أوباما يؤكد عدم وجود تهديدات «ذات مصداقية» ضد الولايات المتحدة

عقد اجتماعين مع فريق الأمن القومي لبحث تكثيف جهود مكافحة «داعش»

أوباما يؤكد عدم وجود تهديدات «ذات مصداقية» ضد الولايات المتحدة
TT

أوباما يؤكد عدم وجود تهديدات «ذات مصداقية» ضد الولايات المتحدة

أوباما يؤكد عدم وجود تهديدات «ذات مصداقية» ضد الولايات المتحدة

أكد الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مؤتمر صحافي أعد على عجل صباح أمس في البيت الأبيض، عدم وجود تهديدات ذات مصداقية من تنظيم داعش ضد الولايات المتحدة الأميركية خلال عطلة عيد الشكر، التي تبدأ اليوم وتستمر حتى بداية الأسبوع القادم، والتي تشهد حركة سفر وانتقالات بالطائرات والقطارات بشكل مكثف.
وتحدث الرئيس الأميركي لمدة خمس دقائق أكد فيها على عمل كل أجهزة الأمن والاستخبارات ومسؤولي مكافحة الإرهاب على اتخاذ كل الخطوات لتأمين الولايات المتحدة والحفاظ على الأمن، وقال: «في الوقت الراهن ليس لدينا معلومات استخباراتية تشير إلى محاولات ذات مصداقية لشن هجمات ضد الولايات المتحدة خلال عطلة عيد الشكر». وحاول الرئيس الأميركي طمأنة مخاوف الأميركيين من وقوع هجوم إرهابي محتمل، وقال: «أريد أن يعرف الشعب الأميركي أننا نتخذ كل الخطوات الممكنة للحفاظ على أمننا»، ووقف بجواره كبار مسؤولي الأمن الأميركي، ووزير الأمن الداخلي، جي جونسون، والنائب العام، لوريتا لينش، ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي، جيمس كومي، ومستشار الأمن القومي الأميركي، سوزان رايس، ومستشار مكافحة الإرهاب، ليزا موناكو، ورئيس موظفي البيت الأبيض، دينيس ماكدونو. وأشار أوباما إلى خطوات ستتخذها إدارته لزيادة الضغوط على تنظيم داعش، مشيرا إلى محادثاته مع الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند واتفاقهما على تعزيز التعاون لمكافحة «داعش».
وشدد الرئيس الأميركي على نجاح استراتيجيته في مكافحة «داعش»، مشيرا إلى قيام الولايات المتحدة ودول التحالف بشن 8 آلاف ضربة جوية ضد معاقل «داعش» وقتل عدد كبير من قيادي التنظيم، واستعادة أراضٍ كانت واقعة تحت سيطرة «داعش» وتجفيف منابع تمويل التنظيم ومواجهة رسائله وأفكاره وآيديولوجياته. وقال أوباما: «سنستمر في القيام بكل ما يلزم وسنعيد هيكلة الاستراتيجية إذا لزم الأمر».
وكان الرئيس الأميركي قد عقد اجتماعين مع فريقه للأمن القومي عقب لقائه بالرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند صباح الثلاثاء وآخر صباح الأربعاء، لمناقشة التهديدات المحتملة من «داعش» ضد الولايات المتحدة وكيفية اتخاذ خطوات لمكافحة «داعش» في كل من سوريا والعراق. وقد ثارت عدة علامات استفهام بعد إعلان الرئيس الأميركي ونظيره الفرنسي، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، عن اتخاذ خطوات جديدة بهدف هزيمة تنظيم داعش. وأشار الرئيس الأميركي إلى تكثيف الجهود وتعزيز التعاون الاستخباراتي وتقديم المساندة لفرنسا باعتبارها دولة حليفة.
وقد أعلن أوباما تعزيز التعاون العسكري والأمني مع فرنسا ودول التحالف لمكافحة «داعش»، لكنه لم يُشِر إلى أية تغييرات في استراتيجيته لملاحقة وهزيمة التنظيم الإرهابي، وأصر على الاستمرار في استراتيجيته رغم الانتقادات التي وجهها الجمهوريون والديمقراطيون على حد سواء وخبراء عسكريون ومسؤولون سابقون ومرشحون جمهوريون في سباق الرئاسة الأميركية.
ويأتي إعلان أوباما وهولاند عن تعزيز التعاون بين البلدين دون اتخاذ خطوات فعلية وملموسة في المعركة ضد «داعش» أقل من التوقعات والآمال لدفع الإدارة الأميركية لاتخاذ سياسات أكثر قوة وحسما، خصوصا بعد هجمات باريس. وظهرت انتقادات لاذعة من صقور الأمن القومي في الكونغرس الأميركي الذين طالبوا باستراتيجية فعالة لتحقيق الفوز في المعركة ضد «داعش»، وقال النائب الجمهوري، اد رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب، إنه «يتعين على إدارة أوباما وضع استراتيجية واسعة وشاملة. وبدلا من القيام بذلك فإن إدارة أوباما تستمر في نفس السياسات الفاشلة التي سمحت لـ(داعش) بالظهور والانتشار». وشدد رويس على ضرورة إنشاء مناطق آمنة في سوريا وتسليح القوات المقاتلة بما في ذلك الأكراد.
من جهته، دعا جيمس جيفري، السفير الأميركي السابق لدى العراق، إلى إرسال 10 آلاف من القوات البرية الأميركية لقتال «داعش»، مشيرا إلى أنه لا يمكن الهروب من حل إرسال قوات برية وأن ما تقوم به الإدارة الأميركية حقا هو التعايش مع فكرة وجود «داعش» ومحاولة احتوائه.
في المقابل، اعترض ديريك شالوت، أحد أبرز المسؤولين العسكريين السابقين في إدارة أوباما، على فكرة إرسال قوات برية أميركية على الأرض، لكنه أكد أن الإدارة الأميركية عليها أن تقوم بمزيد من الخطوات، مشدّدا على أن «هجمات باريس تفرض علينا أن نسأل أنفسنا عند مراجعة استراتيجية مكافحة (داعش): هل ما زال الوقت في صالحنا أم ضدنا؟.. وعلينا القيام ببعض المخاطرة».
أما حاكم ولاية نيوجيرسي، كريس كريستي، والمرشح الجمهوري لسباق الرئاسة، فقد وصف استراتيجية الإدارة الأميركية في مكافحة «داعش» بأنها ساذجة. ووصف جيب بوش، المرشح الجمهوري للرئاسة، أوباما بأنه يفتقد الإرادة والشجاعة ولا يملك الرغبة في القضاء على «داعش».



بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
TT

بولوارتي تضع البيرو في مواجهة مع حكومات المنطقة

رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)
رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي قبيل مؤتمر صحافي في ليما، في 24 يناير الحالي (أ.ب)

بعد التدهور الأخير في الأوضاع الأمنية التي تشهدها البيرو، بسبب الأزمة السياسية العميقة التي نشأت عن عزل الرئيس السابق بيدرو كاستيو، وانسداد الأفق أمام انفراج قريب بعد أن تحولت العاصمة ليما إلى ساحة صدامات واسعة بين القوى الأمنية والجيش من جهة، وأنصار الرئيس السابق المدعومين من الطلاب من جهة أخرى، يبدو أن الحكومات اليسارية والتقدمية في المنطقة قررت فتح باب المواجهة السياسية المباشرة مع حكومة رئيسة البيرو الجديدة دينا بولوارتي، التي تصرّ على عدم تقديم موعد الانتخابات العامة، وتوجيه الاتهام للمتظاهرين بأنهم يستهدفون قلب النظام والسيطرة على الحكم بالقوة.
وبدا ذلك واضحاً في الانتقادات الشديدة التي تعرّضت لها البيرو خلال القمة الأخيرة لمجموعة بلدان أميركا اللاتينية والكاريبي، التي انعقدت هذا الأسبوع في العاصمة الأرجنتينية بوينوس آيريس، حيث شنّ رؤساء المكسيك والأرجنتين وكولومبيا وبوليفيا هجوماً مباشراً على حكومة البيرو وإجراءات القمع التي تتخذها منذ أكثر من شهر ضد المتظاهرين السلميين، والتي أدت حتى الآن إلى وقوع ما يزيد عن 50 قتيلاً ومئات الجرحى، خصوصاً في المقاطعات الجنوبية التي تسكنها غالبية من السكان الأصليين المؤيدين للرئيس السابق.
وكان أعنف هذه الانتقادات تلك التي صدرت عن رئيس تشيلي غابرييل بوريتش، البالغ من العمر 36 عاماً، والتي تسببت في أزمة بين البلدين مفتوحة على احتمالات تصعيدية مقلقة، نظراً لما يحفل به التاريخ المشترك بين البلدين المتجاورين من أزمات أدت إلى صراعات دموية وحروب دامت سنوات.
كان بوريتش قد أشار في كلمته أمام القمة إلى «أن دول المنطقة لا يمكن أن تدير وجهها حيال ما يحصل في جمهورية البيرو الشقيقة، تحت رئاسة ديما بولوارتي، حيث يخرج المواطنون في مظاهرات سلمية للمطالبة بما هو حق لهم ويتعرّضون لرصاص القوى التي يفترض أن تؤمن الحماية لهم».
وتوقّف الرئيس التشيلي طويلاً في كلمته عند ما وصفه بالتصرفات الفاضحة وغير المقبولة التي قامت بها الأجهزة الأمنية عندما اقتحمت حرم جامعة سان ماركوس في العاصمة ليما، مذكّراً بالأحداث المماثلة التي شهدتها بلاده إبّان ديكتاتورية الجنرال أوغوستو بينوتشي، التي قضت على آلاف المعارضين السياسيين خلال العقود الثلاثة الأخيرة من القرن الماضي.
وبعد أن عرض بوريتش استعداد بلاده لمواكبة حوار شامل بين أطياف الأزمة في البيرو بهدف التوصل إلى اتفاق يضمن الحكم الديمقراطي واحترام حقوق الإنسان، قال «نطالب اليوم، بالحزم نفسه الذي دعمنا به دائماً العمليات الدستورية في المنطقة، بضرورة تغيير مسار العمل السياسي في البيرو، لأن حصيلة القمع والعنف إلى اليوم لم تعد مقبولة بالنسبة إلى الذين يدافعون عن حقوق الإنسان والديمقراطية، والذين لا شك عندي في أنهم يشكلون الأغلبية الساحقة في هذه القمة».
تجدر الإشارة إلى أن تشيلي في خضمّ عملية واسعة لوضع دستور جديد، بعد أن رفض المواطنون بغالبية 62 في المائة النص الدستوري الذي عرض للاستفتاء مطلع سبتمبر (أيلول) الفائت.
كان رؤساء المكسيك وكولومبيا والأرجنتين وبوليفيا قد وجهوا انتقادات أيضاً لحكومة البيرو على القمع الواسع الذي واجهت به المتظاهرين، وطالبوها بفتح قنوات الحوار سريعاً مع المحتجين وعدم التعرّض لهم بالقوة.
وفي ردّها على الرئيس التشيلي، اتهمت وزيرة خارجية البيرو آنا سيسيليا جيرفاسي «الذين يحرّفون سرديّات الأحداث بشكل لا يتطابق مع الوقائع الموضوعية»، بأنهم يصطادون في الماء العكر. وناشدت المشاركين في القمة احترام مبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للبلدان الأخرى، والامتناع عن التحريض الآيديولوجي، وقالت «يؤسفني أن بعض الحكومات، ومنها لبلدان قريبة جداً، لم تقف بجانب البيرو في هذه الأزمة السياسية العصيبة، بل فضّلت تبدية التقارب العقائدي على دعم سيادة القانون والنصوص الدستورية». وأضافت جيرفاسي: «من المهين القول الكاذب إن الحكومة أمرت باستخدام القوة لقمع المتظاهرين»، وأكدت التزام حكومتها بصون القيم والمبادئ الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان وسيادة القانون، رافضة أي تدخّل في شؤون بلادها الداخلية، ومؤكدة أن الحكومة ماضية في خطتها لإجراء الانتخابات في الموعد المحدد، ليتمكن المواطنون من اختيار مصيرهم بحرية.
ويرى المراقبون في المنطقة أن هذه التصريحات التي صدرت عن رئيس تشيلي ليست سوى بداية لعملية تطويق إقليمية حول الحكومة الجديدة في البيرو بعد عزل الرئيس السابق، تقوم بها الحكومات اليسارية التي أصبحت تشكّل أغلبية واضحة في منطقة أميركا اللاتينية، والتي تعززت بشكل كبير بعد وصول لويس إينياسيو لولا إلى رئاسة البرازيل، وما تعرّض له في الأيام الأخيرة المنصرمة من هجمات عنيفة قام بها أنصار الرئيس السابق جاير بولسونارو ضد مباني المؤسسات الرئيسية في العاصمة برازيليا.