«أطباء بلا حدود» تطالب بتحقيق دولي مستقل بقصف مستشفى تابع لها في أفغانستان

«أطباء بلا حدود» تطالب بتحقيق دولي مستقل بقصف مستشفى تابع لها في أفغانستان
TT

«أطباء بلا حدود» تطالب بتحقيق دولي مستقل بقصف مستشفى تابع لها في أفغانستان

«أطباء بلا حدود» تطالب بتحقيق دولي مستقل بقصف مستشفى تابع لها في أفغانستان

تكثفت الضغوط الخميس لفتح تحقيق دولي بشأن الغارة الاميركية التي أصابت مستشفى تديره منظمة اطباء بلا حدود في افغانستان، بعد حديث الجيش عن اخطاء "مأساوية كان يمكن تفاديها"، رافضا توضيح ان كان سيجري تحقيقا مستقلا.
واتهمت اطباء بلا حدود الجيش الاميركي أمس (الأربعاء) "بالاهمال الفاضح" بعد اعلان قائد اميركي في افغانستان خلاصات تحقيق وزارة الدفاع، ومفادها ان سبب الغارة على مستشفى المنظمة الانسانية في 3 اكتوبر (تشرين الاول) في قندوز شمال البلاد، "هو قبل كل شيء خطأ بشري".
يذكر ان الغارة أوقعت 30 قتيلا وأجبرت المنظمة على اغلاق المستشفى وهو المركز الوحيد لعلاج الصدمات في المنطقة، واثارت موجة عارمة من الادانات العالمية.
ويوم أمس في مقر الحلف في كابل تحدث الجنرال جون كامبل قائد 13 الف جندي تابعين للحلف الاطلسي في افغانستان، عن تحقيق البنتاغون مؤكدا ان "الحادث مأساوي لكن الذي كان يمكن تفاديه سببه قبل كل شيء خطأ بشري".
وعزا كامبل الخطأ الى انهاك القوات الاميركية التي كانت تواجه هجوما لطالبان منذ خمسة ايام، وان الخطأ نتج عن "خلل في الاجراءات والمعدات".
واضاف الجنرال "تم الخلط بين المستشفى وهدف آخر من قبل الجنود الاميركيين الذين اعتقدوا انهم بصدد قصف مبنى آخر يبعد بضع مئات من الأمتار عن المكان، حيث تم ابلاغهم بوجود مقاتلين". وتلحظ خلاصة التحقيق "ان الجنود الذين امروا بالغارة ونفذوها من الجو لم يتخذوا الاجراءات المناسبة للتثبت من ان هذا المكان كان هدفا مشروعا".
كما اكد الجنرال الاميركي تعليق مهام الافراد المعنيين في انتظار "مجرى القضاء العسكري المعتاد" من دون مزيد من التفاصيل.
وردت أطباء بلا حدود على التصريح بقولها "ان سلسلة الاخطاء المخيفة التي تم الكشف عنها اليوم تبرهن عن الاهمال الفاضح للجيش الاميركي ولانتهاكه لقواعد الحرب" وفق المدير العام للمنظمة كريستوفر ستوكس.
كما طالبت منظمة اطباء بلا حدود بتحقيق دولي مستقل حول الوقائع، مؤكدة وجود "تساؤلات جدية" حول "ما اذا كان المهاجمون اطلقوا النار على مستشفى عامل عن دراية او نتيجة استهتار". وتابعت "هذا يتطلب تحقيقا جنائيا بخصوص احتمال ارتكاب جرائم حرب، لكن البنتاغون لم يوضح اليوم ان كانت التوصيات الصادرة الى كبار القادة العسكريين تشمل امكانية توجيه تهم جنائية". كما اعربت عن مخاوف "لبقاء اي قرار حول احتمال توجيه اتهامات جنائية من مسؤولية قيادة العمليات العسكرية في افغانستان".
في المقابل رفض المتحدث باسم كامبل، ويلسون شوفنر القول ان كان سيجري تحقيق دولي مستقل بعد تحقيق البنتاغون. وقال "نعتقد ان التحقيق الذي جرى كان كاملا وغير منحاز، وندعم خلاصاته وتوصياته، ونؤيد الآلية التي جرى بموجبها".
ودعت أطباء بلا حدود لجنة تقصي الحقائق الدولية الانسانية، وهي هيئة مستقلة أنشئت بموجب القانون الدولي ولم يتم تفعيلها من قبل، الى التحقيق في الهجوم.
لكن بدء التحقيقات يحتاج الى إذن من الولايات المتحدة وافغانستان، ولم يوافق اي منهما حتى الآن.



أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
TT

أعمال العنف بين السنة والشيعة في باكستان عابرة للحدود والعقود

مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)
مسؤولون أمنيون يتفقدون موقع انفجار خارج مطار جناح الدولي في كراتشي بباكستان 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

مرة أخرى، وقف علي غلام يتلقى التعازي، فبعد مقتل شقيقه عام 1987 في أعمال عنف بين السنة والشيعة، سقط ابن شقيقه بدوره في شمال غرب باكستان الذي «لم يعرف يوماً السلام»، على حد قوله.

متظاهرون يتجمعون بالقرب من أشياء أضرمت فيها النيران في أحد الشوارع في جارانوالا بباكستان 16 أغسطس 2023 (رويترز)

منذ يوليو (تموز)، تفيد مصادر عدة بأن 212 شخصاً قُتلوا في إقليم كورام بسبب نزاعات قديمة على الأراضي كان يفترض بسلسلة من الاتفاقات برعاية وجهاء قبليين وسياسيين وعسكريين، أن تبت بها.

إلا أنه تم انتهاك هذه الاتفاقات على مر العقود مع عجز السلطات الفيدرالية وفي مقاطعة خيبر بختونخوا عن القضاء على العنف.

فقدت القوات الأمنية الباكستانية مئات من أفرادها خلال الأشهر الماضية في الموجة الإرهابية الجديدة (أ.ف.ب)

والأسوأ من ذلك أن الهجوم الذي أجج أعمال العنف في 21 نوفمبر (تشرين الثاني) استهدف السلطات أيضاً، إذ إن نحو 10 مهاجمين أمطروا موكبي سيارات تنقل عائلات شيعية كانت بحماية الشرطة.

وكان ابن شقيق علي غلام في هذا الموكب. وكان هذا الرجل البالغ 42 عاماً ينتظر منذ أيام فتح الطرق في كورام عند الحدود مع أفغانستان.

أطلقت الشرطة قنابل الغاز المسيل للدموع لتفريق الطلاب أثناء مسيراتهم خلال مظاهرة للتنديد باغتصاب طالبة مزعوم في لاهور بباكستان 17 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

«لا ثقة مطلقاً بالدولة»

وكانت الطرق الرئيسية قد قُطعت بسبب تجدد القتال بالأسلحة الثقيلة والقذائف بين السنة والشيعة.

وفي غضون أربعين عاماً، خسر علي غلام شقيقه وابن شقيقه فيما جُرح ثلاثة من أشقائه أيضاً.

ويؤكد الرجل الشيعي البالغ 72 عاماً: «لم أعرف السلام يوماً وليس لدي أمل كبير لأولادي وأحفادي لأن لا ثقة لي مطلقاً بالدولة».

ويقول أكبر خان من لجنة حقوق الإنسان في باكستان إنه في السابق «كانت الدولة تساند مجالس الجيرغا وكانت هذه المجالس القبلية تنجح في تحقيق نتائج».

ويضيف: «لكن اليوم لم تعد الدولة تغطي تكلفة استدعائهم»، لأن المسؤولين السياسيين في إسلام آباد منغمسون في الاضطرابات السياسية «ولا يتعاملون بجدية مع أعمال العنف هذه».

قتل 8 أشخاص بينهم 5 عناصر أمن جراء اشتباكات مسلحة مع «إرهابيين» في 3 مناطق بإقليم خيبر بختونخوا شمال غربي باكستان الأسبوع الماضي (متداولة)

لكن في إقليم كورما الشاسع اعتمدت السلطات والقوى الأمنية موقفاً متأنياً. فالإقليم على غرار 6 أقاليم أخرى مجاورة، لم يُضم رسمياً إلى مقاطعة باكستانية إلا في عام 2018.

وكان قبل ذلك ضمن ما يسمى «مناطق قبلية تحت الإدارة الفيدرالية» وكان يحظى تالياً بوضع خاص وكانت المؤسسات الرسمية تترك مجالس الجيرغا تتصرف.

وفي حين كانت حركة «طالبان» الأفغانية تقوم بدور الوسيط في خضم العنف الطائفي في نهاية العقد الأول من الألفية، يؤكد سكان راهناً أن بعض القضاة يفضلون أن توافق مجالس جيرغا على أحكامهم لكي تحترم.

بن لادن - «طالبان»

يقول مالك عطاء الله خان، وهو من الوجهاء القبليين الذين وقعوا اتفاقاً في 2007 كان من شأنه إحلال السلام في كورام، إن «السلطات لا تتولى مسؤولياتها».

ويشير خصوصاً إلى مفارقة بأن كورام هو الإقليم الوحيد بين الأقاليم التي ضمت حديثاً، حيث «السجل العقاري مكتمل». لكنه يضيف: «رغم ذلك تستمر النزاعات على أراضٍ وغابات في 7 أو 8 مناطق».

ويرى أن في بلد يشكل السنة غالبية سكانه في حين يشكل الشيعة من 10 إلى 15 في المائة، «تحول جماعات دينية هذه الخلافات المحلية إلى نزاعات دينية».

فلا يكفي أن كورام تقع في منطقة نائية عند حدود باكستان وأفغانستان. فيجد هذا الإقليم نفسه أيضاً في قلب تشرذمات العالم الإسلامي بين ميليشيات شيعية مدعومة من طهران وجماعات سنية تلقى دعماً مالياً.

في عام 1979، أحدث الشيعة ثورتهم في إيران فيما دخل المجاهدون السنة في كابل في حرب مع الجيش السوفياتي الذي غزا البلاد، في حين اختار الديكتاتور الباكستاني ضياء الحق معسكر المتشددين السنة.

وقد تحول الكثير من هؤلاء إلى حركة «طالبان» في وقت لاحق لمواجهة إيران وإقامة «دولة إسلامية» وتوفير عناصر للتمرد المناهض للهند في كشمير.

«سننتقم له»

تقع كورام بمحاذاة كهوف أفغانية كان يختبئ فيها زعيم تنظيم القاعدة السابق أسامة بن لادن، وكانت حتى الآن معروفة، خصوصاً بأزهارها التي تتغنى بها قصائد الباشتون. ويقول خان: «إلا أنها استحالت الآن منصة لإرسال أسلحة إلى أفغانستان. كل عائلة كانت تملك ترسانة في منزلها».

لم يسلم أحد هذه الأسلحة إلى السلطات. في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما أضرم شيعة النار في منازل ومتاجر في سوق سنية في باغان رداً على الهجوم على الموكب قبل يومين، سمع إطلاق النار من الطرفين.

وقد حاصرت النيران ابن عم سيد غني شاه في متجره.

ويروي شاه لوكالة الصحافة الفرنسية: «منعنا والديه من رؤية جثته لأنه كان يستحيل التعرف عليها. كيف عسانا نقيم السلام بعد ذلك؟ ما إن تسنح الفرصة سننتقم له».

أما فاطمة أحمد فقد فقدت كل أمل في 21 نوفمبر. فقد كان زوجها في طريقه لتسجيلها في كلية الطب في إسلام آباد بعدما ناضلت من أجل إقناع عائلتها بالسماح لها بمتابعة دروسها.

إلا أنه لم يعد. وتقول أرملته البالغة 21 عاماً إنها لا تريد «العيش بعد الآن من دونه». وتؤكد: «لم يقتلوا زوجي فحسب بل قتلوا كل أحلامي معه».