة استمارات الأسئلة مباشرة». ودعا العمري المواطنين والمقيمين إلى التعاون مع موظف الإحصاءات، والتأكد من هوية الباحث، حيث إن كل باحث لا بدّ أن يحمل معه البطاقة التعريفية.
وهذا التعداد هو العشري السادس منذ تأسيس المملكة ودائرة الإحصاءات العامة، حيث يتم تنفيذه وإجراؤه كل 10 سنوات، وذلك حسب قانون الإحصاءات العامة رقم 12 لسنة 2012. والقوانين الدولية المعنية في هذا الجانب، وكذلك التوصيات الصادرة عن الهيئات الدولية صاحبة الاختصاص، وقد نفذ آخر تعداد للسكان والمساكن في العام 2004.
ويعرف التعداد بأنه عملية جمع وتجهيز وتقييم وتحليل ونشر البيانات الديموغرافية والاقتصادية والاجتماعية المتعلقة بالسكان الموجودين على قيد الحياة في بلد محدد وزمن معين، وهذا يعني أن يعد كل فرد من الأفراد الموجودين على قيد الحياة داخل حدود بلد معين في لحظة محددة وتاريخ معين، وأن تسجل خصائصه الديموغرافية والاجتماعية والاقتصادية في تاريخ إسنادها الزمني المحدد لكل منها منفصلة عن خصائص غيره من أفراد الأسرة. وأكد الناطق الرسمي لدائرة الإحصاءات العامة، حسني الدعجة، أن توقيت التوجه الحكومي لإجراء التعداد العام للسكان والمساكن «خير دليل على تعزيز الاستقلال والأمن والأمان في المملكة». وقال الدعجة بأن «التعداد يثبت أن الأردن واحة أمن واستقرار ونموذج حقيقي لدولة القانون والمؤسسات، ومثال للإنجازات على الرغم من قلة الإمكانيات»، مؤكدا إقبال الكثير من المؤسسات الإحصائية العربية للمشاركة والاطلاع على التجربة الأردنية في التعداد.
وأوضح أن الدائرة يقع على عاتقها مسؤولية إصدار وتوثيق الرقم الإحصائي الوطني منذ تاريخ تأسيسها عام 1949. وهي الجهة الرسمية المخولة بموجب القانون بجمع وتصنيف وتحليل ونشر البيانات الإحصائية الشاملة، مشيرا إلى أن التعداد العام الشامل يعتبر أكبر عمل وطني إحصائي تقوم به الدائرة على الإطلاق. وبين الدعجة أن التعداد الإلكتروني الجديد الذي تقوم به الدائرة هذا العام يتميز بوجود خرائط لجميع محافظات المملكة، تظهر الطرق والمباني وكافة الأمور المتعلقة بالوحدات الجغرافية والإدارية، حيث سيتمكن متخذ القرار من معرفة جميع تفاصيل منطقته والخدمات التي تحتاجها.
ولفت إلى أنه سيتم تنفيذ التعداد باستخدام أفضل ما توصلت إليه التكنولوجيا الحديثة بما ينسجم مع ظروف وإمكانات المملكة بما يخدم دقة وسرعة الإنجاز، حيث سيتم اعتماد الأجهزة اللوحية لجمع البيانات الإحصائية من الأسر، ونقلها مباشرة لقواعد البيانات والحفاظ على البيئة باستخدام الورق في أضيق الحدود.
وأوضح الدعجة أن هذه الخرائط تعد الأولى من نوعها على مستوى الشرق الأوسط، وستربط المؤشرات السكانية مع مستوى الخدمات الأساسية، إضافة إلى احتوائها على مؤشرات البطالة ومستوى خط الفقر وأرقام عن الصحة والتعليم والصناعة والزراعة وغيرها.
يشار إلى أن التعداد السكاني تدعمه وكالة الإنماء الأميركية يو إس أيد حيث قدمت 25 مليون دولار لهذه الغاية.
عدد السكان في الأردن حسب الأرقام الحالية نحو سبعة ملايين نسمة إضافة إلى أكثر من مليوني لاجئ ومقيم من الجنسيات السورية والعراقية والفلسطينية والليبية واليمنية والبنغالية والصينية والإندونيسية والسريلانكية والباكستانية وغيرها.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».