قلق أميركي من تزايد جمع المعلومات عن التلاميذ

تحالف للآباء ينشد الخصوصية ويحارب تحصيل البيانات الخاصة بأولادهم

قلق أميركي من تزايد جمع المعلومات عن التلاميذ
TT

قلق أميركي من تزايد جمع المعلومات عن التلاميذ

قلق أميركي من تزايد جمع المعلومات عن التلاميذ

تزايدت مخاوف الآباء حول خصوصية الطلاب خلال السنوات الأخيرة وسط زيادة استخدام التكنولوجيا من قبل المدارس، والمناطق التعليمية، والولايات لجمع جبال من المعلومات حول التلاميذ. وفي العام الماضي، أجبر مشروع مثير للجدل، ممول من قبل مؤسسة بيل غيتس وتديره مؤسسة غير هادفة للربح تأسست خصيصا لذلك الغرض تحت اسم «إن بلوم»، بتكلفة 100 مليون دولار لجمع البيانات عن التلاميذ، على الإغلاق بسبب مثل تلك المخاوف، في حلقة كانت بمثابة جرس للإنذار للآباء حول كم المعلومات المتعلقة بأطفالهم التي يجري جمعها ومشاركتها من دون علمهم.
وكانت السيدة ليوني هيمسون من أبرز الناشطين ضد مشروع «إن بلوم»، والتي فيما بعد وبمشاركة راشيل ستيكلاند، أسستا تحالف الآباء لأجل خصوصية الأبناء، وهو تحالف وطني يضم الآباء والناشطين المدافعين عن حقوق الآباء والتلاميذ في حماية بياناتهم الخاصة. وكتبت هيمسون بمشاركة شيري كيسكر، وهي من أعضاء ذلك التحالف أيضا، مقالا هاما حول تلك القضية.
وفي مقالهما، تقول هيمسون وكيسكر: «أتتذكرون ذلك التهديد الخطير من أيام الطفولة: (سوف يظل ذلك مذكورا في سجلاتكم الدائمة؟) حسنا، إن سجل أطفالكم الدائم أكبر بكثير في الأيام الحالية، وربما يظل مستديما لأبعد مما تظنون. حيث يتم تتبع، وتسجيل، وتقريبا مشاركة كافة المعلومات الخاصة بسلوكيات الأطفال وكل شيء تقريبا مما تعرفه المدرسة أو الولاية عنهم».
وخلال جلسة استماع بالكونغرس الأميركي في فبراير (شباط) 2015 حول «تأثير التكنولوجيا الناشئة على خصوصية التلاميذ»، توجه النائب غلين غروثام من ولاية ويسكونسن للمجلس بسؤال يتعلق بـ«تقديم موجز لكافة المعلومات المتجمعة حتى الوقت الذي يبلغ فيه الطالب سنته الجامعية الأخيرة»، وأجاب السيد جويل ريدنبرغ، مدير مركز القانون وسياسة المعلومات لدى كلية فوردهام للقانون على النحو التالي:
«فلتتذكروا جورج أوريل، ولنصل بكلامه إلى أعلى مستوى ممكن. نحن في بيئة مفعمة بالمراقبة والاستقصاء على أعلى درجة بالأساس. إن تلك البيانات تحمل محتوى غنيا للغاية عن حياة الكثير من التلاميذ بشكل استثنائي».
يجري جمع غالبية البيانات عن الطلاب في المدرسة عبر طرق متعددة، إما عن طريق استخدام الأطفال للإنترنت أو المعلومات المتوفرة من قبل الآباء، أو المعلمين، أو غيرهم من موظفي المدرسة. ويشتمل السجل المدرسي للطالب بوجه عام على معلومات ديموغرافية، ومن بينها العرق، والأصل الإثني، ومستوى الدخل، وسجلات الانضباط، والدرجات ونتائج الاختبارات، ومستويات الإعاقة، وخطط التعليم الفردية، والصحة العقلية، والتاريخ الطبي، وسجلات الاستشارات، وغير ذلك الكثير.
ووفقا للقانون الفيدرالي الخاص بحقوق التعليم والخصوصية، فإن السجلات الطبية وسجلات الاستشارات يجري إدراجها في سجلات الأطفال التعليمية ولا تخضع للحماية بموجب قانون قابلية انتقال التأمين الصحي والمساءلة الذي أقره الكونغرس الأميركي في عام 1996. وبالتالي، يمكن مشاركة معلومات شديدة الحساسية عن حالة الصحة العقلية والجسدية خارج المدرسة ومن دون موافقة أولياء الأمور.
بدأ إدراك الكثير من الآباء ولأول مرة حول كيفية مشاركة البيانات الشخصية الخاصة بأطفالهم وعلى نطاق واسع مع أطراف ثالثة من كافة المناحي عندما ثار الجدل بذلك الشأن حيال مشروع «إن بلوم» في عام 2012، وهو المشروع الذي تكلف 100 مليون دولار ومولته مؤسسة غيتس. وبسبب المعارضة الشديدة من قبل الآباء، أغلق المشروع المذكور أبوابه في عام 2014. ولكن من خلال تلك العملية، اكتشف الآباء أن مشروع «إن بلوم» كان القمة الظاهرة فقط من جبل كبير، وأن الحكومة الفيدرالية الأميركية مع مؤسسة غيتس كانتا تساعدان في تكديس والإفصاح عن بيانات الطلاب الشخصية وبمختلف الطرق والأساليب.
انضمت العشرات من المؤسسات معا، ممولة جميعها من قبل مؤسسة بيل غيتس، لإنشاء حملة جودة البيانات في عام 2005، وكانت الأهداف على النحو التالي:
** التطوير الكامل لنظم البيانات الطولية في كل ولاية من الولايات الأميركية بحلول عام 2009.
** زيادة الوعي والإدراك مع تعزيز الاستخدامات المفيدة للبيانات الطولية والبيانات المالية بهدف تحسين إنجازات الطلاب.
** تعزيز، وتطوير، واستخدام المعايير القياسية للبيانات والنقل الفعال وتقاسم البيانات.
ومنذ ذلك الوقت، ألزمت الحكومة الفيدرالية كل الولايات الأميركية بجمع المعلومات الشخصية عن الطلاب في صورة قواعد البيانات الطولية، تحت اسم نظم البيانات الطلابية الطولية، وفيها يجري جمع وتصنيف المعلومات الشخصية لكل طفل وتعقبها منذ الولادة وحتى ما قبل التعليم المدرسي وما بعده، بما في ذلك المعلومات الطبية، وبيانات الاستقصاء، والبيانات الواردة من مختلف الوكالات التابعة للولاية مثل نظام العدالة الجنائية، وخدمات الأطفال، ومختلف الهيئات والإدارات الصحية. وكانت نظم البيانات الطلابية الطولية، أو في بعض الأحيان تدعى قاعدة بيانات (ب 20) التي تغطي المرحلة منذ ما قبل المدرسة وحتى بلوغ الطالب 20 عاما، وقاعدة بيانات (ب 12) أو (بي - 20) لتتبع البيانات منذ الولادة، تتلقى التمويل جزئيا عبر المنح الفيدرالية والمقدمة في خمسة مستويات من التمويل بين عامي 2005 و2012. هذا وقد تلقت 47 ولاية من أصل 50 ولاية إلى جانب مقاطعة كولومبيا، وبورتوريكو، وفيرجين آيلاند، التمويل عبر منح نظم البيانات الطلابية الطولية. وعلى الرغم من أن ولايات ألاباما، ووايومينغ، ونيومكسيكو غير مدرجة على الموقع المختص بما سلف ذكره، فإن حاكم ألاباما قد أعلن مؤخرا عبر الأمر التنفيذي عن إنشاء نظم البيانات الطلابية الطولية الخاص بولاية ألاباما لمطابقة المعلومات حول الطلاب من مراحل التعليم المبكرة وحتى التعليم ما بعد الجامعي وإلى مرحلة التوظيف والعمل. وتستخدم ولاية وايومينغ قاموس فيوجن للبيانات الذي يتضمن المعلومات عن الأطفال منذ الولادة. وتُظهر خطة التكنولوجيا في ولاية نيومكسيكو أنها نقلت نظم البيانات الطلابية الطولية إلى مرحلة الإنتاج في عام 2014 وسوف توسع عمليات النظام في عام 2015. ويُدار ذلك الموقع بواسطة حملة جودة البيانات التي تتبع كل نظم البيانات الطلابية الطولية في كل ولاية من الولايات.
ولدى كل نظام من نظم البيانات الطلابية الطولية قاموس للبيانات ملئ بالمئات من عناصر البيانات المشتركة، حتى يسهل تتبع الطلاب من الولادة أو مرحلة ما قبل المدرسة مرورا بالتعليم الجامعي وما بعده، كما يسهل مشاركة بياناتهم مع البائعين، ومختلف الوكالات الحكومية، وعبر مختلف الولايات، ومع المنظمات أو الأفراد المنخرطين في الأبحاث ذات الصلة بالتعليم أو التقييم، وكل ذلك يجري من دون علم أو موافقة الآباء. يطبق كل نظام من نظم البيانات الطلابية الطولية نفس الكود لتعريف البيانات، إلى جانب معايير البيانات التعليمية المشتركة، في جهد تعاوني تدير وزارة التعليم الأميركية: «من أجل تطوير معايير البيانات المشتركة والطوعية لصالح مجموعة رئيسية من عناصر البيانات التعليمية لتسهيل تبادل، ومقارنة، وإدراك البيانات داخل وعبر مختلف مؤسسات وقطاعات قاعدة بيانات (ب 20 دبليو)».
كل بضعة شهور، يجري تعريف المزيد من عناصر البيانات وإدراجها على معايير البيانات التعليمية المشتركة، حيت يسهل جمع المزيد من المعلومات حول حياة الطفل، وتخزينها، وتقاسمها عبر مختلف الوكالات، والإفصاح عنها إلى الأطراف الثالثة. يمكنك مراجعة قاعدة بيانات معايير البيانات التعليمية المشتركة بنفسك، بما في ذلك عناصر البيانات المدرجة حديثا، أو إدخال الكثير من المصطلحات مثل «الإعاقة»، أو «بلا مأوى»، أو «الدخل» في شريط البحث بالموقع.
وفيما يتصل بالانضباط، تشتمل قاعدة بيانات معايير البيانات التعليمية المشتركة على معلومات تتعلق بحالات إلقاء القبض على الطالب، وخطابات الاعتذار، والنقائص، والإنذارات، والاستشارات، والإيقاف، والطرد، وما إذا كان الطالب منخرطا في حوادث تتضمن استخدام السلاح، وما إذا كان ألقي القبض عليه أو عليها، وما إذا كانت هناك جلسات استماع قضائية وما هي النتائج القضائية وأنواع العقوبات، بما في ذلك السجن.
يعتبر هذا النوع من المعلومات شديد الحساسية وله طبيعة ضارة، وغالبا في محاكم الأحداث ما يجري الاحتفاظ بالسجلات مختومة أو يتم تدميرها بعد مرور فترة معينة من الوقت، وخصوصا إذا كان الطالب بريئا أو عدم وجود جرائم أخرى، ومع ذلك فإن كافة تلك المعلومات يمكن إدخالها في الوقت الحالي إلى السجلات الطولية الخاصة بالطالب أو الطالبة من دون المزيد من القيود على الوصول إليها وعدم تحديد ميعاد معين لتدميرها.
وتقدمت كل الولايات تقريبا في الآونة الأخيرة للحصول على المنحة الفيدرالية لتوسيع نظم البيانات الطلابية الطولية، بما في ذلك جمع، وربط، ومشاركة مختلف القدرات. يمكنكم الاطلاع على الطلب الفيدرالي لتقديم المقترحات. لاحظ وعلى الأخص القسم الخامس، الخاص باستخدام البيانات من عرض المنحة، الذي يستلزم من الولايات جمع ومشاركة كافة بيانات مرحلة الطفولة، ومطابقة التلاميذ والمعلمين بغرض تقييم مستوى المعلمين، وتحسين قدراتهم المهنية عبر مختلف المؤسسات، والوكالات، والولايات.
خمس عشرة ولاية ومقاطعة واحدة، هي ساموا الأميركية، التي فازت بالمنح وتم الإعلان عنها في 17 سبتمبر (أيلول) 2015. وتضمن طلب موازنة 2016 الذي تقدم به أوباما عددا من بنود البيانات الإضافية، اشتملت على زيادة التمويل إلى ثلاثة أضعاف لنظم البيانات الطولية الحكومية (70 مليون دولار)، ومبادرة نوعية بيانات القوى العاملة بوزارة العمل (37 مليون دولار) بهدف إدخال البيانات الشخصية للقوى العاملة للبالغين متضمنة السجل الدراسي للعامل أو العاملة.
وعلى الرغم من أن القانون يمنع الحكومة الفيدرالية من عمل قاعدة بيانات طلابية، فقد تحايلت وزارة التعليم على هذا القيد عن طريق عدد من الاستراتيجيات شملت تمويل قاعدة بيانات عدد من الولايات، وكان من الممكن أن يكون هذا الإجراء غير قانوني قبل صدور تعليمات حقوق تعليم الأسري والخصوصية التي صاغتها وزارة التعليم عام 2012.
وتشجع المنح الفيدرالية على المشاركة في تبادل قاعدة البيانات الطلابية التي تشمل عددا من الولايات. إحدى قواعد البيانات المذكورة هي «لجنة الولايات للتعليم العالي» التي تشمل خمس عشرة ولاية غربية التي تلقت مؤخرا ثلاثة ملايين دولار إضافية من الحكومة الفيدرالية. وتوضح تلك الوثيقة أن المشروع كان قد مُول من قبل «مؤسسة غيتس» وأن هدف المؤسسة من تبادل البيانات الطلابية الشخصية بين الولايات ووكالاتها من دون موافقة الآباء لم يكن مسموحا به في ضوء قانون «حقوق تعليم الأسرة والخصوصية» حتى تم إضعاف هذا القانون عام 2012.
وعند اعتماد قانون «لجنة الولايات للتعليم العالي» من قبل «مؤسسة غيتس»، بدأ مشروع «تبادل البيانات الطلابية الطولية» بشكل جدي في 2010. وعقد الاجتماع التمهيدي لبناء مشروع «تبادل البيانات الطلابية الطولية» في بورتلاند بولاية أوريغين في أكتوبر (تشرين الأول) 2010. وكان إطلاق مشروع «تبادل البيانات الطلابية الطولية» يستحق أن يوضع في جدول زمني يؤثر على تطوير واستخدام «مشروع تبادل البيانات الطلابية الطولية». ومع بداية تنفيذ المشروع، كان إشراف الحكومة الفيدرالية على تطبيق «حقوق التعليم الأسري والخصوصية» يشكل قيدا كبيرا. وفي الحقيقة، بناء على المحادثة التي تمت مع عضو في مكتب النائب العام لـ«واشنطن ستيت» فقد كانت خطتنا لتبادل معلومات شخصية بين الولايات أمرا غير قانوني في ظل القانون المذكور والساري المفعول في ذلك الوقت. وعلى الرغم من أننا كنا قد أُبلغنا أنه بمقدورنا تجميع واستخدام قاعدة بيانات تلغى ربط الاسم بالبيانات، والتي كانت سوف تظهر الكثير من قيمة ربط البيانات بين الولايات، فقد كان فشلنا في أعطاء بيانات صحيحة للولايات المشاركة سوف يمثل فشلا ذريعا. غير أن التعديلات التي طرأت على إشراف الحكومة الفيدرالية على مشروع «حقوق التعليم الأسري والخصوصية» الذي أصبح ساري المفعول في يناير (كانون الثاني) 2012 حلت تلك المشكلة.
وسمح نظام الإشراف الجديد للولايات المشاركة بتعيين «لجنة الولايات للتعليم العالي» كممثل مخول بتجميع البيانات، وفي نفس الوقت القيام بكشف وتبادل البيانات بين الولايات ووكالات تلك الولايات.
* خدمة «واشنطن بوست»
خاص بـ«الشرق الأوسط»



{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
TT

{سفارات المعرفة}... خدمات بحثية وأنشطة ثقافية في 20 مدينة مصرية

القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)
القائمون على مشروع سفارات المعرفة بمكتبة الإسكندرية أثناء اجتماع بالفيديو مع السفارات العشرين («الشرق الأوسط»)

منذ 15 عاما حينما تأسست مكتبة الإسكندرية الجديدة، وكان الطلاب والباحثون من مختلف أنحاء مصر يشدون الرحال إلى «عروس المتوسط» للاستفادة من الأوعية المعرفية كافة التي تقدمها المكتبة لزائريها، والاطلاع على خدمات المكتبة الرقمية والدوريات العلمية والبحوث، لكن الجديد أن كل ذلك أصبح متاحا في 20 محافظة في مختلف أنحاء مصر وللطلاب العرب والأفارقة والأجانب المقيمين في مصر كافة من خلال «سفارات المعرفة».

فعاليات لنبذ التطرف
لم تكتف مكتبة الإسكندرية بأنها مركز إشعاع حضاري ومعرفي يجمع الفنون بالعلوم والتاريخ والفلسفة بالبرمجيات بل أسست 20 «سفارة معرفة» في مختلف المحافظات المصرية، كأحد المشروعات التي تتبع قطاع التواصل الثقافي بالمكتبة لصناعة ونشر الثقافة والمعرفة ورعاية وتشجيع الإبداع الفني والابتكار العلمي.
ويقول الدكتور مصطفى الفقي، مدير مكتبة الإسكندرية، لـ«الشرق الأوسط»: «هذا المشروع من أدوات المكتبة لنشر العلم والثقافة في مصر والعالم أجمع، ووجود هذه السفارات يساعد المكتبة على تحقيق أهدافها على نطاق جغرافي أوسع. ونحن هذا العام نسعى لمحاربة التطرف الذي ضرب العالم، وخصصنا السمة الرئيسية للمكتبة هذا العام (نشر التسامح تعظيم قيمة المواطنة، ونبذ العنف والتصدي للإرهاب) والتي سوف نعلن عن فعالياتها قريبا». يضيف: «نتمنى بالطبع إقامة المزيد من السفارات في كل القرى المصرية ولكن تكلفة إقامة السفارة الواحدة تزيد على مليون جنيه مصري، فإذا توافر الدعم المادي لن تبخل المكتبة بالجهد والدعم التقني لتأسيس سفارات جديدة».

خطط للتوسع
تتلقى مكتبة الإسكندرية طلبات من الدول كافة لتفعيل التعاون البحثي والأكاديمي، يوضح الدكتور الفقي: «أرسلت لنا وزارة الخارجية المصرية مؤخرا خطابا موجها من رئيس إحدى الدول الأفريقية لتوقيع بروتوكول تعاون، وتسعى المكتبة لتؤسس فروعا لها في الدول الأفريقية، وقد أوصاني الرئيس عبد الفتاح السيسي بالعلاقات الأفريقية، ونحن نوليها اهتماما كبيرا».
يؤكد الدكتور الفقي «المكتبة ليست بعيدة عن التعاون مع العالم العربي بل هناك مشروع (ذاكرة الوطن العربي) الذي سيكون من أولوياته إنعاش القومية العربية».
«مواجهة التحدي الرقمي هو أحد أهداف المكتبة منذ نشأتها»، يؤكد الدكتور محمد سليمان، رئيس قطاع التواصل الثقافي، قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «مشروع سفارات المعرفة يجسد الاستخدام الأمثل للتكنولوجيا في نقل المعرفة لكل مكان في مصر، ومصطلح (سفارة) يعني أن للمكتبة سيطرة كاملة على المكان الذي تخصصه لها الجامعات لتقديم الخدمات كافة، بدأ المشروع عام 2014 لكنه بدأ ينشط مؤخرا ويؤدي دوره في نشر المعرفة على نطاق جغرافي واسع».
يضيف: «تقدم المكتبة خدماتها مجانا للطلاب وللجامعات للاطلاع على الأرشيف والمكتبة الرقمية والمصادر والدوريات العلمية والموسوعات التي قام المكتبة بشراء حق الاطلاع عليها» ويوضح: «هناك 1800 فعالية تقام بالمكتبة في مدينة الإسكندرية ما بين مؤتمرات وورشات عمل وأحداث ثقافية ومعرفية، يتم نقلها مباشرة داخل سفارات المعرفة بالبث المباشر، حتى لا تكون خدمات المكتبة قاصرة على الباحثين والطلاب الموجودين في الإسكندرية فقط».
«كل من يسمح له بدخول الحرم الجامعي يمكنه الاستفادة بشكل كامل من خدمات سفارة المعرفة ومكتبة الإسكندرية بغض النظر عن جنسيته» هكذا يؤكد الدكتور أشرف فراج، العميد السابق لكلية الآداب بجامعة الإسكندرية، والمشرف على «سفارات المعرفة» لـ«الشرق الأوسط»: «هذه السفارات هي أفرع لمكتبة الإسكندرية تقدم للباحثين خدماتها والهدف من هذا المشروع هو تغيير الصورة النمطية عن المكتبة بأنها تخدم النخبة العلمية والثقافية، بل هذه الخدمات متاحة للطلاب في القرى والنجوع» ويضيف: «يمكن لأي باحث من أي دولة الحصول على تصريح دخول السفارة من مكتب رئيس الجامعة التي توجد بها السفارة».

صبغة دبلوماسية
حول اسم سفارات المعرفة ذي الصبغة الدبلوماسية، يكشف الدكتور فراج «للمصطلح قصة قانونية، حيث إن قسم المكتبات يدفع للناشرين الدوليين مبلغا سنويا يقدر تقريبا بنحو 25 مليون، لكي تكون الدوريات العلمية المتخصصة والمكتبات الرقمية العالمية متاحة لمستخدمي المكتبة، ولما أردنا افتتاح فروع للمكتبة في المدن المصرية واجهتنا مشكلة بأن هذه الجهات ستطالب بدفع نفقات إضافية لحق استغلال موادها العلمية والأكاديمية لكن مع كونها سفارة فإنها تتبع المكتبة ولها السلطة الكاملة عليها».
ويضيف: «تهدف السفارات لإحداث حراك ثقافي ومعرفي كامل فهي ليست حكرا على البحث العلمي فقط، وقد حرصنا على أن تكون هناك فعاليات خاصة تقام بكل سفارة تخدم التنمية الثقافية في المحافظة التي أقيمت بها، وأن يتم إشراك الطلاب الأجانب الوافدين لكي يفيدوا ويستفيدوا، حيث يقدم كل منهم عروضا تقديمية عن بلادهم، أو يشارك في ورشات عمل عن الصناعات اليدوية التقليدية في المحافظات وبالتالي يتعرف على التراث الثقافي لها وهذا يحقق جزءا من رسالة المكتبة في تحقيق التلاحم بين شباب العالم».
تتيح سفارات المعرفة للطلاب أنشطة رياضية وفنية وثقافية، حيث أسست فرق كورال وكرة قدم تحمل اسم سفارات المعرفة، وتضم في عضويتها طلابا من مختلف الجامعات والتخصصات وتنافس الفرق الجامعية المصرية. ويلفت الدكتور فراج «تقيم سفارات المعرفة عددا من المهرجانات الفنية وورشات العمل ودورات تدريبية لتشجيع الطلاب على بدء مشروعاتهم الخاصة لكي يكونوا أعضاء منتجين في مجتمعهم خاصة في المدن السياحية».

قواعد موحدة
تم عمل بروتوكول تعاون مع وزارة التعليم العالي والجامعات الحكومية ومع التربية والتعليم ومع أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا، ويوجد بكل سفارة شخصان تكون مهمتهما إرشاد الطلاب للمصادر الرقمية للمكتبة، وتقديم برنامج الأحداث والفعاليات الخاص بالمكتبة لمدة 3 شهور مقبلة، لكي يتمكن الباحث من تحديد المؤتمرات التي يرغب في حضورها عبر البث الحي».
كل قواعد المكتبة تتبع في كل سفارة ويتم التحكم في الأنظمة والأجهزة كافة عبر السفارات العشرين، من مكتبة الإسكندرية بالشاطبي حيث تتابع المكتبة السفارات العشرين عبر شاشات طوال فترة استقبال الباحثين من الساعة الثامنة النصف صباحا وحتى الخامسة مساء.
ويكشف الدكتور فراج «السفارة تنفق نحو نصف مليون كتكلفة سنوية، حيث توفر الخدمات والأجهزة كافة للجامعات بشكل مجاني، بل تساعد سفارات المعرفة الجامعات المصرية في الحصول على شهادات الأيزو من خلال ما تضيفه من تكنولوجيا وإمكانيات لها. ويؤكد فراج «يتم إعداد سفارة في مرسى مطروح لخدمة الطلاب هناك وسوف تقام مكتبة متكاملة في مدينة العلمين الجديدة».

أنشطة مجتمعية
يشير الدكتور سامح فوزي، المسؤول الإعلامي لمكتبة الإسكندرية إلى أن دور سفارات المعرفة يتخطى مسألة خدمة الباحثين وتخفيف عبء الحصول على مراجع ومصادر معلومات حديثة بل إن هذه السفارات تسهم في تطوير المجتمع بشكل غير مباشر، أما الأنشطة المجتمعية ذات الطابع العلمي أو الثقافي فهي تخلق جواً من الألفة بين أهل القرى وبين السفارة».
تُعد تلك السفارات بمثابة مراكز فرعية للمكتبة، فهي تتيح لروادها الخدمات نفسها التي تقدمها مكتبة الإسكندرية لجمهورها داخل مقرها الرئيسي، وتحتوي على جميع الأدوات والامتيازات الرقمية المقدمة لزوار مكتبة الإسكندرية؛ مثل إتاحة التواصل والاستفادة من الكثير من المشروعات الرقمية للمكتبة، مثل: مستودع الأصول الرقمية (DAR)؛ وهو أكبر مكتبة رقمية عربية على الإطلاق، ومشروع وصف مصر، ومشروع الفن العربي، ومشروع الأرشيف الرقمي لمجلة الهلال، ومشروع ذاكرة مصر المعاصرة، ومشروع «محاضرات في العلوم» (Science Super Course)... إلخ، بالإضافة لإتاحة التواصل مع الكثير من البوابات والمواقع الإلكترونية الخاصة بالمكتبة، مثل: موقع «اكتشف بنفسك»، والملتقى الإلكتروني (Arab InfoMall)، وبوابة التنمية... إلخ. ذلك إلى جانب خدمة «البث عبر شبكة الإنترنت»، التي تقدِّم بثاً حياً أو مسجلاً للفعاليات التي تقام بمركز مؤتمرات مكتبة الإسكندرية؛ حتى يُتاح لزائري المكتبة مشاهدتها في أي وقت بشكل سلس وبسرعة فائقة. علاوة على ذلك، تتيح مكتبة الإسكندرية لمستخدمي سفارات المعرفة التمتع بخدمات مكتبة الوسائط المتعددة، واستخدام نظام الحاسب الآلي فائق السرعة (Supercomputer).