البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»

تعديلات على تقييمات سرية لمسؤولي الاستخبارات العسكرية وصناع القرار وثقت انسحاب الجيش العراقي

البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»
TT

البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»

البنتاغون يوسع تحقيقاته حول تمدد «داعش»

عندما اجتاح مقاتلو «داعش» سلسلة من المدن العراقية العام الماضي، كتب المحللون في القيادة المركزية الأميركية (سينتكوم) تقييمات سرية لمسؤولي الاستخبارات العسكرية وصناع القرار وثقت الانسحاب المذل للجيش العراقي. لكن قبل أن يتم الانتهاء من تلك التقييمات، قال مسؤولون سابقون في الاستخبارات إن رؤساء المحللين أدخلوا عليها تعديلات كبيرة.
وفي الوثائق المعدلة، لم ينسحب الجيش العراقي على الإطلاق، ولكن الجنود «أعادوا الانتشار» ببساطة.
وتقع هذه التعديلات في قلب تحقيق داخلي موسع في البنتاغون للقيادة المركزية، حيث يقول المحللون إن مشرفين عدلوا النتائج ليخفوا بعضًا من الإخفاقات العسكرية الأميركية في تدريب القوات العراقية ودحر «داعش». ويقول هؤلاء المحللون إن مشرفين كانوا حريصين بالأخص على رسم صورة أكثر تفاؤلاً لدور أميركا في الصراع.
وفي الأسابيع الأخيرة، صادر المفتش العام للبنتاغون مخزونًا كبيرًا للرسائل الإلكترونية والوثائق من خوادم عسكرية فيما يعكف على فحص هذه المزاعم، كما استعان بالمزيد من المحققين.
وقدمت هجمات باريس الأسبوع الماضي دليلاً دمويًا على أن «داعش»، الذي كان يعتبر في الماضي تنظيمًا من المتشددين الذين يركزون على الاستيلاء على الأراضي في العراق وسوريا، وسع من دائرة تركيزه لتشمل مهاجمة الغرب. وتحكي الملفات الإلكترونية المصادرة في تحقيق البنتاغون قصة صعود الجماعة، كما رأتها عيون «سينتكوم» التي تشرف على العمليات العسكرية عبر منطقة الشرق الأوسط.
ولا يتضح بالضبط محتوى تلك المستندات، وربما لا يتم نشرها، لأن الكثير من المعلومات الواردة فيها سرية. لكن مسؤولين عسكريين أبلغوا الكونغرس بأن بعضًا من تلك الرسائل الإلكترونية والوثائق ربما جرى حذفها قبل تسليمها للمحققين، حسبما أفاد مسؤول كبير في الكونغرس طلب عدم الكشف عن هويته ليتحدث عن التحقيقات الجارية. وتحدث مسؤولون حاليون وسابقون عن مزاعم مشابهة لـ«نيويورك تايمز»، ولكن شريطة التكتم على هوياتهم. وعلى الرغم من أن نواب الكونغرس يطالبون بردود على تلك المزاعم، لا يتضح ما إذا كان المفتش العام تمكن من التحقق من صحتها أم لا. ورفضت ناطقة باسم المفتش العام التعليق.
وقال المحللون إن المشاكل في العراق تعود جذورها إلى انقسامات سياسية ودينية عميقة لا يمكن حلها بسهولة عبر شن حملة عسكرية، حسبما أفاد مسؤولون حاليون وسابقون. لكن موقف القيادة المركزية الرسمي ما زال متفائلاً في العموم.
ولا يتضح ما إذا كانت تقييمات القيادة المركزية غيرت بشدة في رؤى إدارة أوباما حول «داعش». وبينما تظل القيادة متفائلة وإيجابية إزاء المكاسب الأميركية، كانت وكالات أخرى أكثر تشاؤمًا.
لكن الرئيس باراك أوباما ومسؤولين استخباراتيين كبارًا اعترفوا بأن الصعود السريع لـ«داعش» أصابهم بالدهشة. وعلى أقل تقدير، فإن احتمال تعمد مسؤولين كبار التلاعب باستنتاجات استخباراتية يثير التساؤلات حول مدى مصداقية التقييمات العسكرية لدى أوباما والكونغرس والجمهور العام.
لقد اكتسبت تلك التساؤلات مزيدًا من الإلحاحية منذ وقوع الهجمات الإرهابية في العاصمة الفرنسية باريس، والتي كشفت عن إصرار جديد من جانب «داعش» لتنفيذ هجمات إرهابية تتجاوز الأراضي في العراق وسوريا الذي أعلن قيام «خلافته» بها. وتصاعدت الضغوط على البيت الأبيض للإعلان عن استراتيجية أكثر صرامة وقوة لتفكيك هذا التنظيم، ويدعو حشد من النواب والمرشحين الرئاسيين الجمهوريين إلى شن عملية برية أميركية في سوريا.
وبدأ نواب كبار في الكونغرس تحقيقاتهم الخاصة حول جهاز الاستخبارات العسكرية الأميركية. وقال النائب الجمهوري ماك ثومبيري من ولاية تكساس، الذي يرأس لجنة الخدمات المسلحة في مجلس النواب خلال مقابلة، إن لجنته تفحص تقييمات استخباراتية صادرة عن القيادة المركزية وقيادات عسكرية أخرى لترى ما إذا كانت هناك مشكلة ممنهجة تتعلق بإسكات قادة عسكريين كبار للأصوات المخالفة.
ويقول: «أي وقت يظهر فيه ادعاء بأن معلومات استخباراتية جرى اختزالها على نحو معين، أو جرى التلاعب بها على نحو معين، فإن ذلك يسبب قلقًا بالغًا».
وقال السيد ثومبيري إن الكونغرس ينبغي أن يحرص على عدم عرقلة تقدم تحقيقات المفتش العام، لكنه أكد أن للنواب «أيضًا وظيفة يؤدونها».
من ناحية أخرى، أفادت مجلة «فورين بوليسي» يوم الخميس الماضي بأن مجموعة من النواب الجمهوريين سيركزون على قضية ما إذا كانت القيادة المركزية تلاعبت في تقييمات استخباراتية حول أفغانستان أم لا.
وكان النائب ديفين نونيز من كاليفورنيا، والرئيس الجمهوري للجنة المكلفة بالإشراف على عمل أجهزة الاستخبارات، متلهفًا إلى توسيع تحقيق لجنته في تقييمات القيادة المركزية. ويعتزم السيد نونيز إرسال خطاب إلى المفتش العام ليسأله عما إذا كانت الرسائل الإلكترونية والوثائق المتصلة بالتحقيق جرى بالفعل حذفها. كما أنه سيطلب نسخًا من أي مواد محذوفة ربما تمكن المحققون من استعادتها من خوادم القيادة المركزية. ويتقدم السيد نونيز بهذا الطلب في الوقت الراهن من دون دعم نظيره الديمقراطي في اللجنة، النائب آدم بي شيف من كاليفورنيا أيضًا. وقال السيد شيف إن التساؤلات حول التلاعب بالتقارير الاستخباراتية ينبغي أن تؤخذ «على محمل الجد»، لكنه أكد على ضرورة السماح للمفتش العام بإنهاء تحقيقاته قبل أن تدرس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب توسيع تحقيقاتها.
كانت اللجنة قد طلبت من البنتاغون الإذن بإجراء مقابلات مع مسؤولين، بمن فيهم أكبر ضابطي استخبارات في القيادة المركزية. لكن الطلب قوبل بالرفض من قبل مسؤولي البنتاغون، بدعوى التحقيقات الداخلية الجارية.
كان التحقيق قد بدأ بناء على شكاوى تقدم بها الصيف الماضي عدد من خبراء العراق المخضرمين في القيادة المركزية، بقيادة غريغوري هوكر، كبير محللي العراق. وعلى نحو ما، تعكس انتقادات الفريق شكاوى تقدم بها قبل عقد من الزمان، عندما كتب السيد هوكر ورقة بحثية قال فيها إن إدارة الرئيس الأسبق جورج دبليو بوش، ورغم اعتراضات الكثير من المحللين، دافعت عن نشر قوة صغيرة في العراق ولم تستغرق الوقت الكافي في التخطيط للمرحلة التي ستعقب غزو البلاد.
كان نواب الكونغرس قد أعلنوا في البداية أن التحقيق في مسألة القيادة المركزية سوف ينتهي في غضون أسابيع. لكن محققي البنتاغون وجدوا أن العمل مضنٍ ويمكن أن يمتد إلى شهور. وعلاوة على تحديد ما إذا كانت هناك تعديلات أجريت على التقارير الاستخباراتية - وفي حال تأكد ذلك، التوصل إلى المسؤول عن ذلك - يدرس المحققون تقارير من وكالات استخباراتية أخرى صدرت في نفس التوقيت لتحديد ماذا كان يحدث في العراق وسوريا بالضبط عندما كتبت هذه التقارير.
* خدمة «نيويورك تايمز»



أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
TT

أورتيغا وزوجته يشددان قبضتهما على نيكاراغوا

دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)
دانيال أورتيغا يحيي أنصاره في الذكرى الـ43 للثورة الساندينستا في 19 يوليو الماضي (رويترز)

في إطار سعيهما لتعزيز قبضتهما على السلطة، يهاجم رئيس نيكاراغوا دانيال أورتيغا ونائبته وزوجته روزاريو موريو الكنيسة الكاثوليكية، بعدما عملا على سجن أو نفي شخصيات معارضة.
بدأ المقاتل السابق في جبهة التحرير الوطني الساندينية، بدعم قوي من زوجته، بالتأسيس لاستمرارية في السلطة منذ عودته إليها في عام 2007. وسمحت تعديلات دستورية في العامين 2011 و2014 برفع الحظر المفروض على إعادة انتخاب الرئيس، الذي كان منصوصاً عليه سابقاً في الدستور، حسبما تقول عالمة الاجتماع إلفيرا كوادرا التي تعيش في المنفى في كوستاريكا.
وتشير كودارا لوكالة «الصحافة الفرنسية» إلى أن أورتيغا (76 عاماً) «حوّل بذلك شكل الحكومة التي نصّ عليها الدستور» من أجل الانتقال إلى نظام «استبدادي» يضع «صنع القرار المطلق في أيدي الثنائي الرئاسي».
ومنذ القمع الدامي لاحتجاجات عام 2018 التي كانت تُطالب باستقالة الزوجيْن، تمرّ نيكاراغاوا بـ«أزمة مطوّلة لا يمكن تخطّيها» لأن أورتيغا وزوجته «أكّدا استمراريتهما في السلطة خلال انتخابات نوفمبر (تشرين الثاني) 2021. ومن خلال مأسسة الدولة البوليسية».
وأُعيد انتخاب أورتيغا لولاية رابعة على التوالي خلال انتخابات غاب عنها جميع منافسيه الأقوياء المحتملين، بسبب اعتقالهم أو إرغامهم على العيش في المنفى.
ولطالما دان المجتمع الدولي أفعال النظام في نيكاراغوا. وطالبت منظمة الدول الأميركية، أول من أمس الجمعة، الحكومة في نيكاراغوا بوقف «المضايقات والقيود التعسّفية» بحق المنظمات غير الحكومية ووسائل الإعلام والمنظمات الدينية والمعارضين. وطالبت أيضاً بـ«الإفراج الفوري عن السجناء السياسيين الذين يُقدّر عددهم بنحو 190».
ويعتبر المحلل والنائب السابق في نيكاراغوا إيليسيو نونييز، الذي يعيش هو أيضاً في المنفى، أن جبهة التحرير الوطني الساندينية «تنتقل من موقع الحزب المهيمن إلى موقع الحزب الواحد (...) مع خلق عبادة شخصية لا مثيل لها حالياً في أميركا اللاتينية».
ومنذ عام، تمّ اعتقال 46 معارضاً أو مجرد منتقد للحكومة وحُكم عليهم بالسجن لفترات تصل إلى 13 عاماً. وكان سبعة منهم يريدون الترشّح إلى الرئاسة.
- قمع الإعلام
وكانت وسائل الإعلام أيضاً من الأهداف الأولى للسلطة.
لم تعد صحيفة «لا برينسا» La Prensa، التي كانت تنشر نسخة ورقية، موجودة إلّا على الإنترنت، بعدما اختار صحافيوها المنفى خوفاً من الاعتقال، وذلك عقب مصادرة مقرّها وزجّ مديرها لورينزو هولمان بالسجن.
وأغلقت السلطات أيضاً المحطة التلفزيونية التابعة للكنيسة الكاثوليكية في نيكاراغوا، بالإضافة إلى عدة إذاعات في أبرشيات مختلفة، وعشرات وسائل الإعلام المستقلة.
في 15 أكتوبر (تشرين الأول) 2020. أصدرت نيكاراغوا تشريعاً يستهدف الذين يتلقون أموالاً من الخارج ويفرض تسجيلهم لدى السلطات بصفة «عملاء أجانب». وأثار هذا القانون انتقادات المجتمع الدولي لما يشكله من خطر على الصحافيين ونشطاء حقوق الإنسان.
وبموجب هذا القانون، اعتبرت أكثر من ألف مؤسسة ومنظمة غير حكومية كان بعضها يكرّس عمله للدفاع عن حقوق الإنسان، غير قانونية. وأغلقت جامعات خاصة ومنظمات ثقافية بين عشية وضحاها.
في يوليو (تموز) اضطرت راهبات مجمّع الإرساليات الخيرية الذي أسسته الأم تيريزا، إلى الرحيل من نيكاراغوا، وطُردن كأنّهن «منبوذات»، حسبما قال مركز نيكاراغوا للدفاع عن حقوق الإنسان.
- «كنيسة صامتة»
وتُظهر الكنيسة الكاثوليكية نفسها على أنها آخر معقل يحمي من الإجراءات التعسّفية. لكن الموالين للحكومة يعتبرون الكهنة والأساقفة الذين ينتقدون النظام «أنبياء مزيّفين».
ومنعت الشرطة أسقف ماتاغالبا (شمال شرق) المونسنيور رولاندو ألفاريز من التنقّل، منذ 4 أغسطس (آب)، مما يعكس ذروة الأزمة مع نظام يسعى إلى إسكات رجال الدين في الكنيسة الكاثوليكية المحلية لقمع أصوات المعارضة.
وقال ألفاريز في إحدى عظاته: «لطالما أرادت الحكومة كنيسة صامتة، لا تريدنا أن نتكلّم وأن نندّد بالظلم».