متحف النوبة بأسوان يحتفل بمرور 18 عامًا على افتتاحه

فاز بأجمل مبنى معماري في العالم عام 2001

متحف النوبة بأسوان يحتفل بمرور 18 عامًا على افتتاحه
TT

متحف النوبة بأسوان يحتفل بمرور 18 عامًا على افتتاحه

متحف النوبة بأسوان يحتفل بمرور 18 عامًا على افتتاحه

في احتفالية جنوبية على أنغام الفولكلور النوبي والتراث الأسواني، احتفلت محافظة أسوان جنوب مصر بمرور 18 عامًا على افتتاح متحف النوبة، الذي يُعد الحافظة الأساسية للتراث النوبي، بينما بعث الحضور وفي مقدمتهم محافظ أسوان مصطفى يسري، ومحروس سعيد مدير عام صندوق آثار النوبة، وأعضاء البعثات الأثرية الأجنبية، برسالة سلام بمختلف اللغات لشعوب العالم مفادها أن مصر بلد الأمن والأمان والسلام.
ويقع متحف النوبة في بقعة من أجمل مناطق مدينة أسوان فوق ربوة عالية بجوار مقياس النيل، حيث تم تشييد المتحف على مساحة تبلغ 50 ألف متر مربع عام 1997، وتصميمه المعماري الذي يحاكي الطراز النوبي الذي استوحاه المصممون من المقابر الفرعونية، وحصل على جائزة أجمل مبنى معماري في العالم عام 2001.
ويطمح المتحف في أن يصبح مركزًا عالميًا لعرض التراث الحضاري النوبي من الناحية التاريخية والأثرية، بالإضافة إلى عرضه للنواحي الجيولوجية والثقافية منذ أقدم العصور وحتى بناء السد العالي.
من جهته، أكد يسري أن «أسوان محافظة عريقة تتمتع بمقومات سياحية متكاملة تزخر بتنوع المنتج السياحي من سياحات أثرية وثقافية وبيئية ونيلية وعلاجية»، لافتا إلى أنه «أردنا خلال الاحتفالية إرسال رسالة قوية ومباشرة لمختلف دول العالم بأن أسوان ومصر آمنة».
وبدأت الاحتفالية التي أقيمت الليلة قبل الماضية على المسرح الروماني المكشوف بالمتحف بتكريم الرواد الأثريين والمؤسسين للمتحف النوبي، ثم تقديم عروض فنية تعكس التراث النوبي والأسواني شاركت فيها فرق توشكى للفنون الشعبية، وفنانو النوبة عز الدين وحسون ملك وعلي حسين وحمادة حربي، بالإضافة إلى قيام الشاعر النوبي عبد الصبور عبد الستار بإلقاء مختارات من قصائده الشعرية المستوحاة من أجواء التراث النوبي.
أُنشئ المتحف إبان الحملة الدولية لإنقاذ آثار النوبة في الستينات والسبعينات من القرن الماضي ليضم التراث الأثري والتاريخي والحضاري والبيئي لبلاد النوبة. وليكون بمثابة تتويج لدور الحملة الدولية لإنقاذ هذه الآثار، وذلك بعرضها في متحف يرتاده الزوار من كل بقاع العالم، ليدركوا مدى أهمية التعاون الدولي في الحفاظ على التراث الإنساني.
وأكد محافظ أسوان أن الاحتفال بافتتاح المتحف النوبي يأتي لدوره الرائد في حماية وعرض المقتنيات المتحفية العديدة لجميع العصور المتعاقبة منذ آلاف السنين، فضلاً عن تفرده بالطراز النوبي المعماري الذي استُوحي من المقابر الفرعونية ومن البيئة المحيطة به، لافتا إلى أن ذلك يؤكد بدوره على الدور الحيوي الذي قامت به منظمة اليونيسكو منذ أكثر من 50 عامًا لإنقاذ آثار النوبة، والذي يمثل إحدى معجزات القرن العشرين التي لا تقل أهمية وروعة عن الأعمال العظيمة الخالدة للتراث الإنساني التي توجت بإنشاء متحف النوبة، ليعرض فيه هذا المخزون الحضاري بالشكل الذي يليق به أمام العالم.
بدوره، قال حسني عبد الرحيم مدير عام المتحف، إن الذي يعكس الاهتمام العالمي بالمتحف النوبي هو فوز مصر منذ أيام بعضوية 4 لجان دولية تابعة لمنظمة اليونيسكو ومنها اللجنة التنفيذية للحملة الدولية لإنشاء متحف النوبة في أسوان، فضلا عن أن المتحف عضو أساسي في منظمة المتاحف العالمية (الإيكوم)، وعضو في المنظمات الأفريقية والعربية.
وأكد عبد الرحيم أن «الاحتفالية أقيمت في الجزء الخاص بالمتحف في الهواء الطلق الذي يُعتبر متحفًا فريدًا من نوعه في العالم بأسره، عناصر مختلفة تعكس صورًا من حياة النوبيين تتمثل في المقابر الصخرية التي تعكس حالة المتوفَّى النوبي البدائي في مرحلة ما قبل التاريخ، بالإضافة إلى عاداتهم وتقاليدهم الاجتماعية والشعبية.. أما المجرى المائي، فيمثل صورة حية لنهر النيل بشلالاته وانحداره ومزروعاته على الضفتين، من نباتات الزينة والنباتات المثمرة. كما يضم متحف الهواء الطلق البيت النوبي الذي صُمِّم ليكون صورة طبق الأصل من مسكن الإنسان النوبي بكل عناصره، وليعطي صورة حية عن حياة النوبيين الذين عاشوا في هذه المنطقة.



ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
TT

ستيف بركات لـ«الشرق الأوسط»: أصولي اللبنانية تتردّد أبداً في صدى موسيقاي

عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية     -   ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)
عازف البيانو ستيف بركات ينسج موسيقاه من جذوره اللبنانية - ستيف بركات يؤمن بالموسيقى لغة عالمية توحّد الشعوب (الشرق الأوسط)

ستيف بركات عازف بيانو كندي من أصل لبناني، ينتج ويغنّي ويلحّن. لفحه حنين للجذور جرّه إلى إصدار مقطوعة «أرض الأجداد» (Motherland) أخيراً. فهو اكتشف لبنان في وقت لاحق من حياته، وينسب حبّه له إلى «خيارات مدروسة وواعية» متجذرة في رحلته. من اكتسابه فهماً متيناً لهويته وتعبيره عن الامتنان لما منحه إياه الإرث من عمق يتردّد صداه كل يوم، تحاوره «الشرق الأوسط» في أصله الإنساني المنساب على النوتة، وما أضفاه إحساسه الدفين بالصلة مع أسلافه من فرادة فنية.
غرست عائلته في داخله مجموعة قيم غنية استقتها من جذورها، رغم أنه مولود في كندا: «شكلت هذه القيم جزءاً من حياتي منذ الطفولة، ولو لم أدركها بوعي في سنّ مبكرة. خلال زيارتي الأولى إلى لبنان في عام 2008. شعرتُ بلهفة الانتماء وبمدى ارتباطي بجذوري. عندها أدركتُ تماماً أنّ جوانب عدة من شخصيتي تأثرت بأصولي اللبنانية».
بين كوبنهاغن وسيول وبلغراد، وصولاً إلى قاعة «كارنيغي» الشهيرة في نيويورك التي قدّم فيها حفلاً للمرة الأولى، يخوض ستيف بركات جولة عالمية طوال العام الحالي، تشمل أيضاً إسبانيا والصين والبرتغال وكوريا الجنوبية واليابان... يتحدث عن «طبيعة الأداء الفردي (Solo) التي تتيح حرية التكيّف مع كل حفل موسيقي وتشكيله بخصوصية. فالجولات تفسح المجال للتواصل مع أشخاص من ثقافات متنوعة والغوص في حضارة البلدان المضيفة وتعلّم إدراك جوهرها، مما يؤثر في المقاربة الموسيقية والفلسفية لكل أمسية».
يتوقف عند ما يمثله العزف على آلات البيانو المختلفة في قاعات العالم من تحدٍ مثير: «أكرّس اهتماماً كبيراً لأن تلائم طريقة عزفي ضمانَ أفضل تجربة فنية ممكنة للجمهور. للقدرة على التكيّف والاستجابة ضمن البيئات المتنوّعة دور حيوي في إنشاء تجربة موسيقية خاصة لا تُنسى. إنني ممتنّ لخيار الجمهور حضور حفلاتي، وهذا امتياز حقيقي لكل فنان. فهم يمنحونني بعضاً من وقتهم الثمين رغم تعدّد ملاهي الحياة».
كيف يستعد ستيف بركات لحفلاته؟ هل يقسو عليه القلق ويصيبه التوتر بإرباك؟ يجيب: «أولويتي هي أن يشعر الحاضر باحتضان دافئ ضمن العالم الموسيقي الذي أقدّمه. أسعى إلى خلق جو تفاعلي بحيث لا يكون مجرد متفرج بل ضيف عزيز. بالإضافة إلى الجانب الموسيقي، أعمل بحرص على تنمية الشعور بالصداقة الحميمة بين الفنان والمتلقي. يستحق الناس أن يلمسوا إحساساً حقيقياً بالضيافة والاستقبال». ويعلّق أهمية على إدارة مستويات التوتّر لديه وضمان الحصول على قسط كافٍ من الراحة: «أراعي ضرورة أن أكون مستعداً تماماً ولائقاً بدنياً من أجل المسرح. في النهاية، الحفلات الموسيقية هي تجارب تتطلب مجهوداً جسدياً وعاطفياً لا تكتمل من دونه».
عزف أناشيد نالت مكانة، منها نشيد «اليونيسف» الذي أُطلق من محطة الفضاء الدولية عام 2009 ونال جائزة. ولأنه ملحّن، يتمسّك بالقوة الهائلة للموسيقى لغة عالمية تنقل الرسائل والقيم. لذا حظيت مسيرته بفرص إنشاء مشروعات موسيقية لعلامات تجارية ومؤسسات ومدن؛ ومعاينة تأثير الموسيقى في محاكاة الجمهور على مستوى عاطفي عميق. يصف تأليف نشيد «اليونيسف» بـ«النقطة البارزة في رحلتي»، ويتابع: «التجربة عزّزت رغبتي في التفاني والاستفادة من الموسيقى وسيلة للتواصل ومتابعة الطريق».
تبلغ شراكته مع «يونيفرسال ميوزيك مينا» أوجها بنجاحات وأرقام مشاهدة عالية. هل يؤمن بركات بأن النجاح وليد تربة صالحة مكوّنة من جميع عناصرها، وأنّ الفنان لا يحلّق وحده؟ برأيه: «يمتد جوهر الموسيقى إلى ما وراء الألحان والتناغم، ليكمن في القدرة على تكوين روابط. فالنغمات تمتلك طاقة مذهلة تقرّب الثقافات وتوحّد البشر». ويدرك أيضاً أنّ تنفيذ المشاريع والمشاركة فيها قد يكونان بمثابة وسيلة قوية لتعزيز الروابط السلمية بين الأفراد والدول: «فالثقة والاهتمام الحقيقي بمصالح الآخرين يشكلان أسس العلاقات الدائمة، كما يوفر الانخراط في مشاريع تعاونية خطوات نحو عالم أفضل يسود فيه الانسجام والتفاهم».
بحماسة أطفال عشية الأعياد، يكشف عن حضوره إلى المنطقة العربية خلال نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل: «يسعدني الوجود في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا كجزء من جولة (Néoréalité) العالمية. إنني في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التفاصيل والتواريخ لنعلن عنها قريباً. تملؤني غبطة تقديم موسيقاي في هذا الحيّز النابض بالحياة والغني ثقافياً، وأتحرّق شوقاً لمشاركة شغفي وفني مع ناسه وإقامة روابط قوامها لغة الموسيقى العالمية».
منذ إطلاق ألبومه «أرض الأجداد»، وهو يراقب جمهوراً متنوعاً من الشرق الأوسط يتفاعل مع فنه. ومن ملاحظته تزايُد الاهتمام العربي بالبيانو وتعلّق المواهب به في رحلاتهم الموسيقية، يُراكم بركات إلهاماً يقوده نحو الامتنان لـ«إتاحة الفرصة لي للمساهمة في المشهد الموسيقي المزدهر في الشرق الأوسط وخارجه».
تشغله هالة الثقافات والتجارب، وهو يجلس أمام 88 مفتاحاً بالأبيض والأسود على المسارح: «إنها تولّد إحساساً بالعودة إلى الوطن، مما يوفر ألفة مريحة تسمح لي بتكثيف مشاعري والتواصل بعمق مع الموسيقى التي أهديها إلى العالم».