الجزائر: قياديون في «جبهة التحرير» يناشدون بوتفليقة التدخل لإنقاذها

اتهموا سعداني باختطاف الحزب.. واستعداء الطبقة السياسية

الجزائر: قياديون في «جبهة التحرير» يناشدون بوتفليقة التدخل لإنقاذها
TT

الجزائر: قياديون في «جبهة التحرير» يناشدون بوتفليقة التدخل لإنقاذها

الجزائر: قياديون في «جبهة التحرير» يناشدون بوتفليقة التدخل لإنقاذها

اشتكى قياديون بارزون في حزب الأغلبية الجزائري «جبهة التحرير الوطني» لدى الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، باعتباره رئيس الحزب في نفس الوقت، من أمين عام «الجبهة» عمار سعداني، الذي اتهموه بـ«استعداء الطبقة السياسية بمن فيهم الحلفاء».
وقال عبد الكريم عبادة، متزعم «حركة تقويم وتأصيل جبهة التحرير الوطني»، في بيان حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه، إن سعداني «ينفرد بتسيير الحزب.. ومركزة نشاطه وقراراته وشخصنته، كانت سببا رئيسيا في السقطات المتتالية التي أضرت، ليس بالحزب فقط، بل مست أيضًا سمعة البلاد وشرف المناضلين». وجاءت هذه المآخذ في رسالة رفعت إلى بوتفليقة.
وقدم عبادة مثالا بردود سعداني على صحافيين سألوه عن مجموعة من الشخصيات السياسية، واستفسرت عن حالة بوتفليقة الصحية ومدى قدرته على الاستمرار في الحكم، فكان رده «اسألوا رئيس فرنسا يعطيكم الإجابة»، في إشارة إلى تصريحات الرئيس فرنسوا هولاند الذي زار الجزائر العام الماضي، وقال فيها إنه «يتمتع بصحة جيدة».
وقال عبادة إن أمين عام الحزب «أوحى بأن التضامن مع الشعب الصحراوي موقف مشبوه يكتنفه الشك والريبة»، في إشارة إلى موقف عبر عنه سعداني في قناة فضائية خاصة قبل أسبوعين بخصوص نزاع الصحراء، فهم منه أن الجزائر خسرت كثيرا بسبب دعمها «بوليساريو»، وقد أثار ذلك استياء بالغا لدى وزارة الخارجية، حيث اضطر وزير الشؤون الأفريقية والمغاربية عبد القادر مساهل إلى إصدار تصريح أكد فيه على «موقف الجزائر المساند لمبدأ تقرير مصير الشعب الصحراوي، عن طريق استفتاء تشرف عليه الأمم المتحدة».
ووصل سعداني إلى قيادة الحزب صيف 2013، إثر اجتماع لـ«اللجنة المركزية» (أعلى هيئة ما بين مؤتمرين في الحزب)، وأثار اختياره أمينا عاما موجة سخط كبيرة من طرف قياديين، خصوصا أنصار الأمين العام السابق عبد العزيز بلخادم. ويتعرض سعداني لحملة للإطاحة به من طرف عدد كبير من أطر الحزب، بعضهم وزراء سابقون، أبرزهم عبد الرحمن بلعياط، وعمار تو، ورشيد حراوبية، ومحمد الصغير قارة، إذ يرى هؤلاء أن سعداني يلقى الدعم من شخص نافذ في الحكم، هو السعيد بوتفليقة شقيق الرئيس وكبير مستشاريه. والشائع أن بوتفليقة نفسه هو من سلم رأس الحزب لسعداني، الذي ترأس البرلمان بين سنتي 2005 و2007.
وذكر عبادة في الرسالة الموجهة إلى بوتفليقة أن خصمه يتحمل مسؤولية «نفور المحيط المجتمعي والثقافي والسياسي من الحزب بسبب مواقفه وسلوكياته المشينة».، وقال إن المناضلين يهاجرون إلى فضاءات أخرى. كما تحدثت الرسالة عن «اختطاف الحزب واختزال نشاطه في شخص الأمين العام، مما تسبب في جموده». وتساءل عبادة «من أين للحزب أن يبقى مؤثرا وفعالا، بينما طريقة إعلان المواقف واتخاذ القرارات وإبراز القيادات لا تأخذ في الحسبان الموروث السياسي للحزب، ولا الإرث المشترك لأغلبية الجزائريين، ولا التطورات الحاصلة في المجتمع، ولا المتغيرات التي تشهدها الساحة السياسية؟ بل إن أكثر هذه المواقف موسوم بالاستعلاء والإقصاء والاحتقار».
وناشد أصحاب الرسالة الرئيس «إنقاذ ما بقي من جبهة التحرير». ومما جاء فيها «افعلوا شيئا يا سيادة الرئيس لصيانة هوية الحزب التي تتعرض للمسخ والتشويه.. افعلوا شيئا للحفاظ على إرثه الذي يتعرض للتلف.. افعلوا شيئا لضمان وحدته واسترجاع مكانته الحقيقية كقوة سياسية أولى في البلاد».
وأظهر سعداني تحديا في مواجهة خصومه، الذين قال لهم في مؤتمر صحافي عقده مؤخرا: «إذا كنتم تريدون قائدا آخر غيري، ما عليكم إلا انتظار المؤتمر الحادي العشر»، الذي سيعقد عام 2019. ويحلو لسعداني الرد على المشككين في سلامة الرئيس بدنيا بقوله: «إذا كنتم تريدون كرسي الرئاسة ما عليكم إلا انتظار انتخابات الرئاسة عام 2019».



الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)
طلاب في جامعة البيضاء أجبرتهم الجماعة الحوثية على المشاركة في فعاليات تعبوية (إعلام حوثي)

ضمن مخاوف الجماعة الحوثية من ارتدادات تطورات الأوضاع في سوريا على قوتها وتراجع نفوذ محور إيران في منطقة الشرق الأوسط؛ صعّدت الجماعة من ممارساتها بغرض تطييف المجتمع واستقطاب أتباع جدد ومنع اليمنيين من الاحتفال بسقوط نظام بشار الأسد.

واستهدفت الجماعة، حديثاً، موظفي مؤسسات عمومية وأخرى خاصة وأولياء أمور الطلاب بالأنشطة والفعاليات ضمن حملات التعبئة التي تنفذها لاستقطاب أتباع جدد، واختبار ولاء منتسبي مختلف القطاعات الخاضعة لها، كما أجبرت أعياناً قبليين على الالتزام برفد جبهاتها بالمقاتلين، ولجأت إلى تصعيد عسكري في محافظة تعز.

وكانت قوات الحكومة اليمنية أكدت، الخميس، إحباطها ثلاث محاولات تسلل لمقاتلي الجماعة الحوثية في جبهات محافظة تعز (جنوب غربي)، قتل خلالها اثنان من مسلحي الجماعة، وتزامنت مع قصف مواقع للجيش ومناطق سكنية بالطيران المسير، ورد الجيش على تلك الهجمات باستهداف مواقع مدفعية الجماعة في مختلف الجبهات، وفق ما نقله الإعلام الرسمي.

الجيش اليمني في تعز يتصدى لأعمال تصعيد حوثية متكررة خلال الأسابيع الماضية (الجيش اليمني)

وخلال الأيام الماضية اختطفت الجماعة الحوثية في عدد من المحافظات الخاضعة لسيطرتها ناشطين وشباناً على خلفية احتفالهم بسقوط نظام الأسد في سوريا، وبلغ عدد المختطفين في صنعاء 17 شخصاً، قالت شبكة حقوقية يمنية إنهم اقتيدوا إلى سجون سرية، في حين تم اختطاف آخرين في محافظتي إب وتعز للأسباب نفسها.

وأدانت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات حملة الاختطافات التي رصدتها في العاصمة المختطفة صنعاء، مشيرة إلى أنها تعكس قلق الجماعة الحوثية من انعكاسات الوضع في سوريا على سيطرتها في صنعاء، وخوفها من اندلاع انتفاضة شعبية مماثلة تنهي وجودها، ما اضطرها إلى تكثيف انتشار عناصرها الأمنية والعسكرية في شوارع وأحياء المدينة خلال الأيام الماضية.

وطالبت الشبكة في بيان لها المجتمع الدولي والأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية بإدانة هذه الممارسات بشكل واضح، بوصفها خطوة أساسية نحو محاسبة مرتكبيها، والضغط على الجماعة الحوثية للإفراج عن جميع المختطفين والمخفيين قسراً في معتقلاتها، والتحرك الفوري لتصنيفها منظمة إرهابية بسبب تهديدها للأمن والسلم الإقليميين والدوليين.

تطييف القطاع الطبي

في محافظة تعز، كشفت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» عن أن الجماعة الحوثية اختطفت عدداً من الشبان في منطقة الحوبان على خلفية إبداء آرائهم بسقوط نظام الأسد، ولم يعرف عدد من جرى اختطافهم.

تكدس في نقطة تفتيش حوثية في تعز حيث اختطفت الجماعة ناشطين بتهمة الاحتفال بسقوط الأسد (إكس)

وأوقفت الجماعة، بحسب المصادر، عدداً كبيراً من الشبان والناشطين القادمين من مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وأخضعتهم للاستجواب وتفتيش متعلقاتهم الشخصية وجوالاتهم بحثاً عمّا يدل على احتفالهم بتطورات الأحداث في سوريا، أو ربط ما يجري هناك بالوضع في اليمن.

وشهدت محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) اختطاف عدد من السكان للأسباب نفسها في عدد من المديريات، مترافقاً مع إجراءات أمنية مشددة في مركز المحافظة ومدنها الأخرى، وتكثيف أعمال التحري في الطرقات ونقاط التفتيش.

إلى ذلك، أجبرت الجماعة عاملين في القطاع الطبي، بشقيه العام والخاص، على حضور فعاليات تعبوية تتضمن محاضرات واستماع لخطابات زعيمها عبد الملك الحوثي، وشروحات لملازم المؤسس حسين الحوثي، وأتبعت ذلك بإجبارهم على المشاركة في تدريبات عسكرية على استخدام مختلف الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والقنابل اليدوية وزراعة الألغام والتعامل مع المتفجرات.

وذكرت مصادر طبية في صنعاء أن هذه الإجراءات استهدفت العاملين في المستشفيات الخاصعة لسيطرة الجماعة بشكل مباشر، سواء العمومية منها، أو المستشفيات الخاصة التي استولت عليها الجماعة بواسطة ما يعرف بالحارس القضائي المكلف بالاستحواذ على أموال وممتلكات معارضيها ومناهضي نفوذها من الأحزاب والأفراد.

زيارات إجبارية للموظفين العموميين إلى معارض صور قتلى الجماعة الحوثية ومقابرهم (إعلام حوثي)

وتتزامن هذه الأنشطة مع أنشطة أخرى شبيهة تستهدف منتسبي الجامعات الخاصة من المدرسين والأكاديميين والموظفين، يضاف إليها إجبارهم على زيارة مقابر قتلى الجماعة في الحرب، وأضرحة عدد من قادتها، بما فيها ضريح حسين الحوثي في محافظة صعدة (233 كيلومتراً شمال صنعاء)، وفق ما كانت أوردته «الشرق الأوسط» في وقت سابق.

وكانت الجماعة أخضعت أكثر من 250 من العاملين في الهيئة العليا للأدوية خلال سبتمبر (أيلول) الماضي، وأخضعت قبلهم مدرسي وأكاديميي جامعة صنعاء (أغلبهم تجاوزوا الستين من العمر) في مايو (أيار) الماضي، لتدريبات عسكرية مكثفة، ضمن ما تعلن الجماعة أنه استعداد لمواجهة الغرب وإسرائيل.

استهداف أولياء الأمور

في ضوء المخاوف الحوثية، ألزمت الجماعة المدعومة من إيران أعياناً قبليين في محافظة الضالع (243 كيلومتراً جنوب صنعاء) بتوقيع اتفاقية لجمع الأموال وحشد المقاتلين إلى الجبهات.

موظفون في القطاع الطبي يخضعون لدورات قتالية إجبارية في صنعاء (إعلام حوثي)

وبينما أعلنت الجماعة ما وصفته بالنفير العام في المناطق الخاضعة لسيطرتها من المحافظة، برعاية أسماء «السلطة المحلية» و«جهاز التعبئة العامة» و«مكتب هيئة شؤون القبائل» التابعة لها، أبدت أوساط اجتماعية استياءها من إجبار الأعيان والمشايخ في تلك المناطق على التوقيع على وثيقة لإلزام السكان بدفع إتاوات مالية لصالح المجهود الحربي وتجنيد أبنائهم للقتال خلال الأشهر المقبلة.

في السياق نفسه، أقدمت الجماعة الانقلابية على خصم 10 درجات من طلاب المرحلة الأساسية في عدد من مدارس صنعاء، بحة عدم حضور أولياء الأمور محاضرات زعيمها المسجلة داخل المدارس.

ونقلت المصادر عن عدد من الطلاب وأولياء أمورهم أن المشرفين الحوثيين على تلك المدارس هددوا الطلاب بعواقب مضاعفة في حال استمرار تغيب آبائهم عن حضور تلك المحاضرات، ومن ذلك طردهم من المدارس أو إسقاطهم في عدد من المواد الدراسية.

وأوضح مصدر تربوي في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تعميماً صدر من قيادات عليا في الجماعة إلى القادة الحوثيين المشرفين على قطاع التربية والتعليم باتباع جميع الوسائل للتعبئة العامة في أوساط أولياء الأمور.

مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

ونبه المصدر إلى أن طلب أولياء الأمور للحضور إلى المدارس بشكل أسبوعي للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة هو أول إجراء لتنفيذ هذه التعبئة، متوقعاً إجراءات أخرى قد تصل إلى إلزامهم بحضور فعاليات تعبوية أخرى تستمر لأيام، وزيارة المقابر والأضرحة والمشاركة في تدريبات قتالية.

وبحسب المصدر؛ فإن الجماعة لا تقبل أي أعذار لتغيب أولياء الأمور، كالسفر أو الانشغال بالعمل، بل إنها تأمر كل طالب يتحجج بعدم قدرة والده على حضور المحاضرات بإقناع أي فرد آخر في العائلة بالحضور نيابة عن ولي الأمر المتغيب.