رخص أسعار السلاح في أوروبا يثير قلق أجهزة الاستخبارات

سوق البلقان السوداء ملاذ للمتطرفين

رخص أسعار السلاح في أوروبا يثير قلق أجهزة الاستخبارات
TT

رخص أسعار السلاح في أوروبا يثير قلق أجهزة الاستخبارات

رخص أسعار السلاح في أوروبا يثير قلق أجهزة الاستخبارات

بعدما كشف التحقيق حول الاعتداءات التي اوقعت 130 قتيلا في باريس في 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي ثغرات في التعاون بين اجهزة الاستخبارات، أعلن رئيس وزراء بلجيكا شارل ميشال اليوم (الاثنين)، أن بروكسل تؤيد انشاء وكالة أوروبية للاستخبارات لتعزيز التعاون في مجال مكافحة الارهاب.
وقال ميشال لاذاعة "ار تي ال" الفرنسية "نواجه صعوبة اليوم. تبادل المعلومات على المستوى الاوروبي يجري على المستوى الثنائي. ليس هناك اليوم تنسيق استخباراتي على المستوى الاوروبي". واضاف "لو ان اجهزة الاستخبارات تعمل بشكل صحيح في تبادل المعلومات لما حصل اي اعتداء في العالم (...) ليست هناك صيغة موحدة في تبادل المعلومات. علينا ان ننشئ وبأسرع وقت وكالة اوروبية للاستخبارات، سي آي إيه اوروبية" لتجميع المعلومات حول "المشتبه بان لديهم توجهات متطرفة والكشف عمن يبيتون نوايا معادية". ولكنه قال "حتى وزير داخليتكم (برنار) كازنوف متحفظ جدا على اقتراحي تشكيل وكالة استخبارات اوروبية".
لكن رغم توحد القلق في القارة العجوز حول هجمات اخرى، إلا أن أوروبا باتت تشهد تباينات في الآراء حول الخطوات الاحترازية. فبدوره، اقترح المفوض الاوروبي للشؤون الداخلية ديميتريس افراموبولوس الجمعة انشاء وكالة استخبارات اوروبية. لكن هذا الامر يستوجب تعديل بعض المعاهدات، في حين لم تخف عدة دول في الاتحاد الاوروبي وعلى رأسها ألمانيا تحفظها على الامر. فيما قال وزير الداخلية الالماني توماس دي ميزيار الجمعة "لا يفترض ان نهدر طاقتنا على وكالة استخبارات اوروبية. لا يمكنني أن اتخيل ان بوسعنا التخلي عن سيادتنا الوطنية في هذا الشأن" مقترحا "التركيز على تحسين تبادل المعلومات بين الاجهزة القائمة".
وطالما توفرت سوق سوداء في دول البلقان لأسلحة بخيسة السعر، لن تزول تلك التهديدات. فتشير التقديرات الى وجود نحو 80 مليون قطعة سلاح ناري في الاتحاد الاوروبي. لكنها في الغالب اما مملوكة للدولة أو مرخصة بمقتضى نظام دقيق. وتسلط الاضواء على البلقان بسبب توفر الاسلحة التي كانت مملوكة للجيوش في السوق السوداء.
بدوره، قال ايفان زفرجانوفسكي من منظمة كليرنغهاوس للحد من الاسلحة الصغيرة والخفيفة؛ وهي جماعة تراقب انتشار الاسلحة مقرها بلغراد "انت لا تعرف أين توجد هذه الاسلحة ومن يحتفظ بها أو كيف تستخدم".
يذكر أنه قبل أسبوع من هجمات باريس أعلنت صربيا أن أجهزة الامن الصربية والفرنسية اعتقلت عصابة كبرى لتهريب السلاح بين البلدين. ولم يذكر هذا الموضوع سوى عدد قليل من وسائل الاعلام. وفي الوقت نفسه تقريبا أوقفت شرطة المرور الالمانية سيارة فولكسفاجن جولف يقودها رجل من جمهورية الجبل الاسود احدى الجمهوريات اليوغوسلافية سابقا. كما عثرت الشرطة على ثماني بنادق كلاشنيكوف ايه كي 47 وعدد من المسدسات وكمية من المتفجرات. وأوضح نظام الملاحة في سيارته أنه كان متجها الى باريس. ولم يتم العثور على أي صله مباشرة تربطه بهجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني)، لكن هذه الحالة لم تكن مجرد حالة معزولة.
وتسلك الأسلحة طريقها من دول البلقان صوب أوروبا الغربية، فيما فتحت مؤخرا منافذ أخرى عبر شرق أوكرانيا وليبيا الغارقة في الفوضى. وساهمت سهولة عبور الاسلحة الحدود الى الاتحاد الاوروبي ثم عبر منطقة شينغن المفتوحة الحدود في أوروبا وكذلك حركة انتقال القتلة أنفسهم ومئات الىلاف من اللاجئين، في اطلاق دعوات من أجل تشديد الرقابة على الحدود وفرض قيود داخلية جديدة في الاتحاد الاوروبي. ومع ذلك يبدو من المستحيل القضاء بالكامل على تجارة الاسلحة غير القانونية التي مازالت مزدهرة داخل الاتحاد الاوروبي نفسه.
ومن المفارقات أن بروكسل عاصمة الاتحاد الاوروبي ومقر حلف شمال الاطلسي أصبحت سوقا لمثل هذه الاسلحة.
من جهة أخرى، يعتزم الاتحاد الاوروبي تطبيق نظام للتسجيل عبر دوله المختلفة وكذلك معايير موحدة لتعطيل استخدام الاسلحة؛ اذ أن بندقية من البنادق التي استخدمت في قتل رسامي صحيفة شارلي ابدو تم شراؤها في جمهورية سلوفاكيا عضو الاتحاد الاوروبي بصورة قانونية كبندقية لهواة جمع الاسلحة القديمة، تم وقف استخدامها.
وهناك تحديات أخرى. فاذا كان من الممكن تهريب الاسلحة في الشطائر فان تجارتها عن طريق الانترنت تتزايد أيضا أو يتم تجميعها من أشياء يتم شراء مكوناتها كل على حدة وبعضها متاح شراؤه قانونيا على الانترنت؛ فالتطور التكنولوجي يجلب معه أخطارا جديدة. ولادراك فرنسا أن الطابعات الثلاثية الابعاد استخدمات في صنع أسلحة يمكن استخدامها، فقد دعت الى فرض حظر في الاتحاد الاوروبي على صنعها. والمخاطر كبيرة للحكومات الاوروبية؛ فكما أوضحت هجمات باريس يمكن لقطع قليلة العدد من الاسلحة أن تحدث أثرا هائلا.



ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

TT

ماذا نعرف عن الصاروخ «أوريشنيك» الذي أطلقته روسيا على أوكرانيا؟

صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)
صورة نشرتها مؤسسة أوكرانية تُظهر لحظة الهجوم بالصاروخ الباليستي الروسي على مدينة دنيبرو الأوكرانية (أ.ف.ب)

أشاد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، بإطلاق بلاده صاروخاً جديداً فرط صوتي على مصنع أسلحة أوكراني. وهذا السلاح، غير المعروف حتى الآن، استخدمته روسيا للمرة الأولى ضد أوكرانيا ولتحذير الغرب.

فيما يلي ما نعرفه عن هذا الصاروخ التجريبي الذي أُطلق عليه اسم «أوريشنيك»:

آلاف الكيلومترات

حتى استخدامه يوم الخميس، لم يكن هذا السلاح الجديد معروفاً. ووصفه بوتين بأنه صاروخ باليستي «متوسط المدى»، يمكنه بالتالي بلوغ أهداف يتراوح مداها بين 3000 و5500 كيلومتر، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي قبل إطلاقه (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

وحسب الرئيس الروسي، فإن إطلاق الصاروخ كان بمثابة تجربة في الظروف القتالية؛ مما يعني أن هذا السلاح لا يزال قيد التطوير. ولم يعطِ أي إشارة إلى عدد الأنظمة الموجودة، لكنه هدّد بإعادة استخدامه.

تبلغ المسافة بين منطقة أستراخان الروسية التي أُطلق منها صاروخ «أوريشنيك»، الخميس، حسب كييف، ومصنع تصنيع الأقمار الاصطناعية بيفدينماش الذي أصابه الصاروخ في دنيبرو (وسط شرق أوكرانيا)، تقريباً 1000 كيلومتر.

وإذا كان لا يدخل ضمن فئة الصواريخ العابرة للقارات (التي يزيد مداها على 5500 كيلومتر) يمكن لـ«أوريشنيك» إذا أُطلق من الشرق الأقصى الروسي نظرياً أن يضرب أهدافاً على الساحل الغربي للولايات المتحدة.

وقال الباحث في معهد الأمم المتحدة لأبحاث نزع السلاح (Unidir) في جنيف، بافيل بودفيغ، في مقابلة مع وسيلة الإعلام «أوستوروزنو نوفوستي»، إن «(أوريشنيك) يمكنه (أيضاً) أن يهدّد أوروبا بأكملها تقريباً».

وحتى عام 2019 لم يكن بوسع روسيا والولايات المتحدة نشر مثل هذه الصواريخ بموجب معاهدة القوى النووية متوسطة المدى الموقّعة في عام 1987 خلال الحرب الباردة.

لكن في عام 2019 سحب دونالد ترمب واشنطن من هذا النص، متهماً موسكو بانتهاكه؛ مما فتح الطريق أمام سباق تسلح جديد.

3 كلم في الثانية

أوضحت نائبة المتحدث باسم «البنتاغون»، سابرينا سينغ، للصحافة، الخميس، أن «(أوريشنيك) يعتمد على النموذج الروسي للصاروخ الباليستي العابر للقارات RS - 26 Roubej» (المشتق نفسه من RS - 24 Yars).

وقال الخبير العسكري إيان ماتفييف، على تطبيق «تلغرام»، إن «هذا النظام مكلف كثيراً، ولا يتم إنتاجه بكميات كبيرة»، مؤكداً أن الصاروخ يمكن أن يحمل شحنة متفجرة تزن «عدة أطنان».

في عام 2018، تم تجميد برنامج التسليح «RS - 26 Roubej»، الذي يعود أول اختبار ناجح له إلى عام 2012، حسب وكالة «تاس» الحكومية، بسبب عدم توفر الوسائل اللازمة لتنفيذ هذا المشروع «بالتزامن» مع تطوير الجيل الجديد من أنظمة «Avangard» التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، ويُفترض أنها قادرة على الوصول إلى هدف في أي مكان في العالم تقريباً.

صاروخ «يارس» الباليستي الروسي على متن شاحنة مدولبة (لقطة من فيديو لوزارة الدفاع الروسية)

حسب بوتين فإن الصاروخ «أوريشنيك» «في تكوينه غير النووي الذي تفوق سرعته سرعة الصوت» يمكن أن تصل سرعته إلى 10 ماخ، «أو 2.5 إلى 3 كيلومترات في الثانية» (نحو 12350 كلم في الساعة). وأضاف: «لا توجد أي طريقة اليوم للتصدي لمثل هذه الأسلحة».

عدة رؤوس

أخيراً، سيتم تجهيز «أوريشنيك» أيضاً بشحنات قابلة للمناورة في الهواء؛ مما يزيد من صعوبة اعتراضه.

وشدد بوتين على أن «أنظمة الدفاع الجوي المتوفرة حالياً في العالم، وأنظمة الدفاع الصاروخي التي نصبها الأميركيون في أوروبا، لا تعترض هذه الصواريخ. هذا مستبعد».

وأظهر مقطع فيديو للإطلاق الروسي نُشر على شبكات التواصل الاجتماعي، ست ومضات قوية متتالية تسقط من السماء وقت الهجوم، في إشارة -حسب الخبراء- إلى أن الصاروخ يحمل ست شحنات على الأقل. يقوم هذا على تجهيز صاروخ بعدة رؤوس حربية، نووية أو تقليدية، يتبع كل منها مساراً مستقلاً عند دخوله الغلاف الجوي.