معارك عنيفة في تعز.. والجيش الوطني يحرر عددًا من مناطق «الجبهة الغربية»

قائد عسكري لـ«الشرق الأوسط»: الشريجة وذباب والعمري تحت سيطرة قواتنا

مقاتل من المقاومة الشعبية في تعز يوجه سلاحه  نحو الحوثيين (أ.ف.ب)
مقاتل من المقاومة الشعبية في تعز يوجه سلاحه نحو الحوثيين (أ.ف.ب)
TT

معارك عنيفة في تعز.. والجيش الوطني يحرر عددًا من مناطق «الجبهة الغربية»

مقاتل من المقاومة الشعبية في تعز يوجه سلاحه  نحو الحوثيين (أ.ف.ب)
مقاتل من المقاومة الشعبية في تعز يوجه سلاحه نحو الحوثيين (أ.ف.ب)

أعلن المجلس العسكري في تعز، أمس، عن بدء عملية تحرير عسكرية جديدة، في إطار العملية العسكرية الواسعة لتحرير محافظة تعز.
وتهدف العملية إلى تحرير الجبهة الغربية من مدينة تعز. وذكر المجلس، في بيان تلقت «الشرق الأوسط» نسخة منه، أن رئيس المجلس، العميد صادق سرحان، ومعه قائد الجبهة الغربية، عبده حمود الصغير، سوف يقودان عملية تحرير هذه الجبهة.
وتأتي هذه العملية في سياق استمرار المواجهات المستمرة لتحرير تعز، من قبل القوات المشتركة، المكونة من قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية وقوات التحالف. وذكرت مصادر محلية أن قوات الجيش الوطني تمكنت، خلال الساعات الأولى من العملية، من السيطرة على بعض المناطق، منها «جولة المرور» وبعض التباب. وأشارت المصادر إلى أن الهجوم كان قويا، واضطر معه المسلحون الحوثيون إلى الفرار إلى منطقة «بئر باشا» تحت ضربات قوات الجيش والمقاومة.
وأشارت المعلومات الميدانية إلى مقتل عدد كبير من عناصر الميليشيات الحوثية وقوات الحرس الجمهوري الموالية للمخلوع صالح في العمليات العسكرية التي دارت، أمس، في بعض أحياء مدينة تعز وأطرافها، وفي غارات طائرات التحالف التي استهدفت مواقع وتجمعات الميليشيات في وسط مدينة تعز وضواحيها. كما تركزت الغارات على منطقة مديرية موزع، غرب مدينة تعز، والراهدة، استهدفت فيها عربتان كاتيوشا كانت تضربان باتجاه الشريجة وقرية المطالي بمديرية المسراخ جنوب مدينة تعز، وتم تدمير ثلاثة أطقم ومدرعة ومخزن ذخائر للميليشيات وعدد من المواقع وسط المدينة ومحيطها.
على صعيد المواجهات في المناطق الواقعة بين محافظتي تعز ولحج، أكد قائد «اللواء الثالث حزم»، العميد أحمد عبد الله تركي، أن معسكر العمري ومنطقة ذباب والشريجة تحت سيطرة قوات الجيش الوطني والمقاومة الجنوبية، وأن ما يروج من تقدم لميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح مجرد فرقعات إعلامية كاذبة. وأوضح العميد أحمد تركي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن قوات اللواء الثالث حزم والمقاومة الجنوبية تسطر أروع الملاحم البطولية في التصدي لميليشيا الحوثيين وقوات صالح، وهي تحقق انتصارات متتالية، وأن طبيعة الحرب هي عمليات كر وفر، مؤكدا أن معنويات الميليشيات منهارة تماما.
وطالب القائد العسكري التركي «جميع أبطال المقاومة الجنوبية والجيش الوطني بالدفاع عن كل ما تمت السيطرة عليه بثبات والمرابطة في جبهات القتال»، موضحا أن «النصر حليفهم، وسيتم دحر الميليشيات من كل تلك المناطق عاجلا أم آجلا». وبخصوص التطورات الميدانية في الشريجة، قال العميد التركي إن المواجهات في المناطق الحدودية (بين تعز ولحج) ما زالت مستمرة بشراسة، مؤكدا أن ما يروج له من سقوط الشريجة والتوغل باتجاه كرش ما هو إلا فبركات إعلامية لمطابخ الميلشيات. وأضاف: «هناك تغييرات مرتقبة في قيادة الجبهة ورفدها بقيادات جديدة».
وشهدت جبهة كرش الشريجة عمليات عسكرية ضخمة لقوات التحالف والمقاومة الجنوبية، استخدمت فيها صواريخ الكاتيوشا والمدفعية، لقصف مواقع الميليشيات في الشريجة والراهدة. في حين قال رمزي الشعيبي، الناطق الرسمي للمقاومة الجنوبية بلحج، إن جبهة كرش تشهد معارك مستمرة، مع تعزيز الجبهة بقوات من التحالف العربي عصر أمس، لشن عملية واسعة على مواقع الميليشيات في الراهدة، مشيرا إلى أن طائرات التحالف واصلت غاراتها خلال يومين، قتل فيها العشرات من عناصر الميليشيات. وأكد الشعيبي، لـ«الشرق الأوسط»، أن المقاومة الجنوبية تتمركز في نفق كرش القريب من الشريجة، كما تسيطر على جبل «حمالة» المطل على منطقة الشريجة.
إلى ذلك، جدد طيران التحالف العربي غاراته الجوية على مواقع ميليشيا الحوثيين وقوات صالح بالقرب من معسكر ‏العمري شمال شرقي مديرية ذباب الاستراتيجية الممتدة إلى مضيق باب ‏المندب. كما استهدفت الغارات تجمعات للميليشيات في مناطق العمري وذباب، ومنطقة الجديد التابعة لمديرية موزع المجاورة لذباب.
وفي تطورات أخرى، كشفت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» عن وصول تعزيزات عسكرية ضخمة لقوات التحالف والجيش الوطني إلى منطقة «الكناوس» شرق محافظة مأرب، استعدادا لمعركة ‏فاصلة مع ميليشيات الحوثيين وقوات المخلوع صالح، حيث تضم التعزيزات بحسب المصادر ذاتها قوات بشرية، وآليات عسكرية نوعية ومتطورة. في حين جدد طيران التحالف غاراته المكثفة على مواقع الميليشيات في مديرية صرواح. ‏وفي محافظة شبوة الجنوبية، المجاورة لمأرب، قصفت طائرات التحالف قوارب في المياه الساحلية في «بئر علي»، يعتقد أنها كانت تقوم بعمليات تهريب سلاح، بينما تستمر الاشتباكات في جبهات بيحان في ظل استماتة الميليشيات في التقدم ناحية منافع النفط بالمنطقة.‏
في هذه الأثناء، عين المتمردون الحوثيون عبده الجندي، المتحدث باسم حزب المؤتمر الشعبي العام (جناح المخلوع صالح)، محافظا لمحافظة تعز. ويعد الجندي، الذي ينتمي إلى محافظة تعز، من أبرز مطبلي وأبواق المخلوع صالح، بحسب وصف المصادر السياسية، منذ ما يزيد على 33 عاما.
من ناحية ثانية، أصدر وزير الداخلية في الحكومة الشرعية، اللواء الركن عبده الحذيفي، أمس، قرارا بتعيين العميد الركن عبد الوهاب سيف الوائلي مديرا عاما للشرطة (الأمن) في محافظة إب، وذلك بهدف ممارسة الحكومة لمهامها الأمنية في المناطق التي تخضع لسيطرتها وسيطرة المقاومة. وكان الوائلي قائدا لقوات الأمن الخاصة في محافظة إب، قبل أن يقيله الحوثيون وينضم إلى صفوف المقاومة الشعبية في محافظة إب، التي تعد المحافظة الثانية في «إقليم الجند»، إلى جانب محافظة تعز.



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.