العثور على كشف أثري قرب معبد الملكة حتشبسوت بالأقصر

مصر تواصل البحث عن «نفرتيتي».. وغياب السفير الأميركي يؤجل افتتاح مقبرة «أمنحتب حوي»

استئناف رحلة البحث عن قبر الملكة نفرتيتي.. وفي الصورة يظهر العالم الإنجليزي نيكولاس ريفز ({الشرق الأوسط})
استئناف رحلة البحث عن قبر الملكة نفرتيتي.. وفي الصورة يظهر العالم الإنجليزي نيكولاس ريفز ({الشرق الأوسط})
TT

العثور على كشف أثري قرب معبد الملكة حتشبسوت بالأقصر

استئناف رحلة البحث عن قبر الملكة نفرتيتي.. وفي الصورة يظهر العالم الإنجليزي نيكولاس ريفز ({الشرق الأوسط})
استئناف رحلة البحث عن قبر الملكة نفرتيتي.. وفي الصورة يظهر العالم الإنجليزي نيكولاس ريفز ({الشرق الأوسط})

في خطوة من شأنها تجدد الأمل في العثور على مقبرة الملكة «نفرتيتي» استأنفت مصر أمس وعلى مدار 3 أيام، عملية البحث عن قبر «نفرتيتي» خلف جدران مقبرة الفرعون الذهبي الملك «توت عنخ آمون»، وذلك في الأماكن المحتمل أن يوجد بها فتحات، بناء على فرضيات العالم الإنجليزي نيكولاس ريفز المتعلقة بدفن الملكة داخل إحدى الحجرات الخلفية لمقبرة «توت عنخ آمون».
وعثرت البعثة الأثرية الإسبانية - المصرية المشتركة العاملة في غرب مدينة الأقصر (جنوب مصر) أمس، على مومياء وتابوت «عنخ إف خونسو» كاهن معبد الإله آمون في الكرنك، داخل مقبرته التي تحمل الرقم 28، والواقعة قرب معبد الملكة حتشبسوت في منطقة العساسيف الأثرية بالبر الغربي، فيما كشف خبير أثري لـ«الشرق الأوسط» أن عدم حضور السفير الأميركي في القاهرة روبرت ستيفين بيكروفت، للأقصر أمس، أجل حفل افتتاح مقبرة الوزير «أمنحتب حوي» بالبر الغربي، التي كان مقررا أن يفتتحها وزير الآثار المصري ممدوح الدماطي، بعد الانتهاء من أعمال الترميم بها. وكانت وزارة الآثار وجهت الدعوة للسفير الأميركي لحضور افتتاح المقبرة.
وتفقد وزير الآثار المصري يرافقه محافظ الأقصر محمد بدر أمس، الكشف الجديد الخاص بمومياء وتابوت «عنخ إف خونسو»، وسط توقعات من خبراء الآثار بالعثور على مزيد من الاكتشافات الأثرية الجديدة في تلك المنطقة.
من جانبه، قال مدير البعثة الأثرية الإسبانية فرانسيكو خوسيه، إنه «تم العثور على تابوت ومومياء كاهن آمون»، لافتا إلى أن «التابوت لم يسبق فتحه من قبل والمومياء وجدت بحالتها وبلفائفها الفرعونية، المكونة من ورق البردي»، موضحا أن التابوت يحوي نقوشا ورسوما للكاهن «عنخ إف خونسو» وهو يقدم القرابين للإله آمون، وللآلهة أوزيريس وأنوبيس ونفرتم، وهم آلهة مصر القديمة، وأن التابوت والمومياء في حالة جيدة.
وأوضح خوسيه أن البعثة التي تعمل بالتعاون مع هيئة الآثار المصرية منذ سبع سنوات مضت، تمكنت من العثور على عدد من الاكتشافات الأثرية المهمة، في السنوات الماضية، كان أبرزها العثور على أعمدة وجدران مهمة، وتابوت خاص بمغنية الإله آمون ثم مقبرة وتابوت ومومياء الكاهن «عنخ إف خونسو». مضيفا أنه من الواضح أن عددا من كهنة الإله آمون كانوا يعشقون الدفن في منطقة العساسيف الواقعة في حضن جبل القرنة والمطلة على معبد الملكة حتشبسوت.
وبينما توقع خبراء أثريون الكشف عن مقابر أخرى وتوابيت فرعونية أخرى في المنطقة قريبًا، مؤكدين أن المقبرة ومحتوياتها، ترجع لعصر الدولة الحديثة في الأسرة 18 بمصر الفرعونية، وتحديدا في عهدي الملك أمنحتب الثالث والملك إخناتون، وأن صاحب المقبرة واحد من كبار كهنة الإله آمون، كان يشغل منصب كاتب القرابين في معابد الكرنك التي كرست لعبادة الإله آمون.
وحول مقبرة الوزير «أمنحتب حوي» بالبر الغربي، التي كان مقررا افتتاحها أمس؛ أوضح خبير أثري - فضل عدم تعريفه لحساسية موقعه، أنها تحوي مناظر تجمع كلا من الملك أمنحتب الثالث وأمنحتب الرابع (إخناتون) في آن واحد، كما تظهر كتابات تحمل اسم الملكين داخل خرطوشين بجوار بعضهما البعض، مشيرا إلى أن هذه المقبرة اكتشفتها البعثة المصرية الإسبانية العاملة بالموقع منذ سنوات، موضحا أن البعثة الإسبانية تعمل في مقبرة أمنحتب حوي منذ عام 2009، حيث عملت على دراسة وفحص العناصر المعمارية للمقبرة ومتابعة الحالة الإنشائية لها بصفة دورية، ما أسفر عن نجاحها منذ قرابة العام في الكشف عن عدد من العناصر الخزفية داخل المقبرة خلال سنوات عملها الماضية.
في السياق نفسه، واصلت وزارة الآثار بالتعاون مع كلية الهندسة جامعة القاهرة ومعهد الحفاظ على التراث والابتكار بالعاصمة الفرنسية باريس، العمل أمس، للبحث عن قبر الملكة «نفرتيتي» للمرة الثانية. وقال مصطفى وزيري مدير آثار الأقصر، إن وزارة الآثار اتخذت جميع الإجراءات القانونية والأمنية اللازمة للبدء في أعمال الكشف داخل المقبرة، لافتا إلى أنه سيتم استخدام أحدث الأجهزة والتقنيات بما يضمن سلامة المقبرة وعدم المساس بها، والتي من بينها أجهزة الرادار والأشعة تحت الحمراء.
وينتظر خبراء أثريون نتيجة البحث عما خلف جدران المقبرة، والذي قد يحتوي على قبر «نفرتيتي»، فيما يرجح آخرون، أنه قد يتم التوصل لمقبرة الملكة «كيا» والدة «توت عنخ آمون»، أو «ميريت آتون» ابنه «إخناتون»، مستبعدين وجود مقبرة للمكلة نفرتيتي في غرب الأقصر.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».