جمال المرأة الفرعونية في مؤتمر دولي بالأقصر

عرفت فنون التجميل وحمامات الزيت وطرق تنعيم البشرة قبل 5 آلاف سنة

المرأة الفرعونية عرفت الكثير من فنون التجميل وامتلكت كثيرا من أدواته حسب عدد من الخبراء
المرأة الفرعونية عرفت الكثير من فنون التجميل وامتلكت كثيرا من أدواته حسب عدد من الخبراء
TT

جمال المرأة الفرعونية في مؤتمر دولي بالأقصر

المرأة الفرعونية عرفت الكثير من فنون التجميل وامتلكت كثيرا من أدواته حسب عدد من الخبراء
المرأة الفرعونية عرفت الكثير من فنون التجميل وامتلكت كثيرا من أدواته حسب عدد من الخبراء

وضع جراحون وخبراء تجميل مصريون وأجانب تراث المرأة الفرعونية وعالمها الخاص على طاولة البحث، في مؤتمر دولي احتضنته قبل أيام مدينة الأقصر الأثرية بجنوب مصر.
وقال الخبراء إن «المرأة الفرعونية عرفت الكثير من فنون التجميل وامتلكت كثيرا من أدواته»، ولفتوا إلى أن العالم الحديث نقل عنها تلك الفنون مثل «حمام الزيت» و«حمام الكريم» لتقوية الشعر، فضلا عن طرق تنعيم بشرة الجسم، وأدوات الزينة وقوارير العطور والكحل ومساحيق التجميل، التي عرفتها المرأة المصرية ربما قبل أكثر من خمسة آلاف عام.
وأكد الخبراء والجراحون خلال مشاركتهم الليلة قبل الماضية في المؤتمر الدولي الأول للأكاديمية المصرية لطب وجراحات التجميل بمدينة الأقصر (جنوب مصر)، أن «قدماء المصريين عرفوا جراحات التجميل قبل آلاف السنين».
استمر المؤتمر على مدى ثلاثة أيام وحضره أكثر من 400 طبيب مصري و15 طبيبا عالميا، وافتتح فعالياته محافظ الأقصر محمد بدر، كما حضر الفعاليات وزير الآثار الأسبق الدكتور زاهي حواس، والدكتور أحمد عادل نور الدين رئيس الأكاديمية.
ويهدف المؤتمر إلى إثراء ممارسة طب وجراحات التجميل في مصر من خلال نخبة من رواد التجميل في مختلف التخصصات من مصر والعالم، وتخلله ورش عمل ومحاضرات تهدف لمحاربة الممارسات الخاطئة لطب وجراحات التجميل، حتى لا يقع المتلقي فريسة للإعلانات المضللة.
من جانبه، قال الدكتور حواس خلال مشاركته بفعاليات المؤتمر، إن الفراعنة عرفوا عمليات التجميل، وزرع بعض الأعضاء مثل أصابع اليد، وأن الأدوات التي يستخدمها الأطباء في جراحات التجميل اليوم، هي ذات الأدوات التي استخدمها قدماء المصريين.
وأكد حواس أن المصري القديم كان يتجمل لحياته بعد البعث، وكان هناك مواد توضع تحت الجلد، ليتمتع ببشرة نضرة بعد إعادة بعثه، كما أن هناك مومياء في المتحف المصري، تبين من فحصها أنها خضعت لعملية تركيب أصبع، لافتا إلى أن المومياوات التي اكتشفت في خبيئة الدير البحري غرب مدينة الأقصر، كشفت عمليات فحصها وتصويرها بالأشعة عن الكثير من المعلومات التي تؤكد معرفة الفراعنة لجراحات التجميل، وحرصهم على التزين في الحياة وفي فترة ما بعد البعث.
وأكد الخبراء أن المرأة الفرعونية تعاملت مع مستحضرات التجميل بوعي وإدراك وبلا مبالغة، دون أن تخفي ملامح وجهها أو لون بشرتها الطبيعي؛ بل لتضفي عليها مزيدا من الجمال.
ويذكر التاريخ أن من بين أشهر الملكات الفرعونيات اللاتي أدركن سر جمالهن الملكتين نفرتيتي وحتشبسوت.
وقال الخبراء إن «المرأة الفرعونية تفننت في إظهار جمالها والحفاظ عليه في الوقت نفسه، فلقد اهتمت ببشرتها بصورة فائقة، وابتدعت لها أقنعة العناية بالبشرة بهدف تقويتها وتجديد شبابها، وإمدادها بالعناصر اللازمة لها»، لافتين إلى أنها استخدمت الغرين (الطين) الذي تحمله مياه النيل في فترة الفيضان والذي تتوافر فيه العناصر الطبيعية والمعدنية سهلة الامتصاص لعمل أقنعة للبشرة لتقويتها والمحافظة على نضارتها وصفائها.. كما كانت المرأة الفرعونية تستخدم عجائن زيت الحلبة المطحونة لمقاومة التجاعيد والقضاء على النمش، وزيت الخروع وزيت زهرة اللوتس للعناية بالبشرة.
وقال العالم الأثري أسامة إبراهيم، إن «النقوش والرسوم التي زينت بها المعابد والمقابر أثبتت أن قدماء المصريين فهموا الحياة بصورة أفضل.. وكانت أدوات الزينة ومواد التجميل التي وجدت في هذه المقابر شاهدًا على ذلك»، لافتا إلى أنه عثر بمقبرة أم الملك خوفو على شفرات صنعت من الحجر محفوظة في أكياس من الجلد، وهذا يدل على أن المرأة الفرعونية كانت حريصة على نعومة جسدها، فلقد حرصت على التخلص من الشعر الزائد به من خلال شفرات حادة، صنعت من معادن مختلفة أو أحجار شديدة الصلابة.. كما عثر على بعض الأدوات الدقيقة والأحجار الأسفنجية التي كانت تستخدم لتنعيم الكعبين وتنظيف وتهذيب الأظافر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».