كاميرون يشدد على ضرورة توسيع الهجمات ضد «داعش» لتشمل سوريا

كشف عن إحباط 7 مخططات إرهابية العام الماضي

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يتحدث أمام مجلس العموم أمس عن توسيع نطاق الضربات الجوية ضد تنظيم داعش لتشمل سوريا (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يتحدث أمام مجلس العموم أمس عن توسيع نطاق الضربات الجوية ضد تنظيم داعش لتشمل سوريا (أ.ب)
TT

كاميرون يشدد على ضرورة توسيع الهجمات ضد «داعش» لتشمل سوريا

رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يتحدث أمام مجلس العموم أمس عن توسيع نطاق الضربات الجوية ضد تنظيم داعش لتشمل سوريا (أ.ب)
رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون يتحدث أمام مجلس العموم أمس عن توسيع نطاق الضربات الجوية ضد تنظيم داعش لتشمل سوريا (أ.ب)

دعا رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، أمس، أمام برلمان بلاده، إلى توسيع نطاق الضربات الجوية ضد تنظيم داعش من العراق إلى سوريا. وتحدث كاميرون عن إحباط عدة هجمات لـ«داعش» على الأراضي البريطانية خلال العامين الماضيين.
وشدد على أن «خطر (داعش) يزداد على أراضينا ومواطنينا في الداخل والخارج». وقال: «علينا توسيع ضرباتنا الجوية لتشمل قواعد (داعش) في الرقة بسوريا». وقال كاميرون إن «شن ضربات جوية ضد مسلحي (داعش) في سوريا سيجعلنا أكثر أمنا».
ورفض كاميرون الزعم القائل بأن ذلك سيجعل من بريطانيا أكبر هدف للهجمات الإرهابية، وذلك في سياق دعوته إلى عمل عسكري في سوريا أمام مجلس العموم البريطاني.
ويسعى كاميرون لحض نواب المجلس على دعم التدخل العسكري ضمن «استراتيجية شاملة» للتصدي للتنظيم المتطرف. وحث أمام مجلس العموم على دعم الضربات الجوية في سوريا، قائلا: «إذا لم نتحرك الآن في وقت تعرضت فيه صديقتنا وحليفتنا فرنسا لهجمات بهذا الشكل، فمن الممكن حينها أن نلتمس العذر لأصدقائنا وحلفائنا عندما يتساءلون قائلين: إذا لم يكن الآن، فمتى؟» في إشارة إلى هجمات 13 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي في باريس التي خلفت 130 قتيلا، وأعلن تنظيم داعش مسؤوليته عنها.
وكان كاميرون قد كتب على «تويتر» في وقت سابق، ردا على تحذير لجنة الشؤون الخارجية البرلمانية من الإقدام على مثل هذه الخطوة: «هناك شيء واحد واضح، وهو أن التهديدات لمصالحنا وشعبنا كبيرة، لدرجة أنه لا يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي دون التحرك». وقال كاميرون للنواب إن «الضربات الجوية وحدها لن تكون كافية لهزيمة (داعش)، وإن هناك حاجة إلى شركاء على الأرض». وكتب: «إننا بحاجة إلى رد شامل يسعى للتعامل مع التهديد الذي يشكله (داعش) لنا مباشرة، وليس فقط عبر الإجراءات التي نتخذها في الداخل، ولكن بالتعامل مع (داعش) على الأرض في المناطق التي يسيطر عليها». وكشف عن إحباط سبعة مخططات إرهابية ضد بريطانيا في العام الماضي، وعن 800 مواطن بريطاني توجهوا إلى سوريا عاد نصفهم، ويشكلون خطرا أمنيا على البلاد. وقال: «يجب ألا تنتظر بريطانيا حتى تتعرض للهجوم، لكن يجب أن تتحرك بشكل مسبق، إدراكا منها أنها قد تتعرض لمخاطر جوهرية في أي وقت».
نشر كاميرون مذكرة من 32 صفحة لبيانه أمام مجلس العموم، وكتب أن «القرارات الخاصة باستخدام القوة لن تؤخذ بسهولة». وقال رئيس الوزراء البريطاني: «نواجه تهديدا جوهريا لأمننا، ولا نستطيع الانتظار حتى تحقيق حل سياسي، فهذا لن يفعل شيئا، ويمكن أن يجعل من المملكة المتحدة أكثر استهدافا بهجمات (داعش)». واستبعد كاميرون نشر قوات بريطانية على الأرض، وشدد على أن هناك حاجة إلى قدرات القوات الجوية الملكية البريطانية من الحلفاء.
وعبر كاميرون عن قلقه لإسقاط الطائرة الروسية، مشددا على ضرورة اتخاذ إجراءات لتقليل خطر وقوع حوادث مماثلة. وشدد كاميرون على أن هناك سندا قانونيا قويا لتمديد الفعل العسكري الجاري في العراق، على أسس الدفاع عن النفس وقرار مجلس الأمن الدولي الأخير.
ورد كاميرون في مداخلته أمام المجلس على تقرير أصدرته مؤخرا لجنة الشؤون الخارجية المنبثقة عنه، خلص إلى أنه ينبغي استيفاء مجموعة من الشروط قبل التفكير في توجيه ضربات جوية للتنظيم في سوريا. وقالت اللجنة، في تقريرها، إنه «على بريطانيا تجنب التدخل العسكري في سوريا ما لم تتم صياغة استراتيجية دولية متكاملة للتصدي لـ(داعش)، وإنهاء الحرب الأهلية الدائرة في سوريا». ومن المتوقع أن يصوت مجلس العموم في غضون أسابيع قليلة على مشروع يخول الحكومة توجيه ضربات جوية في سوريا.
من جانبه، بحث زعيم المعارضة العمالية، جيرمي كوربن، عن ضمانات لعدم انجرار بريطانيا إلى حرب برية، وتساءل: «هل هذه الضربات الجوية البريطانية ستؤدي إلى اختلاف على الصعيد العسكري هناك؟»، وقال كوربن: «لا شك أن تنظيم داعش قد فرض نظاما من الرعب على الملايين في العراق وسوريا وليبيا، وهذا يشكل خطرا على شعبنا أيضا».



الأوروبيون يتباحثون في أفضل الوسائل لضمان أمن أوكرانيا دون انضمامها إلى «الناتو»

صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)
صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)
TT

الأوروبيون يتباحثون في أفضل الوسائل لضمان أمن أوكرانيا دون انضمامها إلى «الناتو»

صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)
صورة جماعية لقادة الاتحاد الأوروبي في بروكسل (أ.ب)

ما زالت صورة التطوّرات المرتبطة بالحرب الروسية - الأوكرانية «ضبابية»، في حين تنشط الاتصالات وتُطرح المبادرات، والكل ينتظر عودة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب إلى البيت الأبيض، وما سيُحدثه ذلك من انعطافات ترجح أن تكون حادة في كيفية تعاطي واشنطن مع هذا الملف.

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

ولأن أكثر القلقين هم القادة الأوروبيون، فإنهم تداعوا إلى قمة ستلتئم في بروكسل يوم 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وستُخصص للوضع الأوكراني واحتمالات العودة إلى طاولة المفاوضات والشروط الضرورية لأمر مثل هذا، ولكن أيضاً لما يرتبه تغيّر السياسة الأميركية على الأوروبيين، وقدراتهم على الحلول محل الشريك الأميركي، في حال قرر ترمب تقليصاً كبيراً للمساعدات المخصصة لكييف.

والخوف الذي يعتمل بشكل خاص دول البلطيق ودولاً أخرى، مثل بولندا ورومانيا، وهي الأقرب جغرافياً لروسيا؛ أن تمتد العدوى الأميركية إلى دول في الاتحاد الأوروبي، وأن تنعكس فتوراً على مواصلة دعم أوكرانيا. وترى مصادر أوروبية في باريس أن قادة الاتحاد سيجدون البحث عن «الضمانات» التي بمقدورهم توفيرها لأوكرانيا؛ إن في حال انطلاق المفاوضات أو تواصل القتال بوتيرة مرتفعة، فضلاً عن صورة العلاقات المستقبلية معها.

الرئيس الفرنسي ماكرون في لقائه نظيره البولندي دودا في وارسو الخميس (إ.ب.أ)

بداية، ترى المصادر المشار إليها أنه «من المبكر» الحديث عن انطلاق المفاوضات في المستقبل القريب؛ إذ إنها ما زالت، حتى اليوم، «افتراضية» وأقرب إلى «بالونات اختبار». وليس سراً أن موسكو تريد الانتظار وهي، منذ اليوم، تعد أن إدارة ترمب ستكون أكثر «تساهلاً» و«تفهّماً» لمطالبها، فضلاً عن أن الانتظار سيعطيها الفرصة لتحقيق مزيد من التقدم والسيطرة على شرق أوكرانيا.

اللقاء الثلاثي في قصر الإليزيه السبت الماضي الذي جمع رؤساء فرنسا والولايات المتحدة وأوكرانيا (د.ب.أ)

ونوّه الكرملين، الجمعة، بالتصريح الأخير لدونالد ترمب الذي اعترض فيه على استخدام أوكرانيا صواريخ أميركية لاستهداف مناطق روسية.

قال المتحدث باسم الكرملين، دميتري بيسكوف، خلال إحاطة إعلامية، إن «التصريح الأخير (للرئيس دونالد ترمب) يتماشى بالكامل مع موقفنا ورؤية (ترمب) للأسباب الكامنة وراء التصعيد هي أيضاً متوافقة مع رؤيتنا... ومن الواضح أن ترمب يدرك ما يتسبّب في تصعيد الوضع». وأكد بيسكوف أن الشروط المطلوبة لإجراء مفاوضات حول أوكرانيا لم تتوافر بعد. وقال: «لا نريد وقفاً لإطلاق النار، بل نريد السلام عند استيفاء شروطنا وبلوغ أهدافنا».

ترمب وماكرون يتصافحان في اجتماع ثنائي بباريس 7 ديسمبر 2024 (أ.ف.ب)

وفي هذا السياق، تتعيّن الإشارة إلى أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لم يحصل على شيء ملموس من الرئيس ترمب خلال الاجتماع الثلاثي الذي نجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في تنظيمه يوم السبت الماضي، بمناسبة احتفالية الانتهاء من أعمال ترميم كاتدرائية نوتردام. وكان ترمب دعا إلى «وقف فوري لإطلاق النار» ومفاوضات لإنهاء النزاع في أوكرانيا بعد اللقاء المذكور، مضيفاً أن إدارته العتيدة ستخفّض «على الأرجح» المساعدات لكييف.

ونقلت «رويترز» عن رئيس مكتب زيلينسكي، أندريه يرماك، قوله في مقابلة أُجريت معه الخميس، إن كييف ليست مستعدة بعد لبدء محادثات مع روسيا؛ لأنها ليست في الوضع الذي تتطلّع إليه فيما يتعلق بالأسلحة والضمانات الأمنية. وأضاف يرماك: «نحن لا نمتلك الأسلحة، ولا نمتلك الوضع الذي نتحدث عنه. وهذا يعني حصولنا على دعوة للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي وتفاهمات على ضمانات واضحة... حتى نطمئن بأن بوتين لن يعود إلى الحرب في غضون عامين أو ثلاثة أعوام. وخلاصته أن بلاده مستعدة للتفاوض ولكن (ليس اليوم)».

الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب ونظيراه الأوكراني زيلينسكي والفرنسي ماكرون قبل اجتماع ثلاثي في الإليزيه السبت (د.ب.أ)

ثمة حقيقة مفصلية تجعل الحديث عن المفاوضات، وإن تأخرت، أمراً لا مفر منه وقوامها أن الغربيين يعون اليوم، كما تعي أوكرانيا نفسها، أن تغيّر الموازين العسكرية لصالح القوات الأوكرانية التي سيكون بمقدورها استعادة الأراضي التي احتلتها القوات الروسية بما فيها شبه جزيرة القرم التي احتلتها في عام 2014؛ أمر لن يتحقق. والدليل على ذلك استمرار تقدم الروس في منطقة دونباس رغم الكم الهائل من الأسلحة بالغة التقدم التي تُوفّر للأوكرانيين والصعوبات التي تواجهها في تعبئة مزيد من الجنود إلى جبهات القتال. من هنا، فإن زيلينسكي الذي يعي حقيقة الوضع، غيّر خطابه، بل إنه لم يعد يتردد في القول في الأسابيع الأخيرة، إنه يقبل، ضمن شروط، الجلوس إلى طاولة المفاوضات مع استمرار سيطرة روسيا على الأراضي التي احتلتها خلال الغزو.

ترى المصادر الأوروبية أن تطور الخطاب الأوكراني أمر بالغ الأهمية، وأهميته «أنه يستبدل بتحرير كامل التراب الأوكراني ضمانات» يحصل عليها من الغربيين. من هنا، فإن السؤال الذي يطرح نفسه يتناول طبيعة هذه الضمانات. والمعلوم أن كييف ترى في انضمامها إلى الحلف الأطلسي الضمانة المثالية.

والخميس، أكد وزراء خارجية ست دول أوروبية - أطلسية (فرنسا وألمانيا وإيطاليا وبولندا وإسبانيا وبريطانيا)، وممثلة السياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بمناسبة اجتماع لهم في برلين؛ دعمهم انضمام أوكرانيا إلى حلف «الناتو». وجاء في بيان لهم: «سنواصل دعم أوكرانيا في مسارها الذي لا رجعة فيه نحو التكامل الأوروبي الأطلسي الكامل، بما في ذلك عضوية حلف شمال الأطلسي». وجاء في البيان أيضا أن «السلام في أوكرانيا والأمن في أوروبا لا ينفصلان».

بيد أن الرغبة الأوروبية تواجه رفضاً روسياً مطلقاً، وكانت ضمن أحد الأسباب التي دفعت بوتين إلى إطلاق «العملية العسكرية الخاصة». كذلك، فإن واشنطن ترفض الانضمام، وثمة تحفظات عليه من داخل الاتحاد. وبما أن أمراً مثل هذا لا يمكن أن يتحقّق إلا برضا واشنطن وبالنظر إلى «تحفظات» ترمب، منذ ولايته الأولى إزاء حلف الأطلسي وتهديده بخروج الولايات المتحدة منه إلا إذا وفّى الأوروبيون بتعهداتهم المالية إزاءه وزادوا من ميزانياتهم العسكرية، فإن حصول كييف على العضوية الأطلسية يسير في طريق مسدود. وليس ترمب وحده من يطالب بذلك؛ إذ إن الأمين العام لحلف الأطلسي الجديد، رئيس الوزراء الهولندي السابق، مارك روته، عدّ أن التهديد الروسي «يقترب من أوروبا بسرعة كبيرة»، وأنه يتوجّب على بلدانها «تخصيص مزيد من الأموال» للدفاع.

رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك ومستشار ألمانيا أولاف شولتس والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في 15 مارس 2024 (أ.ف.ب)

ولأن الانضمام مستبعد، فإن الأوروبيين يبحثون في إمكان إرسال قوات أوروبية إلى أوكرانيا «بشكل فردي»، وليس بغطاء أطلسي رغم أن هذه الدول أطلسية. ولكن تطوراً مثل هذا لا يمكن أن يحصل إلا بعد توقف الحرب أو حصول هدنة. وسبق للرئيس الفرنسي أن قدّم، في شهر فبراير (شباط) الماضي، اقتراحاً بهذا المعنى، إلا أنه جُوبه برفض من كثير من الدول وعلى رأسها ألمانيا.

وقال زيلينسكي، بعد لقاء مؤخراً في كييف مع زعيم المعارضة الألمانية فريديريش ميرز: «بصراحة يمكننا التفكير والعمل على ما يطرحه إيمانويل»، وهو «أن توجد قوات من دولة ما على الأراضي الأوكرانية، وهو ما سيضمن لنا الأمن ما دام أن أوكرانيا ليست في (الناتو)». لكن الرفض الذي واجه ماكرون قبل ثمانية أشهر دفع باريس إلى «توضيح» طرحها؛ بحيث إن المقترح يقوم على إرسال وحدات تقوم بتدريب القوات الأوكرانية على القيام بنزع الألغام وأعمال من هذا القبيل. لكن الطرح اليوم، كما برز من خلال اجتماع الرئيس الفرنسي برئيس الوزراء البولندي دونالد توسك الخميس، مختلف. وعنوانه العمل على إرسال قوات أوروبية من أجل طمأنة أوكرانيا وردع روسيا عن القيام بمغامرة عسكرية لاحقة.

هل أن أمراً مثل هذا يمكن أن يتحقق؟ من المبكر التنبّؤ بما سيحصل. واللافت أن توسك أكد من جهته أنه ناقش مع ماكرون إمكان إرسال قوات إلى أوكرانيا. إلا أنه سارع إلى القول إن بلاده «لا تخطط لمثل هذه الإجراءات... في الوقت الحالي»، وإن قرار الإرسال من عدمه «يُتخذ في بولندا». وهذا يبيّن أن البحث ما زال في أوله ويحتاج إقراره إلى مزيد من الاتصالات، وأن يقبل الطرفان الروسي والأوكراني بقيام هدنة جدية. وإلا فإنه كلام لا جدوى منه.