مائة عام على أول بث إذاعي.. ولا يزال الراديو وسيطا إعلاميا مهما في العالم

يتخطى الحدود ويتسلل إلى المستمعين عبر الأثير فيكون تأثيره أكبر

للراديو دور كبير في التغيير السياسي
للراديو دور كبير في التغيير السياسي
TT

مائة عام على أول بث إذاعي.. ولا يزال الراديو وسيطا إعلاميا مهما في العالم

للراديو دور كبير في التغيير السياسي
للراديو دور كبير في التغيير السياسي

بعد مرور أكثر من مائة عام على أول بث إذاعي، لا يزال الراديو وسيطا إعلاميا مهما في أنحاء العالم كافة. ولم ينحصر دوره أو ينزوي، بعد زحف الإنترنت وانتشار وسائل التواصل الاجتماعي بسرعة فائقة خلال السنوات العشر الماضية.
وكانت المنظمة الدولية للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) قد حددت يوم 13 فبراير (شباط) من كل عام يوما عالميا للاحتفال بالراديو، ويرجع ذلك الاختيار إلى اليوم الذي بدأ فيه بث أول إذاعة للأمم المتحدة في عام 1946.
لقد تمكن الراديو باعتباره وسيطا إعلاميا ذا تاريخ طويل من الاستمرار على قيد الحياة والتأثير منذ بدء أول بث إذاعي في أوائل العشرينات من القرن الماضي، وحتى حلول عصر المعلوماتية والتكنولوجيا الرقمية، وهو يعد الآن أكثر الوسائط الإعلامية جذبا للمستمعين في أرجاء العالم كافة من حيث وصوله إلى أكبر عدد منهم.
ومن مميزات الراديو التي قد لا ينافسه فيها وسيط آخر - كما يقول خورخي ألباريز رئيس الأكاديمية الإسبانية للراديو - تخطيه للحدود، ووصوله بحرية، وبسعر زهيد، إلى نواحي العالم المختلفة، حسب «بي بي سي». ويشير ألباريز إلى علماء أعلام في تاريخ ذلك الجهاز، كان منهم الألماني هاينريش هيرتس، والإيطالي غوليلمو ماركوني، والبريطاني أوليفر لودج، والإسباني سيرفيرا بافيرا، ثم الهندي شاندرا بوز، ممن ساهموا في اكتشاف الموجات الكهرومغناطيسية، واختراع أجهزة التلغراف اللاسلكي التي مهدت لظهور جهاز الراديو.
وكان للراديو دور كبير في التغيير السياسي لبعض الأنظمة، خصوصا في دول العالم الثالث، وعلى صعيد الأمثلة فقط فإن الإذاعة السودانية كان لها دور كبير في تغيير النظام السياسي وخصوصا من الانقلابين العسكريين الذين كانوا يستولون على إذاعة أم درمان للاستيلاء على السلطة بإذاعة البيان العسكري، كما فعل الفريق إبراهيم عبود وجعفر النميري وأخيرا الرئيس عمر البشير.
وإن كان الراديو يكلم الملايين، في القرى والمدن والبلدات والأقطار، فإنه في الوقت ذاته يتكلم إليك أنت وحدك، فأصواته موجهة إليك، تتسلل إلى رأسك عبر أذنيك لتظل بداخلك فيكون تأثيرها أكبر.
ويتميز الراديو بالسرعة في نقل الحدث المباشر، فالإذاعي لا يحتاج فيه إلا إلى جهاز تسجيل وميكروفون. وليس أمام الراديو حدود، فإشاراته تبلغ الجبال والمحيطات، والريف والحضر، وهو لذلك وسيلة مهمة للتقارب بين الثقافات.
ويستيقظ الناس على ساعة المذياع، ويقودون سياراتهم إلى أعمالهم مستمعين إليه، كما يمكنهم الاستماع إلى البرامج الإذاعية في أوقات راحتهم. وقد أخذ البث الإذاعي في الماضي الدور نفسه الذي يأخذه التلفاز في وقتنا الراهن من حيث تسلية الناس، فكانت تتجمع ملايين العائلات في أميركا وأستراليا وأوروبا خلال الفترة من العشرينات وحتى بداية الخمسينات من القرن العشرين حول أجهزة المذياع، في كل ليلة، يستمعون إلى التمثيليات والبرامج المرحة الخفيفة وبرامج المنوعات والبث المباشر للحفلات الموسيقية، والكثير من البرامج المنوعة الأخرى. هذه الفترة، التي تدعى في بعض الأحيان بالعصر الذهبي للبث الإذاعي.
ويحتفل العاملون في مجال البث والاتصالات يوم 7 مايو (أيار) بعيدهم المهني - عيد الراديو. في مثل هذا اليوم من عام 1895 أجرى الفيزيائي الروسي ألكسندر بوبوف الدورة الإذاعية الأولى ليضع بذلك بداية لتطوير التقنيات اللاسلكية. وبدأ البث الشامل في العشرينات من القرن الماضي. ولا يزال الراديو في القرن الحادي والعشرين، على الرغم من المنافسة القوية من وسائل الإعلام الإلكترونية، يحظى بالطلب من قبل الجمهور ويلعب دورا هاما في الحياة الثقافية والسياسية للمجتمع، فقد بسط الراديو سلطانه، ليس فقط عبر الأثير، بل حول العالم، فأصبح بإمكان جماهير المستمعين الاستماع إلى مئات المحطات الإذاعية دون حاجة إلى مذياع، عبر الإنترنت، ومن خلال تطبيقات على أجهزة الهواتف الذكية، والأجهزة الإلكترونية المحمولة.
ورغم المنافسة الشديدة بين وسائل الإعلام المختلفة، لا يزال المواطنون الألمان يحرصون على الاستماع إلى الإذاعة.
وأخيرا أظهر استطلاع للرأي أجرته مؤسسة «أجما» للتحليل الإعلامي أن 9.‏79 في المائة من الألمان فوق سن العاشرة يسمعون الإذاعة خلال أيام العمل (4.‏79 في المائة عام 2013)، وهو ما يعادل نحو 6.‏58 مليون مستمع يوميا.
وذكرت «أجما» في مدينة فرانكفورت أن متوسط المدة التي يستمع فيها كل فرد في ألمانيا للإذاعة تبلغ 199 دقيقة (198 دقيقة عام 2013). وذكر مدير «أجما»، ديتر مولر: «الإذاعة بالنسبة للمستمعين أمر ثابت في الحياة اليومية».
ورغم الإنترنت والهواتف الذكية وأجهزة الكومبيوتر المحمولة والتلفزيون، لا تزال الإذاعة أكثر الوسائل الدعائية استقرارا، بحسب تحليل «أجما».
وقال روي استارد مسؤول في وزارة الثقافة والإعلام البريطانية إن الراديو استفاد من ثورة التكنولوجيا الرقمية إلى حد كبير، إذ جعلت تلك التكنولوجيا أدوات الإذاعة والتسجيل أصغر، وأخف وزنا، وأسرع أداء، وأرخص سعرا. كما خلقت ثورة في طرق تسجيل الأصوات والموسيقى، والتحكم في نوعيتها وسهولة سبل التعامل معها في المونتاج. وقد تكون طبيعة الراديو ذاتها أحد العوامل التي هيأت له البقاء حتى الآن.
وأضاف استارد أن الراديو وسيط يمنحك حرية الرسم والتصوير لما تسمعه، إذ يمكنك رسم تصور للمذيع أو المذيعة في ذهنك بالصورة التي تحلو لك، ورسم صورة للأحداث التي تنقل إليك في رأسك بحرية يفتقدها مشاهد التلفزيون.
كلنا يعتقد أن أقدم وسائل الاتصالات البشرية هو جهاز التلغراف الكهربائي، الذي تناولته المجتمعات البشرية في أواخر القرن التاسع عشر أو بالتحديد عام 1870.
وفي واقع الأمر هذا ليس صحيحا، فقد كان هناك وسيلتان من وسائل الاتصالات البشرية قبل ظهور هذا الجهاز. الوسيلة الأولى: «هيليو غراف»، وكانت تستخدم لتبادل الرسائل، وهي عن طريق استخدام الانعكاسات الضوئية لأشعة الشمس، وقد اخترع هذا الجهاز منذ 2000 عام مضت بواسطة الإغريق، وظل يستخدم طوال هذه السنوات حتى جرى اختراع أجهزة الاتصالات اللاسلكية الكهربائية في بداية القرن العشرين.
الوسيلة الثانية: «سيما فور»، وكانت تستعمل في شكل أساليب بدائية لتبادل الرسائل بين القبائل الهندية في شمال أميركا، حيث إن التاريخ يذكر لنا أنهم أول من اخترعوها واستخدمها المهاجرون الذين توافدوا على أميركا بعد ذلك واستعملوها بصورة واسعة النطاق في حرب الاستقلال الأميركية وظلوا يتبادلوها حتى انتشرت أجهزة التلغراف الكهربائية.
أما الراديو قد بدأ بعد الحرب العالمية الأولى، أي بعد مؤتمر فرساي، والإذاعة هي أقدم وسائل الاتصالات البشرية التي فتحت العلاقات البشرية على مصراعيها، واكتملت هذه العلاقات البشرية بالاختراع الابن (T.V) الذي تبع الاختراع الأم (Radio)، ولهذا فيجب علينا أن ندرك العوامل المشتركة ما بين الاختراعين وهما الإذاعة والتلفزيون.
وتعد هيئة الإذاعة البريطانية واحدة من كبرى شركات البث الأوسع انتشارا حول العالم، ففي المملكة المتحدة تتولى بث ثماني محطات تلفزيونية وطنية، بالإضافة إلى برمجة التغطية الإقليمية لها. هذا فضلا عن 10 إذاعات وطنية، و40 إذاعة محلية، وموقع إلكتروني واسع الانتشار (www.bbc.co.uk). وفي هذا الإطار تشمل خدمات هيئة الإذاعة البريطانية العالمية البث الإذاعي والتلفزيوني والبث عبر الإنترنت، لتوفير الأخبار والمعلومات بـ32 لغة.
وتعتبر إذاعة صوت أميركا (Voice of America أو VOA) هي الإذاعة الرسمية لحكومة الولايات المتحدة الأميركية، وهي من أشهر محطات الإذاعة في العالم. تأسست وبدأت في البث خلال الحرب العالمية الثانية 1942، فكانت تبث برامج موجهة، وخصوصا عن أنباء وأخبار الحرب، وموجهة بصورة خاصة إلى أوروبا وشمال أفريقيا وألمانيا النازية.



رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
TT

رحيل إيلي شويري عاشق لبنان و«أبو الأناشيد الوطنية»

عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»
عرف الراحل إيلي شويري بـ«أبو الأناشيد الوطنية»

إنه «فضلو» في «بياع الخواتم»، و«أبو الأناشيد الوطنية» في مشواره الفني، وأحد عباقرة لبنان الموسيقيين، الذي رحل أول من أمس (الأربعاء) عن عمر ناهز 84 عاماً.
فبعد تعرضه لأزمة صحية نقل على إثرها إلى المستشفى، ودّع الموسيقي إيلي شويري الحياة. وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكدت ابنته كارول أنها تفاجأت بانتشار الخبر عبر وسائل التواصل الاجتماعي قبل أن تعلم به عائلته. وتتابع: «كنت في المستشفى معه عندما وافاه الأجل. وتوجهت إلى منزلي في ساعة متأخرة لأبدأ بالتدابير اللازمة ومراسم وداعه. وكان الخبر قد ذاع قبل أن أصدر بياناً رسمياً أعلن فيه وفاته».
آخر تكريم رسمي حظي به شويري كان في عام 2017، حين قلده رئيس الجمهورية يومها ميشال عون وسام الأرز الوطني. وكانت له كلمة بالمناسبة أكد فيها أن حياته وعطاءاته ومواهبه الفنية بأجمعها هي كرمى لهذا الوطن.
ولد إيلي شويري عام 1939 في بيروت، وبالتحديد في أحد أحياء منطقة الأشرفية. والده نقولا كان يحضنه وهو يدندن أغنية لمحمد عبد الوهاب. ووالدته تلبسه ثياب المدرسة على صوت الفونوغراف الذي تنساب منه أغاني أم كلثوم مع بزوغ الفجر. أما أقرباؤه وأبناء الجيران والحي الذي يعيش فيه، فكانوا من متذوقي الفن الأصيل، ولذلك اكتمل المشوار، حتى قبل أن تطأ خطواته أول طريق الفن.
- عاشق لبنان
غرق إيلي شويري منذ نعومة أظافره في حبه لوطنه وترجم عشقه لأرضه بأناشيد وطنية نثرها على جبين لبنان، ونبتت في نفوس مواطنيه الذين رددوها في كل زمان ومكان، فصارت لسان حالهم في أيام الحرب والسلم. «بكتب اسمك يا بلادي»، و«صف العسكر» و«تعلا وتتعمر يا دار» و«يا أهل الأرض»... جميعها أغنيات شكلت علامة فارقة في مسيرة شويري الفنية، فميزته عن سواه من أبناء جيله، وذاع صيته في لبنان والعالم العربي وصار مرجعاً معتمداً في قاموس الأغاني الوطنية. اختاره ملك المغرب وأمير قطر ورئيس جمهورية تونس وغيرهم من مختلف أقطار العالم العربي ليضع لهم أجمل معاني الوطن في قالب ملحن لا مثيل له. فإيلي شويري الذي عُرف بـ«أبي الأناشيد الوطنية» كان الفن بالنسبة إليه منذ صغره هَوَساً يعيشه وإحساساً يتلمسه في شكل غير مباشر.
عمل شويري مع الرحابنة لفترة من الزمن حصد منها صداقة وطيدة مع الراحل منصور الرحباني. فكان يسميه «أستاذي» ويستشيره في أي عمل يرغب في القيام به كي يدله على الصح من الخطأ.
حبه للوطن استحوذ على مجمل كتاباته الشعرية حتى لو تناول فيها العشق، «حتى لو رغبت في الكتابة عن أعز الناس عندي، أنطلق من وطني لبنان»، هكذا كان يقول. وإلى هذا الحد كان إيلي شويري عاشقاً للبنان، وهو الذي اعتبر حسه الوطني «قدري وجبلة التراب التي امتزج بها دمي منذ ولادتي».
تعاون مع إيلي شويري أهم نجوم الفن في لبنان، بدءاً بفيروز وسميرة توفيق والراحلين وديع الصافي وصباح، وصولاً إلى ماجدة الرومي. فكان يعدّها من الفنانين اللبنانيين القلائل الملتزمين بالفن الحقيقي. فكتب ولحن لها 9 أغنيات، من بينها «مين إلنا غيرك» و«قوم تحدى» و«كل يغني على ليلاه» و«سقط القناع» و«أنت وأنا» وغيرها. كما غنى له كل من نجوى كرم وراغب علامة وداليدا رحمة.
مشواره مع الأخوين الرحباني بدأ في عام 1962 في مهرجانات بعلبك. وكانت أول أدواره معهم صامتة بحيث يجلس على الدرج ولا ينطق إلا بكلمة واحدة. بعدها انتسب إلى كورس «إذاعة الشرق الأدنى» و«الإذاعة اللبنانية» وتعرّف إلى إلياس الرحباني الذي كان يعمل في الإذاعة، فعرّفه على أخوَيه عاصي ومنصور.

مع أفراد عائلته عند تقلده وسام الأرز الوطني عام 2017

ويروي عن هذه المرحلة: «الدخول على عاصي ومنصور الرحباني يختلف عن كلّ الاختبارات التي يمكن أن تعيشها في حياتك. أذكر أن منصور جلس خلف البيانو وسألني ماذا تحفظ. فغنيت موالاً بيزنطياً. قال لي عاصي حينها؛ من اليوم ممنوع عليك الخروج من هنا. وهكذا كان».
أسندا إليه دور «فضلو» في مسرحية «بياع الخواتم» عام 1964. وفي الشريط السينمائي الذي وقّعه يوسف شاهين في العام التالي. وكرّت السبحة، فعمل في كلّ المسرحيات التي وقعها الرحابنة، من «دواليب الهوا» إلى «أيام فخر الدين»، و«هالة والملك»، و«الشخص»، وصولاً إلى «ميس الريم».
أغنية «بكتب اسمك يا بلادي» التي ألفها ولحنها تعد أنشودة الأناشيد الوطنية. ويقول شويري إنه كتب هذه الأغنية عندما كان في رحلة سفر مع الراحل نصري شمس الدين. «كانت الساعة تقارب الخامسة والنصف بعد الظهر فلفتني منظر الشمس التي بقيت ساطعة في عز وقت الغروب. وعرفت أن الشمس لا تغيب في السماء ولكننا نعتقد ذلك نحن الذين نراها على الأرض. فولدت كلمات الأغنية (بكتب اسمك يا بلادي عالشمس الما بتغيب)».
- مع جوزيف عازار
غنى «بكتب اسمك يا بلادي» المطرب المخضرم جوزيف عازار. ويخبر «الشرق الأوسط» عنها: «ولدت هذه الأغنية في عام 1974 وعند انتهائنا من تسجيلها توجهت وإيلي إلى وزارة الدفاع، وسلمناها كأمانة لمكتب التوجيه والتعاون»، وتابع: «وفوراً اتصلوا بنا من قناة 11 في تلفزيون لبنان، وتولى هذا الاتصال الراحل رياض شرارة، وسلمناه شريط الأغنية فحضروا لها كليباً مصوراً عن الجيش ومعداته، وعرضت في مناسبة عيد الاستقلال من العام نفسه».
يؤكد عازار أنه لا يستطيع اختصار سيرة حياة إيلي شويري ومشواره الفني معه بكلمات قليلة. ويتابع لـ«الشرق الأوسط»: «لقد خسر لبنان برحيله مبدعاً من بلادي كان رفيق درب وعمر بالنسبة لي. أتذكره بشوشاً وطريفاً ومحباً للناس وشفافاً، صادقاً إلى أبعد حدود. آخر مرة التقيته كان في حفل تكريم عبد الحليم كركلا في الجامعة العربية، بعدها انقطعنا عن الاتصال، إذ تدهورت صحته، وأجرى عملية قلب مفتوح. كما فقد نعمة البصر في إحدى عينيه من جراء ضربة تلقاها بالغلط من أحد أحفاده. فضعف نظره وتراجعت صحته، وما عاد يمارس عمله بالشكل الديناميكي المعروف به».
ويتذكر عازار الشهرة الواسعة التي حققتها أغنية «بكتب اسمك يا بلادي»: «كنت أقفل معها أي حفل أنظّمه في لبنان وخارجه. ذاع صيت هذه الأغنية، في بقاع الأرض، وترجمها البرازيليون إلى البرتغالية تحت عنوان (أومينا تيرا)، وأحتفظ بنصّها هذا عندي في المنزل».
- مع غسان صليبا
مع الفنان غسان صليبا أبدع شويري مرة جديدة على الساحة الفنية العربية. وكانت «يا أهل الأرض» واحدة من الأغاني الوطنية التي لا تزال تردد حتى الساعة. ويروي صليبا لـ«الشرق الأوسط»: «كان يعد هذه الأغنية لتصبح شارة لمسلسل فأصررت عليه أن آخذها. وهكذا صار، وحققت نجاحاً منقطع النظير. تعاونت معه في أكثر من عمل. من بينها (كل شيء تغير) و(من يوم ما حبيتك)». ويختم صليبا: «العمالقة كإيلي شويري يغادرونا فقط بالجسد. ولكن بصمتهم الفنية تبقى أبداً ودائماً. لقد كانت تجتمع عنده مواهب مختلفة كملحن وكاتب ومغنٍ وممثل. نادراً ما نشاهدها تحضر عند شخص واحد. مع رحيله خسر لبنان واحداً من عمالقة الفن ومبدعيه. إننا نخسرهم على التوالي، ولكننا واثقون من وجودهم بيننا بأعمالهم الفذة».
لكل أغنية كتبها ولحنها إيلي شويري قصة، إذ كان يستمد موضوعاتها من مواقف ومشاهد حقيقية يعيشها كما كان يردد. لاقت أعماله الانتقادية التي برزت في مسرحية «قاووش الأفراح» و«سهرة شرعية» وغيرهما نجاحاً كبيراً. وفي المقابل، كان يعدها من الأعمال التي ينفذها بقلق. «كنت أخاف أن تخدش الذوق العام بشكل أو بآخر. فكنت ألجأ إلى أستاذي ومعلمي منصور الرحباني كي يرشدني إلى الصح والخطأ فيها».
أما حلم شويري فكان تمنيه أن تحمل له السنوات الباقية من عمره الفرح. فهو كما كان يقول أمضى القسم الأول منها مليئة بالأحزان والدموع. «وبالقليل الذي تبقى لي من سنوات عمري أتمنى أن تحمل لي الابتسامة».