غداة هجمات باريس، قرر الاتحاد الأوروبي الأسبوع الماضي دراسة فرض قيود على حوالات وتداولات العملة الإلكترونية (بيتكوين) وذلك بعدما تناقل الإعلام الفرنسي بيانا لمجموعة القراصنة الإلكترونيين الشهيرة «أنونيموس» تكشف فيه عن امتلاك تنظيم داعش المتطرف لحسابات بهذه العملة الافتراضية. وذلك بهدف تجفيف موارد تمويل الهجمات الإرهابية في القارة العجوز وحول العالم.
وبخصوص حيازة تنظيم داعش لعملات «بيتكوين»، قالت المديرة التنفيذية لتحالف «بيتكوين» في مكابتها بكندا كايلي كيمبر، إنها لا تستبعد ذلك أبدا. لكنها أضافت أن شركة «(بيتكوين) تعتبر أي قيود يفرضها الاتحاد الأوروبي على العملة الإلكترونية، التي قد تؤول إلى حظر العملة تماما، خطأ فادحًا»، موضحة أنه «وفقا لـ(أنونيموس) أيضا، يستخدم التنظيم المتطرف الدولار الأميركي والنفط، وهما موردان ليس من المعقول حظرهما».
من جانبه، قال المتحدث باسم مفوضية الاتحاد الأوروبي للشؤون الاقتصادية والمصرفية كريستيان ويغاند لـ«الشرق الأوسط»: «إن المفوضية في طور دراسة العلاقة بين سبل استخدام العملات الافتراضية والأدوات غير المصرفية الأخرى للدفع بتهديدات تمويل الإرهاب على نطاق دولي»، وذلك من خلال الاستعانة بهيئة مكافحة غسل الأموال التي تم إنشاؤها في مايو (أيار) المنصرم التابعة للاتحاد الأوروبي. وأكد ويغاند أن الهيئة ما زالت «تدرس التهديدات التي قد تمثلها العملات الإلكترونية، ولم توصِ بأي إجراءات بعد»، بما فيها حظر «بيتكوين». وأشار المتحدث أيضًا إلى أن مجلس العدل والشؤون الداخلية لدى الاتحاد تبنى أخيرا بعض القرارات المعنية بتمويل الإرهاب منها تدعيم التعاون بين وحدات الاستخبارات المصرفية والشرطة الأوروبية (اليوروبول) وإحكام قبضة الاتحاد على وسائل الدفع المصرفية الإلكترونية وعلى رأسها استخدام العملات الافتراضية، بحسب ذكره.
وفي بيان صادر عن المجلس، عبر أيضًا عن التزامه بضمان آلية فعالة لتجميد أي أموال وحوافز تعود لجهات إرهابية أو على صلة به عن طريق توحيد سياسات دول الاتحاد، ووفقا لقرارات مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة.
وفي سياق متصل، نوهت المتحدثة باسم الهيئة المصرفية الأوروبية التابعة للاتحاد الأوروبي شاهانا بيغوم لـ«الشرق الأوسط»، بأن «العملات الافتراضية أو الإلكترونية لا تخضع لأي قوانين نص عليها الاتحاد الأوروبي»، في إشارة إلى أن الاتحاد سيضطر لتشريع قوانين مناسبة في حال قرر أن يحظر تلك العملات.
وكان أوضح بيان مجموعة «أنونيموس» أن رصيد حساب «داعش» يناهز 9298 بيتكوين، أي ما يعادل 3 ملايين دولار أميركي ملمحا إلى أن تلك الموارد قد تكون متصلة بهجمات باريس التي تبناها التنظيم المتطرف، وهي فرضية نفاها الكثير من المراقبين. ولكن البيان أجج المخاوف من إمكانية إقدام «داعش» على استخدام هذا الحساب لتمويل هجمات إرهابية جديدة. كما كشف مقال نشرته صحيفة «ديلي ميرور» على موقعها، الأسبوع الماضي، عن صفحات إلكترونية لمتطرفين يناشدون من خلالها «إخوانهم» تقديم الدعم المادي عن طريق التبرعات بالعملات الإلكترونية. كما استخلص تقرير نشره معهد الدراسات الأمنية التابع للاتحاد الأوروبي في وقت سابق من العام الحالي أن متطرفين قاموا باستخدام عملة «بيتكوين» لتحويل أموال لمقاتلين لدى تنظيم داعش لتقليل أخطار الكشف عن هوياتهم.
من جانبها، قالت قناة «روسيا اليوم» في تقرير على موقعها، الخميس الماضي، إن الحكومات الغربية تعجز عن تعقب مثل هذه «التبرعات» باعتبار أن «بيتكوين» عملة ليس لها مقابل مجسم أو ورقي وتعتمد على نظام «ألفا» الذي بدوره يعتمد على التشفير، مما يجعل أمر تعقب المعاملات المالية أكثر صعوبة. وإلى ذلك قد يواجه القرار الأوروبي بفرض قيود على التحويلات والتعاملات المالية التي تتم باعتماد هذه العملة الافتراضية صعوبات كبيرة. وحول تلك التساؤلات، قالت كيمبر إن شركة العملة الإلكترونية «تخزن بيانات كاملة لجميع الحوالات وتعقب هذه المعاملات المصرفية يقود للتعرف على هويات من ورائها»، في إشارة إلى تعاون بين السلطات الحكومية المعنية و«بيتكوين» للقبض على المجرمين (المتطرفين) ومحاكمتهم. واستنكرت تصوير «بيتكوين» على أنها عملة شائنة، واعتبرتها «المستقبل للحوالات المصرفية عالميا».
وتعقيبا على تصريحات كيمبر، قال رئيس مؤسسة العملات الإلكترونية في روسيا المدير التنفيذي لمركز الأعمال الإسلامي وتشجيع الاقتصاد إيغور تشيبكاسوف، إنه «مع أنني أستطيع التأكيد أن تنظيم داعش استخدم عملة (بيتكوين)، إلا أن هذا الاستخدام ليس واسع الانتشار بين عناصر التنظيم».
وأضاف موضحا أن «(بيتكوين) ليست عملة سرية بقدر ما يعتقد الناس». واستطرد بقوله شارحا: «مردود العملة الافتراضية الأخير لا يزال النقد الورقي، ومن أجل تحويل العملة لنقد ورقي يجب تقديم بيانات شخصية للصراف». كما أكد تشيبكاسوف أن «العملات الإلكترونية توفر خاصية سلسلة الكتل أو (البلوك تشاين) التي تحتفظ بسجل حسابات تُسجل فيه جميع الإجراءات التي تتم على الشبكة، وتتيح هذه الخاصية المجال لتعقب جميع مصادر التحركات».
في سياق متصل، كشف رئيس مؤسسة العملات الإلكترونية في روسيا تشيبكاسوف أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم استخدام «بيتكوين» لأغراض قتالية بقوله إن «الانفصاليين المدعومين من روسيا سبق أن تلقوا الدعم المادي عن طريق حوالات من تلك العملة الإلكترونية». ولكنه أكد أنه «وفقا لإحصائيات عالمية، لا تزال معظم الحوالات غير القانونية تتم عن طريق حوالات العملات الورقية، ومع ذلك لم يتم حظر تلك العملات»، ويختم حديثه بدعوة للاتحاد الأوروبي على «عدم التسرع بحظر العملات الإلكترونية بل بالتعاون مع شركات العملات الافتراضية وتدريب موظفين حكوميين واعين لاستخدامات ومهارات القطاع المصرفي الإلكتروني».
يذكر أن «(بيتكوين) عملة إلكترونية (افتراضية) بشكل كامل يتم تداولها عبر الإنترنت فقط من دون وجود فيزيائي لها. وتختلف عن العملات الورقية أو التقليدية بعدم وجود هيئة تنظيمية مركزية تقف خلفها، لكن يمكن استخدامها كأي عملة أخرى للشراء عبر الإنترنت أو حتى تحويلها إلى العملات الورقية العالمية.. وتعد ألمانيا الدولة الوحيدة التي اعترفت رسميا بعملة (بيتكوين).
متحدث عن الاتحاد الأوروبي لـ «الشرق الأوسط»: ندرس تهديدات «داعش» الجديدة ولم نتخذ إجراءات بعد
المديرة التنفيذية لتحالف «بيتكوين» لا تستبعد استخدام التنظيم للعملة الإلكترونية
متحدث عن الاتحاد الأوروبي لـ «الشرق الأوسط»: ندرس تهديدات «داعش» الجديدة ولم نتخذ إجراءات بعد
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة